"أعتقد أن الشعب الإيراني يحب أميركا. أعتقد أنهم سيحبون أن يكونوا أحراراً، وإذا احتاجوا إلى مساعدة فيما يتعلق بالفيروس، فلدينا أعظم المهنيين الطبيين في العالم، نود أن نرسلهم". هذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال إحاطة إعلامية بالأمس عن إيران عندما سُئل إن كانت الولايات المتحدة تمنع وصول المساعدات الطبية إلى إيران في وقت يتفشى فيه فيروس كورونا بشكل مخيف في المدن الإيرانية.
وانتقد ترمب النظام في إيران فيما سماه حملة النفوذ الأجنبي الباهظة التي تقوم بها طهران لتخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها، قائلاً إن تلك الحملة لا تهدف إلى إغاثة الشعب الإيراني أو صحته، بل جمع الأموال لعملياتها الإرهابية.
وأضاف أنه منذ عام 2012، أنفق النظام في إيران أكثر من 16 مليار دولار لتمويل وكلاء الإرهاب في الخارج، بينما ظلت خدمات الرعاية الصحية تعاني من نقص التمويل بشكل مريع، وقد أدى ذلك إلى استقالة وزير الصحة في يناير (كانون الثاني) 2019 احتجاجاً على التخفيضات المتكررة في موازنة الوزارة.
وأكد الرئيس الأميركي أن العقوبات التي تفرضها بلاده لا تمنع المساعدات من الوصول إلى إيران. فيما تحتفظ الولايات المتحدة بتفويضات واسعة تسمح ببيع الأغذية والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية من قبل أشخاص أميركيين أو من الولايات المتحدة إلى إيران.
رفض إيراني للمساعدات الإنسانية الأميركية
في مطلع إبريل (نيسان) الحالي، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني، العقوبات الأميركية بأنها السبب الرئيس وراء فشل جهود الحكومة الإيرانية في محاربة فيروس كورونا، في وقت تظهر الوثائق الإيرانية أن شركات الرعاية الصحية لديها كانت قادرة على استيراد "مجموعات الاختبار" منذ يناير.
رفضت طهران عرض الولايات المتحدة تقديم مساعدات إنسانية وإمدادات طبية للشعب الإيراني للمساعدة في معالجة تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19). وفي 23 مارس (آذار)، طردت وزارة الصحة الإيرانية فريق "أطباء بلا حدود"، الذي كان يقيم منشأة علاجية في أصفهان، ومع ذلك، لا يزال النظام يدعو إلى تخفيف العقوبات.
وفي أواخر مارس، كشف الرئيس روحاني ذلك، عن غير قصد، خلال اجتماع للحكومة، عندما أشاد بجهود وزارة الخارجية المتضافرة للتأثير في الرأي العام وقوله "لا للعقوبات"، مضيفاً أن جهود النظام في بلاده تهدف إلى إعادة أمواله المضبوطة في بلدان أخرى.
وبحسب الخارجية الأميركية، كانت الحكومة الإيرانية أنشأت موقعاً إلكترونياً في أوائل مارس لتنسيق الدعاية الحكومية حول فيروس كورونا وجهود إنهاء العقوبات الأميركية، في توقيت ضخمت العديد من البعثات الدبلوماسية الإيرانية محتوى هذا الموقع، ما شجع العديد من الجهات الأجنبية على تحدي العقوبات الأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نفقات عسكرية كبيرة
تمتلك إيران أيضاً أموالاً كافية في متناول اليد لمكافحة تفشي فيروس كورونا، كما تسيطر على مئات المليارات من الدولارات في صندوق التنمية الوطنية التابع لها، بالإضافة إلى صناديق التحوط العديدة لخامنئي التي تتدفق من الأصول التي صودرت أصلاً من الشعب، ويمكن استخدام هذه الأموال للإنفاق الحكومي.
وفي عام 2018، سحبت إيران ما يقدر بنحو 2.5 مليار دولار من صندوق التنمية الوطنية لزيادة الإنفاق الدفاعي، وفي 2019 سحبت 1.5 مليار دولار من الصندوق لتغطية نفقات عسكرية أخرى.
وفي 9 مارس الماضي، طلب خمسة برلمانيين إيرانيين من الحكومة نقل الأصول من هذه الأموال لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وفي 26 من الشهر ذاته، طلب الرئيس روحاني أن يوافق خامنئي على تحويل مليار دولار من صندوق الدفاع الوطني.
وفي إطار طلب الإغاثة لمواجهة الفيروس، ورد أن إيران حولت 400 مليون دولار من الصندوق لدفع رواتب الحكومة، ووجد خامنئي أيضاً الوقت للتدخل في عملية الموازنة البرلمانية، وفي 19 مارس الماضي تم زيادة تمويل فيلق الحرس الثوري الإسلامي بنسبة 33 في المئة عن طلب الموازنة الأصلي لروحاني.
كما زاد خامنئي أيضاً أكثر من الضعف من تمويل قوات الباسيج، وهي فرقة تتبع النظام وتقول الولايات المتحدة إنها المسؤولة عن قتل نحو 1500 إيراني في احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وقال الرئيس ترمب "لسنوات، أعطى النظام الإيراني الأولوية لوكلائه على الشعب وسرق الأموال التي يستحقها الإيرانيون ولم تذهب إلى رعايتهم الصحية. وفي يوليو (تموز) 2019، اختفى مليار يورو (1.081 مليار دولار) مخصص للإمدادات الطبية و170 مليون دولار أخرى مخصصة للسلع الطبية أنفقها بدلاً عن ذلك على التبغ".
متابعة دقيقة لمسار الأموال الإيرانية
وتتابع الولايات المتحدة بشكل دقيق جداً مسار الأموال الإيرانية التي قيل إنها صبت في دعم عمليات إنسانية، في عام 2018، حيث فرضت أميركا عقوبات على شركة إيرانية "إنسانية" لإخفائها مدفوعات قدمت مئات الملايين من الدولارات لحزب الله وحماس من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
وقال ترمب معلقاً على موجة الغضب الآخذة في التنامي بين أفراد الشعب الإيراني بسبب طريقة تعامل النظام مع التفشي الواسع لكورونا في المدن الإيرانية ومحاولاته التستر على الأعداد الحقيقية للوفيات والمصابين بالفيروس القاتل "بعد عقود كان الشعب الإيراني أول من رفض أعذار النظام. كتابات جديدة في إحدى ضواحي طهران تقول (الجمهورية الإسلامية في إيران هي الفيروس الحقيقي)، بعد أن اتهم خامنئي الولايات المتحدة باستخدام فيروس كورونا كسلاح بيولوجي، كانت أبرز الهاشتاغات المستخدمة في إيران (KhameneiVirus) و(IslamicRepublicVirus)". وأكد الرئيس الأميركي أن بلاده ستواصل دعم احتياجات وتطلعات الإيرانيين، الذين هم "أكبر ضحايا المعاناة من النظام الإيراني"، على حد قوله.
وشهدت الأشهر الثلاث الماضية تفشي كبير لفيروس كورونا في المدن الإيرانية، مع تسجيل أكثر من 60 ألف إصابة مؤكدة بالفيروس و3739 وفاة. وكان النظام قد تعرض إلى انتقادات كبيرة في الداخل الإيراني، بعد التقارير التي تحدثت عن علم الحكومة في وقت مبكر بتفشي المرض إلا أنها قررت عدم القيام بأي شيء حيال ذلك. وإيران التي يبلغ عدد سكانها نحو 83 مليون نسمة باتت اليوم واحدة من بؤر الوباء في العالم.
كيانوش جانبور، المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية، كان قد كتب في تغريدة له على موقع "تويتر"، أن "50 شخصاً في المتوسط يصابون بالفيروس في إيران كل ساعة تقريباً، ومعدل الوفيات هو شخص واحد كل 10 دقائق أو ستة أشخاص في الساعة". وقد عكس هذا التعليق الواقعي تحذيرات سابقة من قبل مسؤولي الصحة الإيرانيين الآخرين بأن العدد الحقيقي للإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا أعلى "بالتأكيد" مما تعترف به الحكومة.
وقال ريك برينان، مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، الذي زار طهران أخيراً، في 17 مارس الماضي، إن العدد الإجمالي الفعلي لـ"كوفيد-19" قد يكون أعلى بخمس مرات من الإحصاءات الرسمية.