كشف البنك المركزي الصيني، اليوم الأربعاء أن "النمو الاقتصادي يظل متيناً على الرغم من ضغوط ضخمة نسبياً وتنامي الضبابية الخارجية".
وقال بنك الشعب الصيني في بيان، عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية للربع الرابع من العام، إنه سيعمل على درء المخاطر المالية ونزع فتيلها وسط "تغيرات عميقة" في الاقتصاد المحلي والدولي.
وأضاف أنه سيبقي سعر صرف اليوان متوازناً ومستقراً، وسيستخدم أدوات نقدية متعددة وسياسة مرنة للمحافظة على السيولة.
وتابع أنه سيبقي على نمو المعروض النقدي (ن2) والتمويل الاجتماعي منسجماً مع نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وتباطأ نمو الاقتصاد الصيني إلى أدنى مستوياته في نحو 30 عاماً.
وعلى الرغم من إبداء النشاط الاقتصادي بوادر تسارع في الآونة الأخيرة، يتوقع المحللون على نطاق واسع أن تطبق بكين مزيداً من إجراءات التحفيز في العام الحالي 2020 للحيلولة دون تباطؤ أشد.
قرار جديد لتحفيز الاقتصاد
على صعيد متصل، قال البنك المركزي الصيني، إنه خفَّض الاحتياطيات الإلزامية التي ينبغي على جميع البنوك الاحتفاظ بها، ليتيح سيولة بنحو 800 مليار يوان (114.91 مليار دولار أميركي) من أجل دعم الاقتصاد المتباطئ.
وقال بنك الشعب الصيني، على موقعه الإلكتروني، إنه سيخفِّض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بواقع 50 نقطة أساس، اعتباراً من 6 يناير (كانون الثاني) الحالي. وتوقع عدد من المحللين خطوة وشيكة من هذا النوع.
وخفَّض البنك نسبة الاحتياطي الإلزامي ثماني مرات، منذ أوائل عام 2018 لتحفيز الإقراض المصرفي مع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى أضعف وتيرة في نحو 30 عاماً.
ترقب الاتفاق التجاري مع واشنطن
في الوقت ذاته، يترقب العالم توقيع الاتفاق التجاري بين بكين وواشنطن، حيث كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن "أن توقيع المرحلة 1 من الاتفاق سيُجرى يوم 15 يناير في البيت الأبيض.
وكتب الرئيس عبر تغريدة على موقع "تويتر" أنه سيُوقِّع الاتفاق مع "ممثلين رفيعي المستوى للصين"، وأنه سيتوجه لاحقاً إلى بكين للشروع في محادثات المرحلة التالية، فيما كان اتفاق المرحلة الأولى أُبرم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر ترمب في التغريدة "سأوقع على المرحلة الأولى الواسعة والشاملة من الاتفاق التجاري مع الصين في 15 يناير"، بعدما تعهد في حملته الانتخابية عام 2016 بأنه سيعالج مشكلة الأساليب التجارية "غير المنصفة" التي تعتمدها بكين.
ومنذ مارس (آذار) 2018، تتبادل واشنطن وبكين فرض رسوم جمركية عقابية على ما يساوي مئات مليارات الدولارات من البضائع، ما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الصيني، ويتسبب في تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ووفق واشنطن، يتضمن الاتفاق بنوداً متعلقة بمسألة النقل القسري للتقنيات، ويفتح المجال أمام وصول أفضل إلى السوق الصينية لشركات القطاع المالي الأميركية. وينص أيضاً على أن تشتري بكين بضائع أميركية بقيمة 200 مليار دولار خلال مرحلة تمتد إلى عامين.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الثلاثاء، خلال الخطاب الذي ألقاه بمناسبة العام الجديد في بكين، إن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بلاده من المتوقع أن يصل إلى 10 آلاف دولار أميركي في 2019.
السياسات الحذرة
ومن المرجح أن تحافظ السلطات الصينية على سياستها الحذرة، وتواصل تسهيل السياسة المالية والنقدية، ومن ثم الامتناع عن اتخاذ تدابير تحفيزية لتعزيز النمو على المدى القصير. وقد أدت عوامل دورية وخارجية عدة إلى تفاقم التباطؤ في عامي 2018 و2019، مثل تقليص المديونية المحلية، وتراجع التصنيع العالمي، والنزاع التجاري مع الولايات المتحدة. ويُتوقع استقرار العوامل الدورية في عام 2020، بفضل استمرار السياسة اللينة، وعدم تصعيد النزاع التجاري بين أميركا والصين.
وكان رئيس الوزراء، لي كه تشيانغ، قال إن اقتصاد الصين قد يواجه المزيد من الضغوط في 2020، مقارنة مع ما واجهه خلال 2019، لكن الحكومة ستتخذ خطوات لإبقاء النمو ضمن نطاق معقول. وتباطأ النمو في الربع الثالث إلى 6% وهو أدنى مستوى خلال نحو 30 عاماً.
قطاع الصناعات التحويلية
وأشارت بيانات مكتب الإحصاء إلى ارتفاع المؤشر الفرعي لناتج قطاع الصناعات التحويلية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) بمقدار 0.6 نقطة ليصل إلى 53.2 نقطة، في حين تراجع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة بمقدار 0.1 نقطة، ليهبط إلى 51.2 نقطة.
وارتفع المؤشر الفرعي لطلبات التصدير خلال شهر ديسمبر، إلى أكثر من 50 نقطة للمرة الأولى منذ منتصف عام 2018، حيث سجل 50.3 نقطة، مقابل 48.8 نقطة خلال الشهر السابق عليه. واستمر مؤشر طلبات الاستيراد أقل من 50 نقطة، مسجلاً 49.9 نقطة.
واستقر مؤشر التوظيف في قطاع الصناعات التحويلية عند مستوى 47.3 نقطة من دون تغيير خلال شهر ديسمبر، في حين ارتفع مؤشر توريدات الموردين بمقدار 0.6 نقطة ليصل إلى 51.1 نقطة.
نمو الاقتصاد سيظل مستمراً
وذكرت الهيئة العليا للتخطيط الاقتصادي في الصين، أن نمو الاقتصاد الصيني سيظل مستقراً وقوياً بفضل الأسس الاقتصادية القوية والمرونة طويلة الأمد. وأوضحت في بيان أن "النمو الذي حققه الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% في الربع الثالث من هذا العام لم يكن على الإطلاق إشارة إلى فقدان الزخم، حيث إن النمو يتحقق على خلفية حجم اقتصادي أكبر"، مضيفة أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في 2018 يُعتبر مكافئاً لحجم الاقتصاد بالكامل في 1997.
وفي وسط تباطؤ اقتصادي عالمي دفع المنظمات الدولية إلى تقليل توقعاتها للنمو في 2019 و2020، من المتوقع أن يكون التوسع الاقتصادي الذي شهدته الصين هو الأسرع بين جميع الاقتصادات التي تتجاوز تريليون دولار، بحسب تقرير لوكالة أنباء الصين الجديدة "شينغوا".
وتقدم أسس الاقتصاد الكلي المزيد من الأدلة على الاستقرار، حيث جرى توفير 12.79 مليون فرصة عمل حضرية جديدة في الـ11 شهراً الأولى من عام 2019، متجاوزة هدف هذا العام. وارتفع الدخل الشخصي المتاح في الثلاثة أرباع الأولى من العام بنسبة 6.1%، بأسرع من حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، بينما واصل نمو استهلاك الطاقة لكل وحدة من وحدات الناتج المحلي الإجمالي التراجع خلال نفس الفترة، وأثبت سوق المستهلكين المزدهرة والتحديث الهيكلي الجاري أنهما محركان محتملان للنمو المستمر.