Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفويض البرلمان التركي لأردوغان... يشعل المشهد الليبي

مجلس النواب يعقد جلسة طارئة في بنغازي السبت

أقام  الدنيا في ليبيا ولم يقعدها حتى اللحظة منح البرلمان التركي الضوء الأخضر للرئيس رجب طيب أردوغان لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، نصرةً لقوات حكومة الوفاق في حربها مع الجيش الوطني الليبي على السيادة في العاصمة طرابلس، وانقسم الشارع الليبي بين غالبية مندّدة وقلة متحفظة وقطاع من المهلّلين، معظمهم من المناصرين لحكومة الوفاق ومن يصطف معها، بعدما تابعت فئات كبيرة من الليبيين باهتمام الجلسة التي صوّت فيها البرلمان التركي بنعم على طلب التفويض المقدم من الرئيس التركي لما تشكله من أهمية في مسار أزمتهم  وحرب عاصمتهم المستعرة وآثار في أمن بلادهم ومستقبلها القريب.

تظاهرات عارمة

وفور إعلان الخبر المتعلّق بانتصار أردوغان على خصومه تحت قبة البرلمان التركي، وتحوّل المخاوف من التدخل العسكري لأنقرة في حرب طرابلس إلى حقيقة، وأمر واقع وشيك الحدوث، خرجت تظاهرات في عدد كبير من الساحات بمدن شرق ليبيا وجنوبها وبعض المناطق غرب ليبيا مع دعوات إلى تظاهرة أضخم مساء الجمعة.

وأحرق بعض المتظاهرين العلم التركي، مندّدين بما اعتبروه "مساعي تركيا لغزو ليبيا" والدعوة إلى مواجهته، وطالب عدد منهم بفتح باب التطوع للذهاب إلى العاصمة ومواجهة هذا "العدوان" العسكري لدولة أجنبية على بلادهم، حسب وصفهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى المستوى الرسمي، وفي الأوساط السياسية، انطلقت مداولات على مختلف وسائل الإعلام الليبية لمناقشة وتحليل آثار التدخل العسكري التركي القريب في ليبيا، وتوالى إصدار البيانات والدعوات إلى تحرك دبلوماسي وسياسي بأسرع وقت في تكتل الجيش والبرلمان لاتخاذ إجراءات قد تسهم في منع وصول البوارج العسكرية التركية، محمّلةً بالعتاد والجنود إلى شواطئ طرابلس، بينما رفع الدعم التركي المرتقب معنويات المسؤولين والمؤيدين لحكومة الوفاق، فأطلقوا تصريحات تتوعد بإعادة قوات الجيش الليبي من حيث انطلقت في شرق ليبيا وإفشال نواياها لدخول طرابلس.

تحرك النواب والمؤقتة

 وأعلن مجلس النواب من جانبه انعقاد جلسة طارئة في بنغازي السبت لمناقشة تداعيات التدخل العسكري التركي في ليبيا والبدء  بخطوات عاجلة تدفع الهيئات الدولية والإقليمية إلى منعه لمخالفته للقانون الدولي والقرارات الأممية المتعلقة بالشأن الليبي في السنوات الأخيرة.

وانتقد قطاع واسع من الليبيين تأخر البرلمان في اتخاذ هذه الخطوات وعقد جلسة تناقش رغبات الرئيس التركي في إرسال قواته إلى ليبيا حتى وقعت الفأس بالرأس حسب قولهم، وكان من بين الذين أطلقوا سهام اللوم على البرلمان الليبي، نواب من بين أعضائه، إذ قال النائب إبراهيم الدرسي "إن عقد جلسة ولا حتى جلستين ليس أمراً كافياً في هذه الظروف، يجب على رئاسة البرلمان أن تفرض حالة انعقاد دائم للمجلس لمواجهة الأخطار الجسيمة على الأمن القومي الليبي التي يمثلها تدخل تركيا العسكري في البلاد".

واعترف بوجود خلافات وانقسامات داخل المجلس، مؤكداً "يجب طرحها جانباً في هذه الأوقات الحرجة من تاريخ ليبيا التي تتطلب وقفة جادة من الجميع للحفاظ على أمنها وسيادتها على أرضها".

حكومة أزمة

 أما الحكومة الليبية المؤقتة في شرق ليبيا، فأعلنت في مؤتمر صحافي عقده وزير خارجيتها عبد الهادي الحويج في الساعات الأولى من صباح الجمعة "أنها ستعتبر منذ الآن حكومة أزمة في حال انعقاد مستمر، وتجند كل إمكانياتها إلى جانب القوات المسلحة" معتبرةً "أن ما قام به البرلمان التركي من منحه التفويض للجيش التركي للتدخل في ليبيا أمر غير مقبول وستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقات بين البلدين".

ووصف الأزمة حالياً بأنها "معركة وطن"، موضحاً أن وزارته في حالة تواصل مستمر مع لجنة الخارجية في البرلمان، وأن لجنة مشتركة من الطرفين شُكّلت لمتابعة التطورات الأخيرة بشكل مستمر.

وكان الدرسي قد طالب أيضاً في تصريحاته الحكومة المؤقتة "بتحسين أدائها السياسي على مستوى السياسة الخارجية وتعزيز التواصل مع من وصفها بالدول الشقيقة لخلق تيار دولي وإقليمي يجابه سياسات أردوغان المستفزة في ليبيا".

التوجه إلى مجلس الأمن

في هذا الوقت، أجرى رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني، اتصالاً هاتفياً بنائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص لرئيس روسيا في ليبيا ميخائيل بوغدانوف، لبحث الدعوة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي للوقوف في وجه العدوان التركي على بلاده. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة حاتم العريبي إن الثني أجرى مشاورات خلال الاتصال الهاتفي مع بوغدانوف بشأن قرار البرلمان التركي الصادر الخميس، بتفويض أردوغان إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا".

مقاطعة نفطية

وأعلنت شركتان ليبيتان من أكبر الشركات الليبية العاملة في مجال النفط شرق البلاد وهما شركة الخليج العربي وشركة رأس لانوف للنفط، مقاطعتهما لكل الشركات التركية، وإيقاف كل عمليات تصدير النفط لأنقرة، احتجاجاً على المواقف التركية من الأزمة الليبية، واستنكرت شركة الخليج العربي للنفط في بيان "ما بدر من البرلمان التركي لجهة تأييد موقف أردوغان المشين والمعادي للشعب الليبي والمستفز لأحراره، بعد موافقته على مذكرة تفاهم تسمح بإرسال قوات عسكرية إلى تركيا".

وتحوي منطقة شرق ليبيا، أو ما يُعرف تاريخياً بإقليم "برقة"، الجزء الضخم من المخزون النفطي الليبي، وتوجد فيه أكبر موانئ تصدير النفط في البلاد.

تهليل في معسكر الوفاق

في المقلب الآخر، أبدت مصادر رسمية ومقربة من حكومة الوفاق ترحيباً كبيراً بقرار التفويض الصادر من البرلمان التركي، إذ صرح وزير الداخلية فتحي باشاغا أن "المسؤول على قرار الهجوم على العاصمة لم يعد لديه إلا واحد من خيارين: الاستسلام أو الانتحار، (في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، قائد الجيش)".

أضاف في تصريحات نقلها الحساب الرسمي للداخلية، أنه على القيادة العسكرية المسؤولة على الهجوم أن "تعلن ساعة صفر صادقة ولو لمرة واحدة، وهي ساعة الانسحاب والاستسلام لإرادة الشعب الليبي"، وتابع "أن لحكومة الوفاق الحق في الدفاع عن شرعيتها، ومن أوجب واجباتها حماية المدنيين من عدوان غاشم، تقوده ثلة من الانقلابيين مدعومة من بعض الجهات الخارجية".

وأكد "أن مذكرات التفاهم مع الجمهورية التركية جاءت بالطرق القانونية وبشكل معلن من دون مواربة، عكس الذين يستجلبون المرتزقة من جميع الملل بتسهيلات من بعض الدول التي تعترف بحكومة الوفاق في العلن وتدعم العدوان في جنح الظلام"، حسب باشاغا.

حماية المدنيين

من جانبه، قال النائب في المجلس الرئاسي محمد عماري زايد "قرار البرلمان التركي اليوم جاء تتويجاً لصمود قوات حكومة الوفاق التي تتصدى لعدوان إقليمي ودولي". وأبدى في تصريح تلفزيوني "ترحيب الرئاسي بمصادقة البرلمان التركي والموافقة على مذكرة الحكومة التركية بالتعاون العسكري مع حكومة الوفاق"، مضيفاً "حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية والجهة الوحيدة المخولة في ليبيا عقد التحالفات العسكرية اللازمة للدفاع عن الدولة ومؤسساتها ومواطنيها".

وأكد أن طلب حكومة الوفاق التعاون العسكري مع تركيا جاء لحماية المدنيين، بعد تصعيد خطير من طرف حفتر وداعميه في مصر والإمارات وإدخاله المرتزقة الروس والجنجويد إلى ليبيا.

وانعكس قرار البرلمان التركي على المعركة العسكرية في طرابلس، حيث شهدت جبهات القتال جنوب العاصمة اشتباكات عنيفة ليل الجمعة بعد شن قوات الجيش هجوماً موسعاً "لم ترد أخبار عن نتائجه"، واعتُبر رداً على الموقف التركي، ووجهت مدفعية الجيش ضربات عنيفة إلى مطار معيتيقة الذي تتّهم قوات الجيش حكومة الوفاق بنقل مقاتلين مرتزقة عن طريقه إلى طرابلس. وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي اللواء خالد المحجوب إن قيادة الجيش "تلقت آلاف الطلبات من جميع المناطق الليبية للجهاد في صفوف الجيش الليبي ضد الغزو التركي"، حسب وصفه.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي