Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حربان وانتفاضتان... خريطة فلسطين المدفونة تحت مستوطنات إسرائيل (2 - 3)

الإسرائيليون أخذوا 78% من أرض سكان البلاد عقب يونيو 1967... و51% من منشآتهم بنيت على 49% من منازل أصحابها

حربان كبيرتان، وانتفاضتان هزت الداخلَ الفلسطينيَّ، تزامن معها قرار جديد للأمم المتحدة حمل الرقم 242، باعتباره جوهر مسار للسلام سعيا نحو تطبيق مبدأ حل الدولتين، إلا أنه لم يكتمل رغم تعدد المبادرات الدولية والإقليمية لحل مشكلة "القضية الفلسطينية".

في هذا الجزء الذي يبدأ بحرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) 1967، وصولا لحرب الساعات الست في أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أو حرب "يوم الغفران" كما يصفها الإسرائيليون، بينها القرار الأممي رقم 242، الداعي إلى انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 67، تبدّلت الخريطة الفلسطينية بقدر زخم الأحداث في الداخل والخارج، سواء بفعل "احتلال" الأراضي بعد الحرب الأولى، وهو ما ترفضه الشرعية الدولية، وتستقر على إدانته أغلب دول العالم حتى الآن، أو بفعل توسع سياسة الاستيطان، التي لم تتوقف إلا في بعض من المحطات التي مرت على "عمر القضية".

 

 

حربان ومزيد من ضم الأراضي

بشكل مفاجئ، تمكنت إسرائيلي في حرب الأيام الستة، التي بدأت في الخامس من يونيو 1967، من احتلال كامل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وأجزاء من أراضي سوريا (هضبة الجولان) وسيناء المصرية. وعليها أصدر مجلس الأمن الدولي، قراره رقم 242 في الثاني والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) 1967، الذي دعا إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير"، و"احترام سيادة أي دولة في المنطقة، والاعتراف بها وسلامة أراضيها، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام في ظل حدود آمنة، ومعترف بها، بعيدا عن أي تهديدات أو تصرفات باستخدام القوة".

وشكّل هذا القرار، صُلب كل المفاوضات والمساعي الدولية والعربية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، والكثير من القرارات التي أتت بعده، ومنها وقف حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، واتفاقية السلام مع مصر عام 1979، واتفاقية إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993، واتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل عام 1994.

وعلى الرغم من تأسيس ذلك القرار للأساس الذي توافقت بشأنه الشرعية الدولية لحل الدولتين، فإنه في ذات الوقت أثار "لغطا" في تفسيره. إذ نصّت صياغة النسخة الإنجليزية على "الانسحاب من الأراضي"، ما جعل الإسرائيليين يقولون إن هذا يعني عدم الانسحاب من جميع الأراضي، لكن المفاوضين العرب يقولون إن الانسحاب ينبغي أن يشمل جميع الأراضي التي احتلت في الخامس من يونيو 1967.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فقد صيغ القرار تحت الفصل السادس من ميثاق المنظمة الأممية، ما يعني أنه يندرج في إطار التوصيات وليس بموجب الفصل السابع من الميثاق، الذي يعني أن القرار بمنزلة أمر يجب تنفيذه.

وفي أعقاب حرب السادس من أكتوبر، أو "حرب يوم الغفران"، بحسب الوصف الإسرائيلي، التي شنتها القوات المصرية والسورية ضد إسرائيل، أصدرت الأمم المتحدة قراراً جديداً تضمّن في جوهره "القضية الفلسطينية"، حمل رقم 338 بتاريخ 22 أكتوبر 1973، إذ طالب من جملة بنوده، بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 بجميع أجزائه. وهو القرار الذي طالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 وإيجاد حل عادل للاجئين الفلسطينيين.

 

 

وبحسب نص القرار على الموقع الأممي، فإنه دعا جميع الأطراف المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 (1967) بجميع أجزائه، (وفيه الانسحاب من سيناء والجولان وغزة والضفة بما فيها القدس الشرقية)، بالإضافة إلى الدعوة لإطلاق مفاوضات بين الأطراف المعنية بإشراف دولي ملائم لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

وبحسب إدوارد سعيد في كتابه "المسألة الفلسطينية"، فإنه "عقب انتهاء الحرب الأولى التي دارت بين العرب والإسرائيليين، توسعت الأراضي التي كانت إسرائيل تحتلها، حيث زادت عما كانت نسبته 56% من أرض فلسطين الانتدابية، التي مُنحت لإسرائيل، بناءً على توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى 78% من الأرض الفلسطينية، بما فيها كامل منطقة الجليل، ومعظم مدينة القدس".

 

 

 يتابع، "استولت إسرائيل بعد حرب الأيام الستة التي اندلعت عام 1967 على المساحة المتبقية من فلسطين (وهي 22%)، كما ضمت القدس الشرقية إلى إقليمها بصورة غير قانونية، وفرضت نظاماً قاسياً من الاحتلال العسكري على سكان قطاع غزة والضفة الغربية، الذي يناهز عددهم المليونين. وتزامنت جميع هذه الإجراءات مع مصادرة أراضي الفلسطينيين بطريقة منهجية، وهدم آلاف المنازل الفلسطينية، ومحو قرى بأكملها من الوجود، وإنشاء عدد كبير من الأحياء في المناطق العربية من القدس والناصرة".

دراسة تحليلية لمعهد الأبحاث التطبيقية بالقدس، رصدت واقع المستوطنات، وأوضحت، "أن 51% منها تم بناؤها على أراضٍ صنّفتها إسرائيل بأراضي دولة، و49% منها بنيت على أراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة". وأشارت إلى "أن مساحة المستوطنات على سبيل المثال في القدس، بلغت في ذلك الحين 40868 دونما. 73% منها مقام على أراضٍ ذات ملكية خاصة، بما فيها الأراضي التي ضمتها إسرائيل بشكل غير شرعي، أحادي الجانب، لما يسمى بحدود بلدية القدس".

 

 

فلسطين في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية

بعد خمس سنوات من حرب عام 1973، دعا الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر، رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن والرئيس المصري أنور السادات إلى منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ماريلاند للتفاوض على السلام بعد عام من زيارة الأخير للقدس وإلقاء خطاب بالكنيست الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين الثاني) 1977.

وفي منتجع كامب ديفيد الرئاسي بالقرب من العاصمة واشنطن، وبعد مفاوضات استمرت 12 يوما، وفقا لشهادة بطرس غالي وزير الدولة المصرية للشؤون الخارجية حينها، في كتابه "طريق مصر إلى القدس"، "اتفق السادات وبيغن على إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط يدعو إلى انسحاب إسرائيل على مراحل من شبه جزيرة سيناء، وإلى إقامة حكم ذاتي مؤقت للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة".

وبحسب موقع وزارة الخارجية المصرية، "فإن الاتفاق الأول، الذي سمي بـ(إطار السلام في الشرق الأوسط) وضع أسس السلام بتوسيع القرار رقم 242، وحدد ما كان يأمل أن يكون سبيلا لحل "المشكلة الفلسطينية". ونصّ على "ضرورة إبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ودعا إلى إبرام معاهدات أخرى بين إسرائيل وجيرانها. حيث هدفت الخطة إلى إنشاء (سلطة حكم ذاتي) في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تتبع لاحقا (بمباحثات الوضع النهائي)". لكن الفلسطينيين لم يكونوا طرفا في الاتفاق.

فيما جاء الاتفاق الثاني، وهو "إطار كامب ديفيد لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل" التي حددت خططا للانسحاب الإسرائيلي الكامل من سيناء في غضون ثلاث سنوات، وتم إبرامه في 26 مارس (آذار) 1979، ومثّل الاتفاق أول اعتراف من طرف بلد عربي كبير بإسرائيل بصفتها دولة لها الحق في الوجود، لتنهي بذلك ثلاثة عقود من الحرب والنزاع بين الدولتين الجارتين.

على إثر اتفاقية كامب ديفيد، (التي وقعت في سبتمبر 1978، ونصّت على التوصل إلى معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل خلال ثلاثة أشهر)، قرر بيغن تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تنص عليه الاتفاقات.

ووفق نصّ تلك الوثيقة "إطار السلام في الشرق الأوسط"، فقد تقرر "أن تشترك مصر وإسرائيل والأردن وممثلو الشعب الفلسطيني في مفاوضات لحل المشكلة الفلسطينية، وأن تتفق مصر وإسرائيل على ترتيبات لانتقال الضفة الغربية وغزة من الحكم العسكري الإسرائيلي إلى حكم ذاتي فلسطيني خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات. كما تتفق مصر وإسرائيل والأردن على وسائل إقامة سلطة الحكم الذاتي، وقد يُضم للمفاوضات ممثلون عن الضفة الغربية وقطاع غزة أو فلسطينيون آخرون بحسب ما يتفق عليه".

وتحدثت الوثيقة عن تشكيل لجنة من المذكورين آنفا خلال الفترة الانتقالية، تقرر بالاتفاق السماح بعودة الأفراد الذين طُردوا من الضفة الغربية وغزة عام 1967، وأن مصر وإسرائيل ستعملان معا ومع الأطراف الأخرى لحل مشكلة اللاجئين.

وبعد أن أصبحت مصر أول دولة عربية توقّع اتفاق سلام مع إسرائيل، التي كانت في حالة حرب مع القاهرة وغيرها من الدول العربية منذ تأسيسها في 1948، واستعادة مصر شبه جزيرة سيناء في 1982، وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي كانت مقامة عليها، إلا أنها أغضبت العالم العربي الذي اعتبر أن مصر خرجت مصر من الصراع مع إسرائيل، وقوّضت وحدة الموقف العربي.

 

 

فلسطين في انتفاضتها الأولى

في عام 1982، أعاد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وضع القضية الفلسطينية، مجدداً على سلم الاهتمامات الدولية، بعد أن أدى هذا الاجتياح إلى انسحاب عناصر منظمة التحرير الفلسطينية، إلى دول الجوار، ما ولد في مرحلة لاحقة الانتفاضة الأولى عام 1987.

وبحسب ما هو موثق، يعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة إلى قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيين على حاجز "إيرز" الإسرائيلي، الذي يفصل قطاع غزة عن بقية أراضي فلسطين منذ سنة 1948. ونتج عن ذلك مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين، حينها اعتبر الفلسطينيون أن الحادث "عملية قتل متعمدة"، واندلعت خلال جنازة الضحايا احتجاجات عفوية، تبعها إلقاء الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال القطاع.

 

 

لكن ثمّة من يرى أن هذه الحادثة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، لأن الانتفاضة اندلعت بعد ذلك بسبب تضافر عدة أسباب، وهي الأسباب غير المباشرة للاندلاع، ومنها عدم تقبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان سبباً في عمليات التهجير القسري، فضلاً عن تردي الأوضاع الاقتصادية.

وخلال هذه الانتفاضة، سعى الفلسطينيون إلى تحقيق عدة أهداف يمكن تقسيمها إلى ثوابت فلسطينية ومطالب وطنية، مثل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيره، وتفكيك المستوطنات، وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط، إلى جانب تقوية الاقتصاد الفلسطيني. تميزت الانتفاضة بحركة عصيان وبمظاهرات ضد الاحتلال، امتدت بعد ذلك إلى كامل الأراضي المحتلة مع انخفاض لوتيرتها سنة 1991، بالتزامن مع مؤتمر مدريد للسلام الذي قاد في نهاية مسارة إلى اتفاقية أوسلو.

ووفق مركز المعلومات الفلسطيني، قدّر عدد القتلى الفلسطينيين جراء تلك الانتفاضة بـ1300 شخص، فيما قتل في المقابل 160 إسرائيلياً، حتى هدأت في عام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

 

 

مسار تفاوضي لم يكتمل

بعد أربع سنوات من قيام انتفاضة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة انعقد مؤتمر دولي للسلام بمدريد، وشارك فيه مندوبون من إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سابقة تاريخية. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاقات غير أن المسرح أصبح مهيأ للاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين.

وفقما كتب دينيس روس، أحد المفاوضين الأميركيين، في كتابه "السلام المفقود" الصادر عام 2004، "فقد كان مؤتمر مدريد، الذي رعته الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، يهدف إلى استلهام المعاهدة بين مصر وإسرائيل من خلال تشجيع البلدان العربية الأخرى على توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل".

وفي أواخر أكتوبر من عام 1991، عقد مؤتمر مدريد للسلام بهدف التوصل إلى تسوية سلمية من خلال المفاوضات المباشرة على مسارين؛ (بين إسرائيل والدول العربية)، و(بين إسرائيل والفلسطينيين)، استنادا إلى قراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973). وتقرر أن تركز مفاوضات المسار متعدد الأطراف على قضايا على مستوى المنطقة مثل البيئة وتحديد الأسلحة واللاجئين والمياه والاقتصاد، في أوسع عملية تفاوض بين الإسرائيليين والعرب على حدة، وبين الإسرائيليين والفلسطينيين، بشكل منفصل.

وبحسب الأمم المتحدة، تُوِّجت سلسلةٌ من المفاوضات اللاحقة في عام 1993 بالاعتراف المتبادل بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كممثل للشعب الفلسطيني، والتوقيع على إعلان المبادئ المتعلق بترتيبات الحكم الذاتي المؤقت (اتفاق أوسلو)، فضلا عن اتفاقات التنفيذ اللاحقة التي أدت إلى الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية، وإلى انتخابات المجلس الفلسطيني، ورئاسة السلطة الفلسطينية، والإفراج الجزئي عن السجناء، وإنشاء إدارة فعالة في المناطق الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني. مشيرة إلى أن إشراكها كان ضروريا على حد سواء باعتبارها حارس الشرعية الدولية وأيضا لتعبئة وتقديم المساعدة الدولية.

وفي 13 سبتمبر (أيلول) 1993 كانت المصافحة التاريخية بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية  ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون كافية لبعث الأمل في قيام مسار سلام تفاوضي ينهي فصولا من الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن بنود المسار لم يكتمل بعد.

 

 

وفي أوسلو، أقر الطرفان، في جزئه الأول على  اعتراف متبادل بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود، وبأن منظمة التحرير الفلسطينية هي ممثلة الشعب الفلسطيني، فيما اختص الجزء الثاني بإعلان المبادئ لتحقيق السلام ونصّ على انسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة وغزة، وتشكيل سلطة فلسطينية منتخبة ذات صلاحيات محدودة، وأن تبحث القضايا العالقة بما لا يزيد على ثلاث سنوات مثل المستوطنات واللاجئين وغيرها. وعليه تم إنشاء ""سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة" لمرحلة انتقالية تستغرق خمس سنوات على أن تُتوج بتسوية دائمة بناء على القرار رقم 242 والقرار رقم 338.

ومروراً باتفاق غزة أريحا عام 1994، الذي نصّ على اتفاق تنفيذي لأوسلو وهو خطوة البداية لانسحاب إسرائيل من غزة وأريحا وتشكيل السلطة الفلسطينية وأجهزتها، جاء اتفاق طابا عام 1995، أو ما يعرف بـ"أوسلو 2"، وفيه تم تقسيم المناطق الفلسطينية إلى ثلاثة مناطق (أ) و(ب) و(ج). وتمثل المناطق (أ) 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإدارياً، أما المناطق (ب) فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، أما المناطق (ج) التي تمثل 61% من مساحة الضفة فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة السلطات الإسرائيلية على أي مشروعات. كما قضي الاتفاق بانسحاب إسرائيل من ست مدن عربية رئيسة و400 قرية في بداية عام 1996، وانتخاب 82 عضوا للمجلس التشريعي، والإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية.

ومع عدم تنفيذ نصوص تلك التفاهمات والاتفاقات بالكامل على الأرض، جاءت ما يكملها، ففي عام 1998، اتفقت منظمة التحرير وإسرائيل وبصفة شاهد الولايات المتحدة الأميركية، في اتفاق "واي ريفر 1" أو ما يعرف بـ" اتفاق واي بلانتيشن" على إعادة انتشار إسرائيلي في بعض المناطق الفلسطينية، وعلى قيام السلطة بترتيبات أمنية تقوم بها السلطة، ومنها إخراج المنظمات الإرهابية عن القانون، وتشكيل لجنتين الأولى ثنائية فلسطينية إسرائيلية للتنسيق الأمني، والأخرى ثلاثية فيها الولايات المتحدة إضافة إلى الطرفين السابقين لمنع التحريض المحتمل على الإرهاب. كما نصّ على تشكيل لجنة أخرى ثلاثية أيضا بهدف مراجعة وتنسيق الأمن ومحاربة الإرهاب، وعلى أن تستأنف مفاوضات الوضع النهائي والتوصل إلى اتفاق قبل الرابع من يونيو (حزيران) 1999.

 

 

وبعد أن طبق رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها بنيامين نتنياهو بعض ما في اتفاق واي ريفر1، ولم يطبق بعضه الآخر، جاء اتفاق "واي ريفر 2"، في عام 1999 لتعديل وتوضيح بعض النقاط في واي ريفر (1) وتنفيذا لها، خاصة فيما يخص إعادة الانتشار، وإطلاق السجناء والممر الآمن وميناء غزة والترتيبات الأمنية وسواها.

وتباعاً فشلت المفاوضات مجددا للاختلافات العميقة بين الطرفين، خصوصا بشأن مدينة القدس ومقدساتها، وعودة اللاجئين وسواها من المسائل العالقة، لا سيما في كامب ديفيد 11 يوليو (تموز) 2000، وعليه انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر (أيلول) 2000، فتشكّلت لجنة دولية برئاسة السيناتور الأميركي السابق جورج ميتشل في مارس (آذار) 2001 توصلت إلى عدة مقترحات تتمحور حول إيقاف الاستيطان الإسرائيلي وإيقاف العنف من الجانبين، إلا أنها كانت دون جدوى بعد فوز أرييل شارون (الليكودي) في الانتخابات الإسرائيلية يوم 7 فبراير (شباط) 2001.

 

 

وفي كامب ديفيد 2000، وبحسب شهادة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، عرضت إسرائيل الانسحاب من قطاع غزة، والتنازل عن أجزاء واسعة من الضفة الغربية، إضافة إلى منح أراضٍ إضافية من صحراء النقب إلى الفلسطينيين على أن تحتفظ بالمستوطنات الرئيسة ومعظم أجزاء القدس الشرقية. واقترحت إسرائيل إشراف الفلسطينيين على الأماكن المقدسة في القدس القديمة، والمساهمة في صندوق خاص باللاجئين الفلسطينيين، إلا أن الأخيرين أصروا على ضرورة العودة إلى خطوط عام 1967، ومنح الإسرائيليين حق الوصول إلى الجزء اليهودي من القدس الشرقية كما يرغبون في الاعتراف "بحق العودة" بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين.

لكن دينيس روس قدّم، في كتابه "السلام المفقود"، خريطةً يفترض أنها تعكس الاقتراح التوفيقي الذي طرحه الأميركيون في كامب ديفيد، وتشمل زهاء 97% من أراضي الضفة الغربية. ووافق الطرفان على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

 

 

يقول روس، "فشلت المفاوضات التي جرت في واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) 2000 في الوصول إلى أي اتفاق. طرح الرئيس كلينتون مقترحات لجسر الهوة بين الطرفين وطلب موافقة الطرفين عليها بحلول 27 ديسمبر (كانون الأول)، ودعا إلى منح الفلسطينيين نحو 97% من أراضي الضفة الغربية إضافة إلى السيادة على مجالهم الجوي".

يشار إلى أن الانتفاضة الثانية اندلعت أواخر سبتمبر من عام 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من جيش الاحتلال، وتجوله في ساحات الأقصى، حيث أثار اقتحامه وتصريحاته استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين.

وتميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مقارنة بنظيرتها الأولى، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية. وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني، "أسفرت الانتفاضة عن مقتل 4412 فلسطينياً و48322 مصاباً، فيما قتل 1069 إسرائيلياً وإصابة 4500 آخرين".

وتوقفت الانتفاضة فعليا في 8 فبراير (شباط) 2005 بعد اتفاق الهدنة، الذي عقد في قمة شرم الشيخ، وجمع الرئيس الفلسطيني المنتخب حديثاً آنذاك محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها أرئيل شارون.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي