Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما لا تعرفه عن "كومفورت"... أكبر سفينة طبية في العالم

ناقلة نفط تحولت إلى مستشفى بحري لخدمة مناطق الحروب والكوارث

وسط تغطية إعلامية شاملة وترحيب واسع من سلطات أكبر مدينة في الولايات المتحدة، وصلت السفينة الطبية العملاقة التابعة للبحرية الأميركية "كومفورت" إلى نيويورك، للمساعدة في تخفيف الضغط عن المستشفيات التي تعاني من تدفق حالات فيروس "كورونا"، فما أهمية وإمكانات هذا المستشفى البحري العملاق؟ وما الذي يستطيع أن يقدمه لهذه المدينة الموبوءة التي تحوّلت من حالة إصابة واحدة بالوباء قبل أربعة أسابيع إلى أكثر من 60 ألف حالة حالياً؟ في السطور التالية، كل ما لا تعرفه عن حجم وقدرات وتاريخ "كومفورت" التي تُعدّ إحدى أكبر سفينتين طبيتين في العالم.

السفينة الطبية العملاقة "كومفورت" وشقيقتها المماثلة لها حجماً وعُدة "ميرسي"، هما مستشفيان عائمان نشرتهما البحرية الأميركية بتوجيه من الرئيس دونالد ترمب للمساعدة في تخفيف العبء الثقيل الذي تعاني منه ولايتا نيويورك وكاليفورنيا بسبب انتشار الإصابة بالوباء الذي أدّى إلى وفاة الآلاف في وقت يتوقع خبراء الصحة العامة أن تبلغ الأزمة ذروتها في منتصف أبريل (نيسان) المقبل، أي بعد حوالى أسبوعين من الآن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليست فقط دعماً معنوياً

وبينما تعاني ولاية ومدينة نيويورك من نقص حاد في أجهزة التنفس الصناعي، يمثل المستشفى العائم "كومفورت" دعماً محورياً لها، وستخصص لاستقبال الحالات غير المصابة بـ "كورونا" من أجل تخفيف الضغط على المستشفيات الأخرى، كما ستساعد في توفير الإغاثة، فضلاً عن الدفعة المعنوية التي يمثلها وجود الجيش والبحرية الأميركية في نيويورك، حسب وصف عمدة المدينة بيل دي بلاسيو. وكانت هذه السفينة ذاتها شاركت في علاج مئات من فرق الإنقاذ بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001 في نيويورك.

وتستخدم السفينة عادة في دعم الحملات العسكرية والأزمات الإنسانية إلى جانب الإغاثة من الآثار المترتبة على الزلازل والأعاصير، وكانت آخر مهامها في الخارج مساعدة بلدان أميركا اللاتينية التي لا تتمتع بأنظمة رعاية صحية كافية، لكن تلك السفينة الطبية الضخمة اكتسبت سمعة دولية طيبة خلال جولاتها حول العالم على مدى أربعة عقود كاملة.

البداية ناقلة نفط

لم تبدأ "كومفورت" سفينة طبية أو مستشفى، فقد بدأت بصفتها ناقلة نفط عملاقة من فئة "سان كليمنتي" تحت اسم "روز سيتي" حين شيدتها الشركة الوطنية للصلب وبناء السفن في سان دييغو عام 1976 قبل أن تشتريها البحرية الأميركية عام 1987 مع ناقلة عملاقة أخرى من الفئة ذاتها، بهدف تحويلهما إلى سفينتين طبيتين عائمتين، وأصبح اسم الناقلة الأخرى "ميرسي" وهي التي أصدر ترمب أمراً بنشرها على الساحل الغربي لمساعدة ولاية كاليفورنيا التي ضربها الوباء بشكل أقل حدّة من نيويورك.

ولهذا، ظلت حركة المرضى والطاقم الطبي داخل السفينة مُقيدة إلى حدّ ما على الرغم من تحويلها إلى مستشفى بحري، نظراً إلى أسباب هندسية، حسب موقع "ميليتاري فاكتوري" المتخصّص في الشؤون العسكرية، وظلت الحواجز القديمة لفصل النفط كما هي، كما لم تتم إضافة فتحات لتحسين الحركة الأفقية داخل المستشفى، وبدلاً من ذلك، يتعين على المرضى التحرك رأسياً إلى أعلى سطح السفينة ثم النزول من نقطة أخرى.

لكن اللون والشكل الخارجي للسفينة الطبية العملاقة، روعي فيهما أن يكونا باللون الأبيض مع توزيع شعار الصليب الأحمر على هيكل السفينة الخارجي بهدف توضيح غرضها، وحماية طاقمها وحمولتها من أية هجمات معادية في مناطق الحروب، إذ تنصّ اتفاقية جنيف على حماية سفن المستشفيات شرط ألاّ تحمل ذخائر أو أسلحة، وتصبح أي دولة تطلق النار عليها مُعرَضة للاتهام بارتكاب جريمة حرب دولية.

مستشفى عملاق الحجم

ويُعدٌّ المستشفى العائم "كومفورت" عملاقاً بالمقاييس كافة، إذ يبلغ ارتفاع السفينة 100 قدم أي بحجم مبنى مكون من 10 طبقات، في حين يصل طولها إلى 894 قدماً أي 272 متراً، ما يعني أن طولها يماثل طول ثلاثة ملاعب كرة قدم تقريباً، وعرضها 106 قدماً، كما يتسع حجم بدنها ليستوعب 70473 طناً من المياه، ولهذا تُضطر السفينة بسبب ثقلها الهائل (69360 طناً)، أن ترسو على مسافة ميل واحد على الأقل من الشاطئ، كما تبلغ سرعتها 17.5 عقدة أي ما يعادل 20 ميلاً في الساعة.

تحتوي "كومفورت" على مهبط طائرات هيلوكوبتر ضخمة وعسكرية تحمل المرضى إلى متن المستشفى العائم بما في ذلك طائرات من طراز "شينوك" و"سيكورسكي"، كما لديها القدرة على استقبال المرضى من السفن الأخرى المجاورة التي ترسو بجانبها، ويمكن تشغيل السفينة وتحضير أطقمها للانطلاق في غضون خمسة أيام من استقبال أمر التحرك العسكري.

قدرة استيعابية وتجهيزات ضخمة

وتشمل السفينة الطبية العائمة 1000 سرير، خُصص 500 منها للحالات الطبية العادية، بينما خُصص 400 سرير للحالات المتوسطة، و80 سريراً لمرضى العناية المركزة و20 سريراً للمرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية يمكن أن تجري في عرض البحر لإنقاذ المصابين في الكوارث أو خلال العمليات القتالية للقوات الأميركية.

ويحتوي المستشفى الضخم على 12 غرفة عمليات مجهزة، وغرفة عزل، وعيادة أسنان، وأربعة أجهزة أشعة "إكس"، وأشعة مقطعية (سي تي)، ومختبر للبصريات، ومبردات تستوعب 5000 وحدة من الدم، ومصنعين لإنتاج الأوكسجين، وتستوعب ما يصل إلى 1000 من المرضى و1200 من الطاقم على متنها، فضلاً عن 71 من قطاع الخدمة المدنية لمشاة البحرية (المارينز)، كما يجري توفير المياه لهذا العدد الكبير عبر محطة مياه عذبة تنتج 300 ألف غالون من المياه يومياً.

وتشمل الخدمات الأخرى على متن السفينة الطبية وحدة للاتصال بالأقمار الصناعية ومنطقة مركزية لتعقيم المصابين فور استقبالهم على سطح السفينة، كما يتوفر مستودع للإمدادات الطبية، وصيدلية ضخمة جيدة التجهيز. وبطبيعة الحال، تحتوي السفينة على وحدات غسيل ضخمة لخدمة الأعداد الكبيرة من المرضى والطاقم، كما تشمل مشرحة كبيرة خاصة بها مثل أي مستشفى آخر.

تاريخ من العمل المضني

أسهمت سفينة "كومفورت" في عددٍ كبيرٍ من المهام والعمليات العسكرية والإنسانية على حد سواء خلال أكثر من 30 عاماً، فإضافةً إلى دورها في علاج المصابين من أحداث 11 سبتمبر في نيويورك، شارك ذلك المستشفى العائم في الاستجابة العاجلة للكوارث الطبيعية المختلفة التي ضربت أجزاء من الأراضي الأميركية. عام 2005، أرسلها الرئيس جورج دبليو بوش إلى مدينة نيو أورلينز في ولاية لويزيانا بعدما دمر إعصار كاترينا المنطقة حيث عالجت 2000 من المصابين والمرضى خلال تمركزها في خليج المكسيك جنوب البلاد على مدى سبعة أسابيع.

وفي هايتي، اضطلعت السفينة بمهمتين، الأولى عام 1994 لمعالجة المهاجرين الفارين من الاضطراب السياسي هناك، والثانية عام 2010 لعلاج المصابين من الزلزال الذي دمّر البلاد وحطّم العاصمة.

حرب تحرير الكويت

أما بالنسبة إلى العمليات العسكرية، شاركت "كومفورت" في عدد منها، ولا سيما خلال حرب تحرير الكويت عام 1990 ضمن عملية عاصفة الصحراء، وتمركزت قرب الكويت، حيث قدمت خدماتها العلاجية إلى 8700 مريض، وهبط على سطحها 2100 طائرة هيلوكوبتر نقلت المرضى والمصابين، وأجريت داخلها 337 عملية جراحية حسب البيانات الصادرة عن سجلات السفينة.

كما تمركزت "كومفورت" مرة أخرى في الخليج عام 2002 أثناء الغزو الأميركي للعراق وقدمت خدمات طبية مماثلة.

لكن، وعلى الرغم من حاجة مدينة ضخمة مثل نيويورك لمستشفى "كومفورت" العائم، إلاّ أنه لا يكفي وحده لحل الأزمات المترتبة على تفشي "كورونا"، ولهذا، شيّدت وحدات هندسية تابعة للجيش الأميركي مستشفيات ميدانية في مركز "جافيتس" وفي حديقة "سنترال بارك" الشهيرة وسط نيويورك.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات