Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب شوارع في بيروت بين مناصري المستقبل والقوى الأمنية

مساع لتشكيل حكومة لبنانية... وسط شارع غاضب ومنتفض

يعيش لبنان توتراً وقطع طرقات وحرق إطارات وتظاهرات تجوب شوارع أساسية في المناطق، منذ تكليف حسان دياب لتشكيل حكومة، في بلد يتظاهر شبابه منذ 65 يوماً لمستقبل أفضل ومحاسبة الفاسدين، وإجراء تعديلات أساسية على نظام الحكم.

في المقابل، تشهد مناطق مؤيدة لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري رفضاً لتسمية دياب على اعتبار أنه لا يمثل الشارع السني، مطالبين بعودة الحريري الذي دعا مناصريه إلى الخروج من الشوارع وعدم الانجرار إلى أعمال شغب أو قطع طرقات.

وتجددت المواجهات مساء اليوم في منطقة كورنيش المزرعة ذات الغالبية السنية، بين القوى الأمنية ومناصري "تيار المستقبل" الذين رشقوا الجيش بالحجارة والمفرقعات النارية والزجاجات الحارقة، في حين عمدت فرقة مكافحة الشغب الى تفريق المحتجين الغاضبين عبر اطلاق قنابل مسيلة للدموع، ما أدى الى عمليات كر وفر. واعتدى المتظاهرون على فريق عمل تلفزيوني تابع لقوى الثامن من آذار، رافضين التفاوض مع مخابرات الجيش. كما وجهت دعوات عبر مكبرات الصوت في الجوامع نداءات لمناشدة المتظاهرين الخروج من المنطقة.

من جهة ثانية تجمع عدد من مناصري تيار المستقبل هذا المساء، تحت منزل الرئيس المكلف حسان دياب، منددين باستبعاد الحريري عن الحكم، والصفقة السياسية التي اتمها الثنائي الشيعي مع تكتل لبنان القوي وأدت الى تكليف دياب.

 وبعد صلاة الجمعة ظهر اليوم، حصل تدافع بين عدد من الشبان والجيش بعد منعهم، من إقفال الطريق قرب مسجد عبد الناصر في كورنيش المزرعة. كما حصلت مواجهات بين الطرفين ورشق بالحجارة، ما استدعى استقدام تعزيزات أمنية إضافية إلى المكان. وقطعت شوارع شمال لبنان بسواتر ترابية يعمل الجيش على فتحها، في حين تنظم مسيرة في طرابلس رفضاً لتسمية دياب. كما قطع اوتوستراد الناعمة باتجاه الجنوب، ما تسبب بزحمة سير خانقة، وحجز المواطنين في سياراتهم لمدة طويلة، فيما عمل الجيش على فتح الطريق.

حكومياً

في المقابل، أعلن رئيس الحكومة المكلف حسان دياب في مقابلة تلفزيونية بثت اليوم، أنه يسعى إلى تشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين، يطالب بها المتظاهرون في الشوارع منذ شهرين، متوقعاً أن تحظى بدعم أميركي وأوروبي كامل.
وكلّف رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس دياب (60 سنة) تشكيل حكومة جديدة، إثر إنهاء استشارات نال فيها تأييد نواب حزب الله وحلفائهم، بينما حجب أبرز ممثلي الطائفة السنية التي ينتمي إليها، أصواتهم عنه، في مقدمهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ونواب تيار المستقبل الذي يتزعمه.
وقال دياب في مقابلة مع قناة دوتشيه فيليه عربية "الهدف أن تكون هناك حكومة اختصاصيين وفي الوقت ذاته مستقلون ليعالجوا الأمور الحياتية والمعيشية"، أملاً بأن يتمكن من تشكيلها "خلال شهر أو خلال ستة أسابيع كحد أقصى". وأوضح "الجميع راغب في التعاون ليكون للبنان حكومة مميزة لا تشبه الحكومة السابقة، إن كانت بنسبة الاختصاصيين الموجودين في الحكومة أو على صعيد نسبة النساء".
وغالباً ما يستغرق تأليف الحكومة في لبنان، البلد الذي يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية، أشهراً عدة جراء الخلاف بين القوى الرئيسية على توزيع الحقائب والحصص.
من جهة ثانية، أوضحت الخارجية الفرنسية رداً على سؤال حول ما اذا كانت تسمية دياب كرئيس وزراء في لبنان يمكن أن تسهل في القيام بالإصلاحات الضرورية للحصول على مساعدات مالية دولية، "ليس لنا أن نقرر في تشكيل الحكومة اللبنانية المستقبلية، هذا الأمر يُترك للمسؤولين اللبنانيين للقيام به مع مراعاة المصلحة العامة، يجب أن يكون المعيار الوحيد كفاءة هذه الحكومة في خدمة هذه الإصلاحات التي ينتظرها الشعب".
 
ليست مهمة سهلة
 
ولن تكون مهمة دياب في تشكيل الحكومة سهلة على وقع تدهور اقتصادي متسارع. فهو يواجه من جهة حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة تطالب بحكومة اختصاصيين غير مرتبطة بالطبقة السياسية، ومن جهة ثانية المجتمع الدولي الذي يربط تقديمه دعماً مالياً للبنان بتشكيل حكومة إصلاحية.
وقال دياب إنه يتوقّع "الدعم الكامل من الأوروبيين والولايات المتحدة"، مضيفاً "أعتقد أن الأميركيين عند تأليف حكومة بهذا الشكل سيدعمونها لأن هدفها إنقاذ الوضع في لبنان، إن كان في ما يختص بالوضع الاقتصادي أو الاجتماعي".
ورفض تسمية حكومته بأنها "حكومة حزب الله". وقال "إنه أمر سخيف... هذه الحكومة ستكون وجه لبنان، ولن تكون حكومة فئة سياسية معينة".

هيل

في سياق متصل، وصل مساعد وزير الخارجية الأميركية السفير دايفيد هيل إلى لبنان لمتابعة التطورات، وقال "أنا هنا بناء على طلب وزير الخارجية بومبيو، للقاء القادة اللبنانيين من أجل البحث في الأوضاع الحالية، وتعكس زيارتي هذه قوة الشراكة بين بلدينا".

وأضاف بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا "لقد حان الوقت لترك المصالح الحزبية جانباً والعمل من أجل المصلحة الوطنية ودفع عجلة الإصلاحات وتشكيل حكومة تلتزم بإجراء تلك الإصلاحات وتستطيع القيام بها".

ولفت أنّ "الولايات المتحدة تدعو القوى الأمنية إلى مواصلة ضمان سلامة المتظاهرين أثناء مشاركتهم في التظاهرات السلمية، وإلى ضبط النفس من قبل الجميع، فلا مكان للعنف في الخطاب المدني".

رئيس الجمهورية

من جهة ثانية، أبلغ عون الموفد الأميركي، أن مسار تشكيل الحكومة الجديدة بدأ ليل أمس مع تسمية الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب، وستكون أمام هذه الحكومة مهمات كثيرة أبرزها إجراء الإصلاحات المطلوبة، لا سيما أنها ستتألف من فريق عمل منسجم قادر على مواجهة الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، سياسياً واقتصادياً. وتمنى عون على الولايات المتحدة الأميركية أن تشارك مع المجموعة الدولية لدعم لبنان، منوّهاً خصوصاً بالمساعدة التي تقدمها إلى الجيش اللبناني عتاداً وتدريباً.

وخلال الاجتماع الذي حضره وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، والقائم بالأعمال الأميركي في بيروت داني ديتون، أكد عون أن التحركات الشعبية القائمة حالياً تتوافر لها الحماية الأمنية اللازمة، انطلاقاً من الحفاظ على حرية التعبير من دون قطع الطرق وشل تنقل المواطنين لأن ذلك يتعارض مع القوانين والأعراف الدولية التي تضمن حرية الآخرين، لافتاً إلى أن مطالب "الحراك الشعبي" تلقى منه كل دعم، ولذلك دعا المشاركين فيه إلى الحوار للاتفاق على النقاط الإصلاحية الضرورية، وأنه لا يزال ينتظر التجاوب مع هذه الدعوة.

وشدد رئيس الجمهورية على أن مسيرة مكافحة الفساد التي بدأت من ثلاث سنوات مستمرة وبزخم، وأن الإجراءات تتوالى لمعاقبة المرتكبين، لا سيما أن الحراك تجاوز الخطوط الحمر التي كان يرفعها بعض النافذين والمستفيدين من الفساد وباتت عملية المكافحة أفضل.
 
جنوباً
وعن الوضع في الجنوب، أكد الرئيس عون تمسك لبنان بالجفاظ على الاستقرار على الحدود والالتزام بالقرار 1701، لافتاً إلى أن دخول باخرة يونانية إلى المياه الإقليمية اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، شكّل انتهاكاً للسيادة اللبنانية، وطلب لبنان من الأمم المتحدة القيام بالتحقيقات اللازمة. وجدد الرئيس عون مطالبة الولايات المتحدة بالمساعدة في إقناع إسرائيل بالالتزام بترسيم الحدود البحرية وذلك بهدف تثبيت الهدوء والاستقرار في الجنوب.

جولة بروتوكولية

بدأ الرئيس المكلف تأليف الحكومة حسان دياب جولته البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين من بيت الوسط حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ظهراً.

وقال دياب، "اللقاء مع الحريري له نكهة مميزة، بالأمس دولة الرئيس أكد حرصه على البلد والاستقرار وهذا ما يعبر عن رجل دولة وسيكون هناك تواصل وتعاون مستمر لما فيه خير لهذا البلد".

وأضاف "الأجواء إيجابية مع الجميع، والحريري أبدى كامل تعاونه لتأليف هذه الحكومة، أنا كصاحب اختصاص ومستقل، توجهي أن تكون الحكومة حكومة متخصصين وبالتالي نخدم هذا البلد ونحل المشاكل العالقة"، مشيراً إلى أن "دار الفتوى هي بيت للجميع وحين تنتهي الجولة سيكون هناك لقاء فيها".

كما زار دياب خلال الجولة التقليدية قبل التشكيل، الرؤساء السابقين سليم الحص وفؤاد السنيورة وتمام سلام، ولن يزور الرئيس نجيب ميقاتي بسبب مغادرته البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي