Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع قانوني بين البصرة وبغداد… والأنظار تتجه إلى المحكمة الاتحادية العليا

85 في المئة من أموال الموازنة العراقية تأتي من حقول النفط والموانئ التجارية في البصرة

مقر الحكومة المحلية في البصرة (اندبندنت عربية)

في خطوةٍ لا يُستبعد أن تؤجج الخلافات وتعمِّق حالة "ضعف الثقة" بين العاصمتين السياسية (بغداد) والاقتصادية (البصرة) في العراق، أقدم مجلس محافظة البصرة، أعلى سلطة تشريعية ورقابية فيها، على رفع دعويين أمام المحكمة الاتحادية العليا على رئاسة مجلس الوزراء.

وسجلت الحكومة المحلية في البصرة، في الدعوى الأولى، رفضها تفاهمات اقتصادية توصلت إليها الحكومة العراقية مع نظيرتها الأردنية، تستند إلى اتفاقية جديدة بين البلدين. واعتبرت حكومة البصرة أن لبعض تلك التفاهمات تأثيرات سلبية فادحة في المنافذ الحدودية البرية والبحرية في المحافظة. أما في الدعوى الثانية فأبدت الحكومة المحلية اعتراضها على عدم إنصاف البصرة مالياً في قانون الموازنة العامة للعام الحالي، وطالبت بمنحها مزيداً من المخصصات باعتبارها "القلب النابض للاقتصاد العراقي".

"إعفاءات جمركية"

قال أحمد عبد الحسين، رئيس اللجنة القانونية والإدارية في مجلس محافظة البصرة، إن "إعفاءات جمركية منحتها الحكومة العراقية لأنواع من البضائع الأردنية المستوردة عبر منفذ طريبيل الحدودي، ألقت بظلالها سلباً على المنافذ الحدودية البرية والبحرية الواقعة في البصرة. إذ انخفضت عمليات مرور البضائع المستوردة من خلالها"، مبيّناً أن "الحكومة الاتحادية لم تتشاور مع الحكومة المحلية في البصرة قبل تقديم تلك التسهيلات، وبالتالي لا خيار أمامنا غير اللجوء إلى السلطة القضائية للمطالبة بإلغائها".

وأشار عبد الحسين إلى أن "دعوى ثانية رفعتها البصرة تزامناً مع الدعوى الأولى للمطالبة بنصيب عادل من المخصصات المالية ضمن الموازنة العامة للعام الحالي، فمن حقول النفط في البصرة وموانئها التجارية تأتي نسبة 85 في المئة من أموال الموازنة. ويتضح الإجحاف بحق المحافظة من خلال منحها نسبة 1.5 في المئة فقط من مخصصات الموازنة، بينما ظفر إقليم كردستان بنحو 17 في المئة"، موضحاً أن "قانون الموازنة فيه تناقضات، منها أن إحدى مواده أقرت للبصرة نسبة 5 في المئة من إيرادات النفط المنتج في حقولها، ما يعني تخصيص نحو 3.5 ترليون دينار، إلا أن مادة أخرى في القانون ذاته حددت مبلغ تريليون دينار فقط لكل المحافظات المنتجة للنفط".

أضاف رئيس اللجنة القانونية والإدارية في البصرة أن "المحكمة الاتحادية العليا وافقت على قبول الدعويَين من الناحية الشكلية، ونحن بانتظار قراراتها التي نتوقع أن تكون لمصلحة البصرة"، معتبراً أن "هذه التحركات القانونية يُحتمل جداً أن تخلق حالة من الشد والجذب بين الحكومتين الاتحادية والمحلية، لكن نأمل أن يتفهم الجميع أن القضية ليست شخصية، إنما تتعلق بحقوق أكثر من أربعة ملايين نسمة يعيشون في البصرة".

وواجهت البصرة خلال الأعوام الأربعة الماضية أزمةً مالية خانقة أحسّ المواطنون بتأثيراتها من خلال انهيار وضع الخدمات وتفاقم البطالة واتساع نطاق مشكلة السكن، إلا أن انفراجاً بدأ مع تولي عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء، إذ خصص أموالاً للمحافظة، ومنح محافظها أسعد العيداني صلاحيات استثنائية تمكّنه من تنفيذ مشاريع البنى التحتية، لكن الحكومة المحلية ترى أن ذلك غير كافٍ لتحسين الخدمات العامة.

ذر رمادٍ في العيون

اعتبر ساجد الركابي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة البصرة، أن "الخلاف بين الحكومتين المحلية والاتحادية يبدو سياسياً أكثر منه قانونياً، ويُستبعد أن يتطور إلى مستوى أزمة بين الطرفين لأن القوى السياسية المشاركة في الحكومة الاتحادية تتمتع هي ذاتها بتمثيل واسع في الحكومة المحلية"، موضحاً أن "الحكومة المحلية عندما توجهت إلى المحكمة الاتحادية بالدعويين القضائيتين فإنها تريد التنصل من تقصيرها أمام سكان المحافظة عن طريق تحميل الحكومة المركزية مسؤولية ذلك التقصير، فالقضية لا تتعدى كونها ذر رماد في العيون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف "مشكلة البصرة ليست مالية بالدرجة الأولى، فالمحافظة حصلت في السابق على أموال طائلة بُدِّد بعضها على مشاريع غير مجدية تفتقر إلى أبسط مقومات التخطيط"، معتبراً أن "الدعوى القضائية الثانية التي تطعن في الاتفاقية العراقية - الأردنية يُستبعَد أن تُحسم لمصلحة الحكومة المحلية، لأن هذا النوع من الاتفاقيات الدولية يقع ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية. وإذا كانت الحكومة المحلية تخشى تضرر الموانئ بسبب الاتفاقية فالأجدر بها أن تضغط من أجل انجاز مشروع ميناء الفاو الكبير الذي يراوح في مكانه منذ سنوات".

يذكر أن البصرة شهدت خلال العام الماضي احتجاجات عارمة للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد الإداري، أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. كما أسفرت عن إحراق مقرات مؤسسات حكومية، من ضمنها ديوان المحافظة ومجلسها، ولا يستبعد مراقبون ومحللون تجدد الاحتجاجات في حال عدم إبداء اهتمام حقيقي بأوضاع البصرة وإيجاد حلول استراتيجية لأزماتها المزمنة، خصوصاً أزمة ملوحة وتلوث المياه التي تسببت خلال فصل الصيف السابق بأكثر من 100 ألف حالة تسمم استقبلتها المستشفيات العامة.

المزيد من العالم العربي