تقترب السعودية والكويت غدا من اتفاق ثنائي بشأن عودة الإنتاج في «المنطقة المقسومة» بين الدولتين الجارتين. ورغم الغموض حول تفاصيل الاتفاق الجديد، حيث يحرص الجانبان على نجاحه، إلا أن محللين أكدوا أن "عودة الإنتاج خطوة صحيحة وتعزز إنتاج البلدين، إذ تضيف 500 ألف برميل يوميا، ما يعطي الفرصة لإراحة مكامن النفط الأخرى أو دعم الاحتياطيات البترولية لدى الدولتين".
توقيع الاتفاق
وبحسب مصادر مطلعة في شؤون النفط، ذكرت أمس أن السعودية والكويت ستوقعان اتفاقاً غدا الثلاثاء لـ"استئناف إنتاج النفط من حقول المنطقة المقسومة".
وذكر مصدر مطلع أن "الكويت ستكون الرابح من الاتفاق نظرا للفارق الكبير في الإنتاج بينها والسعودية، ولذلك نحتاج للاطلاع على التفاصيل لفهم هذا الاتفاق".
وكان وزير النفط الكويتي، خالد الفاضل، ذكر أمس أنه "يأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق بين السعودية والكويت بشأن عودة إنتاج النفط بالمنطقة المقسومة، قبل نهاية العام".
وقال الفاضل، في تصريحات للصحافيين على هامش اجتماع منظمة أوبك "نأمل أن تتم تسوية الأمور، وأن تعود إلى طبيعتها بنهاية العام".
في حين صرَّح مصدر مطلع على عمليات المنطقة المقسومة، بأن استئناف الإنتاج من الحقول المشتركة "سيجري على مراحل بعد التوصل إلى اتفاق نهائي، وأن بلوغ طاقة الإنتاج الكاملة سيستغرق أشهراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهد عام 2014، توقف إنتاج النفط في حقل الخفجي بالمنطقة حتى الآن لأسباب قالت أرامكو السعودية إنها بيئية. ووصل إنتاج الحقل إلى (280 ألفاً و300 ألف برميل يومياً). فيما أغلق حقل الوفرة في مايو (أيار) 2015، نظراً إلى عقبات تشغيلية، وتتراوح الطاقة الإنتاجية بنحو 250- 300 ألف برميل.
وحال عودة الإنتاج بالحقلين بحدود 500 ألف برميل يوميا، بحسب تصريحات المسؤولين، سيضيف أكثر من 0.5% للمعروض العالمي من النفط.
وعند احتساب متوسط سعر برميل النفط بنحو 60 دولارا، فإن الإيرادات المتوقعة شهريا تصل لنحو 900 مليون دولار، وتقترب من 11 مليار دولار سنويا، وفق الحسابات.
طاقة إنتاجية جاهزة
من جانبه، قال المستشار النفطي محمد الصبان، إن "عودة إنتاج المنطقة المقسومة لن يسبب اضطرابا لأسواق النفط في ظل التزام الدولتين باتفاق خفض الإنتاج، وهو ما يبعث على الطمأنينة بأن هناك طاقة إنتاجية جاهزة تحسبا لأية تغيرات بإمدادات الطاقة العالمية نتيجة لأي عوامل جيوسياسية بالفترة المقبلة".
وأضاف الصبان "أن الإعلان عن توقيع اتفاقية المنطقة المقسومة التي تضم حقلي الخفجي والوفرة يعتبر تجديدا لاتفاقية عام 1970 بتقسيم المبيعات المشتركة للحقلين، ويعكس عمق العلاقة بين الكويت والسعودية".
وتابع "لم يكن هناك خلاف بمعني الخلاف إنما كانت هناك إجراءات بيروقراطية طويلة صاحبها تغيرات وزارية على حقائب النفط بالدولتين، مما أدى إلى تأخير حل هذا الملف، وبطبيعة الحال عودة الإنتاج لن تكون مباشرة وستستغرق عدة أشهر، وإذ عاد الإنتاج بالكامل فإنه لن يؤثر ذلك في اتفاق خفض الإنتاج، لأن السعودية لديها طاقة فائضة لا تستغلها من أجل الحفاظ على اتفاق أوبك+".
وفي الاجتماع الأخير مطلع الشهر الحالي، قررت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجون المستقلون بقيادة روسيا تعميق خفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من 2020، ليرتفع إجمالي الخفض إلى 1.7 مليون برميل في محاولة لكبح ارتفاع المعروض مع تراجع الطلب العالمي المتوقع.
وتوقع الصبان ألا يكون هناك أي زيادة بالمرحلة الحالية في إنتاج السعودية، ما لم يتم تغيير اتفاق أوبك أو إلغاؤه بالمستقبل، كما أن إنتاج هذه المنطقة في حدود 500 ألف برميل يوميا تتقاسمها الدولتان بنسبة 50% لكل منهما، فحصة السعودية تعد هامشية مقارنة بقدرتها الإنتاجية الحالية التي تتجاوز 12 مليون برميل".
طاقة فائضة
من جهته، أكد المحلل النفطي الكويتي، كامل الحرمي، أن الاتفاق لن يؤثر على ميثاق أوبك نظرا لأن هناك 7 ملايين برميل أو أكثر طاقة فائضة لدى دول أوبك، إذ تم احتساب الفائض لدى إيران وفنزويلا ودول مجلس التعاون الخليجي، على رأسهم السعودية.
وأشار إلى أن الكويت والسعودية دائما ما يلتزمان السقف المحدد ضمن اتفاق الالتزام بخفض الإنتاج، والأسعار في ظل المعطيات الراهنة ستظل عند مستوياتها المتداولة، إلا إذا زادت الكميات من المنتجين خارج أوبك، سواء من البرازيل والنرويج وكندا، إضافة إلى نمو إنتاج النفط الصخري مما قد يهبط بالأسعار ما لم تتدخل أوبك مرة أخرى أو يحدث نمو بالطلب العالمي مدفوعا بتحسن الاقتصادات الكبرى.
وتابع "الأخبار سارة بشأن عودة إنتاج الحقول المتوقفة منذ ما يقرب من 5 سنوات، مما يعكس جهود وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بالتوازي مع دور فاعل للمسؤولين الكويتيين".
وتوقع الحرمي أن يتم استئناف الإنتاج بعد شهرين أو ثلاثة أشهر ويصل إلى الطاقة الكاملة بنحو 500 ألف برميل بحقلي الخفجي والوفرة.
خطوة صحيحة
من جانبه، قال المختص في شؤون النفط، أحمد حسن كرم، إن عودة إنتاج المنطقة بين البلدين خطوة في الاتجاه الصحيح وفي وقت تحتاجه البلدان لزيادة إنتاجهما، خصوصا بعد إدراج عملاق النفط السعودي "أرامكو" بسوق الأوراق المالية، ومن جانب آخر يساعد على تحقيق استراتيجية القطاع النفطي الكويتي.
وتابع كرم "عودة الإنتاج ترفع القدرة الإنتاجية للبلدين في وقت تحتاجه الدول المستهلكة، وربما يمر الإنتاج بمراحل تدريجية حتى الوصول للكميات السابقة، لذا لن نرى زيادة ملحوظة بسرعة في الفترة المقبلة".
وأشار إلى أن "زيادة إنتاج البلدين من النفط سيؤثر على الأسعار بالانخفاض، لكن ما يحبذ عمله هو استغلال هذا النفط في إراحة بعض المكامن النفطية الأخرى، حينها لن يكون هناك تأثير على الأسعار، وهذا الأقرب للتطبيق في ظل التزام البلدين باتفاقية أوبك+ لخفض الإنتاج".