Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس... الجملي في جلباب الغنوشي

حكومة "الكفاءات المستقلة"... وغضب سياسي وإعلامي

اجتماع الرئيس التونسي قيس سعيد مع الأحزاب لتمديد المشاورات (موقع رئاسة الجمهورية)

لم يستطع الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف، الخروج من جلباب راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حزب "النهضة"، فأجهض معه مبادرة تمديد المشاورات بين الأحزاب السياسية التي طرحها رئيس الجمهورية قيس سعيد، والتي اعتبرها الاسلاميون دفعاً نحو "حكومة الرئيس" ومنعاً للنهضة من حق تشكيل حكومتها.

وبعد خمسة أسابيع من انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة مع كل الأحزاب والتيارات السياسية والمنظمات الوطنية والشخصيات، وبعد يومين من اعلانه الوصول الى اتفاق على تركيبة الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، قرر الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف، تشكيل حكومات كفاءات مستقلة عن كل الأحزاب.

رفع جلسة الحوار

هذا القرار جاء بعد لقاء قصير جمع رئيس الحكومة المكلف برئيس الجمهورية، وتناول، حسب تسريبات، التشاور حول اسمي وزيري الخارجية والدفاع، وهما الحقيبتان اللتان يختارهما رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.

وقرار تشكيل حكومة كفاءات وطنية، الذي تم الاعلان عنه قبل ان ينتهي لقاء دعا اليه رئيس الجمهورية قيس سعيد، مع أحزاب "النهضة"، و"التيار الديمقراطي"، و"حركة الشعب"، و"تحيا تونس"، أراد فيه الدعوة الى العودة الى المشاورات بين الرباعي والإسراع بتشكيل حكومة سياسية تتجه الى ايجاد حلول للأزمة السياسية والاجتماعية في البلاد، وهذه الدعوة أجهضت بقرار راشد الغنوشي الذي أعلن ان المشاورات انتهت وليس هناك فرصة أخرى لاستئنافها.

قرار الغنوشي، دفع رئيس الجمهورية الى رفع جلسة الحوار، وانهاء مبادرته في المهد، وهو ما جعل المراقبين يؤكدون أن قرار الجملي بتشكيل حكومة كفاءات وطنية لم يكن قراره بل قرار المكتب التنفيذي لحركة "النهضة"، الذي دعا الى تكوين حكومة كفاءات وطنية.

خلافات

ولم تستسغ غالبية الأحزاب السياسية دعوة الجملي الى حكومة كفاءات مستقلة، وفي هذا الإطار، اعتبر زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، والذي قاد مشاورات حزبه مع الجملي، أن الدعوة الى حكومة كفاءات مستقلة تعتبر "تحايلاً على التونسيين، وأنها ستكون حكومة "النهضة" وحزب "قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة"، و"كتلة الاصلاح الوطني"، وهو الموقف نفسه الذي تبناه حزب "آفاق  تونس"، الذي اعتبر حكومة الكفاءات المستقلة "محاولة لمغالطة الرأي العام تحت مسمى الاستقلالية، و للتغطية على تحالفات غير معلنة والهروب من تحمل مسؤولياتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الفكرة وجدت معارضة حتى داخل حركة "النهضة" ذاتها، اذ اعتبر القيادي عبد اللطيف المكي انه كان من الأفضل "ان نصبر أكثر على خيار تشكيل حكومة سياسية ذات برنامج وفريق متفق عليهما تبدأ بالحلول الحقيقية لأوضاعنا".

من جهته، اعتبر الإعلامي صالح عطية ما أعلنه رئيس الحكومة المكلف "قفزا على مسار دستوري واضح، وانتقالاً غير مبرر من مقتضيات النظام البرلماني، إلى (فكرة)، مجرد (فكرة)، عنوانها "حكومة كفاءات مستقلّة"، بما يضعه في مأزق دستوري حقيقي، وربما يجعل منه الشخصية الأولى التي تسجّل تجاوزاً قانونياً ودستورياً، منذ اعتماد دستور 2014".

هذا الرأي دحضته استاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي التي أكدت أن "مسألة تشكيل حكومة كفاءات وطنية، التي دعا اليها رئيس الحكومة المكلف، لا تشوبها أية شائبة قانونية أو دستورية، وأن للجملي ضوءاً اخضر وصلاحيات كاملة في تحديد طبيعة وشكل حكومته في حدود المدة الزمنية التي حددها الدستور ".

تحالف خجول

"حكومة الكفاءات المستقلة" التي أعلنها الجملي، والتي قد يتم الاعلان عن تركيبتها قبل نهاية الاسبوع الحالي، هي تحالف خجول سيضم شخصيات مستقلة واخرى قريبة من "النهضة" و "قلب تونس" وكتلة "الاصلاح الوطني"، وبتأييد من "ائتلاف الكرامة" ونواب من احزاب وكتل اخرى ستترك لهم احزابهم وكتلهم حرية التصويت للحكومة او ضدها، وهو ما يعني استحضاراً لروح التصويت لفائدة راشد الغنوشي في انتخابات رئاسة البرلمان قبل ستة أسابيع.

هذه التركيبة قال عنها الإعلامي والباحث السياسي منذر بالضيافي "هي الأكثر انسجاماً، ما سيساعد على الاستقرار الحكومي، كما انها تركيبة تضمن الاستمرارية في "التعايش" بين الإسلاميين ومكونات التيار الدستوري والعصري الذي "طبع" مع الإسلاميين، وهو استمرار خيار الغنوشي في دعم نهج "تحالف الشيخين" (الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي)، الذي يعتبر الخيار الأفضل لإدارة المرحلة المقبلة، في حال تجاوز سلبيات جعلت المنجز الاقتصادي دون المأمول، لكنه خيار حمى مسار الانتقال الديمقراطي، الذي اصبح مهدداً بتصاعد التيار الشعبوي، وانتشار الدعوات الفوضوية، التي أصبحت تمثل خطراً على وحدة المجتمع ومؤسسات الدولة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي