Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد فشل الاتفاق في أوبك... أسعار النفط تهوي 30 في المئة

السيناريوهات المتوقعة بين العودة للتفاهم بين المنتجين ومخاوف تعميق الخسائر

مدخل مقر منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في فيينا  (أ.ف.ب)

بوادر اشتعال حرب الأسعار في أسواق النفط تلوح في الأفق بعد فشل اتفاق أوبك + الذي استمر لمدة 3 سنوات داعماً لتوزان الأسواق، وهو ما تفاعل معه برميل النفط فورياً بخسارة نحو 10 في المئة من سعره بتعاملات الجمعة، ثم التراجع العنيف بتعاملات الاثنين بنسبة قاربت 30 في المئة.

وفي هذا الصدد، قال محللون ومتخصصون، إنه من المبكر الجزم بدخول أسواق النفط في حرب أسعار تؤدي إلى انخفاض سعر برميل لمستويات قياسية تتأثر معها ميزانيات الدول المنتجة، ولكن سيناريو اشتعال حرب الأسعار وارد وفق المعطيات الحالية.

وانتهى اتفاق بدأ نهاية عام 2016 بين أوبك وروسيا، الجمعة، بعد أن رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط بنحو 1.5 مليون برميل للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها.

وبحلول الساعة 7:17 صباحاً بتوقيت غرينتش، انخفض خام برنت القياسي بنسبة 25.45 في المئة أو ما يعادل 11.52 دولار إلى مستوى 33.75 دولار للبرميل، بأدنى مستوى منذ فبراير (شباط) 2016، وكان أدنى مستوى خلال جلسة اليوم سجل 31.27 دولار للبرميل لتتجاوز معه الخسائر أكثر من 30 في المئة.

فيما هوي خام نايمكس الأميركي بنسبة 27.45 في المئة أو ما يعادل 11.37 دولار، إلى مستوى 29.81 دولار، فيما سجل أدنى مستوى خلال الجلسة 27.34 دولار.

وتستكمل الأسعار وتيرة الهبوط التي بدأتها يوم الجمعة بعد الانخفاض 10 في المئة، حيث جدد التطور بواعث القلق من انهيار الأسعار على غرار ما حدث في 2014، عندما تنافست السعودية وروسيا على الحصص السوقية مع منتجي النفط الصخري الأميركيين، الذين لم يشاركوا قط في اتفاقات للحد من الإنتاج.

وسجلت العقود الآجلة لخام "برنت" أكبر انخفاض يومي بتعاملات الجمعة بالنسبة المئوية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2008، لتخسر 4.72 دولار بنسبة انخفاض تتجاوز نحو 9.1 في المئة وتبلغ عند التسوية 45.27 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى إغلاق لـ"برنت" منذ يونيو (حزيران) 2017.

كما هبط خام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي بنحو 4.62 دولار أو 10.1 في المئة إلى 41.28 دولار للبرميل، وهو أقل مستوى إغلاق منذ أغسطس (آب) عام 2016 وأكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014.

وجرى تداول ما يزيد على 4.58 مليون عقد للخام الأميركي لشهر أقرب استحقاق الأسبوع الماضي، وهو أكثر الأسابيع كثافة لحجم تداولات ذلك العقد على الإطلاق، فيما انخفض "برنت" و"غرب تكساس" بأكثر من 30 في المئة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية جلسة الجمعة.

وقال طارق الرفاعي، مدير مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في لندن، "لم أر قط انخفاض سعر النفط بهذه السرعة. افتتح اليوم بانخفاض 20 في المئة". وأضاف، "أصبح الركود لجميع دول مجلس التعاون الخليجي مضموناً، والسؤال الآن هو، كيف ستدير كل دولة ركودها لتفادي تحوله إلى ركود حاد؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سيناريوهات متوقعة

وقال المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي محمد الصبان، إن هناك عدة سيناريوهات متوقعة بعد انهيار اتفاق "أوبك+"، من أبرزها عودة روسيا إلى طاولة المفاوضات وأن يكون التخفيض على حسب الاتفاق، أما السيناريو الآخر هو أن تكون هناك حرب سعرية بين الرياض وموسكو.

وأضاف، أن السعودية باستطاعتها إغراق الأسواق حيث إنها لا تنتج كامل طاقتها حالياً، مؤكداً ضرورة وجود تشاور ثنائي وغيره، لا سيما في ظل المرحلة الحالية التي تعتبر "حساسة" وسط خفض الطلب العالمي للخام الذي يعود سببه الرئيس إلى تفشي فيروس كورونا الصيني.

ولفت إلى أن الموقف الروسي كان غريباً وغير متوقع حيث كان مقترحاً من قبل منظمة أوبك وبعض الحلفاء أن يكون هناك تخفيض في حدود مليون ونصف المليون يومياً، موضحاً أن منظمة أوبك كان عندها استعداد للخروج باتفاق رسمي مع روسيا بأقل من ذلك وهذا ما حدث بالواقع بما فيها شركات النفط الروسية التي كانت ضمنياً قد اتفقت على التخفيض توافقاً مع توجهات أوبك.

ولفت إلى أن المنظمة كانت تنتظر من وزير الطاقة الروسي أن يوافق رسمياً على ذلك الاتفاق الضمني، ولكن ما دفعه أسعار النفط إلى الهبوط بأكثر من 9 في المئة هو خروج روسيا غير المتوقع.

مخاوف السوق النفطية

وفي هذا الصدد قال المتخصص في شؤون النفط محمد الشطي، إن مخاوف السوق النفطية جاءت بسبب عوامل قد لا تكون هي الحقيقة ومنها انهيار تحالف المنتجين بقيادة السعودية وروسيا، وبدء مرحلة جديدة من التنافس في الإنتاج مما يعني زيادة المعروض ومعه المخزون النفطي، بجانب دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود الاقتصاد وبالتالي تراجع الطلب ليسجل حالة من الانكماش ربما تزيد على 200 ألف برميل يومياً.

وأضاف الشطي، أن انتهاء اجتماع أوبك + دون اتفاق كان نتيجة غير متوقعة وتزيد مخاوف سوق النفط من اختفاء عنصر مهم من أسباب استقرار السوق وسط استمرار التحدي المتمثل في استمرار انتشار فيروس كورونا في تهديد الطلب على النفط وعموم التجارة الدولية وبالتالي الاقتصاد العالمي.

وأوضح أن هذه المخاوف بررت حركة بيع كبيرة وهبوط غير مسبوق في الأسعار ويهبط سعر نفط الإشارة إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل ووصل إلى 45 دولاراً للبرميل، وبالتالي هذه تمثل مخاوف وليست حقائق بانتظار ظهور مؤشرات جديدة، متوقعاً أن تظل الأسعار في تقلب بالفترة المقبلة وتعاني ضغوطاً ومرشحة على الأقل إلى حركة تصحيحية من المستوى المتدني.

وتابع، "أن أوبك+ أوجد أجواء وآلية جديدة لتحقيق أسعار النفط منذ أواخر عام 2016 والتخلي عن هذا لن يكون في مصلحة أحد، والحديث عن عودة أجواء التنافس بين مختلف المنتجين والتسابق لرفع الإنتاج رغم أنها لا تقف على أرضية صلبة لأن استقرار وارتفاع الأسعار إلى مستويات مقبولة هي هدف، بسبب ما تستدعيه الموازنات والاعتماد على النفط وأي اتجاه لرفع الإنتاج يعني هبوط الأسعار إلى مستويات متدنية تصل إلى دون 40 دولاراً وربما إلى 30 دولاراً للبرميل".

وقال إن زيادة الإنتاج يضاف إلى ما ينتج، ويجب أن يتم تصريفه للإيفاء باحتياجات الطلب المأمولة، وحالياً الطلب يعاني تراجعاً كبيراً وتتأرجح التوقعات الحديثة وبعد التعديلات بين انكماش بمقدار 200 ألف برميل يومياً في 2020 إلى 500 ألف برميل.

تغليب المصلحة

ويرى المتخصص الكويتي في شؤون الطاقة  أنه في ظل تغليب المصلحة للجميع، استبعد حدوث تنافس بين المنتجين، ولكن عدم وجود اتفاق بعد 31 مارس (آذار) يترك لكل منتجي أوبك حرية الإنتاج، مع مجموعة واسعة من النتائج المحتملة، من الوضع الراهن إلى الإنتاج العالي من البلدان ذات الطاقة الفائضة، كما استبعد أعضاء أوبك الخفض الأحادي الذي لن يشمل روسيا.

وأضاف أن مختلف سيناريوهات المحتملة تشير إلى انخفاض أسعار برنت عن 40 دولاراً للبرميل او أقل بحلول أبريل (نيسان)، خصوصا إذا ما اتجهت الجهود للتصعيد من ناحية رفع الإنتاج وتقديم حسومات في الأسعار الشهرية فإنه يعني الدخول في أجواء ضغوط على الأسعار.

وعلى صعيد آخر، قال الشطي، "يجب ألا ننسى أن هذه الأجواء تدعم أسعار أقل للجازولين في فتره انتخابات أميركية قادمة، ولكنها أيضا تعني تباطؤاً في إنتاج النفط الصخري الأميركي وتأثير على الصناعة الأميركية وهو ما يقيد المعروض في السوق ويقلص صادرات أميركا من النفط الخام إلى الأسواق، وهو مؤشر إيجابي".

استمرار المناقشات غير الرسمية

وتوقع أن تتجه الأسعار إلى الانخفاض قبل التعافي، وستبقى تحت الضغط على الأرجح المدى القصير جداً، وبالرغم من فشل التوصل إلى الاتفاق فإن إعلان التعاون لا يزال قائماً وستستمر المناقشات غير الرسمية بشأن الإجراءات المستقبلية.

وبرر فشل الاتفاق بالوضع الحالي إلى عدم وجود دعم سياسي فعلي لأسعار النفط، مما يعني أن المشاركين في السوق يتوقعون استمرار تعرض الأسعار على الأرجح لتقلبات أكبر.

وفقد خام برنت أكثر من ثلث قيمته منذ بداية العام الحالي، إذ هوي إلى مستوى 45 دولاراً للبرميل، ما يضع الدول الشديدة الاعتماد على النفط تحت ضغط كبير، ويجعل كثيراً من شركات النفط الصخري وشركات طاقة أخرى بالولايات المتحدة في محنة شديدة.

في الوقت ذاته  أشار  إلى  "إن السعودية أعلنت تسعيرها الشهري بخفض الأسعار التي تبيعها من النفط الخام إلى الأسواق الخارجية، مما يوفر خصومات غير مسبوقة في أوروبا والشرق الأقصى والولايات المتحدة لإغراء مصافي التكرير على شراء الخام السعودي بسعر حساب الموردين الآخرين وهو ما يعني رفع الصادرات للعملاء في مختلف الأسواق".

 

فترة عصيبة

 

وعلى ذات الصعيد، قال أحمد حسن كرم، متخصص أسواق النفط العالمية، "إن الفترة المقبلة لأسعار النفط ستكون عصيبة جداً، فجميع المؤشرات والعوامل الاقتصادية ومعدلات النمو العالمية وأيضا ظهور فيروس كورونا أخيراً يجعل من توقعات سلبية لأسعار النفط".

وأضاف كرم، أن فشل اتفاق أوبك + سيكون بمثابة وقف للإيرادات النفطية المالية مع الانخفاضات القياسية لبرميل النفط، إلا إذا تحركت الأوبك وقامت بخفض أكبر للإنتاج مما يعمل على استقرار الأسعار عند مستويات مقبولة.

وتوقع أن تهاوي أسعار النفط بهذا الشكل ربما أيضاً نتيجة لحرب خفية تدار من قبل الدول الكبرى روسيا وأميركا والصين، وهي حرب اقتصادية تجارية يراد منها الزعامة والتحكم العالمي.

وتابع، "إن قوة وتأثير أوبك على الأسعار أصبحت محدودة نتيجة للمشكلات والخلافات الداخلية بين أعضائها. ولا بد للمنظمة إعادة الاستقرار الداخلي وإعادة الصف ومواجهة المتغيرات العالمية، وإلا فلن تكون لها هيبة ولا سيادة على أسواق النفط".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد