Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أوبك" تتخذ القرار الأصعب لأكبر تخفيض لإنتاج النفط منذ 12 عاماً

محللون: الغموض والتردد في الموقف الروسي لن يدعما الأسعار المتهاوية

اتفقت منظمة أوبك على خفض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يومياً (أ.ف.ب)

بعد اجتماع عاصف، اتفقت منظمة الدول المصدّرة النفط (أوبك)، اليوم الخميس، على خفض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يومياً إضافية في الربع الثاني من العام الحالي، لكنها جعلت الخفض الأكبر لها منذ الأزمة المالية في 2008 مشروطاً بانضمام روسيا، ودول أخرى.

واقترحت السعودية أن تخفّض أوبك وحلفاؤها، ومن بينهم روسيا، بما يصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً في الربع الثاني مع مدّ تخفيضات حالية تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا، ينتهي أجلها هذا الشهر، حتى نهاية 2020.

لكن الرياض، أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة البترول، وأعضاء آخرين في المنظمة لم يحصلوا بعد على دعم روسيا مثل هذا الاتفاق، وحتى الآن، تلمّح روسيا إلى عزمها دعم تمديد للخفض لا تعميقه.

ويقول مصدران من أوبك، إن روسيا منفتحة على تعميق التخفيضات لا مجرد تمديدها، لكن موسكو "لم تعقّب بعد".

وفي وقت سابق، أشارت مصادر من "أوبك" إلى أنّ المحادثات الأولية مع روسيا هذا الأسبوع في فيينا "أكثر صعوبة من ذي قبل".

ولدى سؤاله عمّا سيحدث إذا رفضت روسيا الانضمام إلى الخفض الجديد عند اجتماع أوبك وروسيا والمنتجين الآخرين من خارجها غداً الجمعة، قال مصدر من "أوبك"، إن هذا "التصوّر الأسوأ هو (مجرد) التمديد"، لكن في حالة الموافقة على الخفض المقترح من "أوبك"، فسيكون هذا عند الحد الأقصى من توقعات السوق.

"كورونا" أحدث وضعاً غير مسبوق
وفي بيان لها بعد انتهاء اجتماع وزرائها، قالت "أوبك" إنّ تفشي فيروس كورونا أحدث "وضعاً غير مسبوق"، ومخاطر بما تستلزم تحركاً ومزيداً من المراقبة المستمرة.

وحسب بيان المنظمة، "كان لتفشي كورونا تأثير سلبي كبير في توقعات الطلب العالمي على النفط في عام 2020، خصوصاً الربعين الأول والثاني".

وأضافت، أن الوزراء اتفقوا على خفض إضافي للإمداد قدره 1.5 مليون برميل يومياً حتى يونيو (حزيران) المقبل، ومِن المتوقع أن تسهم الدول من خارج المنظمة بـ500 ألف برميل يومياً منها.

وقالت المنظمة، إن هذا سيكون إضافة إلى تمديد القيود القائمة على الإمدادات لنهاية 2020.

وأكدت المنظمة، التركيز المستمر على أساسيات سوق النفط المستقر والمتوازن، لصالح المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي.

واستعرض المؤتمر الوزاري تقرير وتوصيات لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، وناقش تطورات سوق النفط منذ اجتماعه الأخير بفيينا في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2019، كما استعرض آفاق سوق النفط للفترة المتبقية من العام الحالي.

وتوقعت "أوبك" أن يصل نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2020 إلى 480 ألف برميل يومياً، منخفضاً عن 1.1 مليون برميل يومياً في ديسمبر 2019، لذلك فإنّ الوضع غير المسبوق وديناميكيات السوق المتغيرة باستمرار يعنيان أن المخاطر تميل إلى الجانب السلبي.

تجدر الإشارة إلى أنّ آخر مرة خفّضت فيها أوبك الإمدادات بمثل هذا القدر قبل 12 عاماً عندما قلّصت الإنتاج 4.2 مليون برميل يومياً في مواجهة تباطؤ الطلب بفعل الأزمة المالية العالمية.

وقالت "أوبك"، إنها ستعقد اجتماعاً وزارياً آخر في التاسع من يونيو (حزيران).

ضغوط كبيرة على ميزانيات الدول المنتجة
وتخلّت أسعار خام "برنت" عن مكاسب ليجرى تداولها قرب 51 دولاراً للبرميل بعد أن زادت في البداية 0.6 في المئة على خلفية أنباء خطة خفض "أوبك"، ما يلقي الضوء على الضبابية التي تكتنف التأثير الحقيقي للفيروس في الطلب العالمي في ظل تواصل انتشاره.

ويجعل تراجع أسعار النفط هذا العام بنحو 20 في المئة من الصعب بالنسبة إلى دول "أوبك" ضبط موازناتها العامة، بينما تقول موسكو إن بإمكانها التكيف مع الأسعار الحالية.

وتضرر الطلب على النفط بشدة بفعل تفشي فيروس كورونا، وجرى خفض التوقعات السابقة لنمو الطلب على الخام في 2020، إذ تقلّص نشاط المصانع والسفر وأنشطة اقتصادية أخرى في أنحاء العالم بسبب الإجراءات الهادفة إلى وقف انتشار الفيروس.

ويجعل تراجع أسعار النفط هذا العام بنحو عشرين في المئة من الصعب بالنسبة إلى دول "أوبك" ضبط موازناتها العامة، بينما تقول موسكو إنّ بإمكانها التكيف مع الأسعار الحالية، وسيعني خفض إضافي بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً من "أوبك +" أن يصبح إجمالي تخفيضات الإنتاج التي تطبقها المجموعة 3.6 مليون برميل يومياً، بما يعادل نحو 3.6 في المئة من الإمدادات العالمية.

ولم يبدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي التقى نظيره الروسي ألكسندر نوفاك في فيينا أمس الأربعاء، الضبابية السائدة في السوق بشأن التقدم في المفاوضات.

وعندما سُئِل عن توقعات التوصل إلى اتفاق، قال الوزير السعودي للصحافيين، "سيكون علينا أن نرى اليوم وغداً".

تراجع كبير في الطلب العالمي على النفط
ومن المقرر أن تعقد "أوبك" مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع "أوبك +" يوم الجمعة المقبل، وتتوقع "أوبك" مشاركة غير الأعضاء بمقدار 0.5 مليون برميل يومياً في التخفيضات المقترحة.

بينما قالت مصادر مطلعة، إنّ روسيا وافقت من حيث المبدأ على خفض إنتاج النفط، لكن الخلاف ليس على مقدار الخفض.

وفي هذا الصدد، قال المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي محمد الصبان، إن "تخفيضات (أوبك +) لن تكون بمستوى 1.5 مليون برميل يومياً"، فهذه "أُمنية" من الصعوبة، لن تتحقق خصوصاً في ظل معارضة روسيا وكازاخستان مثل هذا المقترح.

وأكد، أن تراجع الطلب العالمي على النفط تأثر بشدة بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا، خصوصاً أن الصين وكوريا الجنوبية هما الأكثر تأثراً، وفي الوقت نفسه هما وراء زيادة أو استقرار حجم الطلب العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع تأثر الطلب العالمي بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا، تراكمت المخزونات، وعادت ظاهرة تخمة المعروض النفطي، ما تسبب في تهاوي الأسعار من مستوى 66 دولاراً للبرميل، قبل ظهور "كورونا" إلى مستوى 49 دولاراً في تعاملات اليوم الأربعاء.

وأضاف الصبان، "اللجنة الفنية لـ(أوبك) كانت اقترحت تخفيضاً بين 600 ألف برميل إلى مليون برميل، وأعتقد أن هامش المناورة مع روسيا وغيرها من دول التحالف سيكون في هذا الإطار، ولا يتجاوز أكثر من مليون برميل يومياً".

وتابع، "نقدّر تخوفات روسيا للحفاظ على نصيبها بالأسواق الدولية، ولا تتنازل لهذا النصيب للمنتجين من خارج التحالف، وفي الوقت نفسه جميع دول تحالف (أوبك +) هم أكثر حاجة إلى أسعار مرتفعة للبرميل، والحفاظ على حصتهم بالأسواق لتحقيق إيرادات جيدة لموازناتها".

وأشار إلى أن روسيا تقدّر سعر التعادل لميزانيتها عند 42 دولاراً للبرميل، وإذا استمرت معارضة روسيا وعدم التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تدهور الأسعار لمستويات أقل من 50 دولاراً للبرميل، ما يعني خللاً كبيراً بالأسواق، وهو ما لا يرغب فيه كل المنتجين بمن فيهم روسيا.

وتوقّع المستشار الدولي، أنّ الاتفاق على تعميق خفض الإنتاج بنحو 600 ألف برميل قد يكون مناسباً للجميع، وهو ما قد يصل إليه بنهاية الاجتماعات، لكن الأهم هو الالتزام التام باتفاق خفض الإنتاج، لكي يعطي الانطباع للأسواق أن "تحالف (أوبك) جاد لتحقيق الاستقرار لأسواق النفط".

وقال الصبان، "التحالف لا يمكن أن يخرج من دون اتفاق، لأنه لا يمكن السماح للأسعار بأن تنخفض بشكل كبير بالفترة المقبلة، وقد يأتي الاتفاق بالساعة الأخيرة لاجتماع الغد بالنزول لرغبات الجميع، وقد يكون هناك حل وسط يُرضي جميع الأطراف".

ويرى أن وجود روسيا مهم جداً، ولا بدّ أن تستمر في هذا التحالف، وإذ لم توافق على المقترحات جميعها ربما يعطي ذلك انطباعاً سيئاً للأسواق بأن التحالف "غير قادر على تحقيق الاستقرار".

ورجّح الصبان، أن التخفيض الذي سيجريه تحالف (أوبك +) إذ كان في حدود 600 ألف برميل يومياً، فإنه سيعطي فرصة أن يعود التحالف في ما بعد إذ لم يتحقق استقرار أسواق النفط في الفترة المقبلة.

غموض وتردد في الموقف الروسي
وفي ما مضى، أبدت موسكو، التي تتعاون على صعيد سياسة الإنتاج منذ 2016 في إطار مجموعة غير رسمية تعرف باسم (أوبك +)، تردداً خلال المفاوضات، لكنها كانت تشارك في اللحظات الأخيرة.

وأشارت مصادر من "أوبك" إلى أن المحادثات الأولية مع روسيا هذا الأسبوع في فيينا أكثر صعوبة من ذي قبل، ويجعل تراجع أسعار النفط إلى نحو 51 دولاراً للبرميل من الصعب بالنسبة إلى دول أوبك ضبط موازناتها العامة، بينما تقول موسكو إن بإمكانها التكيف مع الأسعار الحالية.

ووفقاً لوكالة "رويترز"، توقّع مصدران في "أوبك"، أن يمرّ اجتماع وزراء "أوبك" في فيينا بسلاسة، وباتفاق على خفض كبير، قد يفوق المليون برميل يومياً، لكن مصدراً ثالثاً قال إنّ توزيع الحصص ربما يكون صعباً، بيد أنّ خفضاً كبيراً مثل هذا سيتوقف على روسيا.

وعاد وزير الطاقة الروسي إلى موسكو، أمس، للتشاور، لكن من المقرر أن يعود إلى فيينا غداً الجمعة لحضور اجتماع (أوبك +) الأوسع نطاقاً، ولم يصدر نوفاك أي تصريح خلال رحلته هذا الأسبوع لفيينا.

وقال إحسان خومان، من ميتسوبيشي يو.إف.جي، "توقعاتنا أنه ستطرح (أوبك +) استراتيجية معقولة ومتسقة لحجب مزيد من البراميل، وهو ما تحسب السوق حسابه"، مضيفاً أن "إجراءات تحفيز من الحكومات والبنوك المركزية في أنحاء العالم ستساعد في طمأنة الأسواق".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد