Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طنجة المغربية مملكة "مافيا المخدرات"

أصبحت مدينة طنجة المغربية تُعرف عالمياً بأنها عاصمة للتهريب والمخدرات وغسيل أموال الجريمة المنظمة

عملياتٌ نوعية للأمن المغربي تُمكنه من ضبط كميات كبيرة من المخدرات وإحباط عمليات تهريب (موقع طنجة 24)

مجموعة من الأسماء أصبحت مشهورة بعد أن شغلت الناس بقصصها الغريبة، وحجم نفوذها قبل أن ينتهي بها المطاف خلف القضبان أو جثثاً هامدة.

إمبراطوريات الحشيش

يستقرون في طنجة، ويملكون يخوتاً وقصوراً ويقتنون سيارات فخمة، كانوا قبل سنوات أشخاصاً عاديين ليتحولوا بين عشية وضحاها إلى أصحاب جاه ونفوذ، بعد أن صنعوا اقتصاداً سرّياً عبرت عن طريقه ملايين الدولارات، إنهم الفئة الأكثر ثراء والأكثر إضراراً بالبشرية.

في المغرب، لا يمكن الحديث عن عمليات لغسيل الأموال من دون الحديث عن المنطقة التي تجمع بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا، وبين المدينتين سبتة ومليلية (الخاضعتين للسيادة الإسبانية)، مناطق باتت محل جذب لشبكات دولية تنشط في تجارة المخدرات.

عاصمة للتهريب

شمال المغرب وتحديداً مدينة طنجة، أصبحت تعرف عالمياً بأنها عاصمة للتهريب والمخدرات وغسيل أموال الجريمة المنظمة، وصفها المرصد الدولي للمخدرات بكونها "كارتيلاً" دولياً للمخدرات وأنشطة التبييض.

منذ أن شنت الدولة حملتها الواسعة على تجار المخدرات بالمنطقة الشمالية، وبعدما وصلت ثرواتهم إلى أرقام فلكية تقدر بالمليارات من الدولارات، حزم معظمهم (مافيات المخدرات) أمتعتهم، وتوجهوا نحو جنوب إسبانيا أو استقروا بسبتة ومليلية، هناك أودع بعضهم في البنوك الإسبانية والأووربية الملايين، بينما أنشأ البعض الآخر مشاريع مختلفة بعد أن حصلوا على الجنسية الإسبانية، ليتحولوا إلى رجال أعمال ومسؤولين في عدد من القطاعات الحيوية.

بعد أن هدأت هذه الحملة الواسعة، واستعادت المدن الشمالية عافيتها وأنشطتها المعتادة، عاد من جديد هؤلاء "التجار"، للاستقرار بهذه المنطقة من أجل استثمار أموالهم في مشاريع اقتصادية أو سياحية للتغطية على أنشطتهم السرية غير المشروعة.

مشاريع مختلفة مثل العقار والمقاولات والمطاعم الراقية والمنشآت السياحية والخدمات، لم يترك هؤلاء قطاعاً إلا وانخرطوا فيه، ثروات هائلة تراكمت بطرق مشبوهة وغير قانونية، قبل أن يسلكوا قنوات سرية لتبييضها ويصبحوا بقدرة قادر من بين الشخصيات الوازنة في عالم المال والأعمال.

محاربة مافيا المخدرات

ما يزال المغرب يصنف ضمن الدول الأكثر تعرضاً لخطر المخدرات، إذ يعتبر المصدر الأول للقنب الهندي في العالم. كما أن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، التابعة للأمم المتحدة، اعتبرت في تقريرها لسنة 2017، أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في مجال محاربة المخدرات.

ويستعد المغرب لتقديم تقرير شامل عن جهوده في مجال مكافحة المخدرات، إلى جانب تقييم الاستراتيجية الوطنية بهذا الشأن، خلال الدورة الـ 62 للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، واللقاء الوزاري رفيع المستوى الذي سينعقد في فيينا بين 14 و15 مارس (آذار).

وفي خصوص خطر تحول المغرب إلى وجهة عبور بالنسبة إلى مهربي المخدرات الصلبة، قال وزير الصحة أنس الدكالي إن عدداً من الإجراءات التي قام بها المغرب، كتأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، إلى جانب يقظة الجمارك، جعلته يتصدى لهذه الأنشطة، مقدماً أمثلة عن شحنات غير مسبوقة من الكوكايين جرى حجزها خلال السنتين الماضيتين.

حميدو الذيب أنهى نشاطه الراحل الحسن الثاني

اسمه الحقيقي أحمد بونقوب، وعُرف بـ "الذيب"، وهو يُعتبر من أوائل كبار تجار المخدرات ومُصدريها نحو أوروبا، ظل اسمه مرتبطاً لسنوات طويلة برجل نافذ في شمال المغرب. أسطورة "الذيب" ستنتهي بشكل مفاجئ حينما قرر الملك الراحل الحسن الثاني، سنة 1996، إطلاق حملة تطهيرية غير مسبوقة في صفوف تجار المخدرات في الشمال، والأسماء الوازنة التي راكمت ثروات كبيرة.

وبعد سنوات طويلة قضاها في عالم الاتجار في المخدرات جرى الحكم عليه بـ 10 سنوات سجناً نافذة بتهم تتعلق بالاتجار الدولي بالمخدرات، قضى منها سبع سنوات، قبل أن يُفرج عنه بعفو ملكي سنة 2003.

الرماش... بابلو إسكوبار المغرب

الرماش، ابن مدينة تطوان شمال المغرب، يُشَبهه البعض بالكولومبي الشهير بابلو إسكوبار عراب الكوكايين، كان يحظى بإعجاب أبناء مدينته لأنه كان يُشَغّل العديد منهم في مشاريعه الاقتصادية، ويوفر السكن لآخرين كطريقة لتبييض أموال المخدرات.

بدأ الرماش، المحكوم بـ 20 سنة سجناً نافذة، مسيرته في عالم الاتجار بالمخدرات من الصفر ليتحول في ظرف قياسي، من مهرب عادي للسجائر إلى واحد من أكبر بارونات المخدرات في تاريخ المغرب.

وخلال سنوات قليلة، تمكن من نسج شبكة معقدة بين تجار مخدرات صغار ومساعدين وشركاء ورجال سلطة، ما سيمكنه من بناء واحدة من أقوى إمبراطوريات الحشيش في شمال المغرب.

شهدت محاكمته تغطية إعلامية كبيرة، إذ جَر هو الآخر رجال سلطة وقضاة وأشخاصاً نافذين إلى المحاكم، وكان يُهدد في العديد من الجلسات بتفجير أسرار كبيرة، لكنه فضّل الصمت والقبول بحياته الجديدة خلف القضبان.

الثعلب "النيني"

محمد الوزاني، الشهير بلقب "النيني"، هو أحد أكثر بارونات المخدرات دموية في شمال المغرب، صديق الرماش قبل أن يتحولا إلى عدوين، واستطاع "النيني" أن يؤسس واحداً من أكبر كارتيلات المخدرات في تاريخ المغرب، مستغلاً معرفته الدقيقة بهذا العالم الخفي.

وعُرف بقدرته الهائلة على الانتقام، إذ قاد بنفسه عمليات تصفية عديدة في حق بارونات مخدرات وأفراد عصابات، كما نجح في الهروب من عمليات تصفية مماثلة وهو ما جعل رأسه مطلوباً من أطراف مختلفة، وجعل الشرطة تُضَيق الخناق على نشاطه.

مات قبل عرض الفيلم

حُكم عليه في ملف الرماش بثماني سنوات سجناً نافذة، غير أنه استمر في إدارة تجارته من وراء القضبان. يناير (كانون الثاني) 2007 كان تاريخاً فارقاً في حياة "النيني"، ففي إحدى الليالي سيقرر بارون المخدرات الهروب، وسينجح في ذلك بالفعل بمساعدة أطراف خارجية.

عجز الحرس الإسباني عن ملاحقته، وهرّب أكثر من 50 ألف كيلوغرام من الحشيش، وفق إحصائيات توقفت عند سنة 2000.

هذه الوقائع المثيرة في حياة واحد من أخطر تجار المخدرات في تاريخ المغرب ستتحول إلى عمل سينمائي كبير، إذ سيقوم الإسباني دانييل مونسون سنة 2014 بإخراج فيلم بعنوان "إل نينيو"، يحكي خلاله قصة حياة الرجل غير أن هذا الأخير قُتل في عملية تصفية غامضة داخل المياه القريبة من مدينة المضيق (شمال المغرب) قبل أسابيع قليلة من عرض الفيلم.

الوجهة المفضلة

يُرجع الخبير الاقتصادي محمد العزوزي أسباب تمركز تجارة المخدارت شمال المغرب إلى عاملين أساسيين، أولهما مرتبط بكون زراعة هذه المخدرات (المعروفة محلياً باسم الحشيش أو الكيف) تنتشر حصراً في مناطق شمال المغرب، وبالتالي فالسكان هناك يدافعون دائماً بأن مناطقهم، وهي جبلية وعرة، لا تنتج إلا هذا النوع من النباتات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما ثاني هذه العوامل فيرتبط بالموقع الجغرافي لمكان الإنتاج، فما دام الإنتاج يجري في شمال المغرب، وما دام أن هذه المنطقة تربط بين ساحلين أحدهما هو البحر الأبيض المتوسط، والثاني هو المحيط الأطلسي، كان من البديهي أن يحصل التفكير في "تصدير" هذه المخدرات عبر أقرب نقاط بحرية ممكنة.

ولفت العزوزي إلى أن هذا الاختيار يُجنب "بارونات" وشبكات الاتجار بهذه الممنوعات، نقلها براً عبر مناطق أخرى من المغرب، وهذا ما يعرضها للحجز من طرف السدود والحواجز الأمنية المخصصة لمراقبة الأنشطة غير المشروعة.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن المغرب هو المنتج والمصدر الأول للحشيش في العالم، وهو سبب أساسي في ظهور كثير من البارونات على مر تاريخ المغرب.

عمليات نوعية... ومصادرة أطنان من المخدرات

على نهج مكافحة شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات تُواصل مصالح المديرية العامة للأمن المغربي عملها على أكثر من صعيد، عملياتٌ نوعية تُمكن من ضبط كميات قياسية من المخدرات، وإحباط عمليات تهريب كبيرة للمخدرات، آخرها توقيف شخص يُشكل موضوع بحث على الصعيد الوطني بموجب 16 مذكرة بحث من أجل قضايا المخدرات، جرى توقيفه في منطقة قروية قرب "جبل الحبيب" بضواحي تطوان شمال المغرب، وأسفرت عمليات التفتيش المنجزة عن العثور على شحنات متنوعة من المخدرات.

وبعد أن بات واضحاً أن شبكات الاتجار رفعت من استهدافها للمغرب، مما يطرح تحدياً أمنياً كبيراً، وفرض تطوير الاستراتيجية الأمنية المتبعة، كثفت أجهزة الأمن جهودها في التصدي لهذه الشبكات، ففي عامي 2017 و2018 كانت هناك قفزة نوعية في حجم المخدرات المصادرة، مثلاً، مخدر الكوكايين وحده، صودر منه ما يزيد عن 3100 كيلو غرام فضلاً عن مليون ونصف وحدة من الحبوب المهلوسة في الفترة نفسها، كما صودرت كميات كبيرة جداً من "الحشيش"، وجرت ملاحقة آلاف الأشخاص المتهمين بتجارة المخدرات.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات