Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصيد الجائر في أهوار العراق يهدد الطيور المهاجرة الى اوروبا

شباك الصيادين تنتهك حرية أعداد كثيرة منها وتجعلها تتخلف عن رحلة العودة

صيادون عراقيون مع عدد من طرائدهم (اندبندنت عربية)


تقطع مئات آلاف الطيور المهاجرة مئات الأميال كل عام قبل أن تحط في أهوار العراق لتمضي فصل الشتاء في جو دافئ نسبياً، وما إن يقترب فصل الربيع حتى تعود الى مواطنها الأصلية في روسيا وكازاخستان وشمال أوروبا، لكن شباك الصيادين تنتهك حرية أعداد كثيرة منها، وتجعلها تتخلف عن رحلة العودة.

لا حصانة لأنواع مهددة بالانقراض

تفيد دراسة أجرتها وزارة الصحة والبيئة العراقية بأن مجموع أنواع الطيور المائية في العالم يصل إلى 285 نوعاً، منها نحو 134 نوعاً تصل إلى أهوار العراق بسبب وفرة المياه والمساحات الخضراء واعتدال المناخ شتاءً وقلة الضواري المفترسة. كما تستوطن الأهوار أنواع من الطيور يندر وجودها في مناطق أخرى من العالم، من بينها الثرثار العراقي وهازجة قصب البصرة.

قال مسؤول منظمة طبيعة العراق في الجنوب، جاسم الأسدي لـ"اندبندنت عربية"، إن "ظاهرة الصيد الجائر للطيور في مناطق الأهوار ناجمة عن انعدام الرقابة في أماكن صيدها والأسواق التي تُباع فيها"، مبيناً أن "شباك الصيادين لا تستثني أنواعاً مدرجة على اللائحة الحمراء للطيور المهددة بالانقراض، مثل البط الأبيض العين والحذاف المعرق، والتي يؤدي فقدانها إلى خسارة بيئية فادحة".

ولفت الأسدي إلى أن "بعض الطيور المهاجرة بدأت في غضون الأعوام الأخيرة تغيّر مسار هجرتها، فتبتعد عن أهوار العراق تجنباً للضوضاء الناجمة عن الصيد المفرط والتجمعات السكانية المتوسعة، ونمو النشاط السياحي في المنطقة"، مضيفاً أن "الجفاف الذي اجتاح الأهوار خلال الأعوام الماضية، هو العامل الأكثر تأثيراً في ابتعاد بعض الطيور المهاجرة عن المنطقة".


بحيرات صناعية لخداع الطيور

تابع الأسدي "خلال أعوام الجفاف لجأ صيادون إلى حيلة غير تقليدية، إذا أنشأوا عشرات البحيرات الصناعية قرب مناطق الأهوار ونصبوا شباكهم فيها، وما إن تلمح الطيور المهاجرة البحيرات حتى تهبط ظناً منها ببلوغ وجهتها، لكنها بدل أن تستريح من رحلتها الشاقة تنقل إلى الأسواق لتُباع فتُذبح وتؤكَل"، موضحاً أن "الصيادين يستغلون مناطق نائية من الأهوار بعيداً عن أنظار السلطات في ممارسة الصيد الجائر للطيور بأدوات من أبرزها الشباك والسموم".

يقول أحد الصيادين إن "صيد الطيور هواية ممتعة ومهنة رابحة في آن واحد"، معتبراً أن "الحديث عن إبادة الطيور بالسموم، فيه مبالغة، لأن المشترين لا يفضلون شراء طيور ميتة، ولذلك الصيد بالشباك أكثر استخداماً من أساليب أخرى، إذ يتم إخفاء شباك نسيجية في المياه الضحلة، وعندما تتجمع الطيور فوقها تُسحب الشِباك فتعلق الطيور بها".

يذكر أن العراق انضم خلال عام 2016 إلى اتفاقية "CMS" الدولية لحماية الحيوانات المهاجرة، وأصدر مجلس النواب العراقي عام 2010، قانون حماية الحيوانات البرية، الذي منعت المادة الرابعة منه صيد الطيور باستخدام الشباك والسموم. وتوعّدت المادة التاسعة المخالفين بعقوبة السجن لمدة لا تزيد على ثلاثة أعوام، وبغرامة تبلغ ثلاثة ملايين دينار (2500 دولار تقريباً).

ضعف الرقابة وغياب المحاسبة


وأكد رئيس "لجنة إنعاش الأهوار" في مجلس محافظة البصرة ربيع منصور الحلفي أن "صيد الطيور يُسمح به بموجب ضوابط قانونية، وفي فترات معينة ومناطق محددة، وليس بالأساليب التي نسمع عنها"، مبيناً أن "الصيد الجائر للطيور من المحتمل أن يضع العراق في موقف حَرج أمام الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على الحياة البرية، بخاصة بعد تصنيف بعض مناطق الأهوار كمحميات طبيعية وإدراجها بقرار من الأمم المتحدة على لائحة التراث العالمي".

وقال مدير مديرية حماية وتحسين البيئة في جنوب العراق أحمد حنون التميمي، إن "المديرية خاطبت المؤسسات الأمنية الرسمية بشأن ضرورة حماية الطيور من الصيد الجائر"، معتبراً أنه "من الصعب مكافحة هذه الظاهرة في مناطق الأهوار، لكن يمكن تحجيمها من خلال منع نقل الطيور عبر نقاط التفتيش الموجودة على الطرق التي تربط بين المحافظات الجنوبية، إضافة إلى حظر بيعها في الأسواق المحلية وتكليف مفارز من الشرطة تنفيذ جولات تفتيشية".

وفي خضم ظاهرة الصيد الجائر للطيور، لم يعد مشهداً غريباً أو نادراً رؤية طائر النحام الوردي (الفلامنكو)، والبجع الأبيض الكبير، ودجاج الماء الأسود، وهي مربوطة من أرجلها بحبال وتباع حية في أسواق شعبية في ظل إقبال بعض المواطنين على شرائها لأكلها، فهي في ميزان ذائقتهم ألذ من الدجاج المجمد المتوفِّر بأسعار أقل.

المزيد من بيئة