Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يضع قائمة كبيرة من الدول في مواجهة حتمية مع أزمة تعثر الديون

عدم التعليق الكامل لسداد الأقساط يدفع لموجة كبيرة من العجز عن الوفاء به

شعار صندوق النقد الدولي  (أ.ف.ب)

على الرغم من اتجاه العديد من الدول إلى تأجيل الأقساط المستحقة على الدول الأكثر فقراً، لكن تشير البيانات التي أعلنها صندوق النقد الدولي بشأن لجوء أكثر من 100 دولة إلى طلب تمويلات عاجلة إلى أن الاقتصاد العالمي على موعد مع أزمة جديدة تتعلق بتعثر قائمة طويلة من الدول في سداد أقساط الديون.

وفي الوقت الذي توقع فيه معهد التمويل الدولي أن تصل ديون العالم إلى 255 تريليون دولار بنهاية العام الحالي، فإن التحليل الذي نشره موقع "بروجيكيت سينديكيت"، أشار إلى أن دول العالم تواجه سيلاً محتملاً من حالات تخلف عن سداد الديون، في وقت تحتاج فيه حكومات الدول النامية إلى إنفاق مبالغ ضخمة للحفاظ على صحة مواطنيها، مطالباً صندوق النقد الدولي بضرورة تنسيق تأجيل واسع النطاق لسداد الديون.

وذكر، أنه بدون تعليق شامل لسداد الديون، سيؤدي وباء كورونا إلى موجة غير منضبطة من التخلف عن سداد الديون السيادية، خاصة بين الاقتصادات الناشئة والنامية. وإذا حدث ذلك، فمن المتوقع أن تفشل الجهود العالمية لاحتواء أزمة الصحة العامة، وقد يتحول الانهيار الاقتصادي الحالي إلى تراجع دائم.

10 دول تلقت تمويلات "طارئة" من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، أمس، أن أكثر من 100 دولة طلبت مساعدة طارئة وسط التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، وجهود مكافحته. وذكرت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجيفا، في اجتماع لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية، أن 10 دول تلقت حتى الآن التمويل الطارئ المطلوب، مؤكدة أن صندوق النقد الدولي سيوافق على تمويل نصف الدول المتبقية بحلول نهاية أبريل (نيسان) الحالي.

وأبلغ صندوق النقد الدولي مجموعة العشرين، أنه "يبحث بشكل عاجل" عن 18 مليار دولار من موارد القروض الجديدة من أجل صندوق الحد من الفقر والنمو، مشيراً إلى أنه سيحتاج على الأرجح إلى 1.8 مليار دولار على الأقل من موارد الدعم الجديدة.

وأوضحت كريستالينا جورجيفا، أن صندوق النقد الدولي، سيحتاج مبالغ أخرى خلال الشهور المقبلة، لافتة إلى أن الصندوق على استعداد لاستخدام "صندوق أدواته الكامل بقيمة تريليون دولار" في الركود العميق المتوقع في عام 2020 على خلفية أزمة انتشار فيروس كورونا، والتعافي الجزئي فقط في عام 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التحليل أشار إلى أن الدول الغنية والفقيرة تواجه على حد سواء، أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع إغلاق الشركات وفقدان العمال لأجورهم، مما قد يحدث ضرراً هائلاً طويل المدى، حيث تختفي الروابط الاقتصادية الحاسمة.

كما سيتم إغلاق عشرات الشركات بشكل دائم ما لم يتم اتخاذ إجراء عاجل، ولذلك أقر الكونغرس الأميركي حزمة إنقاذ بقيمة 2.2 تريليون دولار، في حين تدعم الدنمارك وكندا على سبيل المثال 75 في المئة من رواتب العمال في الشركات الصغيرة والمتوسطة ببلدانهم. فيما وسعت الصين حجم الائتمان وألغت ضرائب الرواتب، وأعلنت حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها حوالي تريليون دولار.

لكن "كوفيد-19" يطرح مشكلات أكبر للاقتصادات الناشئة مثل الهند والمكسيك حيث إنه في هذه الدول تكون التكاليف الاقتصادية للتباعد الاجتماعي أعلى مما هي عليه في الولايات المتحدة وأوروبا، وتمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الاحتياطيات النقدية المنخفضة حصة أكبر بكثير من الاقتصاد.

كما يكون لدى هذه البلدان أيضاً أنظمة رعاية صحية غير مستقرة، ويمكن أن تكون الأموال المطلوبة لدعم العمال والشركات الضعيفة وكذلك لعلاج مصابي كورونا، تصل إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن يبقى السؤال، من أين سيأتي ذلك المال، حيث يمكن لبعض الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة أن تقترض أكثر بتكلفة إضافية قليلة.

لكن بعض هذا التمويل يأتي من مستثمرين أجانب يسعون إلى الأمان المالي، وبعضه من مستثمرين أميركيين يقومون بتصفية ممتلكاتهم الأجنبية. وبعبارة أخرى، فإن التمويل الذي تحتاجه الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى يأتي جزئياً من دول مثل المكسيك.

الخاسرون والرابحون من الأزمة

وفقاً للتحليل، فإنه على عكس الأزمة المالية العالمية لعام 2008 يحتاج كل اقتصاد ناشئ ونامٍ الآن إلى الاقتراض في نفس الوقت بالضبط، لذلك حتى لو كانت المكسيك قادرة على إصدار السندات، فإنها سوف تتنافس مع العديد من الدول الأخرى في نفس الوضع. لافتاً إلى أن الدول ليس لديها أي مصدر آخر تقترض منه سوى البلدان الأخرى.

في الوقت نفسه، إذا تُركت الأسواق المالية لتفعل ما تريد، فسوف تختار الفائزين والخاسرين، وسيكون الفائزون هم الدول التي لديها القدرة الكافية لإصدار سندات آمنة، وستكون قادرة على اقتراض مبالغ ضخمة بمعدلات فائدة منخفضة للغاية. أما الخاسرون سيتمثلون في الدول الشبيهة بالمكسيك حول العالم، وسوف تعاني مثل هذه البلدان على نحو مضاعف، حيث لن تكون غير قادرة على جمع الأموال للتعامل مع الأزمة فقط، ولكن رأس المال سيبتعد أيضاً، كما بدأ بالفعل، على وجه التحديد بسبب الاقتراض من قبل الولايات المتحدة والصين والدول الأوروبية. كل ذلك يفسر لماذا لجأت أكثر من 100 دولة لطلب تمويلات عاجلة ومساعدات مالية من صندوق النقد الدولي خلال الفترة الماضية.

ومن شأن موجة من حالات التخلف عن سداد الديون، مع احتياج حكومات البلدان النامية إلى إنفاق مبالغ ضخمة للحفاظ على صحة مواطنيها واقتصاداتها من أجل دعم الحياة، أن يكون لها تكاليف بشرية واقتصادية هائلة وتقلل بشكل كبير فرص احتواء الوباء. وبالطبع، فإن احتواء الفيروس في أي مكان يتطلب احتواءه في كل مكان، ولتجنب نتيجة كارثية، يحتاج العالم على وجه السرعة إلى عمل جماعي قوي.

ويقدر صندوق النقد أن احتياجات تمويل الاقتصادات الناشئة تبلغ 2.5 تريليون دولار، ورغم أن هذا الرقم يبدو أقل من الحقيقة، فإن موارد البنك الدولي وصندوق النقد محدودة للغاية في الوقت الحالي. ولذلك يجب متابعة الجهود الرامية إلى تعزيز القدرة المالية لصندوق النقد والبالغة تريليون دولار فقط حالياً.

في هذه الأثناء، يجب على صندوق النقد أن يعمل على درء الموجة المقبلة من التخلف عن سداد الديون السيادية من خلال الوقف الاختياري الذي سيعلق جميع مدفوعات الديون السيادية للدائنين من القطاعين العام والخاص من قبل الاقتصادات الناشئة والنامية التي طلبت مثل هذا التجميد، وستبقى هذه التدابير قائمة حتى تمر الأزمة الصحية.

هل تتسبب الأزمة في إلغاء اقتراض الدول المدينة؟

التقديرات تشير إلى أن تعليق سداد الدين لمدة عام واحد يمكن أن يحرر ما يصل إلى تريليون دولار أو 3.3 في المئة من الدخل المجمع للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ما يزيد بكثير على 14 مليار دولار التي سيتم تحريرها من قبل التعليق المقترح لسداد ديون الدول الفقيرة فقط. ومن شأن ذلك أن يقطع شوطاً طويلاً نحو مساعدة دول مثل المكسيك والهند على معالجة الأزمة الحالية.

ورغم أن البعض قد يعترض على أن وقف سداد الدين سيوقف معظم الإقراض الخاص لهذه الدول، فإن مثل هذه التدفقات الرأسمالية قد توقفت أو انعكست بالفعل. في الوقت نفسه، وعلى الرغم أيضاً من أن الوقف الاختياري يمكن أن يحجب مثل هذه الدول عن أسواق رأس المال الدولية لفترة طويلة، فإن الأثر السلبي لذلك في هذا الموقف يجب أن يكون أقل بكثير، لأن تعليق سداد الدين سيُفرض نتيجة لوباء عالمي بدلاً عن الإسراف المالي.

ومن المرجح أن يوافق الدائنون من القطاع الخاص على الوقف الاختياري لسداد الديون بمجرد أن يفهموا أن البديل هو عدد كبير من التخلف عن السداد غير المتحكم فيه، الذي لن يساعدهم في تحقيق مبتغاهم الأصلي. ويحافظ تعليق سداد الديون على خيار تجنب إعادة هيكلة الديون الرسمية، إذا تحسنت الظروف الاقتصادية بعد الوباء.

في الوقت الحالي يتم إصدار جزء كبير من هذا الدين السيادي بموجب القانون المحلي، الذي يمكن تعديله، لكن الدين الصادر بموجب القانون الأجنبي وبدون شروط العمل الجماعي هو أكثر إشكالية. وفي هذه الحالة، يمكن تغيير قوانين الحصانة السيادية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مؤقتاً للسماح للقضاة بإنهاء الدعاوى القضائية من المخالفين ضد الدول التي يشهد صندوق النقد بأنها غير قادرة على خدمة ديونها الحالية بسبب الوباء. لكن مثل هذا الحل سيكون في المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للدول الغنية أيضاً.

ولفت التحليل إلى أنه خلال أزمة ديون أميركا اللاتينية في الثمانينيات، استغرق الدائنون 10 سنوات تقريباً للدخول في مناقشات جادة في إطار ما يسمى بخطة "برادي"، لكن هذه المرة يجب أن تكون مختلفة. فيما يفرض الوضع الحالي ضرورة توسيع النطاق لوقف مؤقت لمدفوعات الديون على الفور لتجنب عقد آخر ضائع أو عقدين في هذا العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد