Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صيد ثمين في ألمانيا وفرنسا... محاكمات لرجالات الاستخبارات السورية

أُوقف ثلاثة سوريّين من أجهزة الأمن السورية للاشتباه بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في السجون السورية بين عامي 2011 و2013، والمحاكمات ستوقف الضحايا في وجه جلاديهم للمرة الأولى أمام المحكمة

الناجون من التعذيب سيدلون بشهاداتهم ضدّ جلاديهم (أ.ف.ب.)

ألقت السلطات الألمانية والفرنسية على ثلاثة سوريّين للاشتباه بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في السجون السورية بين عامي 2011 و2013، في توقيف يعدّ الأوّل من نوعه لرجال من أجهزة الأمن السورية، في إطار عملية مشتركة بين البلدين بناءً على شهادات ضحايا أعمال التعذيب. إذ تسمح القوانين الألمانية بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية ومحاكمتهم في أي مكان في العالم، بينما تجيز فرنسا محاكمة هؤلاء إن كانوا من المقيمين على أراضيها أو إن كان ضحاياهم فرنسيّين.

ألقت الشرطة الألمانية القبض الأربعاء 13 فبراير (شباط) على المشتبه بهما، أنور ر. (56 سنة) وإياد أ. (42 سنة)، في ولاية راينلاند- بالاتينات، وذكرت متحدثة باسم مكتب المدعي الاتحادي، أنّهما كانا عضوين في جهاز الاستخبارات السوري في دمشق وغادرا سوريا في العام 2012.

وكشف ممثلو الادعاء العام في ألمانيا في بيان أنّ الموقوف أنور "كان رئيساً لما يعرف بإدارة التحقيقات في الاستخبارات السورية"، وبالتالي هناك شبهات قوية حول مشاركته في جرائم ضد الإنسانية عبر تنفيذ "عمليات تعذيب ممنهج ووحشي" بحق المعارضين في السجون بين عامي 2011 و2012.

"الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب"

أضاف البيان، أنّ إياد يشتبه بمساعدته في قتل شخصين وتعذيب ما لا يقل عن ألفي شخص، أثناء عمله في جهاز الاستخبارات بين يوليو (تموز) 2011 ويناير (كانون الثاني) 2012، ويُعتقد بأنه كان يعمل في الإدارة التي كان يرأسها أنور.

وقال المتحدث باسم الادعاء الألماني لـ "رويترز" إنّ أنور يعيش في ألمانيا منذ منتصف العام 2014 بينما يعيش إياد فيها منذ منتصف العام الماضي، بعدما طلب الاثنان اللجوء في ألمانيا.

أمّا في فرنسا، فقال ممثلو الادعاء إنّ الموقوف البالغ من العمر ثلاثين سنة، وألقي القبض عليه الثلثاء 12 فبراير (شباط) قرب باريس، يشتبه بمشاركته في جرائم تعذيب وحرب وجرائم ضدّ الإنسانية بين عامي 2011 و2013. وجاء اعتقاله بعد تحقيق أوّلي أجرته دائرة "الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب" في نيابة باريس في يناير 2018، تلى تحقيقاً سابقاً بدأته النيابة في العام 2015، بموجب "الولاية القضائية العالمية"، التي تسمح لفرنسا بملاحقة مرتكبي "جرائم ضد الإنسانية" ارتكبت في الخارج، حين استمع مسؤولون فرنسيون لشهادة ضابط سوري فرّ من بلاده في العام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة لأحد عشر ألف ضحية.

التحقيق في القضية مدعوم من لجنة العدالة والمساءلة الدولية

وقال فولفجانج كاليك، مدير المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، لـ "رويترز" إنّ عملية التوقيف استغرقت بعض الوقت ريثما حُدِّدت هوية الأشخاص ووُجهت التهم إليهم، كاشفاً أنّ ستة ناجين من التعذيب، بعضهم يعيش في ألمانيا، أدلوا بشهاداتهم ضدّ أحد المحتجزين.

وأوضح كاليك، أنّ القبض على المشتبه بهم هو خطوة أخرى إلى الأمام، إذ تعدّ ارتكاباتهم "إحدى أخطر الجرائم ضد الإنسانية في آخر مئة عام"، لكنه ليس نهاية المطاف.

يشار إلى أنّ التحقيق في هذه القضية مدعوم من لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي فريق تموّله الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الحكومات الأوروبية منذ سنوات لإعداد ملفات لهذا النوع من القضايا. وقد وفّرت اللجنة لفريق التحقيق أدلة موثّقة وإفادات لشهود ضد الموقوف أنور، وفق ما قالت نائبة مدير اللجنة نيرما يلاسيتش لـ "رويترز"، مضيفةً أنّ إيجاد "مثل هذا النوع من الناس في أوروبا يعدّ صيداً ثميناً".

وقالت يلاسيتش، إنّ أنور ترأّس فرعين من الأسوأ سمعة في الاستخبارات السورية، أحدهما "الفرع 251" الذي وصفه أحد الشهود بأنه "الأكثر تأثيراً وخطورة وسرية والمسؤول عن 98 في المئة من العنف المرتكب"، مرجحةً أنّ أنور كان "في الدائرة الثالثة المقرّبة من الأسد وربّما لم يكن يتواصل معه مباشرة".

ورأى المحامي السوري مازن درويش، أنّ أهمية هذه الاعتقالات، تكمن في وقوف مرتكبي أعمال تعذيب من جهة وضحايا من جهة أخرى، وجهاً لوجه للمرة الأولى أمام المحكمة، مضيفاً أنّه في سابقةً، سيدلي "الناجون من التعذيب الممنهج في سجون النظام السوري لبشار الأسد بشهاداتهم ضدّ جلاديهم".

"الناجون من التعذيب سيدلون بشهاداتهم ضدّ جلاديهم"

وصفت كليمانس بيكتارت، محامية الاتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان، نبأ إيقاف المشتبه بهم بالممتاز، معربةً عن اطمئنانها في تصريح إلى وكالة "فرانس برس" بأنّ محاكماتهم ستتمّ في أوروبا.

علماً أنّ جهوداً سابقة لمحاكمة أفراد من حكومة الأسد فشلت مراراً لأنّ سوريا لم توقّع على نظام روما الأساس، الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. فضلاً عن استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضدّ محاولات إعطاء المحكمة الجنائية الدولية تفويضاً لإنشاء محكمة خاصة بسوريا.

ووفق أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 60 ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب شروط اعتقال مروّعة في سجون النظام السوري، بينما أودع حوالي نصف مليون شخص السجن منذ 2011. كذلك اتّهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة مراراً الأطراف المختلفة في نزاع سوريا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

المزيد من دوليات