Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك في الظل... إلى ماذا تسعى واشنطن بشأن ليبيا؟

تصاعد المعارضة الأوروبية للاتفاق التركي مع حكومة الوفاق تزامن مع قلق أميركي من الدور الروسي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مصافحاً حفتر في موسكو (أ. ف. ب.)

في وقت تستضيف العاصمة الروسية موسكو قائدَي طرفي النزاع في ليبيا، القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، لتوقيع اتفاق لوقف النار، وبينما تستعد العاصمة الألمانية برلين لاستضافة مؤتمر دولي حول ليبيا، يبدو أن المسار الأميركي لا يزال يسير في الظل بعيداً عن الأحداث الليبية المتسارعة.
وبحسب مصدر مسؤول مقرب من السفارة الليبية في روسيا، فإن وفداً حكومياً يترأسه السراج رفقة مستشاره الأمني تاج الدين الرزاقي ووزير داخليته فتحي باشاغا وصل إلى موسكو الاثنين، بينما يصل حفتر بعدهم ببضع ساعات، بهدف التوقيع النهائي على اتفاق وقف القتال في محيط العاصمة الليبية طرابلس برعاية الرئيس فلاديمير بوتين.


اجتماعات وشروط

وكشف المسؤول النقاب عن دعوة مسؤولين روس السراج إلى عقد اجتماع لدى وصوله في محاولة لثنيه عن شرط تراجع قوات "الجيش الوطني" إلى معسكراتها قبل إطلاق عمليتها العسكرية صوب طرابلس في 4 أبريل (نيسان) الماضي، ودخول قوات مراقبة دولية للفصل بين الطرفين.
وتابع المسؤول ذاته أن "الجانب الروسي سيطرح على السراج وحفتر مقاربة لحل إشكال تماس القوتين بقبول حفتر خروج الجيش من الأحياء المدنيِّة إلى مواقع عسكرية، من بينها معسكر اللواء الرابع في منطقة الساعدية ومعسكر الصاعقة في قصر بن غشير جنوب طرابلس، بالإضافة إلى قاعدتي الوطية والجفرة، بعدما رفض حفتر تخلي الجيش عن كامل معسكراته في الغرب الليبي".
وبينما لا تُعرف حتى الآن نتائج مقاربات الحل المنتظرة، لإنهاء إجراءات توقيع اتفاق وقف القتال، لا تزال الأنباء ترجح إمكانية بدء مفاوضات غير مباشرة بين السراج وحفتر.


أين واشنطن؟

إزاء كل هذه الأحداث، لا يبدو أن واشنطن غائبة تماماً، إذ إنها تدفع باتجاه وصول الملف الليبي إلى آخر محطاته في العاصمة الألمانية برلين التي تتعدد الروايات حتى الآن بشأن استضافتها مؤتمراً دولياً حول ليبيا خلال الشهر الحالي أم مطلع فبراير (شباط) المقبل.
النسق الإيجابي الذي يبدو أن مسار الأزمة الليبية يسير فيه، وبخاصة بعد مؤشرات تدل على قبول روسيا المفاوضات السياسية التي ستستضيفها ألمانيا، بدليل إعلان المستشارة أنغيلا ميركل استضافة بلادها المؤتمر من موسكو في ختام لقائها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واعتبر منصور سلامة، رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات، أن "تصاعد المعارضة الأوروبية بشكل مفاجئ للاتفاق التركي مع حكومة الوفاق، خصوصاً البحري منه المتعلق بترسيم الحدود في البحر المتوسط، أتى متزامناً مع قلق أميركي من التوغل الروسي في ليبيا، واتهام موسكو بإرسال عناصر من شركة فاغنر الأمنية للقتال في صفوف قوات الجيش الوطني".
وأكد سلامة أن "واشنطن المنشغلة بملفات أكثر سخونة في الشرق الأوسط تقف في ظل موقف الطرف الأوروبي الذي ازداد نشاطاً وقرباً من الملف الليبي، إلى درجة أن الخلافات التي كانت مستعرة إلى وقت قريب بين دول أوروبية مهمة كإيطاليا وفرنسا بشأن مصالحها في ليبيا تكاد تختفي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إشراف أميركي

وأشرف وفد أميركي رفيع ترأسته مساعدة مستشار الأمن القومي الأميركي، فيكتوريا كوتس، وفق بيان لسفارة الولايات المتحدة في ليبيا السبت الماضي، على عقد لقاء بين حفتر ووزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا في روما الجمعة الماضية، الأمر الذي يراه سلامة تأكيداً على ما ذهب إليه، لافتاً إلى أن "واشنطن لا تزال غير راغبة في الظهور بشكل واضح في الملف الليبي، ولو كانت تريد الظهور لجرى اللقاء في واشنطن".
لكن الظاهر في السياسة الأميركية تبنيها موقفاً وسطاً، إذ عبرت عن قلق من لجوء طرفَي الصراع إلى طلب دعم من جهات خارجية لمساندتهما في الحرب، وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، في مناسبات سابقة، أن واشنطن قلقة "إزاء طلب حكومة الوفاق الوطني الحصول على دعم عسكري من تركيا".
وفي وقت رأت أوساط متابعة أن "واشنطن فشلت حتى الآن دبلوماسياً في ليبيا ولم تتمكن من استخدام نفوذها الواسع لإدارة الصراع وانشغالها بملفات دولية أخرى ضاغطة تاركة فراغاً استغلته دول مثل تركيا وروسيا"، يبدو رأي الباحث في الشأن السياسي عبد القادر أمشالي مختلفاً تماماً، فتلك الانشغالات الأميركية برأيه مرتبطة بالملف الليبي.
وصرح أمشالي أن "أهم ملفات الأميركيين في ليبيا، وهو النفط، المرتبط بملفات أخرى ليست أقلها إيران فكيف لواشنطن أن تكون بعيدة عن ليبيا وهي التي يمكن أن تعوض نقص النفط الإيراني، وهذا مثال من عشرات الأمثلة التي تثبت أن الملف الليبي ذو أولوية أميركية".
وبشأن ابتعادها عن تسارع الأحداث أخيراً، اعتبر أن ذلك "من سياسات البيت الأبيض الذي فضّل في كثير من الأحيان أن تكون له الكلمة الفصل الأخيرة"، التي "ستكون في برلين، وما سيُنتَج فيها سيكون وفق مصالح الولايات المتحدة".


اختلاف في الرؤية

وعلى الرغم مما يشاع عن اختلاف في الرؤية بين المؤسسات الأميركية، خصوصاً بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض، بشأن عملية "الجيش الوطني" في طرابلس، فإن أمشالي يرى أن الموقف الأميركي يسير في الخط ذاته منذ إجراء الرئيس دونالد ترمب اتصالاً هاتفياً بالمشير حفتر في أبريل (نيسان) الماضي، إذ "لم يصدر أي موقف يطالب الجيش بوقف عمليته بل اتجهت الجهود الأميركية إلى الطرف الآخر تطالبه بتدابير عملية وإجراءات لتقويض سلطة الميليشيات".
ولفت أمشالي إلى عمق المعالجة الأميركية للأزمة الليبية، فقال إنها "تذهب باتجاه المسار الأمني بعيداً عن مسارات الحل السياسي المعقدة والتي ثبت في أكثر من لقاء دولي أنها لم تنتج شيئا"، معتبراً أن "دراية الأميركيين بأن عمق الأزمة هو في المستوى الأمني، والترتيبات الأمنية هي التي يمكن أن تعالج كل الخلافات السياسية التي وقفت أمام أي حل ممكن".
وأعلنت الولايات المتحدة في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن إطلاق حوار أمني مع "حكومة الوفاق" أثناء زيارة وزيري الداخلية باشاغا والخارجية محمد سيالة إلى العاصمة الأميركية، كما أوضحت ذلك تصريحات الأول إثر عودته. وقال باشاغا آنذاك "إن الحوار الأمني الذي أطلقته واشنطن يختص بالمؤسسات الأمنية والعسكرية والشرطة، برعايتها وبمشاركة الأجهزة الأمنية في ليبيا، وقد يتطرق إلى توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية كي نستطيع تحقيق الإصلاحات والإنجازات الاقتصادية، ولم يجرَ التفاهم على الخطوات حتى الآن"، مشيراً إلى "رؤية أميركية تتضمن تقريب المؤسسات الأمنية والعسكرية إلى مراحل توحيدها قبل إنتاج أي مقاربة لحل الأزمة سياسياً".
وإن أطلقت دول مهتمة بالشأن الليبي مبادرات في السابق لتوحيد المؤسسة العسكرية، مثل مصر من خلال أربع جولات رعتها بين ضباط ممثلين للقيادة العامة للجيش وحكومة الوفاق، فإن عدم نجاحها، برأي الباحث في الشأن السياسي، "يكمن في اعتقاد أحد الطرفين بأن مصر لا تقف موقفاً محايداً مما يجري في ليبيا".
وإزاء كل المستجدات السياسية الأخيرة لم تتخذ واشنطن موقفاً حازماً وواضحاً يمكن أن يظهر رؤيتها، وفق أمشالي، بل كانت مواقفها تظهر فقط في المستوى العسكري والأمني بدليل إعلانها معارضتها التدخل التركي العسكري من دون أن تهتم بشكل كبير بجوانب الاتفاقات الأخرى بين تركيا وحكومة الوفاق، وقبلها أعربت عن انزعاجها من تقارير تتحدث عن وجود مقاتلي شركة فاغنر الروسية إلى جانب قوات الجيش.
بل يولي أمشالي أهمية أكبر للدور الأميركي "كون أن واشنطن لا تنحاز إلى الأشخاص، فهي تتجاوز الأحداث الحالية المرتبطة بقادة طرفي النزاع إلى مراحل أخرى يمهد فيها الاستقرار الأمني لإنتاج هياكل سياسية دائمة في البلاد، من منطلق متابعتها تجارب عمليات حل سياسي كاتفاق الصخيرات الذي كان السلاح المنتشر في يد المجموعات المسلحة المتنفذة في البلاد أول عراقيله بل أفشله منذ أول أيامه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي