Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناعة تركيا ترتد عليها... "نتفليكس" تفكر في إنتاج عن "إبادة الأرمن"

وظفت أنقرة الدراما ومنصاتها مثل "الأناضول" و"تي آر تي" لبث دعايتها الأيديولوجية وشيطنة خصومها

ملصق لأفلام ومسلسلات تركية تبثها شبكة "نتفلكس" (الانترنت)

عادت قضية "الأرمن" لتشكل مجدداً هاجساً للحكومة التركية، بعد أنباء عن نية شبكة "نتفليكس" إنتاج عمل سينمائي عن "إبادة الأرمن" التي تحل ذكراها في 24 من أبريل (نيسان) الحالي كل عام.

لكن الإبادة التي تدافع عنها عرقية "الأرمن"، المنتشرة في دول عربية وغربية عدة، سوى موطنها الأصلي "أرمينيا"، تتجاوز حساسيتها الحكومة إلى الشعب التركي، الذي يراها ورقة سياسية لابتزازه من جانب حكومات غربية، مثل فرنسا التي تعترف بـ"المجزرة". فيما يرفض الأتراك حتى الآن الإقرار بها، عكس حلفائهم في الحرب العالمية الأولى "الألمان" (النازية)، الذين أقروا بمذبحة "الهولوكست" ضد اليهود، ولا يزالون يبدون أسفهم عند حلول مناسبة تأبين ضحاياها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولذلك فإن "نتفليكس"، التي قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية، إنها تفكر في إنتاج عمل درامي يتناول الجريمة في حق الأرمن، تتعرض لامتحان صعب، إذا قررت المضي قدماً في التفكير الذي أعلنته، بعد أن أثارت غضب شرائح في تركيا، هددت بإلغاء اشتراكها في المنصة العالمية، وهي التي استثمرت في عدد كبير من الأعمال السينمائية لاستقطاب مشاهدين أتراكاً، تقدر أعدادهم بالملايين.

قصة الجدل

كان الجدل أثير عندما سألت ناشطة أرمينية شبكة "نتفليكس" على "تويتر" عما إذا كان بوسعها أن تتضامن مع شعب الأرمن بإنتاج عمل يتناول المذبحة المشهورة التي كانوا ضحاياها، في حلول ذكراها لهذا العام، فأجابت الشبكة بأنها "ستفكر في ذلك"، فانهالت عليها التنديدات من الأتراك الغاضبين. لكن لم يصدر رد عن الحكومة التركية على نطاق واسع حتى كتابة هذا التقرير.

مع ذلك يبدو أن أجهزة الرقابة التركية تتوجس خيفة من "نتفليكس" حتى قبل إثارة القضية، إذ بعد إقرارها قانوناً جديداً العام الماضي للتحكم في شبكات بث المحتوى على الإنترنت، تباطأت في منح "نتفليكس" الترخيص اللازم، قبل أن تحتج أعداد هائلة من المستفيدين من خدماتها في تركيا، ما دفع الجهات الرقابية إلى تهدئتهم بأن الشبكة باقية.

وجاء في إعلان رئيس هيئة الرقابة التركية أبو بكر شاهين، أغسطس (آب) الماضي، أن العديد من الشركات تقدمت بطلبات لاستمرار بثها على الإنترنت ومنها منصة "نتفليكس" لعرض الأفلام. مؤكداً أن "أكثر من 600 شركة تبث محتوياتها عبر الإنترنت منها Netflix، وTurkcell وVodafone وBlueTV، للحصول على التراخيص اللازمة". بينما نص القرار الرسمي، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، أنه يجب على مقدمي المحتوى الحصول على تراخيص من هيئة رقابة الإذاعة والتلفزيون (RTÜK)، وستتابع الهيئة المحتويات المنشورة على هذه المنصات.

وبعد انتشار إشاعات تقول إن الشركة لم تتقدم بطلب للحصول على ترخيص في تركيا، اشتعلت وسائل التواصل غضباً من إشاعة مغادرة Netflix تركيا. وقال المتحدث باسم الشركة في تركيا حينها، "نقوم بالإجراءات اللازمة للحصول على الترخيص في تركيا. نحن نملك مليوناً ونصف المليون مشترك في تركيا، سنُبقي على استثماراتنا ونلتقي المسؤولين الذين قالوا إنهم سيشددون على ضوابط الأسرة".

لعبة تركيا

غير أن الحكومة التركية إذا ما قررت شبكة الأفلام الأميركية مواجهتها بالفعل، فإنها لا تزيد على أن سقتها من كأسها، إذ لطالما وظف الأتراك الدراما وشبكات الإعلام، في بث أيديولوجيا الحزب الإسلامي الحاكم ودعاية الإسلام السياسي، مما دفع دولاً مثل مصر والإمارات والسعودية والمغرب إلى منع عرض العديد من تلك الأفلام على شبكاتها الفضائية.

ولم يتوقف الأمر عند أفلام مثل "قيامة أرطغرل"، الذي يصور العثمانيين على هيئة حماة قيّضهم الله لإنقاذ المسلمين والعرب من الحملات الصليبية، ولكن حتى وكالة "الأناضول" و "تي آر تي" التركيتين، ظلتا تتناولان قضايا عربية وخليجية بنفس عدائي. يرى الدبلوماسي السعودي السابق عبدالرحمن الجديع، أنهما "تشكلان فجوراً في الخصومة وإساءة مقصودة للسعودية قيادة وشعباً". وبادرت الجهات الرقابية في الرياض بحظر الأناضول و "تي آر تي" على شبكة الإنترنت، وسط ترحيب واسع من النشطاء الذين اعتبروا أن "لعبة تركيا ترتد عليها".

ويرى الجديع في حديثه مع "اندبندنت عربية"، "أن تنكيل العهد العثماني ليس بالعرب من المحيط إلى الخليج، بل بكل القوميات الأخرى من أرمن وأكراد، وشواهد التاريخ في ذلك واضحة للعيان. ويكفي أن نتذكر جمال باشا السفاح، سيئ الذكر، الذي دمر بلاد الشام، ونكّل بأهلها قتلاً وتجويعاً، وكذلك فخر الدين باشا الذي عصف بالمدينة المنورة، وارتكب أشد الجرائم من القتل والتطهير العرقي عبر ما عرف بالترحيل الإجباري أو (سفر برلك) وسرقة مخطوطات المدينة وتراثها".

العثمانيون والنازيون

 ولفت إلى أن ذلك النهج، وإن كان فيما مضى، إلا أن "الحال لم يتغير الآن، فما تزال أنقرة تحتل أراضي سورية، وتنسق تنسيقاً مباشراً مع دولة الكيان الصهيوني، وتقوم بنفس ما تقوم به دولة العدو. فإذا كانت إسرائيل تستبيح الدم الفلسطيني، فتركيا وإيران تستبيحان الدم العربي في سوريا والعراق وليبيا، وتسلكان طريق التنكيل والترهيب والإجرام نفسه".

لكن الأتراك يرفضون هذا التصور، ويعتبرون أسلافهم العثمانيين حكاماً عادلين، دافعوا عن الامة الإسلامية في وجه الاحتلال الإنجليزي والبرتغالي، ويرون قادة ذلك العهد أمثال فخري باشا، مناضلين شرفاء، على المسلمين والترك أن يتذكروهم بإجلال واحترام.

بينما يشبه الجديع النهج العثماني بنظيره النازي، مؤكداً "أن التلاقي بينهما كان شديداً، فكلاهما قام باحتلال دول مستقلة وارتكب الجرائم والفظاعات نفسها؛ تطهير عرقي للأقليات، والقتل على الهوية، والتهجير والإبادة، وكل ذلك عليه شواهد تاريخية مشهودة".

بينما يلتفت الباحث المتخصص في الشؤون التركية محمد الرميزان إلى مبادرة السعوديين بحجب وكالة الأناضول و"تي آر تي" التركيتين على "الإنترنت"، ورجح أن يكون ضررها كبيراً على الأتراك المقيمين في السعودية، كما سيحد من جمهور الوسيلتين، نظير أهمية المشاهد والقارئ السعودي، ولأنه كذلك لا يتوقع أن يمضي ذلك من دون تعليق من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يهتم بالشأن العربي لدرجة كبيرة جعلته يخصص حساباً باللغة العربية على "تويتر" لمخاطبة الجمهور العربي.

وكانت الوكالة قبل أن يتم حجبها بالأمس، تناولت في أحد تقاريرها علماء السعودية بشكل مسيء، متهمة إياهم بالتواطؤ وبيع الذمم لصانع القرار في البلاد، ما أثار موجة من الاستياء بين المغردين السعوديين، الذين احتفلوا بالحجب. أما الأفلام والمسلسلات التركية فتم استبعادها قبل نحو عامين في كل شبكات مجموعة "إم بي سي" السعودية، بعد أن كانت استثمرت في دبلجتها وبثها مبالغ طائلة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة