Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين جد وهزل... الإعلام المصري يغرق في "طنجرة الشلولو"

الوصفة الفرعونية تُستعاد بأشكال متباينة... ورواج على السوشيال ميديا... و"إمرو" تردّ

عبوة افتراضية تسخر من الترويج لـ"الشلولو" كعلاج لفيروس كورونا (مواقع التواصل الاجتماعي)

لو قُدّر للفول "المدمس" أن يتكلم، لتكلّم وقال بأعلى الصوت "شكراً كورونا! جميلك على رأسي طيلة ما حييت". ولو قُدّر لـ"الشلولو" أن يعبّر عن مشاعره، لقرض الشعر وضبط الوزن وقال "الفيروس يُعرف في الأنام بفعله، وخصائل كورونا الكريمة كأصلها". ويقال إنهم في عقول مضت، قالوا "فكل بلاد جادها الفول والشلولو أزهرت... رباها وصارت تنبت العز لا الفيروسَ".

الفيروس الذي ألمّ بالكوكب هلعاً وعدوى وحظراً وعزلاً وحجراً وإصابات ووفيات، والذي ضرب اقتصاد الدول الكبرى في غيبوبة تنذر بعجز أو موت، ونخر في عظام الدول الأخرى نخراً لن تتضح آثاره المدمرة إلا بعد حين، والذي دفع دولاً كبرى لسرقة معدات طبية لدول شقيقة، وقارب بين أمم ظنّ العالم أنها ستبقى في خلاف إلى يوم الدين، وعادى بين أخرى في خلاف حول أسبقية الخروج بمصل، وتريليونات من المكاسب أو علاج ينصّبها ملكة على رأس الكوكب، خرج مَنْ يعلن أمام العالم أن الحلّ في "الفول" والسر في "الشلولو".

بين اليقظة والنوم

شُلّت أفكار البعض وتحجّرت ردود فعل البعض الآخر، ووجد فريق ثالث نفسه محدّقاً في الشاشات غير مصدّق أو ممعناً في الكلمات غير مدرك، إن كان بين اليقظة والنوم أو في منطقة وسط بينهما، حيث المجال مفتوح لأضغاث أحلام وأنصاف إدراك.

لكن ما إن أدركت جموع المتلقين أن ما سمعوه ورأوه حقيقة لا رياء فيها وواقع لا خيال فيه، حتى انفتحت أبواب التحليل والتفنيد، ومجالات السخرية والتنكيت.

وإذا كان مفكرو العالم وفلاسفته ومنظروه يصدّعون رؤوس سكان الكوكب بمقالات وتنظيرات تشير إلى أن العالم قبل كورونا لن يكون هو العالم بعده، فإن الدفة تحولت الآن صوب "الشلولو"، حيث يشير خبراء إلى أن العالم قبل "الشلولو" ليس هو العالم بعده، وكذلك "الفول" الذي بدّل شعاره المصري المألوف من "إن خلص الفول أنا مش مسؤول"، إلى "إن خلص الفول الفيروس سيكون هو المسؤول".

أكفأ المقويّات

مسؤولية رئيس قسم وحدة التثقيف الغذائي في المعهد القومي للتغذية، الدكتور مجدي نزيه، عما وصل إليه "الشلولو" من عالمية وما حققه من انتشار في ربوع الكوكب ينافس انتشار "كورونا"، مسؤولية مشتركة. فقد ظهر نزيه على شاشة تلفزيونية مصرية معلناً أن "لدينا وجبة ورثناها من التراث الغذائي المصري القديم، وعمرها ما يزيد على خمسة آلاف سنة وما زال مفعولها سارياً حتى اليوم، وهي من أكفأ مقويات المناعة وأكفأ مضادات الكورونا وغير الكورونا، ألا وهي الشلولو".

المطبخ المصري يعيد إحياء "الشلولو"

لكن الأمر غير المتوقع هو لجوء العديد من مشاهير "الشيفات" إلى تقديم وصفة إعداد "الشلولو" في المنزل لربات البيوت ومحبي تقوية المناعة المزعومة على الطريقة الفرعونية، لتنتشر طريقة الإعداد تحت عنوان "مقادير وطريقة إعداد (الشلولو) في المنزل" كالنار في الهشيم على المواقع والصفحات المتخصصة في الطهي، ويعاد تدوير الفيديوهات آلاف المرات بين الجميع من باب التجريب، أو ربما من باب النكاية في الزوج تحت دعوى التغيير في قائمة الطعام اليومية باعتبارها الوجبة الأشهر اليوم والأقل تكلفة كذلك، رافعين شعار "خليك بالبيت واعمل (شلولو)".

الغريب في الأمر أن طبق "الشلولو" في الصعيد يصنف عند بعض العائلات على أنه عقاب من ربة المنزل! حيث يكشف سيد عبد التواب، الخمسيني من محافظة قنا (جنوبي مصر)  أن زوجته حينما تكون غاضبة منه تقوم بإعداد طبق (الشلولو) كعقاب له ولكل الأبناء على خطأ لا يتذكره. بالرغم من وجود كافة مكونات تحضير مائدة عامرة بكل ما لذّ وطاب. لكن زوجته تقرر وقتها أن تعلن راية العصيان في صمت هادىء، لكنه بطعم الثوم.

"زحلقة" فيروس كورونا بالملوخية!

لم تتوقف سخرية المصريين من الفقرة الإعلامية عن طبق "الشلولو"،  حيث قام المغردون بإعادة تداولها مئات الآلاف من المرات على منصات التواصل الاجتماعي، بل امتدت السخرية من الأمر لإطلاق مئات "الهشتاغات" اللاذعة والكوميكس التي برزت فيها خفة ظل المصريين، كهشتاغ "زحلقة كورونا بالملوخية"، و"الشلولو للجميع ... مع (الشلولو) لن يحتاج كورونا إلى دواء". في ما تساءل آخرون "طيب مقالش الجرعة كام مللي من الملوخية؟"، و"معا من أجل إنقاذ العالم"، و"الشلولو المصري لعلاج الكورونا".

ما هو "الشلولو"؟

"الشلولو" هي أكلة مصرية عمرها أكثر من 5000 عام، وهي أكلة فرعونية فى الأساس، ومكوناتها لم تتغير منذ العصر الفرعونى حتى الآن، يدخل فيها الثوم والبصل، واللذان يستخدمان فى الأصل كمطهرات ولتقوية المناعة، حيث حرص الفراعنة على تزويد العمال بحبات الثوم للوقاية من الأمراض، ووضعوا فى توابيت موتاهم البصل، اعتقاداً منهم بأنه يساعد الميت على استعادة أنفاسه في الحياة الأخرى.

وارتبطت أكلة "الشلولو" (أكلة صعيدية الأصل ويشتهيها الكثيرون بخاصة عندما يتم تناولها "بالعيش البلدى")، بالصيام عند الأقباط على خلفية اعتقاد سائد بأن السيدة مريم كانت تتناولها، وقت وجود العائلة المقدسة في مصر.

"شلولو" صادح في سماء الكوكب

الشلولو الصادح في سماء الكوكب يدين بمكانته العالمية الحالية ليس فقط للدكتور نزيه، ولكن لقناة التلفزيون التي استضافته وأطلقت له عنان الإشهار عن سلاح غاب عن فكر علماء الكوكب وباحثيه في مواجهة الكورونا. ولم يترك الدكتور نزيه أمور الشلولو على عوانيها، بل وضع لها ضوابط وحدّد لها معايير. "يجب أن يكون الشلولو مع ثوم عاااالي وليمون عااااالي مع رشة ملح".

لقاء الدكتور مجدي نزيه مع الإعلامي محمود سعد في برنامجه "باب الخلق" على قناة "النهار" المصرية لم يكتفِ بنقل "الشلولو" المتكون من ملوخية مجففة و"ثوم عاااالي وليمون عاااالي"، مع رشة ملح إلى العالمية، بل نقل محمود سعد إلى عقوبة "لفت النظر" من قبل المجلس الأعلى للإعلام.

الإعلام الجديد

الإعلام الجديد من جهته تعامل بشكل مختلف مع حديث "الشلولو". فأمام طوفان التوضيح، تارة من نزيه بأن الشلولو وقاية، أو يقوي المناعة، أو يدرأ الأمراض والإصابة بعدوى الفيروسات، وأخرى من قبل سعد بأن ضيفه لم يذكر أن "(الشلولو) يعالج فيروس كورونا، بل دارت الحلقة حول الأغذية التي تعزز المناعة لتقويتها بشكل عام". لكن بشكل عام، مخزون الفيديوهات المتاح على شبكة الإنترنت لا يكذب. صحيح أنه قد يتجمّل (أو يتقبح أحياناً) عبر تدخلات لتغيير كلمات أو تركيب أصوات أو إدماج صور، لكن الفيديو الأصلي المأخوذ من البرنامج يقول قولاً واحداً "الشلولو من أكفأ مضادات المناعة وأكفأ مضادات الكورونا وغير الكورونا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستمر "كورونا" يوماً بعد يوم في إثبات أن مصائب فيروس عند قوم فوائد، وترندات وهاشتاغات وإنعاشات لمنصات إعلامية وشهرات فردية. فبين حلقة وضحاها، أصبح الدكتور نزيه أشهر "من شلولو في طنجرة". تجار الملوخية في الأسواق الشعبية ينادون في غير أوقات الحظر على "علاج الكورونا". العطارون في سلاسل السوبر ماركت الشهيرة يروجون لبضاعة ظنوا أنها بارت وسلعة اعتقدوا أنها كسدت باعتبارها "إكسير الحياة: ملوخية ناشفة (مجففة)". نجوم الطهي التلفزيوني وهواة الطبخ المبتدئون على منصات التواصل الاجتماعي يعيشون أزهى عصور الطبخ في زمن كورونا.

رواج وقبور

"طريقة عمل الشلولو" صارت عنواناً لآلاف الفيديوهات. "اضغط هنا لتعرف سر الشلولو". أصبحت طريقة جرّ رجل المشتاقين للوقاية التي هي خير من العلاج. "شاهد الشلولو قبل الحذف"، انضمت لسبل الاحتيال لتحقيق المشاهدة. أما الترند، فقد صنعته الشاشة الفضية مع الخبرة الغذائية، فصار "الشلولو" الصعيدي الذي يأكله المصريون منذ مئات السنين ترنداً منبئاً براحة إضافية لقدماء المصريين في قبورهم.

لكن قبوراً أخرى تنذر باستقبال المزيد ممن تثار أعصابهم وتستنفر دماؤهم ويصل بهم التوتر أقصاه بينما يراقبون ما فعله "الشلولو" بكثيرين. وكأن "الشلولو" لم يكن كافياً، انضم "الفول المدمس" إلى الحرب الدائرة رحاها على جبهتي كورونا من جهة ،والإعلام بمنصاته المختلفة من جهة أخرى، لتلبّد سماء القاهرة والمحافظات المجاورة، ومنها إلى دول الكوكب بـ"طشة" ثوم الشلولو من جهة، وعبق "الفول المدمس" من جهة أخرى. ورغم أن حديث الفول سبق حديث "الشلولو" بثلاثة أيام، فإن الاهتمام به جاء متأخراً، ربما خوفاً من أن ينضمّ "الكشري" و"البصارة" لهما للقضاء على أمراض العالم وفيروساته.

فول وعدس وكشري

وكان عضو الجمعية المصرية لأمراض الحساسية والمناعة، الدكتور مجدي بدران، قد ظهر على شاشة قناة "تن" المصرية أيضاً ليقول إن مصر والصين دولتان لهما إرث حضاري كبير، وإننا "قدرنا إن شاء الله نتحدى الفيروس في العالم. الأميركان سيسمعوا كلامنا النهارده. والأوروبيون سيسمعوا كلامنا النهارده. الأميركان يسألونني: ماذا سنفعل في الكورونا؟ قلت لهم: كلوا فول. كلوا فول وعدس وكشري وكده. ولكن حين تأكل الفول يا حبيبي تأكله بالطريقة المصرية".

 

وحدّد بدران الطريقة المصرية بخطوات دقيقة، ألا وهي "غمس الفول في الماء، وطهيه على النار، وإضافة فيتامين سي (جيم) له، ألا وهو الليمون". واتضح من حديث بدران أن الفول لن يكون مصدراً للوقاية من الفيروسات فقط، بل صرح بأنه "الفول" سبب "خفة دم" المصريين بفضل التريبتوفان (الحمض الأميني) الموجود فيه!

وخفة دم أيضاً

وكما كان متوقعاً تماماً، صدمة حديث الفول المصحوب بخفة الدم تبعها إطلاق عنان للسخرية والتنكيت، وكذلك الدقّ من المعارضين على أوتار الفول في زمن كورونا.

فبعد صدمة المتابعة الأولى، ثم مرحلة النفي والإنكار، وبعدها التعليل بأن الإشارة كانت إلى مكونات "الشلولو" من ملوخية وثوم وليمون والمعروفة بقيمتها الغذائية وقدرتها على تقوية المناعة، والإشارة إلى الفول باعتباره غنياً بالفيتامينات والمكونات المعضدة لصحة الإنسان، ثم موجات هائلة من السخرية والتنكيت، وبالطبع فرص ذهبية من معارضين ومنتقدين ومخصصين للنيل من مصر والمصريين للصيد في مياه "الشلولو" العكرة، وصل البعض لنقاش خافت يعتبره البعض في غير وقته نظراً لظروف الوباء يتساءل حول ما آل إليه الإعلام من حال وحتمية النظر بعين الاعتبار إلى الإصلاح والهيكلة وتصحيح المسار.

مسار الإعلام

مسار الإعلام في زمن الأزمات، لا سيما تلك التي تهدّد حياة الملايين بسبب فيروسين: الأول يهاجم رئة الإنسان وجهازه المناعي، وآخر يهاجم عقل الإنسان وجهازه المنطقي الكامن في الدماغ، يجد نفسه في وضع بالغ الصعوبة. وتكمن الصعوبة من ثالوث محكم: الأول الأزمة الطاحنة الحالية بسبب الوباء الذي احتلّ مكان الصدارة في الاهتمام والتفكير والتفعيل وتحديد الأولويات، والثاني أن الإعلام التقليدي متمثلاً في الصحف والمواقع الخبرية والشاشات التلفزيونية يبحث عن أي متنفس لإبقائه على قيد الحياة، ولو كان ذلك متمثلاً في تمرير فقرة هزلية ولكنها ستحظى بنسب مشاهدة ونصيب من عبارة "شاهد قبل الحذف" الذهبية، والثالث كوكب السوشيال ميديا الموازي، حيث القواعد منسية والضوابط منفية وتقييد حرية الدقّ على الشاشات وضخ الآراء والمعلومات وتوجيه الاتهامات وتشكيل رأي عام موازٍ للرأي العام الأصلي يساويه في القوة ويعاكسه في التوجه.

توجه السوشيال ميديا في أزمة "الشلولو" والفول الحالية تتجاذبه القوى المتناطحة المتجادلة. فبين جموع مواطنين يؤمنون بقيمة الفول ومكانة "الشلولو"، وآخرين يرون في كليهما دليلاً على الهزل وبرهاناً على المسخرة، وفريق ثالث يتخذها فرصة للنهش في النظام المصري والسخرية من "علمائه"، ورابع لا يعترف بكل ما سبق، فلا هو يرى في الفول منجداً أو في "الشلولو" منقذاً، كما أنه لا يعتبر أحاديث، جانبها الصواب أو خاصمتها الرزانة، معياراً لتعميم الأحكام على كل العلماء، ولا يرى ضرورة لانتهاز حديث الفول وسردية "الشلولو" للإجهاز على الدولة المصرية.

محمود سعد ضحية "الشلولو"

وفي قرار سريع من المجلس الأعلى للإعلام بعد حالة اللغط الكبيرة التي أثارها طبق "الشلولو" لدى الرأي العام، تم توجيه عقوبة لفت النظر لبرنامج "باب الخلق" الذي يذاع على قناة "النهار"، ويقدمه الإعلامي محمود سعد، بسبب ما تناوله بخصوص "الشلولو" وتقديمه للمشاهد باعتباره علاجاً للإصابة بفيروس كورونا.

أما الإعلامي محمود سعد فقد خرج للرأي العام مدافعاً عن نفسه وعن الفقرة التي قدمها عبر صفحته الرسمية على موقع إنستغرام من خلال مقطع فيديو، قال فيه "مش أنا أول واحد يتظلم في حكاية الشلولو دي... أنا والدكتور مجدى نزيه، فالحاكم بأمر الله، كذلك اتظلم لما قال الملوخية أو الملوكية، فيبدو أن الأقدار هتبقى كده بقا لما نتكل ونودع بقا، يقولك آه محمود سعد بتاع الشلولو، هزروا واتبسطوا زي ما انتوا عاوزين، معنديش أي اعتراض خالص، الشخصية اللي بتشتغل في التليفزيون من حق الناس أن ترى فيها كما ترى".

وطأة الفول و"الشلولو"

وبينما العالم الافتراضي، ومعه جانب من العالم الواقعي، "يضرب يقلب" تحت وطأة الفول و"الشلولو"، إذ بموقع إخباري مصري ذائع الصيت، يخرج بعنوان يقول "منظمة الصحة تقول: عجز العالم ونجح الشلولو". ويشير الخبر إلى أن "منظمة الصحة العالمية اعترفت ضمنياً وبالدليل القاطع بهبة الله على المصريين، وهي قوة المناعة التي اكتسبوها من عادات غذائية متوارثة عبر التاريخ تعتمد على تنوّع الأكلات والإكثار من تناول المواد التي تكسب الجسم مناعة قوية ضد الفيروسات".

يشار إلى أن ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، الدكتور جون جبور، كان قد أشاد بالإجراءات الصحية المتبعة في مصر لمواجهة الفيروس وتفشيه، وأنها تعمل طبقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، مشيراً إلى أن مصر لا تخفي أعداد المصابين، وأن الكثير من الإصابات أعراضها طفيفة ولا تحتاج للدواء إذ تشفى ذاتياً.

 

من جهتها، أكد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية "إمرو" لـ"اندبندنت عربية" أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وفيه تعسف في استخلاص نتائج وأحكام لم ترد على لسان المنظمة أو أي من خبرائها.

وأشار إلى أن نسبة الـ85 في المئة المشار إليها تقترب كثيراً من النسبة العالمية. وقد جاء ذكرها منذ المراحل المبكرة من ظهور فيروس كورونا، حيث اتضح من البداية أن هذا الفيروس يصيب البشر بدرجات وخامة متفاوتة، وأن 80 في المئة أو أكثر من حالات الإصابة تكون خفيفة وقد لا يعرف المصابون أنفسهم أنهم أصيبوا وتعافوا إلا بمحض الصدفة، مثل عند إجراء فحوصات تظهر وجود مضادات الفيروس في أجسامهم. وهناك 20 في المئة من الحالات تكون متوسطة أو شديدة الوخامة، وهذه تصيب في العادة كبار السن من ذوي المشكلات الصحية المزمنة والكامنة التي تضعف مناعتهم.

وأكد "إمرو" أنه لا يوجد دليل على ارتباط المناعة من (كوفيد-19) بطعام معين، وأن غاية ما يقال حول ذلك أن التغذية الصحية والسليمة تحسّن الحالة العامة للجسم وتقوّي مناعته، بحيث يصبح أكثر قدرة على مقاومة الفيروسات، وأن هذا ينطبق على جميع الأغذية الصحية.

ذاتية الشفاء

ذاتيّة الشفاء دقّ على أوتارها الكثيرون في الوسط الإعلامي مفسرين إياها باعتبارها برهاناً على مصداقية حديث "الشلولو" وصحة طبق الفول. في الوقت نفسه، أدى إصرار البعض الآخر، ومن بينهم كل من الدكتور مجدي نزيه، الذي كشف عن مكانة "الشلولو"، والدكتور مجدي بدران، الذي دقّ على أوتار الفول، بأن "الجماعة الإرهابية" هي من تقف وراء "تشويه سمعة مصر عبر تشويه سمعة علمائها" إلى المزيد من الهرج والمرج و"الهري" و"الهري" المضاد.

وعلى الرغم من حالة النشاط الكبيرة التي تشهدها قنوات ومواقع إخوانية أو داعمة للجماعة مفتئتة على العنصر الدرامي في "الشلولو" والفول كأساليب لمواجهة كورونا، فإن الأثير العنكبوتي كله يشهد فوراناً وطوفاناً في السخرية والتنكيت. صور فوتوغرافية للدواء الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية الآن لعلاج كورونا واسمه العلمى "Sha Law Law". شركة دواء عالمية تسجل براءة دواء "شلاولوروكين" (خليط من الشلولو مع الكلوروكين)، لتبدأ طرحه في الأسواق وقريباً على عربات الفول. تغريدة تنبّه إلى أن مائدة "شم النسيم"، الذي يقترب ستكون "شلولو وفلولو وبصلولو وفسخلولو"، (شلولو وفول وبصل وفسيخ). مدون يرفع شعار "ابق في البيت وكل شلولو Stay home and eat Shalawlaw".

شكراً لـ"الشلولو"

المؤكد أن حراك "الشلولو" والفول أسهم إلى حد كبير في التخفيف عن قلوب وعقول الملايين، ليس فقط في مصر، ولكن حول العالم كله. فبعد أسابيع طويلة من الإغراق في هلع الفيروس وقلق العدوى ورهاب المرض ووسواس الموت، جاء "الشلولو" ومعه الفول ليخففا من وطأة الضغوط الرهيبة، ولكن بعبق "ثوم عاااالي وليمون عااالي"، وكلاهما منصوص عليه في وصفتي "الشلولو" وطبق الفول، حتى أن البعض دعا إلى تقديم الشكر لـ"الشلولو".

من جهة أخرى، فإن كلا الطبيبين عالِم في مجاله. لكن الرغبة في تبسيط الأمور تنقلب إلى تسطيحها أحياناً. والميل إلى الزج بالدعابة في أوقات الجدّ والطوارئ يحيد بالرسالة، وقد يلحق بها وصمة التفاهة. ونية دسّ عنصر الوطنية وفلز التفاؤل تتحول هزلاً وتنقلب عبثاً في أوقات الطوارئ مهما صدقت النوايا.

المؤكد أن الشلولو الصادح في سماء الكوكب نال من فيروس القرن نيلاً شديداً. 

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات