Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تعرض أندرو جونسون للعزل وهل ترمب نسخة حديثة عنه؟

ما هي أوجه الشبه بين الرئيسين؟

مقر الكونغرس الأميركي في واشنطن فجر بدء جلسات المحاكمة (أ.ب.)

كان الثلاثاء الماضي يوم انطلاق محاكمة عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مجلس الشيوخ، لتحديد ما إذا كان يجب إقصاؤه عن منصبه أم لا.

 فمنذ قرار مجلس النواب (الذي يحتل نصف السلطة التشريعية في الولايات المتحدة) بعزله يوم 18 ديسمبر(كانون الأول) الماضي، راح أولئك المهتمون بالمحاكمة اللاحقة يتصفحون التاريخ لتخمين ما سيترتب عنها.

ففي تاريخ الولايات المتحدة، لم يواجه سوى ثلاثة رؤساء احتمال إقصائهم عن الحكم عن طريق محاكمة العزل، وهؤلاء هم أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون عام 1998 وترمب. وكان ريتشارد نيكسون قد واجه هو كذلك احتمال العزل عن منصبه عام 1974 لكنه فضل الاستقالة قبل أن يصوت مجلس النواب بشأن ذلك.

ونظرا لقلة عدد حالات كهذه في تاريخ الولايات المتحدة فمن الصعب الاعتماد على تجربة  سابقة لمعرفة كيف أن محاكمة العزل الحالية ستتقدم.

وعن هذا الموضوع، كتب نائب الرئيس مايك بنس مقالة افتتاحية في صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي أجرى مقارنة ما بين محاكمة عزل جونسون الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة، وفيها شخّصَ محاكمتي العزل لجونسون وترمب بأنهما عمليتا "عزل محازبة" بسبب "اختلاف في السياسات" وأن مؤيدي إقصاء الرئيس قد "أنقصوا من قدر عملية العزل".

وسواء كان تقييم بنس لمحاكمة العزل الحالية نزيها أو دقيقا فإنه مع ذلك مثير للنقاش.

1. هناك بعض أوجه التشابه بين ترمب وجونسون

 صعد جونسون إلى سدة الرئاسة عام 1865 بعد اغتيال الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن. وفي نهاية المطاف، تم عزله لأنه انتهك قانونا (تم إلغاؤه عام 1887)، يدعى  "قانون شغل الوظائف". وإذا كان هذا القانون وراء العزل، شكليا، فإنه كان مفهوما آنذاك وجود عوامل أخرى تدفع باتجاه عزله، مثلما فُهِم الآن أن منع تحويل المعونة المالية لأوكرانيا ليس السبب وراء محاكمة ترمب في مجلس الشيوخ.

كانت سياسات جونسون ما بعد الحرب الأهلية الأميركية، مكنت الحكومات المحلية الجنوبية العنصرية من تنصيب زعماء معادين للفيدرالية وأنصار للنظام الكونفدرالي في مواقع حكومية، وتمرير قوانين تقلص من حقوق العبيد الذين كانوا تحرروا مؤخرا. وحين سعى الجمهوريون -الذين هم من دعاة إلغاء الرق- إلى محاربة القوانين باستخدام السلطة التشريعية، ظل الرئيس جونسون ينقض قراراتهم من وقت إلى آخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد إقصائه عددا من المسؤولين البارزين الذين حظوا بمصادقة مجلس الشيوخ على تعيينهم، قام خصومه الجمهوريون بإعداد قرار بعزله على أساس أنه انتهك  "قانون شغل الوظائف"، وهو قانون بفضله تقرر منذ  ذلك الوقت (حتى إلغائه عام 1887) منع الرؤساء من إقصاء مسؤولين تم تعيينهم عبر الكونغرس من دون موافقة الأخير أولا. ويسود اعتقاد واسع بأن القانون تمت المصادقة عليه (عام 1867) كوسيلة لفرض ضوابط على سلطة  جونسون.

كذلك هو الحال مع ترمب، فإن عزله يبدو نتيجة لإساءة استخدام السلطة في محاولته لالتماس مساعدة أوكرانية في الانتخابات الرئاسية القادمة، فمن الواضح أن الديمقراطيين يرون الرئيس، بشكل أساسي، غير صالح لاحتلال منصب الرئاسة.

2. كلا ترمب وجونسون صوِّرا من قبل أنصارهما كضحيتين لحملة شعواء ضدهما

أشار ترمب إلى محاكمة العزل بأنها "خدعة" وجزء من "حملة شعواء" (مطاردة الساحرات). فحسب كلماته يؤمن ترمب أنه يعزل لأنه "أجرى مكالمة هاتفية متقنة". أما أنصاره فيرون، وبشكل واسع، العزل دليلا على محاولة سوء نية من قبل أعضاء الكونغرس الديمقراطيين لإقصاء الرئيس عن منصبه.

أما بالنسبة إلى جونسون فقد صُوّر بأنه ضحية جناح محازب منفلت – أطلق على أفراده "الجمهوريون الراديكاليون" -لأكثر من قرن قبل أن تُحوِّل جهوده الهادفة إلى تقويض حقوق الأميركيين السود الذين حرروا للتو هذا المد فتعكس اتجاه التعاطف التاريخي معه إلى ضده. تم إنقاذ جونسون من إقصائه عن منصب الرئاسة بفضل تصويت السيناتور عن ولاية كَنساس، أدوموند روس ضد القرار، وقصة الأخير كانت محور افتتاحية نائب الرئيس بنس وبؤرة فصل من كتاب ألفه الرئيس السابق جون كيندي، "لمحات في الشجاعة".

3. كلاهما يجسدان شخصية يقولان إنهما يعملان ضدها

كان جونسون عضوا في الكونغرس عن ولاية تنيسي، خلال الحرب الأهلية الأميركية وكان يشير إلى "الانفصاليين" (الرافضين للنظام الفيدرالي) بأنهم "خونة" وكان من مناصري فرض عقوبات صارمة على أولئك الذين يعتبرون من وجهة نظره خونة. فعلى الرغم من ازدرائه المجاهر لأنصار الكونفدرالية (الانفصاليين)، فإن مواقفه بعد الحرب اصطفت بشكل كامل مع أيديولوجيتهم العنصرية.

أما بالنسبة لترمب فإنه قاد موجة من الاستياء تجاه أولئك الذي ينعتهم هو وأنصاره بـ"النخبة" لكنه جلب بعضهم إلى المكتب الرئاسي في البيت الأبيض. وعلى الرغم من أن ترمب يبعث برسائل إلى أنصاره قائلا فيها إنه منارة الانسان العادي، فإن ثروته تبلغ حسب فوربس وبلومبرغ أكثر من مليارين من الدولارات، وحياته الاجتماعية قائمة على الاحتكاك بالأثرياء وهو يملك عددا من المباني كتب على واجهاتها اسمه بشكل واضح.

4. كلا المحاكمتين اجتذبتا اهتماما إعلاميا هائلا

يمكن القول إن الجمهور كان مفتونا بمحاكمة عزل جونسون حيث تم توزيع 1000 بطاقة دخول يوميا، وكان على الشرطة أن تُستنفر كي تمنع الحشود من الاندفاع إلى غرف مجلس الشيوخ. ففي الوقت الذي كانت أغلبية التذاكر تذهب إلى أعضاء في الكونغرس وأزواجهم وأصدقائهم فإن معظم عامة الناس كانوا يعتمدون على التقارير التي تنشر في الصحف آنذاك. أما بالنسبة لمحاكمة ترمب فإنها من غير المرجح أن تحفز على بيع التذاكر، غير أنه من المؤكد أنها ستكون القصة المهيمنة على كل الإعلام الأميركي لفترة لا تقل عن عدة أسابيع.

سيحاول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وضع قواعد للمحاكمة يوم الثلاثاء، تقلص من الوقت الممنوح للشيوخ كي يستمعوا إلى الشهادات أو يشاهدوا أدلة، في مسعى لإنهاء المحاكمة بأسرع ما يمكن. فكلما طالت المحاكمة كلما ظلت الوجبة الأساسية لدورة الأخبار اليومية.

5. لا أحد منهما سيقصى عن منصبه

بفضل تصويت روس ضد مصالح حزبه، أُنقِذ جونسون من  فقدان منصبه الرئاسي. وبعد خروجه من البيت الأبيض، أعيد انتخابه سيناتورا عن ولاية تنيسي قبل وفاته التي أعقبت وصوله إلى مجلس الشيوخ بخمسة أشهر.

ومن غير المرجح إطلاقا أن تؤدي محاكمة ترمب إلى أي شيء قريب من وضع جونسون المقلق. فمن أجل إقصائه عن مكتبه الرئاسي، يجب أن يصوت 67 سيناتورا ضده.  وهذا يعني أن 20 من هؤلاء يجب أن يأتوا من الشيوخ الجمهوريين ما يعني أن احتمال طرده ضئيل جدا جدا.

© The Independent

المزيد من تحلیل