Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد خسائرها العسكرية... حكومة السرّاج الليبية تنقل المعركة إلى الساحة السياسية

سقوط رهان حكومة الوافق على الجانب الأميركي أدى إلى استنجادها بالحليف التركي

وزير خارجية حكومة الوفاق الطاهر سيالة ملتقياً رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة في طرابلس اليوم الأربعاء 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي (مواقع التواصل) 

في وقت لا تزال وحدات "الجيش الوطني" الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر تحرز تقدما في بعض المواقع الاستراتيجية جنوب العاصمة طرابلس، يبدو أن العراقيل التي تواجه جهوده تتزايد بتحوّل حكومة الوفاق إلى عائق سياسي، تشير إليه بيانات ومواقف القيادة العامة للجيش، في الآونة الأخيرة، التي اتجهت لمعالجة الأزمات التي بدأ قادة الحكومة في طرابلس باختلاقها.
ولا يزال الاتفاق البحري والأمني الذي وقّعه رئيس المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الماضي، محل جدل متصاعد، إذ شدد الأخير يوم الثلاثاء، على أن "الاتفاق المبرم حق سيادي لتركيا وليبيا، ولن نناقش هذا الحق مع أحد".
وفيما كانت القيادة العامة لـ"الجيش الوطني" أعلنت رفضها المبكر للاتفاق، جددت في بيان صدر الثلاثاء، رفضها له، معتبرةً أنه "يهدد السلم والأمن الدوليَّيْن والملاحة البحرية، كما يؤثر مباشرةً في مصالح دول حوض البحر الأبيض المتوسط وينافي القوانين والأعراف الدولية ومبدأ حسن الجوار".

صعوبات كبيرة

وتواجه حكومة الوفاق وميليشياتها صعوبات متراكمة في الصمود أمام ضربات "الجيش الوطني" جنوب طرابلس. فمع دخول العملية العسكرية شهرها التاسع، فقدت الميليشيات أعداداً كبيرة من مسلحيها وسط نجاح خطط الجيش في تشتيت من بقي منهم بين سرت (وسط) والزاوية، غرب طرابلس، التي عاد إليها عدد من مسلحي الميليشيات التابعة لها بعد تحرك "الجيش الوطني" في منطقة العجيلات القريبة منها.
وغير بعيد من تردي أوضاع الميليشيات، نجح "الجيش الوطني" في فرض منطقة حظر جوي على مواقع في طرابلس وجوارها، فيما نجحت استراتيجية نقل القتال بين محور وآخر في جنوب العاصمة، ما أرهق قوّة هذه المجموعات. لكن قادة الحكومة، وأبرزهم وزير الداخلية المتحدر من مصراته فتحي باشاغا، نجحوا نسبياً في نقل المعركة إلى حلبة السياسة، بل ونقلها بعيداً من طرابلس إلى شرق المتوسط، حيث يدور الجدل حول مساعي تركيا التوسعية.
وإثر تزايد القلق الأميركي من إمكانية وجود مقاتلين روس قرب الجبهات التي يقاتل فيها "الجيش الوطني"، جنوب طرابلس، حاول قادة حكومة الوفاق استغلال الموقف وطلبوا الدعم الأميركي الذي يبدو أنه لم يزد عن حد بيان لوزارة الخارجية الأميركية دعت فيه، منتصف الشهر المنصرم، "الجيش الوطني" إلى تعليق عمليته العسكرية في محيط طرابلس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت حاولت حكومة الوفاق تلميع صورة ميليشياتها بإعلان باشاغا، بعد عودته من زيارة أجراها برفقة وزير الخارجية محمد سيالة إلى واشنطن مطلع الشهر الماضي، جملة اجراءات من بينها أوامر اعتقال شخصيات على صلة بالمجموعات الإرهابية داخل طرابلس، وأخرى تتعلق ببدء تطبيق خطة أمنية في العاصمة الليبية لنشر عناصر الشرطة في مراكز قوى تتحكم فيها الميليشيات، يبدو أن لقاء الوفد الأميركي الذي ترأسته نائبة مستشار الأمن القومي الأميركي فيكتوريا كوتس برفقة السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بالمشير حفتر، في 26 نوفمبر (تشرين ثاني) المنصرم، أفقد الحكومة رهانها على موقف واشنطن.
وأوضح بيان الخارجية الأميركية أن الوفد ناقش مع حفتر سبل إنهاء النزاع في ليبيا وحرص واشنطن على تقديم الدعم الكامل لسيادة البلاد ووحدة أراضيها، مشيراً إلى أن هذا الدعم "يشمل جهوداً ملموسة لمواجهة الميليشيات والعناصر المتطرفة، وتوزيع الموارد بما يعود بالفائدة على كل الليبيين". ويعكس البيان ضمنياً اهتماماً أميركياً يقترب من الواقع في طرابلس، فقضايا الميليشيات المتطرفة وموارد الدولة تشير إلى الأسباب التي أعلنتها القيادة العامة للجيش كعمليتها العسكرية لـــ "تحرير طرابلس من قبضة الميليشيات وتنفذها في مواقع قرار المال والسلطة".


سقوط رهانات

وأدى سقوط رهان حكومة الوفاق على الجانب الأميركي ومحاولة كسب دعمه بورقة المرتزقة الروس، إلى اللجوء مرة أخرى إلى حليفها في أنقرة الذي سبق وأكد في أبريل (نيسان) الماضي، أن حكومته "لن تدخر جهداً لدعم الحكومة في طرابلس".
وتعكس الخطابات التي أعلنتها القيادة العامة لـ"الجيش الوطني" انشغالها بالآثار السلبية المحتملة للاتفاق، فيبدو أن تبعاته تجاوزت القيادة لتصل إلى حد تشتيت مواقف حلفائها وعلى رأسهم القاهرة التي عبّرت عن تنديدها، بل ورفضها القاطع للاتفاق البحري.
كما دفعت آثار ذلك الاتفاق دولاً أخرى إلى أن تبدي مواقفاً سياسية مائلة إلى دعم مسار "الجيش الوطني" في طرابلس، كفرنسا مثلاً، التي انخرطت في حملة الرفض الأوروبي للمساعي التركية.
وعلى الرغم من استمرار اشتعال الجبهات، جنوب طرابلس، وتحديداً على محاور طريق المطار والخلاطات والمشروع، التي تشهد قتالاً ضارياً منذ أيام، إلاّ أنّ القيادة العامة لـ "الجيش الوطني" ومجلس النواب (في الشرق، يرأسه عقيلة صالح) بدوا منشغلين تماماً بمواجهة الحكومة سياسياً، إذ إنّ الاتفاق يوفر غطاءً شرعياً لوصول الأسلحة إلى ميليشيات الوفاق على الرغم من اتهام تقرير للأمم المتحدة، سربته وكالات أنباء الشهر الماضي، تركيا بخرق قرار حظر توريد السلاح. وانشغل مجلس النواب بحشد مواقف عربية ودولية ضد حكومة الوفاق، ووجّه خطاباً إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة، طالب فيه بـ"إصدار قرار بسحب اعتماد الأمم المتحدة لحكومة الوفاق، واعتماد الجسم الشرعي الوحيد وهو مجلس النواب وما ينبثق منه، وعدم الاعتراف بمذكرتَيْ التفاهم بين حكومة طرابلس وأنقرة".
تأتي هذه المواجهة السياسية مع الحكومة في وقت يزور وفد نيابي مدينة غات، الواقعة أقصى غرب الجنوب الليبي، للإشراف على إعداد مقر لعقد جلسة برلمانية مكتملة النصاب لبدء مشاورات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي