Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جونسون المتهور يعيد إلى الواجهة امكانية بريكست بلا اتفاق

برلمانيون غاضبون يحذرون من الخضوع لشروط "منظمة التجارة العالمية" في البيئة والخدمات الصحية

أثار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مخاوف واسعة بإعادته طرح امكانية تنفيذ بريكست من دون اتفاق مع اوروبا (أ.ب.)

أعاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بقوة وضع احتمال خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي من دون صفقة على الطاولة، عِبْرَ تقديم إجراء قانوني يمنعه من تمديد المفاوضات في شأن صفقة تجارية مع بروكسل إلى ما بعد نهاية السنة المقبلة. وقد وصف زعيم حزب "الديموقراطيّين الأحرار" بالإنابة، السير إد ديفي، هذه الخطوة بأنها "متهوّرة"، محذّراً من أنها تخاطر بدفع المملكة المتّحدة "من أعلى هاوية اللا صفقة"، ما قد يهدّد الوظائف والبيئة وهيئة "الخدمات الصحّية الوطنية".

ويمنع الحظر الذي سيتَضَمَّنه "مشروع قانون اتفاق الانسحاب" المنوي تقديمه إلى البرلمان يوم الجمعة، رئيس الوزراء من الحصول على وقتٍ إضافي إذا لم تكتمل المحادثات التجارية ضمن ما يعتبره معظم الخبراء جدولاً زمنياً ضيّقاً للغاية. وفي الأسبوع الماضي، كشف تسجيل مسرّب أن ميشيل بارنييه كبير المفاوضين في الاتّحاد الأوروبي، يعتقد أن الجدول الزمني "غير واقعي". وقد ابلغ أعضاء في البرلمان الأوروبي، "لن ننجز كلّ شيء خلال 11 شهرا".

ومن المتوقّع أن يجبر هذا الحظر الشركات على التفكير مرّة أخرى في ضروة وضع خطط طوارئ باهظة الكلفة تحوّطاً لامكانية خضوعها لشروط "منظّمة التجارة العالمية" في اليوم الأول من 2021، بعدما كانت قد أهدرت في السابق أموالاً على استعدادات فاشلة للمغادرة في يومي التاسع والعشرين من مارس (آذار) والحادي والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) هذه السنة [الموعدين السابقين لتنفيذ بريكست].

ولا تتناول اتفاقية الانسحاب التي توصّل إليها بوريس جونسون مع عاصمة الاتّحاد الأوروبي، والمقرّر أن يسري مفعولها في الحادي والثلاثين من يناير (كانون الثاني) سوى ترتيبات الطلاق، ولا تقدّم ضماناً لمواصلة التجارة الحرّة بعد نهاية الفترة الانتقالية التي تمتد حتى ديسمبر (كانون الأول) من 2020.

وفي وقت سابق، تعهّد رئيس الوزراء البريطاني بعدم الاستفادة من تمديد الفترة الانتقالية لمدة سنة أو سنتين، بناءً على عرضٍ مقدّم من الاتّحاد الأوروبي. في المقابل، يقيّد البند القانوني الجديد يديه، ولا يترك له سوى خياري قبول الشروط التي تقدّمها له بروكسل، أو مواجهة تعطّل علاقات التجارة والنقل المتوقّع في حال المغادرة من دون صفقة.

ومع هذه الخطوة، يخرق جونسون وعداً قطعه وزير العدل روبرت باكلاند قبل الانتخابات، بأن يصوّت النوّاب على احتمال أن تطلب الحكومة وقتاً إضافياً لتجنّب الخروج من الاتّحاد الأوروبي من دون اتّفاق.

وفي السياق نفسه، ذكر مصدر في مقرّ رئاسة الوزراء البريطانية في "10 داونينغ ستريت" إنه "في الأسبوع الماضي، صوّت الناخبون من أجل حكومة تعمل على إنجاز الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي، والمضي بهذه البلاد نحو الأمام، وهذا بالضبط ما نعتزم إنجازه اعتباراً من الأسبوع الجاري... لقد أوضح بياننا الانتخابي أننا لن نمدّد فترة التنفيذ، وأن مشروع القانون الجديد لاتفاق الانسحاب سيحظر قانونيّاً موافقة الحكومة على التمديد".

وفي المقابل، سارع السير إد ديفي إلى توضيح "إن النهج المتهوّر لحكومة المحافظين في شأن الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي سيدفع بالبلاد مباشرة نحو هاوية اللا صفقة. وكذلك رأى أن "الطريقة الوحيدة التي يستطيع بواسطتها بوريس جونسون الوفاء بالجدول الزمني المحدّد بشهر ديسمبر (كانون الأول) من 2020، تكون في التخلّي عن جميع وعوده السابقة التي قطعها لمؤيّدي المغادرة، والموافقة على جميع مطالب الاتّحاد الأوروبي".

وأكد ديفي أيضاً أن "حزب الديموقراطيّين الأحرار سيواصل الدفاع عن مؤيّدي البقاء في الاتّحاد الأوروبي على امتداد البلاد، ومعارضة خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي. إذ يستحق الناس مستقبلاً أفضل من ذلك الذي يهدّدهم به رئيس الوزراء في الوظائف والبيئة وخدمات الصحّة الوطنية".

وأتت هذه الخطوة بعدما أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية أن التنازلات في شأن حقوق مكان العمل والحماية البيئية المقدّمة للنوّاب قبل الانتخابات، قد لا تُدرج في مشروع القانون. وأوضح ناطق رسمي للمراسلين أن التشريع المعروف في البرلمان بإسم "واب"، سيعكس الاتّفاق الذي جرى التوصّل إليه مع بروكسل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدلاً من كل مناقشاتٍ لاحقة.

وحاولت رئاسة الوزراء صبّ ماء بارد على آمال الاتّحاد الأوروبي في أن تدفع أغلبية 80 مقعداً في مجلس العموم بجونسون إلى البحث عن شكل أكثر ليونة للخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي.

وأكّد زعماء الاتّحاد الأوروبي، بمَن فيهم رئيس وزراء جمهورية إيرلندا ليو فارادكار، أنهم يأملون في أن يدخل الآن رئيس الوزراء البريطاني في "ساحة لعبٍ متكافئة" وفقاً للمعايير والقواعد، خصوصاً أنه لم يعد يعتمد على أصوات المشكّكين في أوروبا من النوّاب في "مجموعة الأبحاث الأوروبية".

في المقابل، أوضح المتحدّث الرسمي بإسم رئيس الوزراء للمراسلين أن هدف جونسون يظل "اتفاق تجارة حرّة على الطراز الكندي، مع عدم وجود توافق سياسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنطلق المفاوضات في السنة الجديدة بموجب شروط الإعلان السياسي الذي اتُّفِقَ عليه بين المملكة المتحدة والاتّحاد الأوروبي في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، الذي وضع آمالًا على "شراكة طموحة وواسعة وعميقة ومرنة مع تعاون تجاري واقتصادي، على أن يكون في جوهرها اتفاقٌ على تجارة حرّة شاملة ومتوازنة".

وفي الأسبوع الماضي، أعلن فارادكار أنه يريد صفقة تحافظ على تجارةٍ معفاة من الرسوم الجمركية والحصص، إضافةً إلى ضمان المنافسة العادلة. ورجّح أن يكون طموح رئيس الوزراء البريطاني "على الموجة نفسها". وأضاف رئيس الوزراء الإيرلندي، "أعتقد أن واقع حصول جونسون على أغلبية واضحة داخل البرلمان من شأنه أن يحدث فارقاً كبيراً. وأرى أن يد رئيس الوزراء البريطاني باتت قوية."

ويشعر زعماء الاتّحاد الأوروبي بمن فيهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقلق من أن الاختلاف في المعايير والقوانين بين المملكة المتّحدة الاتّحاد الأوروبي قد يمنح  الشركات البريطانية ميّزة تنافسية غير عادلة في أسواق القارة.

وفي العام، شكّل هذا الاختلاف القضية التي انسحب بسببها بوريس جونسون من حكومة تيريزا ماي، إذ اعتَقَدَ أن "صفقة تشيكرز" (تتعلّق بمستقبل العلاقات بين بريطانيا والاتّحاد الأوروبي وسُمّيت على إسم مقرّ إقامة تيريزا ماي) ستُخضع المملكة المتّحدة لقوانين بروكسل في مجالات عدّة كالصحّة وأماكن العمل وحماية البيئة ورعاية الحيوان.

ومن شأن اتّفاق على الطراز الكندي أن يسمح لبريطانيا وضع قواعدها الخاصة، مع احتمال لجوئها إلى إسقاط القيود الأوروبية عبر منح الشركات مزيداً من الحرية والسماح لها بإجراء صفقات تجارية مع دول أخرى كالولايات المتحدة. لكن ذلك قد ينطوي على تقييد معيّن لوصولها إلى الأسواق الأوروبية. ومن المحتمل أن تتعامل بشكل كبير مع السلع، وليس مع قطاع الخدمات الحيوي الذي يشكّل حوالى 80% من الاقتصاد البريطاني.

وأصرّ الناطق بإسم رئيس الوزراء البريطاني على تأكيد أن حكومة بلاده تعتقد أنه من الممكن تأمين اتفاقية تجارة حرّة جيدة خلال مهلة الأحد عشر شهراً التي تشكّل المرحلةٍ الانتقالية بعد مغادرة المملكة المتحدة رسمياً الاتّحاد الأوروبي في الحادي والثلاثين من يناير (كانون الثاني) 2020.

ورفض المتحدّث في المقابل تلميحاتٍ مفادها أن هذا سيتضمّن حتماً مسألة الحواجز الجمركية ويستبعد الخدمات. ووفق كلماته، "ما ينص عليه الإعلان السياسي يتمثّل في وجود هدف مشترك بين المملكة المتحدة والاتّحاد الأوروبي بشأن تجارة معفاةٍ من الرسوم الجمركية وخالية من مبدأ الحصص".

وأضاف، "إن اتفاق التجارة الحرة التي وافقت عليها كندا، لا تتضمّن أحكاماً تتعلّق بالخدمات، والإعلان السياسي [المرافق له] يوضح أنه ينبغي إدراج الخدمات ضمن صفقة المملكة المتّحدة والاتّحاد الأوروبي".

© The Independent

المزيد من تحلیل