Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريطة المعارك الليبية المتقلبة تفتح باب التكهنات

مباغتة الجيش بهجوم مفاجئ على مدن تحت سيطرته

في تطور جديد ومؤشر آخر إلى توازن القوى  في المعركة العسكرية الليبية غرب البلاد، تمكنت قوات موالية لحكومة الوفاق في طرابلس من مباغتة الجيش الليبي بهجوم مفاجئ على مدن تحت سيطرته في الشريط الساحلي غرب العاصمة، انجلى عن انتزاع مدينتي صبراتة وصرمان الحيويتين من قبضته، في يوم واحد.

وفتح هذا التطور الكبير باب التكهنات، حول الزمن الذي قد تستغرقه معركة كسر العظم في الغرب الليبي، بسبب هذه التبدلات في الخريطة العسكرية للمعارك، بشكل سريع ومربك في وقت قصير، وما ينتج منه من توازن القوى وتعادل العتاد، فالجيش الذي انتزع قبل أسابيع مدناً أربع في يوم واحد، فقد اثنتين أخريين بالسرعة والسهولة ذاتهما أمس الاثنين (13-4-2020).

على حين غرة

بعد ساعات قليلة من انطلاق الهجوم المفاجئ، الذي شنته قوات الوفاق على حين غرة، مستهدفةً صبراتة وصرمان غرب طرابلس، أعلن المتحدث باسمها محمد قنونو "سيطرة قواتهم على المدينتين بشكل كامل"، مشيراً إلى "غنم قواتهم عدداً من المدرعات وعربات صواريخ غراد وعشر دبابات وآليات مسلحة أخرى".

ووجه رسالة إلى "من رفعوا السلاح إلى جانب من وصفهم بالإرهابيين والمرتزقة، دعاهم فيها إلى إلقاء أسلحتهم وتسليم أنفسهم"، محذّراً إيّاهم من أنه "لا قدرة لهم على مواجهة قوات الوفاق".

وعيد السراج

من جانبه، تعهّد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بعد سيطرة قوات الوفاق على مدينتي صبراتة وصرمان بـ"السيطرة على كامل ليبيا براً وبحراً وجواً.

وتوعّد من وصفها بـ"الدول الداعمة للعدوان بإعادة من يقاتل مع حفتر من أبنائهم إليهم في توابيت".

صدمة وتساؤلات

في معسكر الجيش الليبي، كان وقع الخسارة كبيراً، وفتح باب التساؤلات حول أسباب فقدان مدن مهمّة بهذه السهولة، خصوصاً أنه كان معلوماً وقوعها تحت تهديد الهجوم والاقتحام في أي لحظة.

وبررت مصادر إعلامية مقربة من الجيش، فقدان السيطرة على صرمان وصبراتة بـ"الغطاء الجوي الذي وفره الطيران التركي المسيّر بكثافة لقوات الوفاق أثناء الهجوم، ما أجبر قوات الجيش على التراجع على وقع غاراتها، تقليلاً للخسائر".

مشاركة بوارج تركية

وربطت المصادر، أسباب الخسارة باعتماد قوات الوفاق على سلاح مهمّ دخل على خط المعارك في الأيام الماضية، وهو البوارج البحرية التركية، التي كان الجيش قد اتّهمها بقصف مواقع في صرمان قبل الهجوم عليها بأيام .

في المقابل، يؤكد الصحافي الليبي خالد طلوبة لـ"اندبندنت عربية"، قصف هذه البوارج لمواقع الجيش في المدينتين الساحليتين.

ويقول "شاهدنا جميعاً ما حصل عبر الفيديوهات التي نشرها مدونون لعمليات القصف من البوارج التركية"، معتبراً أن "الدول العربية التي تدعم الجيش خذلته بعدم وقوفها موقفاً واضحاً من التدخل التركي في ليبيا، الذي لا يهدّد أمنها فقط، بل أمنهم جميعا".

وشدد طلوبة على أن "الموقف الدولي تجاه التدخلات التركية مخيّب للآمال ولا يعوّل عليه، اذ تمنح قوى دولية كبرى أنقرة ضوءاً أخضر لمواصلة انتهاكاتها في ليبيا، وإلّا لما تجرّأت على الذهاب إلى هذا الحد في تعدّياتها".

عمليات انتقامية

في سياق متصل، قالت مصادر محلية وصحافية متطابقة وشهود عيان إنّ "ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق أقدمت على مداهمة منازل سكان محليين في مدينتي صبراتة وصرمان مؤيدين للجيش، واعتقال المعترضين على تلك الممارسات".

وأكدت المصادر أن الميليشيات "اقتحمت مستشفى صبراتة وصرمان، وصفّت الجرحى من ضباط وجنود الجيش الليبي، ومثّلت بجثثهم واعتقلت عدداً منهم"، مدّعيةً أن  "الميليشيات المسلحة نصبت الكمائن في الشوارع وفتشت سيارات المواطنين للبحث عن مطلوبين لديها مؤيدين للجيش".

رد عنيف

وبعد هذا الهجوم بساعات، شنت قوات الجيش هجوماً موسعاً على قوات الوفاق في طرابلس وعدد من المواقع الأخرى، كان أبرزها على قاعدة معيتيقة بوابل من الصواريخ.

كما شنت هجوماً على محور بوسليم جنوب العاصمة أسقطت خلاله طائرة مسيّرة تركية من نوع "بيرقدار" بحسب ما ظهر في تسجيلات مصورة نشرتها مواقع مقربة منه على مواقع التواصل.

صد هجوم وأسر سوريين

وفي أبرز العمليات العسكرية التي دارت ليل الاثنين - الثلاثاء، تمكنت قوات الجيش بمساعدة كثيفة من سلاح الجو، من صد هجوم شنّته قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية الجوية، ذات الأهمية العسكرية الكبيرة في جنوب طرابلس.

ونجحت المقاتلات الجوية في إفشال الهجوم، وأدت غاراتها إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح 17 آخرين، بحسب ما صرحت به مصادر طبية من مدينة جادو، ذات الغالبية الأمازيعية الواقعة جنوب العاصمة الليبية، والتي تشكلت القوة المهاجمة للقاعدة من عناصر تابعة لكتائب مسلحة منتمية إليها.

كما نجحت قوات الجيش من أسر 7 مقاتلين سوريين في معارك جنوب طرابلس، ونشرت مقاطع مصورة لبعضهم، بينهم قيادي يُدعى محمد عيدان قال في اعترافاته بعد القبض عليه إنه "من سكان دير الزور ويتبع لجبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة".

مصراتة بين نارين

بعيداً من العاصمة وفي محاور شرق مصراتة، تواصل الصراع الدامي بين الطرفين على منطقة بوقرين، التي تحمل أهمية جيوستراتيجية كبيرة، كونها مفتاح المدينة في حالتي الدفاع والهجوم.

وشهدت المنطقة في الأيام الماضية معارك عنيفة، أدت إلى  سقوط مئات القتلى في صفوف الطرفين، ذهب غالبيتهم ضحية للهجمات الجوية العنيفة التي ما زالت متواصلة لما يزيد على أسبوع كامل.

وفي أبرز هذه الضربات، نجح الجيش الليبي في تدمير مقر غرفة عمليات قوات الوفاق في المنطقة، بينما أدى القصف إلى سقوط ما يزيد على عشرين قتيلاً في قوات مصراتة، بحسب ما أعلنت مصادر طبية في المدينة، في حين أعلن الجيش مقتل أربعة ضباط أتراك في الغارة.

في المقابل، أوقعت غارات الطائرات المسيّرة التابعة لقوات الوفاق عدداً كبيراً من القتلى في صفوف قوات الجيش، قبل أن تستعيد السيطرة على بوقرين الاثنين، عقب سقوطها في قبضة القوات المسلحة الليبية لساعات قليلة.

عمليات استنزاف

قال عضو مكتب الإعلام في كتيبة 302 صاعقة محمد العزومي لـ"اندبندنت عربية"، إن "قوات الجيش تواصل حتى اللحظة هجومها براً وجواً على مناطق بوقرين وزمزم والقداحية شرق مصراتة التي دخلتها أكثر من مرة، وإن المناطق المذكورة تشهد معارك عنيفة اليوم الثلاثاء مع استمرار للطلعات الجوية المكثفة لقوات الجيش".

وأضاف العزومي "أن قوات الجيش تخوض في هذه المناطق عمليات استنزاف لقوات مصراتة، بجلبها لمناطق مفتوحة، تجنّب المناطق المدنية أضرار المعارك ونجحت بالفعل في قتل وأسر عددٍ كبيرٍ من مقاتليها، استعداداً لاقتحامها بعد تلقي أوامر القيادة العامة للجيش".

المزيد من العالم العربي