من المقرر أن يخضع الإرهابيون لاختبارات جهاز كشف الكذب بعد الإفراج عنهم، كجزء من "مراجعة شاملة" رداً على الهجوم الإرهابي الذي وقع على "جسر لندن".
وتشمل المقترحات التي يعلن عنها اليوم زيادة أحكام السجن ضد الضالعين بالإرهاب "الأكثر خطورة"، وإنهاء الإفراج المبكر عنهم ومضاعفة عدد ضباط المراقبة الاختصاصيين المعنيين برصد تحركاتهم بعد خروجهم من السجن.
وتأتي هذه التغييرات بعد مقتل شخصين على يد أسامة خان، الإسلامي المتطرف الذي سبق وأن سجن لتورطه في المشاركة بخطة تفجير قنبلة عام 2012، وذلك خلال جلسة إعادة تأهيل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وشن خان هجومه مستخدماً حزاماً ناسفاً زائفاً، ارتداه أيضاً سجناء متهمون بالقيام بهجوم إرهابي داخل سجن تحت حراسة مشددة هذا الشهر.
وجاء الشروع بالمراجعة أولاً بضباط الشرطة والمراقبة الذين كان من المفترض أن يتعقبوا خطوات خان بعد الإفراج المشروط عنه، لكن هيئة معنية بالرقابة حذرت من أن المسؤولين في كل البلاد قد فشلوا في تدقيق ما إذا كان الضالعون في أنشطة إرهابية يكذبون عند خروجهم من السجن.
ووفق المقترحات الجديدة سيستخدم ضباط المراقبة اختبارات جهاز الكشف عن الكذب حين يسألون الإرهابيين المطلَق سراحهم عن نشاطاتهم وعن شروط الترخيص (التي وفقها أفرِج عنهم).
وقد أثيرت شكوك حول دقة هذه الاختبارات، التي تُستخدم حالياً مع مرتكبي الجرائم الجنسية في بريطانيا، وتقيس العلامات المفترضة للخداع بما فيها التغييرات التي تطرأ على ضغط الدم والتنفس.
وفي هذا السياق، علمت اندبندنت أن نتائج جهاز الكشف عن الكذب وحدها لن تستخدم لإعادة إرهابي ما إلى السجن لكن يمكن استخدامها لتنفيذ فحوصات إضافية أو تعزيز إجراءات الإشراف على نشاطاته خارج السجن.
وكان تقييم جامعة كَنْت لاختبارات جهاز الكشف عن الكذب على مرتكبي الجرائم الجنسية عام 2012 قد وجد أنها "تزيد من احتمال اتخاذ المسؤولين المعنيين إجراءات وقائية لحماية الجمهور من الأذى."
من جانبها، أفادت بريتي باتيل وزيرة الداخلية بأن الهجوم على "قاعة فيشْمونغَرز" (الذي قام به أسامة خان) جعل الحكومة تواجه "بعض الحقائق الصادمة عن الكيفية التي نتعامل وفقها مع الجناة الإرهابيين."
وقالت باتيل: "نحن أعلنا مباشرة عن مراجعة للأحكام وشروط الترخيص بالإفراج المبكر، والقيام بأي شيء ضروري لمنع وقوع هذه الهجمات المقززة".
وأضافت "نحن اليوم نفي بتلك الوعود، بإعطاء ضباط الشرطة والمراقبة الموارد التي يحتاجون إليها للتحقيق مع الجناة وتعقبهم، وفرض أحكام أقسى، والشروع في مراجعات شاملة للكيفية التي تتم وفقها إدارة الجانحين بعد الإفراج عنهم."
وتأتي هذه الإجراءات بعد كشف صحيفة الاندبندنت عن وجود ما يصل إلى 800 متطرف في السجون البريطانية حالياً، حيث يُسمَح للإرهابيين بالتشبيك وتحويل الآخرين إلى التطرف.
لكن "مشروع مكافحة الإرهاب" الجديد الذي تنوي الحكومة البريطانية طرحه لا يتضمن إجراءات لتقييم برامج إزالة التطرف المستخدم داخل السجون، أو تدارس تأثير إطالة فترات البقاء في السجن.
وقالت وزارة العدل إن الإرهابيين الذين تصدر ضدهم أحكام ممددة بالسجن سيُجبَرون على قضاء كل الفترة المقررة لهم وراء القضبان وأولئك الذين أُثِّموا بـ"جرائم خطيرة" مثل التخطيط لهجمات إرهابية سيقضون، وبشكل إلزامي، ما لا يقل عن 14 سنة في السجن.
وعلمت الاندبندنت أن هذا الرقم اختير لأنه يبدو "مناسبا" بعد مراجعة أحكام السجن، وأن الحكومة لم تقرر أياً من الجرائم سينطبق على مرتكبيها قضاء الفترة الأدنى من العقوبة في السجن.
كذلك، يحتوي مشروع الحكومة الجديد هذا على خطط لزيادة عدد الاختصاصيين في علم النفس، وبالخصوص زيادة عدد الأئمة المدرَّبين الذين يقومون بإزالة التطرف من عقول النزلاء وتقييم الخطورة داخل السجن.
وقالت الحكومة إنها ستزيد من الموارد المكرسة لتدريب موظفي السجون والمراقبة (للمفرج عنهم بترخيص) المسؤولين أيضاً عن رصد التطرف.
ويزيد مشروع القانون الجديد من عدد الأماكن في دور المراقبة (المخصصة لسكن الجانحين بعد خروجهم من السجن بترخيص)، كي تستطيع السلطات مراقبة الإرهابيين عن كثب بعد الإفراج عنهم مباشرةً من السجن.
وفيما يخص النقص الكبير في الكادر العامل في "دائرة المراقبة الوطنية" قالت الحكومة إنها ستضاعف عدد الضباط المتخصصين في مكافحة الإرهاب وتزودهم بمجموعة جديدة من المعايير المطبقة على مستوى الوطن لتكثيف مراقبة الإرهابيين بعد الإفراج المشروط عنهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المقرر الإعلان عن الشروع في مراجعة مستقلة لنظام "ترتيبات الحماية العامة متعدد الوكالات"، الذي يُستخدَم مع جناة خطيرين مثل أسامة خان لربط الشرطة ودائرة المراقبة والبلديات ودوائر الأمن بعضها ببعض.
في المقابل، أفادت دايان أبوت، وزيرة الداخلية في حكومة الظل العمالية، بإن المراجعة ليست سوى "اعتراف بالفشل".
وقالت إن "فظائع الإرهابيين الكبيرة وقعت كلها بشكل متكرر كثيراً خلال فترة قصيرة، بما فيها الهجمات التي قام بها جناة معروفون لدى دوائر الأمن".
وأضافت أبوت أن "محاربة الإرهاب قد تقوضت بسبب تقليص عدد العاملين في حفظ الأمن بمن فيهم أولئك العاملون في حفظ أمن الكيانات المجتمعية، وغياب تنسيق فعال بين الشرطة ودوائر الأمن إضافة إلى استراتيجية برنامج "التفادي" المشوبة بالعيوب. كل هذه الجوانب تحتاج إلى تغيير إذا كنا نريد تحسين سلامة المواطنين."
أما الديمقراطيون الأحرار فاعتبروا هذا التشريع المقترح "غير ضروري ورجعي" مشيرين إلى أن عقوبات السجن المؤبد يمكن استعمالها الآن ضد المخططين لهجمات إرهابية.
وفي هذا الصدد قالت كريستين جارداين، النائبة عن الديمقراطيين الأحرار، والمتحدثة في شؤون الأمن: "لو أنكم تستطيعون إيقاف الإرهاب عن طريق تمرير قوانين غير ليبرالية جديدة، لكان حزب المحافظين قد انهاه منذ وقت طويل... نحن بحاجة إلى سياسات قائمة على الأدلة لا إلى عناوين (مانشيتات) رخيصة."
وقالت الحكومة إنها ستزيد من تمويل الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في بريطانيا بمقدار 90 مليون جنيه إسترليني خلال عام 2020-2021، وستقدم دعماً مالياً إضافياً يصل إلى نصف مليون جنيه لصالح ضحايا الإرهاب.
لكن رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة، "المفوض المساعد" نيل باسو، دعا إلى موارد إضافية أخرى تقدم لمنع التطرف.
وقال إنه على الرغم من مساندة الشرطة لزيادة مدد عقوبات البقاء وراء القضبان فإن زيادة في التمويل ستكون موضع ترحيب، فالتحدي الرئيسي كان الزيادة الهائلة في عدد التحقيقات.
وأشار باسو إلى أن "الطريقة الوحيدة التي ستمكننا من عكس اتجاه تصاعد الأعمال الإرهابية هو وقوفنا وراء الاستراتيجية الوحيدة التي تسعى إلى حرف الأفراد عن التطرف العنيف في المقام الأول، وهذا يتمثل بدعم استراتيجية (التفادي)"، (التي تشرك البلديات والمدارس وغيرها من المؤسسات الاجتماعية لتطوير مشاريع تقلص من مخاطر تحول الأشخاص إلى النشاط الإرهابي).
وأضاف رئيس مكافحة الإرهاب أنه "سواء كانت (استراتيجية التفادي) تسعى إلى إيقاف شخص من اتباع طريق صوب الإرهاب، أو تأمَل في تأهيل أولئك المدانين حاليا، وإزالة التطرف لديهم، فإن أملنا الأفضل يكمن في تقليص التهديد على أمد طويل".
وكانت الحكومة قد أعلنت عن مراجعة مستقلة لاستراتيجية "التفادي" كجزء من مجموعة أخرى من القوانين المخصصة لمحاربة الإرهاب، في يناير(كانون الثاني) الماضي، لكن رئيس الهيئة المعنية بإدارتها استقال وسط طعن قانوني لها ولم يتم اختيار بديل عنه.
وفي هذا السياق، دعا برندان كوكس، أحد المؤسسين لمنظمة "الناجون ضد الإرهاب" الحكومة للمضي أبعد من المراجعة بمساندة ودعم قانون يحمي حقوق الناجين من الأعمال الإرهابية.
وأضاف أنه "حين يضرب الإرهاب يتوقع الجمهور أن تكون هناك عناية بالناجين والعائلات المنكوبة – مع ذلك فإن الكثير من الناجين تعرضوا للنسيان."
© The Independent