Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يطفئ "كورونا" سعير الحرب في اليمن؟

تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية... والحوثي يتمادى في "فرض رؤاه الخاصة" للحل السياسي

حالة استبشار عام باليمن بإعلان وقف إطلاق النار وقلق متزايد من خطر كورونا (أ.ف.ب)

على الرغم من المخاوف التي أثارها تسجيل أول حالة مصابة بفيروس كورونا في اليمن، فإن البعض ينظر بشيء من التفاؤل والاستبشار لدعوات وقف إطلاق النار في إطار الجهود لمواجهة تفشي الوباء القاتل، على أن تتوج هذه المساعي الدولية بوضع حدّ للحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات.

وأمس، أعلن أعضاء مجلس الأمن الدولي تأييدهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة في 25 مارس (آذار) لأطراف النزاع في اليمن لوقف الأعمال العدائية على الفور، والتركيز على التوصّل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض، وبذل كل جهد ممكن لمواجهة تفشي انتشار فيروس كورونا المستجد.

ورحّب الأعضاء، في بيان صحافي نشر اليوم، بإعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن وقف إطلاق النار من جانب واحد لدعم عملية السلام.

تسوية سياسية 

كما رحّب البيان باستجابة الحكومة اليمنية لنداء وقف إطلاق النار، داعياً الحوثيين إلى تقديم التزامات مماثلة من دون تأخير.

وحثّ أعضاء مجلس الأمن على مواصلة التعاون مع المبعوث الخاص للأمين العام لليمن، مارتن غريفيث، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بقيادة يمنية ومملوكة وشاملة للجميع، تعالج الشواغل المشروعة لجميع اليمنيين.

وأكد الأعضاء من جديد على قرارات المجلس السابقة، بما في ذلك القرار 2216 (2015)، مشددين على دعمهم لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، ومؤكدين الحاجة لعملية سياسية شاملة تشمل المشاركة الكاملة والهادفة للمرأة.

مواجهة كورونا 

وفي ترجمة للمخاوف الدولية من تفشي فيروس "كوفيد-19"، في البلد الذي تشهد منظومته الصحية انهياراً شبه تام، شدّد أعضاء مجلس الأمن على أن أي تصعيد عسكري آخر في اليمن سيعيق دخول موظفي الإغاثة والرعاية الصحية، وتوفّر مرافق الرعاية الصحية اللازمة لمواجهة الوباء.

الوحدة الوطنية

كما جدّد أعضاء مجلس الأمن تأكيد المطالبة بوقف القتال فوراً، والعودة عاجلاً إلى التهدئة. وأكدوا دعمهم التام لجهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص، وشددوا على أنه لا يوجد حلّ عسكري يمكنه إحلال سلام دائم في البلاد. وكرر المجلس تأكيد التزامه القوي وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.

إجراءات حكومية للتنفيذ

وأمس، قال رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، إن الحكومة اتخذت الإجراءات الخاصة بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية بالوقف الشامل لإطلاق النار، استجابة لدعوة أمين عام الأمم المتحدة، وتوحيد الجهود لمواجهة جائحة كورونا، وكذلك مبادرة تحالف دعم الشرعية في هذا الإطار وإنجاح مساعي المبعوث الأممي، رغم عدم التزام الميليشيات الحوثية ذلك حتى الآن، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

وجدّد عبد الملك دعوته "للميليشيا الانقلابية لمراجعة مواقفها ووقف الجرائم الوحشية التي ترتكبها بحق الشعب اليمني، وأن تقرأ جيداً الإجماع الإقليمي والدولي الرافض والمستنكر لما تقوم به".

الحرب باتجاه كورونا

وكان التحالف العربي الداعم للشرعية، الذي تقوده السعودية، قد أعلن، الخميس، وقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين تحت إشراف الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم التحالف العربي، العقيد تركي المالكي، إن قيادة التحالف تجد أن الفرصة مهيأة لتضافر الجهود كافة للتوصّل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار.

الحاجة لوقف فوري للقتال

وعقب ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا، قال المبعوث الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، إن وقف القتال بشكل عاجل أصبح أمراً مصيرياً وحاسماً بعد تأكيد ظهور أول حالة كوفيد-19 في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعبّر غريفيث، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عن شكره لجميع اليمنيين ممن طالبوا بالسلام علناً في الأسابيع الأخيرة، معرباً عن تمنياته في أن تستجيب الأطراف لتلك المطالب، وأن تظهر الروح القيادية التي يحتاجها اليمن في هذه المرحلة الحرجة.

مقترح أممي للسلام 

وأضاف غريفيث "أرسلت إلى الأطراف مقترحات الأمم المتحدة المحدثة لاتفاقات، وتتضمن: أولاً، وقف إطلاق نار يشمل عموم البلاد. ثانياً، إجراءات اقتصادية وإنسانية عدة لتخفيف معاناة اليمنيين وبناء الثقة بين الأطراف ودعم قدرة اليمن على التصدي لتفشي فيروس كورونا. ثالثاً، الاستئناف العاجل للعملية السياسية". 

رؤية حوثية للحل

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، في تغريدة له على "تويتر"، إن الجماعة أرسلت إلى الأمم المتحدة رؤية شاملة تتضمن نهاية للحرب والحصار المفروض على اليمن، موضحاً أن المقترح سيضع الأسس الخاصة بإجراء حوار سياسي وفترة انتقالية.

أما القيادي في الجماعة، ورئيس ما يسمى باللجنة الثورية، محمد علي الحوثي، فقال "سلمنا للمبعوث الأممي رؤيتنا لوقف نهائي لإطلاق النار، وهي مبنية على حلول مكتملة"، معتبراً أن "الحلول الجزئية أو الترقيعية لا يمكن القبول بها".

واشنطن تدعو الحوثي للاستجابة

من جانبها، حثّت الولايات المتحدة، الخميس، الحوثيين على الاستجابة بالمثل لوقف إطلاق النار الذي أعلنته السعودية.

وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في بيان "نحضّ الحوثيين على الاستجابة بالمثل لمبادرة التحالف"، معتبراً أنّ "الإعلان ردٌّ بنّاء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للأطراف للتركيز على مكافحة جائحة كوفيد-19".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا الشهر الماضي إلى وقف إطلاق النار في اليمن، وتكثيف الجهود لمواجهة احتمال انتشار فيروس كورونا.

قلق دولي

يأتي ذلك في حين عبّرت وكالات الإغاثة عن قلقها بعد تأكيد أول حالة إصابة بفيروس كورونا، في ظل وضع صحي منهار جراء الحرب الدائرة في البلاد.

وقالت منظمة أوكسفام إنها "ضربة مدمرة"، بينما وصفتها لجنة الإنقاذ الدولية بأنها "سيناريو كارثي".

وتوقعت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليز غراندي، أن تأثير الفيروس في اليمن سيكون "كارثياً" في حال انتشاره.

وقالت غراندي "لقد خشينا هذا لأسابيع، والآن حدث ذلك". وتضيف "بعد خمس سنوات من الحرب، أصبح لدى الناس في جميع أنحاء البلاد أدنى مستويات المناعة وأعلى مستويات الضعف الحاد في العالم".

السلام أو المجهول

من جانبها، قالت مدير منظمة "انقذوا الأطفال في اليمن"، كزافييه جوبيرت، إنه من المهم أن يلتزم كلا الجانبين في الحرب الأهلية وقف إطلاق النار.

وترى أن "تفشي وباء كوفيد-19 في اليمن سيضع ضغطاً شديداً على البنية التحتية الصحية المتضررة في البلاد، وسيكون له تأثير مدمّر على المدنيين. إذا لم نتحرك اليوم، فإن ما سنشهده غداً لا يمكن وصفه".

مفترق طرق 

وسبق أن توصّل الحوثيون والحكومة اليمنية، على مدى السنوات الخمس الماضية، إلى عقد اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الاتفاقات ما تلبث أن تنهار تحت وقع المواجهات المسلحة المندلعة على امتداد جبهات القتال، في ما يتبادل الطرفان الاتهامات بخرقها.

وبالنظر لما ستؤول إليه المساعي الدولية لوقف الحرب في اليمن بعد تسجيل أول حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد، يقول المحلل السياسي في الشأن الإيراني، عدنان هاشم، إن "اليمن أمام مفترق طرق، إما السلام ومكافحة كورونا، أو مواصلة الاقتتال الذي قد يعني خسران اليمنيين لما تبقى من بلادهم".

ويضيف لـ(اندبندنت عربية) "توقف القتال والتفرغ لمواجهة الفيروس سيوصل بالتأكيد إلى اتفاق سلام، بغض النظر عن مدى استدامته وهشاشته، ونجاة البلاد من وباء مميت من الصعب مواجهته في ظل نظام صحي منهار".

وفي تعليق على الرؤية التي قدمها المبعوث الأممي لوقف القتال، قال هاشم "من الواضح أن هذه الرؤية لن توقف الحرب في الوقت المناسب، لكنها قد تدفع إلى مشاورات غير مباشرة مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي".

استغلال حوثي لقرار التحالف

ويتابع "بالمقابل، قدّم الحوثيون رؤيتهم للمبعوث الأممي والتي تبدو (رغبات واشتراطات الجماعة)، وليس رؤية لوقف الحرب أو إنهائها. ويصرّ الحوثيون على ما جاء فيها، ما يشير أيضاً إلى منحى عدم توقف القتال في الوقت المناسب، فقد رفض الحوثيون مبادرة التحالف من طرف واحد لوقف الحرب، واندفعوا إلى التحشيد نحو جبهات القتال وسط وشمال البلاد، في محاولة لاستثمار توقف الطيران بتعزيز وضع مقاتليهم، على الرغم من تكرار الحكومة الشرعية الحديث عن التزامها وقف إطلاق النار".

السلام مسؤولية حوثية

في ما يرى الباحث السياسي اليمني، محمد المقبلي، أن السلام في اليمن، حتى ما قبل كورونا، مرتبط بتحمل الحوثيين، من دون غيرهم، مسؤولية الحل السياسي السلمي الذي ينتظره اليمنيون.

وتوقع أن "الحوثيين لن يقبلوا حلاً سياسياً ما لم يُستنزفوا مالياً وسياسياً. ومع انشغال إيران بكورونا ومشاكلها الداخلية وشحّ مصادر التمويل، لحظتها قد يكون الأمر أقرب لذلك".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي