Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة السيولة تضغط على قطر وتدفعها للاقتراض

أصدرت سندات دولية لسد الفجوة التمويلية... وأجلت ترسية عقود مشروعات حكومية بـ8.2 مليار دولار

البنك المركزي القطري (رويترز)

في مؤشر جديد على أزمة السيولة المالية التي تعيشها قطر، لجأت الدولة الخليجية للعام الثالث على التوالي إلى إصدار سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية التي تعيشها خلال السنوات الأخيرة وسط تراجع حاد في أسعار النفط وركود اقتصادي محتمل بسبب كورونا، كما لجأت أيضاً إلى تأجيل ترسية عقود مشروعات حكومية بقيمة 8.2 مليار دولار أميركي.

وبحسب النشرة الرسمية لإصدار السندات الدولية لقطر، الثلاثاء، فإن حكومة الدوحة بصدد جمع 10 مليارات دولار من خلال عملية إصدار سندات على 3 شرائح، الأولى لأجل 5 سنوات بقيمة ملياري دولار عند 300 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، والثانية سندات لأجل 10 سنوات بقيمة 3 مليارات دولار عند 305 نقاط أساس فوق نفس المقياس، وسندات لأجل 30 عاماً بقيمة 5 مليارات دولار عند 4.4 في المئة.

بيع السندات يعكس الأزمة

وقال محللون ومتخصصون إن بيع السندات يعتمد على التسعير، حيث سيحدد إقبال المستثمرين على الصفقة في ظل الظروف الاستثنائية الحالية، كما يعكس أزمة السيولة التي تعيشها البلاد مع انخفاض الإيرادات الحكومية بفعل أسعار النفط المتهاوية وتبعات فيروس كورونا على القطاعات الاقتصادية بشكل عام.

كما تنعكس الضغوط على الاقتصاد القطري بشكل واضح في تصاعد الالتزامات المالية واللجوء إلى الاقتراض محلياً وخارجياً، مما فاقم الدين الخارجي للحكومة إلى مستويات تاريخية عند مستوى 196.04 مليار ريال قطري (54.4 مليار دولار أميركي) بنهاية عام 2019، مقابل 156.4 مليار ريال (43.4 مليار دولار) في العام السابق له، بنمو سنوي 25.34 في المئة أو ما يعادل 39.64 مليار ريال (11 مليار دولار)، حسب بيانات حديثة لمصرف قطر المركزي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وارتفعت الدين الخارجي للبلد الخليجي خلال عشر سنوات بنهاية العام الماضي بقيمة 125.8 مليار ريال (35 مليار دولار)، ليرتفع 179 في المئة مقارنة بمستويات عام 2010 عند 70.27 مليار ريال (19.5 مليار دولار)، وفق البيانات.

ويأتي الارتفاع القياسي نتيجة أزمة السيولة الأجنبية التي تعانيها السوق القطرية على مدار السنوات الأخيرة والتي هي أحد النتائج الرئيسة للمقاطعة العربية المفروضة عليها من 4 دول منذ ثلاثة أعوام.

وفي 5 يونيو (حزيران) 2017، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مقاطعة الدوحة إثر اتهامات للأخيرة بدعم جماعات إرهابية والعمل على زعزعة استقرار الدول الأربع المقاطِعة، وهي التهم التي تنفيها الدولة الخليجية الصغيرة والغنية بالغاز، فيما تردّ الدوحة بأن المقاطعة "ما هي إلا محاولة للتأثير على قرارها السيادي". وترتبت على المقاطعة آثار سلبية اقتصادياً وسياسياً على الدوحة، إضافة إلى حظر النقل الجوي والبري مع هذه الدول.

إرجاء مشروعات رأسمالية

ووفق نشرة الإصدار، فإن قطر سترجئ تنفيذ مشروعات رأسمالية بقيمة 8.2 مليار دولار بسبب تداعيات فيروس كورونا السلبية على اقتصادها، ولتخفيف الأعباء عن الموازنة. وأشارت النشرة إلى أن تفشي الوباء قد يستمر في التأثير السلبي على الاقتصاد وأسواق المال القطرية وربما يفضي إلى ركود. في وقت تستمر قطر في اللجوء للأسواق العالمية لمعالجة الآثار السلبية على اقتصادها جراء المقاطعة العربية لها.

وكلفت قطر بنوك باركليز، وكريدي أجريكول، ودويتشه بنك، وجيه. بي مورغان، زكيو.إن.بي كابيتال، وستاندرد تشارترد، ويو.بي.إس) لترتيب الصفقة. ويأتي ذلك في وقت تدرس باقي الحكومات في المنطقة خيارات التمويل مع بحثها عن سيولة إضافية لمواجهة التباطؤ الاقتصادي بسبب فيروس كورونا، وأثر انخفاض أسعار النفط على إيراداتها.

كورونا يدفع الاقتصاد للانكماش

وعلى الصعيد ذاته، توَّقع تقرير حديث صادر عن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن يدخل الاقتصاد القطري في دائرة الانكماش العام الحالي مع التأثير السلبي المتوقع لانتشار فيروس "كوفيد-19" وسط تأثر بالغ على القطاع المصرفي بالبلاد.

وذكر التقرير إن الاقتصاد القطري سينكمش بنحو 2 في المئة العام الحالي بعد نمو متواضع العام الماضي بلغ نحو 0.6 في المئة، حيث ترى فيتش أن "تبعات فيروس كورونا ستؤدي إلى خفض إيرادات القطاع النفطي، ما سيضعف بالتبعية الإنفاق الحكومي".

ولتفادي تبعات كورونا الاقتصادية، أعلنت الدوحة الشهر الماضي، حزمة تحفيز مالي بقيمة 75 مليار ريال (21 مليار دولار) للقطاع الخاص، إلا أن وكالة "فيتش" أوضحت أن هذه الحزمة غير كافية لحماية أصول القطاع المصرفي من الضغوط المتوقعة مع الأخذ بالاعتبار أنها لا تمثل سوى 10 في المئة من إجمالي إقراض القطاع المصرفي للقطاع الخاص.

تأثر جودة الأصول

وقالت أيضاً إن "جائحة فيروس كورونا ستضغط على جودة الأصول لدى البنوك القطرية والتي لديها محفظة قروض كبيرة في الوقت الحالي لقطاعات ستتأثر بشدة من انتشار الوباء العالمي، كالقطاع العقاري في ضوء حقيقة أن الهبوط الذي يشهده القطاع العقاري، والذي يتوقع أن يتراجع الطلب عليه خلال الفترة المقبلة مع القيود المفروضة على حركة السفر في سوق مشبعة بالأساس".

وتصل نسبة قروض القطاع العقاري من إجمالي محفظة القروض للبنوك القطرية نحو 24 في المئة في وقت تعتقد به وكالة التصنيف الائتماني أن نسبة التعرض أكبر من تلك النسبة.

وترى فيتش أن مدة السماح التي أقرها البنك المركزي القطري لسداد القروض والبالغة 6 أشهر قد يتم تمديدها، ما سيؤثر في نهاية المطاف على جودة القروض لدى القطاع المصرفي القطري. وأضافت أنه من بين الأمور الأخرى التي ستلقي بظلالها على القطاع المصرفي، هو قدرة تلك البنوك على الولوج إلى أسواق المال الدولية لإعادة تمويل الديون من تشديد أوضاع السيولة بالأسواق الخارجية بسبب تفشي كورونا.

وتوقعت أن تصدر دول مجلس التعاون الخليجي نحو 42 مليار دولار من الديون الخارجية هذا العام، من 48 مليار دولار العام الماضي، وسيرافق ذلك 110 مليارات دولار من السحب من الاحتياطيات المالية وصناديق الثروة، مقارنة بـ15 مليار دولار فقط في 2019.

تذبذب الإيرادات المحلية

وبحسب آخر تقرير للمركزي القطري، ارتفعت مطالبات البنوك القطرية على القطاع الحكومي إلى 306.3 (84 مليار دولار)، وسط اعتماد متزايد للحكومة المحلية على الاقتراض لتوفير السيولة المالية اللازمة لنفقاتها المتصاعدة، وسط تذبذب في الإيرادات المحلية.

حزمة تحفيز لعلاج تداعيات كورونا

وقدمت حكومة الدولة الخليجية محفزات مالية واقتصادية ومساعدات مالية مباشرة تصل قيمتها إلى 5.5 مليار دولار، فيما يزداد ذلك المبلغ ليتخطى 20 مليار دولار باحتساب المساعدات المالية غير المباشرة.

ومن أبرز القرارات التي أقرتها، حث البنك المركزي البنوك على تأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص مع فترة سماح لمدة 6 أشهر، وتوجيه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة 6 أشهر أيضاً، وتوجيه الصناديق الحكومية لزيادة استثماراتها في البورصة بمبلغ 2.7 مليار دولار.

كذلك وفر البنك المركزي سيولة إضافية للبنوك العاملة بالدولة إلى جانب إعفاء السلع الغذائية والطبية من الرسوم الجمركية لمدة 6 أشهر وإعفاء القطاعات الأكثر تضرراً ممثلة في السياحة والتجزئة والصناعات الصغيرة من رسوم الكهرباء والماء لمدة 6 أشهر، وأيضاً إعفاء المناطق اللوجستية والصناعات الصغيرة والمتوسطة من الإيجارات لمدة 6 أشهر.

ادعاءات تعرض عمال كأس العالم لخطر الفيروس

على جانب آخر، نفت قطر، التي تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ما تردد من ادعاءات حول أن العمّال المقيمين في معسكرات العمل يتعرضون لخطر شديد في ظل أزمة انتشار وباء كورونا. وذكرت الحكومة أنها تعمل بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة وكذلك السفارات الأجنبية، لحماية صحة العمّال الأجانب.

وكانت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان، ذكرت في مارس (أذار) الماضي، أن أماكن إقامة العمّال المغتربين في المنطقة الصناعية في العاصمة القطرية الدوحة، خضعت للإغلاق، بعدما تبين إصابة المئات من عمال البناء بعدوى فيروس كورونا المستجد. وأضافت أن معسكرات الإقامة "مكتظة بشكل ملحوظ وتفتقر للمياه والصرف الصحي المناسبين"، وهو ما لا يُمكِّن العمال من حماية أنفسهم من العدوى.

وكانت الحكومة القطرية أعلنت عزل جزء من المنطقة بعد تسجيل إصابات في صفوف العمال، لكنها أكدت أنه يجري تزويدها يومياً بالمواد الغذائية والمياه وأدوات الحماية، إلى جانب تلقي المرضى العلاج في المراكز الصحية من دون دفع تكاليف. وأضافت أن العاملين الذين يخضعون للحجر الصحى والمصابين ما زالوا يتسلمون رواتبهم، وقد جرى إبلاغ شركات البناء بتحديد عدد المقيمين في مكان مشترك بأربعة أشخاص كحد أقصى.

ومن جانبها، أعلنت اللجنة المنظمة لكأس العالم أنه لم يجر تسجيل أي حالات إصابة بفيروس كورونا في مواقع الإنشاء الخاصة بالبطولة. ووفقا لأرقام جامعة "جونز هوبكينز" الأميركية، شهدت قطر 2057 حالة إصابة بفيروس كورونا و6 حالات وفاة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد