Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديدات الاقتصاد العالمي تتسارع فهل تصل إلى "كارثية"؟

"كورونا" يزيد من ضبابية التوقعات... ومخاوف المستثمرين من فوز "ترمب" قائمة

رجل يرتدي قناع الوجه كإجراء وقائي في أعقاب تفشي فيروس كورونا (أ.ف.ب.)

في الوقت الذي قال فيه المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، لاري كودلو، إن تداعيات فيروس "كورونا" على الاقتصاد العالمي لن تصل حد الـ"كارثة"، حذر مصرف "غولدمان ساكس" من أن هناك أضراراً سيخلفها الفيروس الصيني على معدلات النمو العالمي، وإن كانت هذه التأثيرات "متواضعة". وقدّر المصرف أن المتوسط السنوي لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العام الحالي سينخفض ما بين 0.1 و0.2 نقطة مئوية.

وقال المسؤول الأميركي، في تصريحات أمس، إن تفشي فيروس كورونا سيكون له على الأرجح بعض التأثير على سلاسل الإمداد للولايات المتحدة، لكن التأثيرات لن تكون كارثية. وأضاف "الأمر ليس كارثيا. ليست كارثة. واجهنا هذا سابقا وأعتقد فقط أن التأثير ضئيل".

لكن ربما تكون هذه الاستنتاجات صحيحة بنسبة كبيرة حال عدم وجود أزمات عدة يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، لكن مع استمرار الأزمات التي بدأت معالمها في الظهور خلال العام الماضي وما دار من توقعات حول احتمالية حدوث ركود عالمي، فإن هذه التوقعات ربما لا تكون في محلها، وأن الاقتصاد العالمي في اختبار حقيقي وأزمة كبيرة بالفعل.

10 مخاطر أبرزها الركود الاقتصادي

وفقاً للرؤية التحليلية التي أعدتها شركة الأبحاث "جافيكال دراجونوميكس"، فإن هناك 10 مخاطر قائمة بالفعل ويمكن أن تثير أكبر قدر من المشاكل الاقتصادية والمالية خلال العام 2020. وهذه ليست توقعات، حيث إن استمرار التوسع العالمي أمر أكثر احتمالاً من أيّ مزيج من هذه النكسات، كما أنها ليست أمورا مفاجئة، والتي بحكم تعريفها من المستحيل التنبؤ بها.

ويكمن الخطر الأصغر في الأمر الذي يتوقعه العديد من الاقتصاديين كل عام، في "ركود الاقتصاد العالمي"، بسبب الأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية أو الصين، التي أصبحت في أزمة كبيرة مع استمرار انتشار فيروس "كورونا" وإغلاق العديد من المدن الصينية، وبخاصة الصناعية منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التحليل أشار إلى أن الركود الاقتصادي أمر حتمي، لكن حدوثه في عام 2020 مقارنة مع أي من السنوات العشر السابقة يعتبر أقل احتمالاً. ففي حين أن الاستثمار وقطاع الصناعة في كافة أنحاء العالم عانا من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن سياسات الاقتصاد الكلي في البلدين دعّمت الإسكان والخدمات والإنفاق العام.

ومن المفترض أن يستمر الاقتصاد العالمي في الاستفادة هذا العام من الرياح الداعمة الناجمة عن خفض معدلات الفائدة الأميركية في العام الماضي وجهود الصين في تعزيز النمو الاقتصادي إلى 6%.

وفي ظل غياب بعض الصدمات الجديدة القوية، فإنه من المستبعد للغاية أن يحدث الركود الاقتصادي خلال العام 2020.

مخاطر "ضئيلة" من ارتفاع أسعار الفائدة

في السياق ذاته، رصد التحليل مخاطر "ضئيلة" من ارتفاع معدلات الفائدة، حيث إن العديد من المستثمرين والشركات يشعر بالقلق من أن بيئة معدلات الفائدة المنخفضة اليوم قد تنتهي قريباً، في الأقل في الولايات المتحدة.

ومن المرجح أن يشهد معدل التضخم ومعدلات الفائدة طويلة الأجل ارتفاعاً نسبياً في العام الحالي، لكن من شبه المستبعد تقريباً أن البنوك المركزية ستقوم بتشديد السياسة النقدية، بخاصة وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يقود عدم تشديد السياسة النقدية ولن يقوم بزيادة معدلات الفائدة في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وفي أوروبا، بدلاً عن التسبب في وباء التشكك في الاتحاد الأوروبي والتكامل الأوروبي، كانت عملية مغادرة المملكة المتحدة لعضوية الاتحاد الأوروبي (البريكست) بمثابة التطعيم. لأنه حتى القادة الشعبويين في إيطاليا وفرنسا وألمانيا يبدو أنه قد تم ردعهم بسبب تجربة الـ"بريكست"، كما أن مفاوضات الصفقة التجارية بعد عملية الخروج ستعزز التصورات السلبية للأوروبيين حول هذه العملية.

لكن السياسة في العادة تكون متقلبة، بخاصة في إيطاليا، وبالتالي فإن أزمة منطقة اليورو التي تقودها دوافع سياسية ستظل بمثابة خطر منخفض، لكن لا يستهان به. وعلى الرغم من أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة جذبت أكبر قدر من الاهتمام في عام 2019، فإن أوروبا كانت في الواقع الحلقة الأضعف في الاقتصاد العالمي.

وأخيرا، استقر أداء اقتصاد أوروبا كما تحسنت السياسة بشكل كبير مع استئناف البنك المركزي الأوروبي برنامج التيسير الكمي، فضلاً عن تحول المعنويات السياسية ضد التقشف المالي. لكن اقتصاد ألمانيا لا يزال يواجه أزمة وجودية، كما أن السياسيين في أوروبا لديهم سجل متواصل من الجهود الحمقاء لخفض عجز الموازنة في الوقت الذي تكون اقتصادياتهم بحاجة للدعم المالي.

وبالتبعية، يظل الركود الاقتصادي الأوروبي يشكل أكبر مخاطر أمام الاقتصاد العالمي في عام 2020، كما كان الوضع خلال العام الماضي.

اضطرابات كبيرة ومستمرة تضغط على قطاع الطاقة

التحليل توقع أيضاً حدوث اضطرابات كبيرة في الطاقة، حيث إنه منذ الاغتيال الأميركي للقائد الإيراني "قاسم سليماني"، ما زالت الأسواق المالية تشعر بالقلق إزاء التصعيد نحو الحرب وحدوث قفزة مفاجئة في أسعار النفط. وسبق كل حالة ركود اقتصادي عالمي في غضون الـ50 عاماً الماضية، تضاعف أسعار النفط رغم أنه ليس كل زيادة بمقدار الضعف في أسعار النفط تعقبها ركود.

ومن أجل مضاعفة أسعار النفط على أساس سنوي، فإن أسعار النفط يجب أن تصعد أعلى 110 دولارات.

وهذا أمر غير مرجح الحدوث، لكنه محتمل حال تسبب الحرب بين الولايات المتحدة وإيران في وقف شحن الخام في الخليج، وبالتالي فإن الركود الناجم عن النفط يمثل خطراً معتدلاً.

ويوجد أيضاً خطر معتدل من زيادة الحمائية، حيث إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين كانت بمثابة هاجس في السوق لفترة طويلة بما يكفي لتسعير الأنباء السيئة إلى حد كبير، كما أن اتفاق المرحلة الأولى يشير إلى عدم وجود مزيد من التصعيد هذا العام.

حرب تجارية قائمة بين أوروبا والولايات المتحدة

وعلى الرغم من إسدال "جزئي" للستار على أزمة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، لكن لا يزال يلوح في الأفق العديد من المخاطر التجارية، بخاصة بالنسبة إلى أوروبا، والتي عرضة لانهيار المحادثات بشأن البريكست أو إلى تحويل اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الحمائية نحو الإلكترونيات الصينية إلى السيارات الألمانية.

ومن المحتمل أن ينشغل الرئيس الأميركي كثيراً هذا العام بالمواجهة الإيرانية والانتخابات المقرر عقدها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، عن بدء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت ذاته، فإن العلاقات التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستبقى دون تغيير تماماً حتى 31 ديسمبر (كانون الأول). ونتيجة لذلك، فإن الحمائية العالمية أصبحت في العام الحالي أمراً أقل خطورة مما كانت عليه في عامي 2018 و2019.

ويوجد نوعان من المخاطر المعتدلة أمام النمو الاقتصادي هذا العام، أحدهما يكمن في أن معدلات الديون للشركات الأميركية ارتفعت لمستويات غير مسبوقة، والتي تتجاوز بكثير المستويات المسجلة قبل الأزمة المالية. لكن هذا أمر غير مفاجئ، بالنظر إلى أن معدلات الفائدة لم تكن عند هذه المستويات المنخفضة لهذه الفترة الطويلة.

وفي حين أن فقاعة ديون الرافعة المالية ستكون على الأرجح خطراً في وقت ما في المستقبل، إلا أنه ليس هناك أسباب تدفعها للانفجار أو حتى الانكماش، حتى ترتفع معدلات الفائدة بشكل كبير، وهذا هو السبب في أن الرافعة المالية للشركات لا تشكل سوى تهديد معتدل في عام 2020.

تراجع المبيعات يقود إلى انهيار صناعة السيارات

أما الخطر المعتدل، فيتمثل في انهيار صناعة السيارات، حيث تراجعت المبيعات في كافة أنحاء العالم خلال العام الماضي، الأمر الذي أدى إلى الإضرار باقتصاد ألمانيا، والتي تعد، إلى حد كبير، أكبر مصدّر للسيارات والآلات المستخدمة في صناعة المركبات.

ويقف إنتاج السيارات في ألمانيا حالياً عند مستويات أقل من تلك المتدنية المسجلة في فترة الركود الاقتصادي عام 2009، كما أن الهبوط في الصناعة ليس مجرد مشكلة تظهر بشكل دوري.

وتشير المخاوف البيئية والتغيرات الاجتماعية والطاقة والتحولات التكنولوجية إلى أنه من المحتمل أن تشهد صناعتا السيارات والهندسة - ليس فقط في ألمانيا ولكن كذلك في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية- هبوطاً مزمناً يمكن أن يثبت أنه عميق، كما حدث في تقويض الصناعة في فترة الثمانينيات.

لكن الانهيار في الطلب خلال العام الماضي كان قوياً لدرجة أن التعافي المؤقت أمر محتمل الحدوث، ولهذا السبب لا يفترض أن تتسبب صناعتا السيارات والهندسة في الكثير من المشاكل هذا العام.

شركات التكنولوجيا وعدائية "ترمب"

على النقيض، فإن المخاطر التي يشهدها قطاع التكنولوجيا، هي مخاطر سياسية ومرتفعة، كما أن شركات التكنولوجيا الكبرى تعتمد على احترام صناع السياسة الاقتصادية.

وبعد أن كانوا يتصدرون قائمة المبتكرين وعملاء التقدم، فإنه ينظر حالياً إلى "فيسبوك" و"آبل" و"أمازون" و"غوغل" على أنهم محتكرون لا يرحمون ويتلاعبون بالسياسيين ويستغلون المستهلكين. وكانت هذه الشركات هي القوة المحركة الرئيسة للاقتصاد وسوق الأسهم في الولايات المتحدة، كما يمكن أن تتسبب تحديات سياسية خطيرة أمام نماذج أعمالهم - في شكل لوائح تنظيمية أو فرض ضرائب خاصة أو عمليات تفكك- تكرارا لمشهد انفجار أزمة فقاعة "دوت كوم" في الفترة من عام 2000 وحتى 2002، ويمكن أن يبدأ هذا العام وقت الحساب.

لكن إجماع مستثمري الأسواق العالمية على أن فوز الرئيس دونالد ترمب سيعرضهم إلى اثنتين من الصدمات المحتملة، يزيد من حدة المخاطر خلال العام الحالي، حيث إن فوز "ترمب" في الانتخابات المقبلة، سيجعل فترة ولايته الثانية أكثر حمائية وعدائية وغير متوقعة، لكن في حال فوز أحد الخصوم، فإن أكبر أربعة قطاعات في الاقتصاد الأميركي، والتي تتمثل في الرعاية الصحية والمالية والتكنولوجيا والطاقة، ستواجه تهديدات غير مسبوقة من الاضطراب.

ومن المتوقع أن يعاود الرئيس "ترمب" إطلاق تصريحات تثير قلق المستثمرين، كما أن بعض استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال فوز الديمقراطيين في وقت ما من الحملة الانتخابية، لكن من المؤكد أن تؤدي السياسة الأميركية إلى موجات من الذعر بين الحين والآخر قبل 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد