Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من ووهان... مصريون يروون يومياتهم المرعبة في المدينة الموبوءة

يعيشون عزلة إجبارية وينتظرهم مصير مجهول

أعلنت اللجنة الوطنية الصينية للصحة إصابة أكثر من 7 آلاف شخص بالمرض (أ.ف.ب)

"فُرِضت علينا حياة العزلة. لم يعد بإمكاننا الخروج حتى من الغرف التي نسكن بها، ليس لدينا ما يكسر جمود تلك الأيام المتشابهة في قسوتها سوى هواتفنا. الجميع يترقّب ما ستسفر عنه الأيام المقبلة"، هكذا يُلخص السيد القمحاوي طالب الدكتوراه الثلاثيني بجامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا HUST بمدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوباي الصينية (وسط)، أوضاعه المعيشية في تلك المدينة، معقل انتشار فيروس كورونا، المثير الرعب بالعالم منذ اكتشافه مؤخراً، بعدما أودى بحياة نحو 213 شخصاً، وفق آخر إحصائية رسمية.

حسب القمحاوي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، باتت المدينة القاطن بها "تشبه مدينة الأشباح، شوارعها فارغة من البشر والمركبات، والذعر يدب في قلوب كل المقيمين بها سواء الصينيين، أو الجاليات الأجنبية".

ووفق السلطات الصينية، يقطنُ في ووهان تلك المنطقة الموبوءة بالمرض، حوالى 11 مليون نسمة، وفي آخر إحصاءاتها، أعلنت اللجنة الوطنية الصينية للصحة الخميس إصابة أكثر من 7 آلاف شخص.

أمَّا خارج الصين، فتوجد 80 حالة إصابة مؤكدة في 15 دولةً، وسُجّلت أول إصابة مثبتة بالفيروس في الشرق الأوسط بدولة الإمارات، الأربعاء، وذلك بين أفراد عائلة قادمة من ووهان.

مراحل انتشار الفيروس في المدينة
يقول القمحاوي، ومواطن مصري آخر، طلب عدم ذكر اسمه، يقطن بالمقاطعة ذاتها ويعمل بأحد المطاعم الصينية الشهيرة، "في غضون الأيام الأخيرة من العام الماضي والأولى من العام الحالي، كان هناك حديثٌ في وسائل الإعلام الصينية عن تفشي بعض الفيروسات في الجو دون معرفة هُويتها، وكانت الأمور تسير باعتيادية، لكن سرعان ما وجدنا أنفسنا أمام فيروس جديد مجهول الهُوية، ويقود إلى الوفاة في غضون أيام قليلة، وأن معقله الرئيس في حي يدعى (خانكو) بووهان، وبه سوق للحوم والأسماك، وقيل إن سبب انتشاره، تناول هذه اللحوم والمأكولات البحرية".

ويروي القمحاوي، "خلال الأيام الأخيرة كنت أستعد للحصول على شهادتي للدكتوراه بعد انتهاء أعياد رأس السنة الصينية، إذ أتممت تلك المرحلة الأكاديمية منتصف الشهر الماضي، وفجأة تبدّل كل شيء، انتشار فيروس غامض يؤثر على الجهاز التنفسي، ويؤدي إلى الوفاة في غضون أسابيع قليلة. تفشّى الفيروس وازداد أعداد المصابين به يومياً بشكل متسارع. والحالات كثيرة ومتشابهة في الأعراض، ولم يحدث شفاءٌ لهم باتباع البروتوكولات الطبية المعتادة".

ومع مرور الأيام الأولى لانتشار المرض، يستكمل الطالب المصري، "بدأت الحالة تسوء في كل أرجاء الدولة الصينية بشكل عام، وبدأ عدد الإصابات يزداد بسرعة مخيفة، ومن ثمّ لم يعد بوسعنا التنقل بحرية في المدينة التي تحوّلت تدريجياً إلى مدينة أشباح خالية تماماً".

وفي 31 من ديسمبر (كانون الأول) 2019، أعلنت السلطات الصينية، ظهور أول حالات التهاب رئوي حادّ مصدره مجهول في مدينة ووهان، تزامن ذلك مع إصدار منظمة الصحة العالمية أول إنذاراتها حول الفيروس.

وبعد أيام قليلة، سرعان ما أعلنت السلطات الصينية أول حالة وفاة جراء الوباء في 11 يناير (كانون الثاني)، بعد يومين، أُبلغ عن أول إصابة خارج الصين في تايلاند.

ومنذ 23 من الشهر الحالي، عزلت السلطات الصينية مدينة ووهان بالكامل عن باقي البلاد، ولم يعد بإمكان القطارات والطائرات مغادرة المدينة، وأُغلقت الطرق السريعة، وأصبحت عدة مدن أُخرى في مقاطعة هوباي مقطوعة عن العالم، وذلك غداة تحذيرها من أن الفيروس الجديد الذي ينتقل عبر الجهاز التنفسي "يمكن أن يتحوّل، وأن ينتشر بصورة أسهل". وحرصاً منها على احتواء انتشار الوباء، أوصت بكين مواطنيها بـ"تأجيل" رحلاتهم "غير الضرورية" خارج حدودها، بعدما علّقت الرحلات الجماعية، فيما عززت دول العالم تدابير الوقاية.

وحسب المواطن المصري الآخر، "قبل عزل المدينة عن باقي المناطق الصينية، اتخذت السلطات الصينية بعض الإجراءات الوقائية، مثل الفحص العشوائي لمرتادي القطارات والمطارات، وذلك قبل إعلان الحجر الصحي".

ومع عزل المدينة كلياً عن باقي المدن والمقاطعات الصينية، يقول القمحاوي، "باتت الحركة شبه منعدمة إلا من شخصٍ يبحث عن مكانٍ يشتري منه قناعاً أو طعاماً، لأن ما كان يخزنه قد نفد. الجميع ملتزم مسكنه لا يخرج إلا للضرورة القصوى"، مضيفاً: "نلتزم تعليمات الجامعة وإرشاداتها للحفاظ على سلامتنا، ويتم التواصل معنا كطلاب لمتابعة أحوالنا الصحية من خلال جروبات الويشات (وسيلة التواصل الاجتماعي الصينية مثل واتساب)، حياة العزلة فرضت علينا بالكامل".

كيف يعيش المغتربون في ووهان؟
حسب القمحاوي، فإنه "منذ اليوم الأول لفرض الحجر على ووهان وغلق مطارها ومنع الخروج والدخول إليها، تواصل معنا أعضاء من السفارة المصرية فى الصين، وأُنشئ جروب على الويشات، وطلبوا منا إرسال بياناتنا على هذا الجروب متضمنة الاسم والهاتف وسبب الإقامة، وذلك بغرض جمع البيانات ومعرفة الأعداد الدقيقة للمصريين في تلك المدينة".

وتابع المواطن المصري: "يمرُ اليوم تلو الآخر، والجميع يتساءل ما ستؤول إليه أوضاعنا، لا سيما مع إعلان عدد من دول العالم إجلاء رعاياها من ووهان، ولم نعرف مصيرنا حتى الآن"، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أنه وحتى الآن "لم يصب أيٌّ من أفراد الجالية المصرية أو العربية بالوباء".

وأعلنت الحكومة المصرية الخميس، أن القاهرة تعدّ رحلة خاصة لإجلاء مواطنيها من مدينة ووهان الصينية، على أن يُوضع القادمون في الحجر الصحي مدة 14 يوماً لدى عودتهم إلى البلاد لتجنّب انتقال العدوى.

وبالتزامن مع ذلك، قالت وزارة الطيران المدني المصرية، إن شركة مصر للطيران ستعلق جميع رحلاتها من الصين وإليها، اعتباراً من السبت الأول من فبراير (شباط) بسبب تفشي فيروس كورونا، مضيفة، في بيان، أن الرحلات من هانغتشو وإليها ستتوقف في الأول من فبراير (شباط)، ويليها تعليق الرحلات من وإلى قوانغتشو وبكين في الرابع من فبراير (شباط) لحين إشعار آخر. وأشار البيان إلى أن آخر مجموعة سياحية صينية في مصر ستغادر في الرابع من فبراير (شباط).

ماذا نعرف عن كورونا؟
ووفق السلطات الصحية الصينية، فإن الفيروس الجديد الذي أطلق عليه اسم (2019-إن.سي.أو.في) يمكن أن ينتقل بين البشر، وينتمي إلى نفس عائلة فيروس كورونا مثل متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، مضيفة أن فترة حضانة الفيروس قد تتراوح بين يوم واحد و14 يوماً، كما اعتبرت السلطات أن التفشي الحالي للفيروس ينتشر "بسرعة نسبياً"، و"يدخل الآن فترة أشد خطورة وأكثر تعقيداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى عكس "سارس"، الذي أودى بحياة نحو 800 شخص على مستوى العالم في عامي 2002 و2003، وكان مصدره صينياً أيضاً، يمكن للفيروس الجديد أن ينتشر خلال فترة الحضانة.

ووفق السلطات الصينية الصحية أيضاً، فإن لعدوى فيروس كورونا مجموعة واسعة من الأعراض، من بينها الحمّى والسعال وضيق وصعوبات في التنفس، ويمكن أن تسبب حالات الإصابة الشديدة الالتهاب الرئوي ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد والفشل الكلوي والوفاة، مشيرة إلى أن الكثيرين ممن توفوا كانوا مصابين بأمراض أخرى أو من كبار السن.

ومن المُعتقد أن الفيروس نشأ في أواخر العام الماضي بسوق للأطعمة في ووهان مخصصة لبيع الحيوانات البرية بطريقة غير مشروعة، ويعتقد الباحثون الصينيون أنه ربما انتقل إلى البشر من الثعابين التي بدورها أصيبت به من الخفافيش غالباً.

ويقول متخصصو الأمراض المعدية والفيروسية، إن نطاق التفشي الحالي يشير الآن إلى "قدرة ذاتية" على الانتقال من إنسانٍ إلى آخر، ويقدرون أن كل شخص مصاب يصيب اثنين أو ثلاثة آخرين في المتوسط، كما يتضمّن اختبار الكشف عن الفيروس الجديد بالصين استخدام تفاعل البلمرة المتسلسل، الذي يحدد الحمض النووي للفيروس في العينات، وقد تكون هذه العينات عبارة عن مسحات من الحلق أو السعال أو عينات دم من المرضى الذين يعانون حالات شديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات