Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلافات موسكو وأنقرة في سوريا تلقي بظلالها على الأزمة الليبية

روما تستنجد بواشنطن لحل النزاع الدائر في هذا البلد

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الأممية في ليبيا غسان سلامة (أ.ب)

في إطار المساعي الهادفة إلى تثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس، اختتمت اللجنة العسكرية المشتركة، التي انبثقت عن مؤتمر برلين وتضمّ خمسة ممثلين عن كلّ من طرفي النزاع الليبي، اجتماعاتها في جنيف الخميس في السادس من فبراير (شباط). وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الأممية في ليبيا غسان سلامة إن "تفاصيل وقف إطلاق النار في ليبيا لا تزال قيد النقاش".

وفي مؤتمر صحافي، قال سلامة إن "وقف إطلاق النار يتطلب التزاماً من طرفي الصراع"، مؤكداً مواصلة العمل معهما لتثبيت الهدنة. وأمل في مشاركة جميع الأطراف الليبية في الحوار السياسي الذي سيقام في نهاية الشهر الجاري.

وفي ما يتعلّق بإغلاق موانئ النفط، قال سلامة "نتواصل مع قيادات الشركة الوطنية للبترول في ليبيا حول استئناف تصدير النفط"، مضيفاً أنه يتوقّع أن يتسلم اليوم قائمة مطالب من زعماء قبائل في شرق ليبيا لإعادة فتح موانئ النفط.

وبعد تقارب غير مسبوق في الرؤى بين موسكو وأنقرة في الأيام والأسابيع الماضية، بشأن الأزمة الليبية، بدأت انعكاسات الخلافات التي تفاقمت بين الطرفين في إدلب السورية تفرّق هذه الرؤى مجدداً، وتعيد ليبيا ساحة لتصفية الحسابات السياسية بينهما، وهو ما أكدته الأنباء التي سربتها وسائل إعلام دولية عن عرقلة روسيا قراراً في مجلس الأمن يمنح مقررات برلين غطاء دولياً يحميه بسبب التوصيفات للمقاتلين الذين ترسلهم تركيا إلى طرابلس.

وكان التقارب الروسي التركي الذي نشأ بعد اتفاقية الغاز التي وقعها الطرفان أخيراً، قاد إلى تعزيز التعاون بينهما للبحث عن حلول سلمية للأزمة الليبية، وأدى إلى انعقاد مؤتمر موسكو حول ليبيا، والذي نجم عنه اتفاق بين أطراف الأزمة على هدنة عسكرية ما زالت قائمة إلى اليوم، ما عُدّ إنجازاً ونجاحاً دبلوماسياً للطرفين فشلت في تحقيقه كل القوى الدولية ذات العلاقة بأزمة ليبيا منذ اندلاع معركة طرابلس.

موسكو تعرقل مسودة لندن

واعترضت روسيا على مشروع قرار بريطاني حول ليبيا، كان يمكن أن يُعرض على التصويت في مجلس الأمن الدولي، وفق مصادر دبلوماسية مطلعة، وكان متوقعاً أن يطرح النص الذي عُرض على أعضاء مجلس الأمن على التصويت في الساعات الـ 24 المقبلة، في حال عدم تسجيل اعتراض من أي الدول الأعضاء قبل انقضاء مهلة تنتهي الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينيتش الخميس السادس من فبراير (شباط) 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية التعديلات التي طلبت روسيا إدخالها وتشمل تعديل فقرة "قلق المجلس إزاء الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا، واستبدال عبارة مرتزقة بمقاتلين إرهابيين أجانب"، وقال مصدر دبلوماسي إن "روسيا وجنوب أفريقيا طلبتا إدخال تعديلات على النص البريطاني".

وعلى خلفية هذه المطالب، بات النص البريطاني أمام احتمالين، إما إجراء محادثات جديدة بين أعضاء مجلس الأمن، وإما إصرار بريطانيا على إجراء التصويت على مسودتها، التي يمكن أن تستخدم روسيا حق النقض لمنع إقرارها.

وعلق الصحافي الليبي مجدي بوطرة لـ "اندبندنت عربية" على الموقف الروسي الجديد في مجلس الأمن، وانعكاسات الخلافات الروسية التركية على الأزمة الليبية قائلاً "مرة أخرى تتحول الأزمة الليبية إلى ساحة خلفية "للعراكات الدبلوماسية" على حساب التقدم في مسار الحلحلة، والطلب الروسي المسرّب بتعديل جمل بسيطة في البيان، يسعى إلى تغيير كبير جداً في معناه يضع أنقرة في مرمى اتهامات خطيرة ".

وأوضح بوطرة أن "تغيير الجملة التي طلبت روسيا تعديلها من نقل المرتزقة إلى ليبيا لنقل "إرهابيين أجانب" يحمل فارقاً يوجه اتهامات مباشرة إلى أنقرة بدعم الإرهاب العابر للحدود، وليس فقط دعم طرف على حساب طرف في أزمة داخلية، وهكذا تستخدم الكلمات الصغيرة في المحافل الدولية في الحروب السياسية بين الدول".

ويُندد مشروع القرار البريطاني المعدّل بـ "التصاعد الأخير للعنف، ويدعو الأطراف إلى التزام وقف دائم لإطلاق النار"، كما يدعو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إبداء "رأيه بشأن الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار "وتقديم" مقترحات من أجل مراقبته بشكل فعّال". ويشير مشروع القرار إلى أهمّيّة دور "الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي في حل النزاع الليبي، على عكس المسودة الأولى لمشروع القرار، التي اكتفت بالإشارة إلى أهمية دور الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية في حل هذا النزاع".

اتفاق هش بلا غطاء دولي

وحذر المستشار السياسي السابق للحكومة الليبية في شرق ليبيا فوزي نجم من تبعات عرقلة موسكو مشروع المسودة البريطانية في مجلس الأمن قائلاً لـ "اندبندنت عربية" إن "إفشال مشروع المسودة سيؤدي إلى ترك مقررات برلين بلا غطاء دولي يحميها، ويعطيها الصفة الموجبة والإلزامية لكل الأطراف ما يجعل الاتفاقات الناجمة عنها هشة وبلا فائدة"، وأضاف "مؤتمر برلين، كل المؤشرات تدل إلى كونه فرصة أخيرة لحل سلمي للأزمة الليبية برعاية دولية، وسقوطه يعني سقوط السلام في ليبيا والمنطقة، لأن حجم التدخلات الخارجية ستختلف بعد برلين عما كانت عليه قبلها شكلاً وموضوعاً".

روما تستنجد بواشنطن

وفي رد على التطورات الأخيرة الخاصة بقرار مجلس الأمن والمساعي الروسية إلى عرقلته، أطلق وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو تصريحات استنجد فيها بالتدخل الأميركي لحل الملف الليبي المعقد، وقال "هناك حاجة لرسالة واضحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية بشأن ليبيا".

وتعتبر إيطاليا من بين الدول المهددة بشدة من النتائج المحتملة لارتدادات الأزمة حال انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة إذا تعثرت المسارات السلمية وجهود الحل السياسي.

إحباط تهريب أسلحة إلى طرابلس

ونشرت وسائل إعلام إيطالية تفاصيل جديدة حول قضية سفينة الشحن "بانا" التي تحمل العلم اللبناني المحتجزة في "ميناء جنوى" منذ 28 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد الاشتباه في تهريبها أسلحة من تركيا إلى ليبيا، وكشفت المصادر أن "المدعي العام الإيطالي ماركو زوكو وجه تهمة الإتجار غير المشروع بالسلاح إلى قبطان السفينة اللبنانية التي استخدمتها تركيا في نقل أسلحة إلى ميناء طرابلس"، وأضافت "التحقيقات أظهرت تعمد السفينة الاختفاء عن أجهزة التتبع الملاحي، وهي في الطريق إلى العاصمة الليبية لنقل أسلحة تركية لصالح حكومة الوفاق".

وضبطت العملية بمحض الصدفة عدما توقفت السفينة في ميناء جنوى الإيطالي نهاية الشهر الماضي، بسبب عطل لغرض الصيانة، قبل خروج الضابط الثالث بالسفينة طالباً اللجوء في إيطاليا والحماية، وقال إن لديه معلومات وفيديو عن تهريب أسلحة ودبابات وآليات على متن السفينة من تركيا إلى ليبيا، وهو ما أدى إلى إحباط العملية واعتقال طاقم السفينة.

ويرى مراقبون للتطورات الأخيرة المتعلقة بالأزمة الليبية أن نجاح أو فشل مجلس الأمن في منح غطاء دولي لاتفاق برلين يحمي مقرراته ويعاقب مخالفيه، ستكون له انعكاسات كبيرة على المسار التفاوضي الليبي الليبي الذي انطلق في جنيف عبر المسار الأمني، مرجحين أنه إذا أمن طرفا الأزمة تهديد العقوبات الدولية سيديران ظهرهما للحوار، لعدم توافقهما على نقاط كثيرة مطروحة على الطاولة، بينما التلويح بعقوبات واضحة على الطرف المعرقل قد يجبر الطرفين على تقديم تنازلات تفضي إلى تفاهمات تعزز فرص الحل السياسي للأزمة المعقدة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي