Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جونسون قد يدمر الاقتصاد ويفوز مجددا، ما لم يتغير حزب العمال

في 1983 ناشد نيل كينوك حزبه ألا ينسى ما حدث في الانتخابات، فلتتكرر النصيحة الآن

حطّم بوريس جونسون خصومه في "حزب العمال"، فهل يقلبون هزيمتهم درساً لإعادة النهوض؟ (أ.ب.)      

بالنظر إلى عقيدة الإنكار التي اجتاحت حزب العمال منذ هزيمته الكارثية [في الانتخابات البرلمانية] قبل أسابيع قليلة، وكانت الأسوأ منذ 1983 أو 1935 كل بحسب رأيه، يبدو أن الأمل الوحيد في تغيير الحكومة في المرة القادمة يتجسّد في أن يُفسد حزب المحافظين الأمور لدرجة كبيرة تدفع الجمهور اليائس لطردهم باشمئزاز خارج الحكومة.

يا ليت يكون ذلك ممكناً.

إذ يقدر المحافظين بالتأكيد على ذلك [= إفساد الأمور]، ولا يستحقون في الغالب سمعة الكفاءة الاقتصادية التي يتمتعون بها. هذه المرة، لا يزال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة أمراً ممكناً، ما قد يُحدث صدمة حادة قصيرة تليها سنوات عدّة من الركود. وحتى في ظل اتفاق مكشوف للتجارة الحرة يجري التفاوض عليه [مع أوروبا]، سيكون هناك فقدان للاستثمارات، وعمليات إفلاس، وفقدان وظائف، ومجتمعات محليّة مدمرة (بعضها في مناطق داعمة للخروج). لن يكون هناك كثير من المال في الأمكنة كلها، وستتعرض الخدمات العامة مع استثناءات قليلة، لضغوط عدّة، وسيتعين إصلاح هيئة "خدمات الصحة الوطنية" فيما سيزداد عدم المساواة والفقر. وبحلول 2024، من السهل أن نرى ارتفاعاً في معدلات البطالة والتضخم، وانخفاضاً في القيمة الحقيقية لأسعار المنازل والأجور بأكثر من حالاتها حاضراً. وستتأتى تلك الأشياء نتيجة شعار "تحرير إمكانيات بريطانيا."

هل ستكون تلك الظروف مثالية بالنسبة للمعارضة العمالية المتطرفة لاقتحام السلطة؟ هل ستحدث خيانة حقيقية للبريكست، وتنكشف للجميع؟ هل ينفضح خداع بوريس جونسون بواسطة ضعف كفاءته؟

في البادية، هذا لن يحدث. وحتى لو فشل البريكست فشلاً واضحاً، لأن البريكست قد انتهى منذ الآن كقضية، سيكون الأوان حينها قد فات بالنسبة لداعمي البقاء كي يقدموا حججهم. ستكون بريطانيا قد جهزت فراشها وإن كان غير مرتب ومملوء بالحشرات. ثمة قلّة ستكون في مزاج العودة إلى الاتحاد الأوروبي، ما يعني المرور بكل التجربة من جديد ولكن في الاتجاه المعاكس. علاوة على ذلك، يمكن لجونسون إلقاء اللوم دائماً على الأوروبيين السيئين وظروف التجارة العالمية الصعبة في الفوضى التي ستعيشها بريطانيا. سيكون مثل بائع مراوغ للسيارات المستخدمة عندما تعيد سيارتك القديمة لاسترداد أموالك، سيكون مليئاً بالأعذار. سيجد ثلاجة للاختباء (كما فعل عندما هرب من مقابلة تلفزيونية واختبأ داخل ثلاجة في أحد مصانع الحليب).

يتوجب الآن على أعضاء حزب العمال ألاّ ينسوا أو ينكروا أو يزيفوا الحقيقة بالنسبة لما حدث في 12 ديسمبر 2019. لقد فاز حزب المحافظين، ولم يكن ذلك غلطة أحد سوى حزب العمال.

 

لن يحظى بشعبية، بل سيحظى باحترام أقل بعد خمس سنوات في السلطة، لكن هذا لا يعني أن جونسون سيخسر، حتى في أوج الركود. وفي الواقع، لا يعني أنه سيخسر خصوصاً إذا كان في أوج الرك

يؤثر عن طوني بن، جد اليسار الحالي ومرشد تلميذه الشاب جيريمي كوربين، غرامه بالإشارة إلى أن الناس يلجأون دائماً إلى اليمين في أوقات الأزمات الاقتصادية. لقد كان توني مخطئًا في العادة، لكنه في هذه النقطة على صواب. تعتبر هزائم حزب العمال القياسية في عامي 1983 و1935 (وغيرها) لحظات بليغة. كما حدث في 2019، جاءت تلك الهزائم في أوقات الأزمات أو بعدها بفترة وجيزة، وفي ظروف من الصعوبة الاقتصادية بالنسبة لعدد من مناطق البلد، أو ما نسميه الآن "المناطق المهمشة". وبدرجات متفاوتة، في ظل هذه الظروف لم يتجه عديد من الأسر التي تعاني من ضغوط شديدة إلى اليسار، سواءً في الشمال أو الجنوب، في إنجلترا أو اسكتلندا أو ويلز، بين المحافظين اجتماعياً أو الليبراليين، أو بين الشباب وكبار السن. لقد فشل حزب العمال في إقناعهم بأن هناك بديل عن المحافظين.

في 2019، خسر حزب العمال 8 في المائة من الناخبين خلال عامين. فاز جونسون بـ3.7 مليون صوت أكثر من كوربين. وآنذاك، تصوّر الناخبون أنّ المخاطر التي يمثّلها حزب العمال كبيرة للغاية. وكما ترى ريبيكا لونغ بيلي، فإن سياسات حزب العمال تحظى بشعبية (جيدة، أحيانًا) لكنها مع عدد قليل جدًا من حزب العمال، تعترف بأن الجمهور يرى أن هذه السياسيات تفتقد للمصداقية، بل غير حكيمة. ويعرف الناس في حياتهم اليومية أنه إذا كان هناك عرض أروع من أن يصدق، فمن المحتمل أنه لا يصدق. كذلك كانت سياسات الحزب.

وقريباً، بسبب البريكست ستُفرض ظروف أشد صعوبة على المستضعفين والمدن الفقيرة. من المحتمل أن يقترض جونسون قدر استطاعته للحفاظ على سير الاقتصاد، وقد تستفيد بعض المناطق وتتحس جيداً بأثر من وجود خط سككة حديد جديد أو نقل إدارة حكومية إليها. ستكون سياسة اقتصادية خبيثة مدفوعة بحسابات انتخابية. قد تكون هناك تخفيضات ضريبية صغيرة ورمزية من "العصر الذهبي" الذي يعد به. وفي النهاية، سيتمسك معظم الناس بوظائفهم، وسيستمر نظام خدمات الصحة الوطنية يكافح من أجل البقاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، فإن سنوات العشرينيات [من القرن 21] ستكون عقدًا مقلقاً يتسم بالغموض، ستحاول فيه بريطانيا إيجاد دور جديد وطريقة جديدة لتحقيق مصالحها في عالم صعب. يجب أن يكون حزب العمال قادراً على تقديم بديل أفضل بكثير مما سيقدمه جونسون، لكنه يجب أن يكون بديلاً لا يعتقد الناس أنه سيجعل الوضع في الواقع أكثر سوءاً، وإلا فإن الناس سيقولون مرة أخرى "الأفضل التعامل مع الشيطان الذي تعرفه."

ليست القيم العمالية التقدمية بغريبة على الشعب البريطاني، لكن الأشياء الماركسية الحادة غريبة عليهم. إنهم يحبون خدماتهم العامة، لكنهم لا يرغبون التسبّب في إفلاس الاقتصاد من أجلها. وكذلك يكرهون البلطجة والارتباك إن لم نقل بصراحة، الروح القبيحة لحزب العمال اليوم، التي تعد فضيحة معاداة السامية من أبشع تجلياتها. يجب أن يقف حزب العمال على نقيض صارخ من المحافظين المعاديين للإسلام، لكنه لا يفعل ذلك.

ومهما كان العرض الجديد الذي سيقدمه حزب العمال، يجب ألا يشبه ما جربه الناس من قبل. وعلى الرغم من تضمن بيانهم الانتخابي بعض الفضائل، إلا أن الجمهور رفضه بوضوح،  نقطة على السطر.

وفي السياق نفسه، يعبّر الدافع الشخصي والعاطفي الأكبر للتغيير لدى أعضاء حزب العمال عما قاله [رئيس حزب العمال السابق] نيل كينوك بعد كارثة 1983 [الانتخابية، حين مُنِيَ الحزب بخسارة تاريخية]. خلال "فترة التأمل" تلك، ناشد كينوك حزبه عدم نسيان ما حدث في الانتخابات [التي جرت] قبل بضعة أشهر. وبحسب كلماته في ذلك الوقت، "تذكروا ما شعرتم به آنذاك، وقولوا في أنفسكم أننا لن نعيش مجدداً ما حدث في التاسع من يونيو 1983".  لكنهم نسوا ذلك، وتحركوا ببطء شديد نحو التغيير وخسروا مرّة واخرى في عامي 1987 و1992 قبل أن يستسلموا في النهاية للناخبين ويفوزوا بأغلبية ساحقة في 1997، وبعدها في ثلاث فترات متتالية مملؤة بإنجازات قوية (على الرغم مما طغى عليها من تبعات حرب العراق).

لذا، يتوجب الآن على أعضاء حزب العمال ألاّ ينسوا أو ينكروا أو يزيفوا الحقيقة بالنسبة لما حدث في 12 ديسمبر 2019. لقد فاز حزب المحافظين، ولم يكن ذلك غلطة أحد سوى حزب العمال.

© The Independent

المزيد من آراء