Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسامة بن لادن غسل أدمغة أقربائي. وأعرف تماماً مقدار الخطر الذي قد تكون شاميما بيغوم مصدره

حاولت مصر إعادة تأهيل الجهاديين العائدين من أفغانستان والشيشان، ودفعت ثمناً باهظاً لتصديقها أنه من الممكن تغيير أفكارهم

مقاتلات من قوات سوريا الديمقراطية بعد استعادة الرقة من داعش (أ. ف ب وغيتي)

يُعتبر قرار الحكومة تجريد شاميما بيغوم من جنسيتها خطوة في الاتجاه الصحيح. شاميما ورفاقها "الجهاديين" الشباب تطرفوا عقائدياً، وتحولوا إلى قنابل موقوتة متحركة. وهذا قرار صعب. وبصفتي ملتزم الدفاع عن حقوق الإنسان ومهاجراً، أول ما تبادر إلى ذهني هو تأييد محاكمة عادلة لـ بيغوم في المملكة المتحدة. لكن بصفتي مسلماً، أعي أيضاً العواقب الوخيمة الخطيرة المترتبة على التزام الصمت.

وأرى إنه لمن السذاجة إفساح طريق عودة آمنة للوطن لـ بيغوم وغيرها من المتطرفين البريطانيين العائدين من مناطق كانت تسيطر عليها سابقاً داعش في سوريا وأماكن أخرى، وستعرّض مثل هذه الخطوة مجتمعنا إلى خطر جسيم. وهذا ما استخلصته من تجربة شخصية.

سبق أن انقلب شخصان من عائلتي الممتدة في السابق رأساً على عقب، وبايعا أسامة بن لادن، وحملا السلاح وقاتلا السلطات في الشرق الأوسط. وحصل هذا قبل أكثر من 20 سنة. وكانا يافعين وتعرضا لعملية غسل دماغ (تماماً مثل بيغوم)، ودفعاً ثمناً غالياً جزاء هذا. ولكن إلى اليوم، لم يظهرا أي تغير إيديولوجي أو ذهني، ولا حتى قيد أُنملة.

تتعامل المجتمعات العربية مع مسألة العائدين المتطرفين منذ ثمانينيات القرن الماضي، قبل وقت طويل من أن تعير المملكة المتحدة بالاً لهذه القضية. فعلى سبيل المثال، تكبدت مصر خسائر كبيرة عندما سمحت لمقاتلي "الجهاد" و"القاعدة"مصحوبين بزوجاتهم وأطفالهم، بأن يعودوا من أفغانستان بعد مشاركتهم في حرب العصابات ضد الاتحاد السوفياتي. وجاءت موجة أخرى من العائدين بعد نهاية حرب الشيشان الأولى في 1996.

وشأن بيغوم، تضرع هؤلاء المقاتلون وعوائلهم طالبين السماح لهم بالعودة. فاتصلوا بالسلطات وتمكنوا من توقيع اتفاقيات سلام مع موظفين رفيعي المستوى في الحكومة. وتعهدوا في هذه الاتفاقيات، بإلقاء أسلحتهم والانخراط في برنامج أوسع لمحاربة التطرف في السجون والمساجد. وبعض منهم صار عيوناً وآذاناً لأجهزة الأمن والاستخبارات.

إلا أن هذا لم يكن كافياً. ففي شهر نوفمبر (تشرين الثاني 1997 ، وقع في مصر أسوأ هجوم على السياح في تاريخها الحديث، وذُبح 58 سائحاً معظمهم غربيون في الأقصر على أيدي الجهاديين أنفسهم الذين منحتهم الحكومة "فرصة ثانية" قبل عام فقط. لم يدرك المصريون مدى تطرف العائدين، حتى بعد مطالبتهم بتهديم تمثال أبو الهول في الجيزة باعتباره صنماً. ثم استهدفوا حرية التعبير، وحاولوا اغتيال الروائي نجيب محفوظ الذائع الصيت في العالم والحائز على جائزة نوبل للآداب.

 يخلف السماح لشاميما بيغوم بدخول المملكة المتحدة انطباعاً لدى العالم بأسره أن المملكة تحارب مقاتلين إرهابيين وليس الإرهاب، وأنها تغفل الأيدولوجية الإسلامية المتطرفة والتهديد الذي تنطوي عليه، على الرغم من غرقها في وحول حرب لا نهاية لها مع من يحملون هذه العقائد.

وفي مقابلتها مع بي بي سي هذا الأسبوع، وصفت بيغوم هجوم مانشستر أرينا بـ"العادل" وأعلنت أنها لا تزال على "مواقف الدولة". وحين قرأتُ تصريحها، تذكرتُ قريبَيّ اللذَين خضعا لمشروع "مراجعات" لمحاربة التطرف، وهو نظير مشروع "بريفينت" البريطاني، وعلى الرغم من ذلك يبدوان مثل ابن لادن.

نعم، أدرك أن موقفي من هذه القضية لا يحظى بشعبية، وقيل لي إنه عليّ بصفتي صحافياً ليبرالياً أن أتمسك أكثر بحق بيغوم بالعودة إلى ديارها. لكنني لا أستطيع أن أترك التزامي بحقوق فرد واحد يقف عقبة في طريق حقوق الشعب البريطاني برمّته.

ولن يخلف التزام الحكومة قبضة حديدية أثراً سلبياً في المسلمين الشباب ولن يغذي مزيداً من التطرف في بريطانيا. مثل هذا الكلام هراء متشائم وجاهل. بل على خلاف ذلك، سيضع هذا النهج حداً لظاهرة التطرف على الإنترنت، وسيحول دون عمليات التجنيد النشيطة التي تتوق "القاعدة" وميليشيات مسلحة أخرى لتوليها، بعد داعش. والآن، على كل متعاطف مع الجهاد أن يفكر ملياً قبل أن ينضم إلى ركب "الجهاديين" في الخارج.

وتظهر هذه القضية أن على الحكومة أن تُحكم قبضتها في بعض الحالات.

صحيح أن الحكومة تجعل من امرأة شابة عِبرة لمن يعتبر،  لكنه التصرف الصائب. فكثير من أصدقائي البريطانيين الليبراليين مثلي، لا يدركون ببساطة مدى خطورة شاميما بيغوم، على خلاف خوف عامة الناس منها. فمالكة المنزل الذي أستأجره قالت لي صباح اليوم إنها لن تكون مطمئنة في حال "ارتاد أحفادها نفس المدرسة التي يتعلم فيها ابن شاميما". فهل يمكنك أن تلوم هذه السيدة؟

© The Independent

المزيد من آراء