Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب والملف الليبي... مشروع أردوغان تحت وطأة الحدث الإيراني

"من الواضح أن هناك قراراً بمواجهة السعي التركي الجديد في المتوسط"

تداول تقارير إعلامية عن أنباء وجود روسي خفي في ليبيا (رويترز)

فيما صعد الملف الليبي إلى أولى درجات سلم أولويات عدد من العواصم الإقليمية، وتحديداً في اجتماعات القاهرة وأنقرة، الأربعاء 8 يناير (كانون الأول)، يبدو دخول الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خط الأزمة مفاجئاً ولافتاً.

وكشف ترمب، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أنه بحث مستجدات الوضع في ليبيا مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسيجري مباحثات مماثلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيراً إلى أنه بحث مع أردوغان "سبل إعادة السلام إلى ليبيا".

ومنذ انتهاء فترة تكليف المبعوث الأميركي الخاص لليبيا جوناثان واينر أوائل عام 2017، لم ترسل واشنطن بديلاً منه. ما اعتبره مراقبون تراجعاً للملف الليبي في أولويات البيت الأبيض، خصوصاً أن واشنطن بدت في الفترات السابقة مهتمة بملفات دولية وداخلية من دون أن تبلور رؤية خاصة بها للأزمة الليبية.

وحتى مع تداول تقارير إعلامية عن أنباء وجود روسي خفي إلى جانب قوات الجيش، وأن شركة فاغنر الروسية أرسلت مقاتليها إلى محاور القتال في جنوب طرابلس، لم يحمل الموقف الرسمي الأميركي أكثر من القلق إزاء تلك التقارير. كما أن اتصال ترمب بالمشير خليفة حفتر في أبريل (نيسان 2019 ومباركته جهود الجيش في محاربة الإرهاب وبعدها لقاء وفد أميركي رفيع حفتر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لم يعتبره مراقبون أكثر من إجراءات دبلوماسية تشير إلى بقاء واشنطن قريبة من الأزمة الليبية من دون أن تحدد موقفها.

الفوضى

لكن الصحافي الليبي حسين مفتاح يقرأ تصريحات ترمب الأخيرة بأنها عودة أميركية واضحة لإعادة الأمور إلى مصالحها. فالبيت الأبيض المنشغل بتداعيات الأحداث في العراق مؤخراً لن يسمح بحدوث فوضى على ضفاف المتوسط خصوصاً في ليبيا الغارقة في الفوضى أصلاً وظروفها المستعدة لعودة نشاط الجماعات الإرهابية، لا سيما أن ترمب استخدم اسم بنغازي عنواناً لعدد من تغريداته، وهو يتابع أحداث السفارة الأميركية في العراق.

ومن دون أن يفصح ترمب عن فحوى مشاوراته الهاتفية مع المستشارة الألمانية، قال إنه ناقش مع أردوغان "سبل عودة الاستقرار إلى ليبيا". ما اعتبره مفتاح في حديث إلى "اندبندنت عربية" دليلاً واضحاً لتوجه واشنطن لكبح جماح أردوغان الساعي إلى بث الفوضى في المتوسط واستخدام الأزمة الليبية وسيلة لذلك.

وعلى الرغم من الوعيد التركي بإرسال قوات لدعم حكومة الوفاق، بل إعلان أردوغان نفسه بدء توجه قواته تدريجاً إلى ليبيا، إلا أن أياً من ذلك لم يتحقق حتى الآن. وحتى تصريحات قادة ميليشيات الحكومة عن وصول أسلحة نوعية ودفاعات جوية تركية لا تبدو واقعية أمام نجاح قوات الجيش في التقدم في أكثر من موقع جنوب طرابلس واكتساحها مدينة سرت في أربع ساعات من دون أن تتعرض لمقاومة تذكر بواسطة ذلك السلاح التركي المزعوم.

قبرص واليونان وإسرائيل

يرى منصور سلامة رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات أن واشنطن فضلت الابتعاد عن الضجيج السياسي الحاصل إثر إقدام تركيا على التعدي على حدود دول إقليمية في البحر المتوسط من خلال اتفاقها الموقع مع حكومة الوفاق نهاية نوفمبر 2020، بإجراءات أكثر واقعية. أولها قرار رفع حظر توريد السلاح عن قبرص. فــ"من الواضح أن هناك قراراً بمواجهة السعي التركي الجديد في المتوسط".

وفي الأسبوع الأخير من العام 2019 قررت واشنطن رفع حظر توريد السلاح عن قبرص بعد تصويت الكونغرس على القرار، إذ أكد السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز والسيناتور الجمهوري ماركو روبيو، اللذان دفعا بالقرار إلى التصويت عليه في الكونغرس، بأنه جاء لتشجيع التعاون المتزايد بين قبرص واليونان وإسرائيل. وهو ما يرى منصور في حديثه إلى"اندبندنت عربية" أنه يستهدف تركيا على وجه التحديد. فدول قبرص واليونان وإسرائيل تمثل رأس حربة الدول الرافضة لاتفاق أنقرة مع حكومة طرابلس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذهب منصور أبعد من ذلك، إذ يرى أن اهتمام واشنطن بقبرص رد ضمني على سعي تركيا لإلغاء الجزيرة من خريطة الحدود المائية في البحر المتوسط، لافتاً إلى أن الإجراء الأميركي أفشل جزءاً كبيراً من خطط أردوغان الذي كانت سفنه وقتها تستعد لتنفيذ عمليات تنقيب عن الغاز في عرض البحر بعدما نشر طائرات وقوات في "غجيت قلعة" في قبرص.

طرابلس الخطوة الثانية

ويرجح منصور تأجيل ترمب اتصاله المقرر ببوتين إلى ما بعد إنهاء زيارته أنقرة، ووصفها بأنها خطوة في اتجاه إفشال كل ما يمكن أن يتفق عليه خلال لقاء أردوغان الأربعاء.

وفي رأي منصور فإن علامات فشل مشروع أردوغان قد بدأت، فـ"بعد حديث عن رغبة تركيا في بناء قاعدة عسكرية في طرابلس، تراجع الكلام لحد إرسال قوات فقط لدعم مليشيات الحكومة". ويعتبر منصور أن هذا القرار شهد تراجعاً إضافياً فــ"بعد إعلان أردوغان، السبت 4 يناير (كانون الثاني)، بدء إرسال قواته تدريجاً، صرح الناطق الرسمي إبراهيم قالن، الثلاثاء 7 يناير، أن حكومته ترغب في وقف القتال الدائر في ليبيا وأنها تولي الحل السياسي أهمية كبيرة".

وبينما يعترف منصور بقدرة دول عربية وإقليمية ذات ثقل سياسي كالسعودية ومصر على حشد موقف دولي يشهد قوة لوقف التمدد التركي نحو ليبيا، إلا أنه يرى أن رجوع واشنطن بقوة إلى الملف الليبي من خلال اهتمام ترمب نفسه بتداعيات قرار تركيا بالتدخل في ليبيا ستكون له آثار أبعد من المتوقع.

ومن بين تلك الآثار، وفق منصور، أن واشنطن التي شهدت انقساماً واضحاً بين مؤسساتها، خصوصاً وزارة الخارجية والبيت الأبيض، بعد اتصال ترمب بالمشير حفتر في أبريل( نيسان) 2019 ستذهب الآن إلى تأييد هذا الاتجاه في ظل استمرار تعنت أنقرة وإصرارها على دعم  ميليشيات الحكومة.

وبات من الواضح أن أنقرة ليست جادة في تقديم الدعم العسكري المباشر لمليشيات الحكومة التي لم تعد تسيطر إلا على مدن قليلة من بينها العاصمة المحاصرة، مقابل أكثر من 90 في المئة من التراب الليبي الواقع تحت سيطرة الجيش. لذا، بحسب منصور، فواشنطن اتجهت بأولى إجراءاتها لضرب مشروع أردوغان التوسعي في مقتل وتحديداً في قبرص وليس في طرابلس أو مصراته لأنها تدرك أن مشروع أردوغان يتجه إلى مراكز الموارد في البحر المتوسط وإن كانت طرابلس ستكون الخطوة الثانية في مشروعه التوسعي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي