انتشرت في صحف غربية ومواقع أميركية محافظة اتهامات ضد النائب الديموقراطية في مجلس النواب الأميركي إلهان عمر بأنها عميلة لقطر، تتلقى الأموال من الدوحة منذ سنوات، بل أوضح شاهد خلال محاكمة تجري في ولاية فلوريدا أنها نقلت معلومات حساسة إلى قطر التي مررتها بدورها إلى إيران، وهي اتهامات نفتها النائب المثيرة للجدل في المجتمع السياسي الأميركي، في حين فضل آخرون انتظار التحقق من صحة هذه الشهادة اعتماداً على الدلائل، لكن المؤكد أن المستقبل السياسي لإلهان عمر سيكون قد انتهى إذا ثبتت هذه الادعاءات لاحقاً.
شهادة بندر
على مدى يومين واصلت مواقع وصحف أميركية محافظة نشر اتهامات ضد إلهان عمر جاءت على لسان آلان بندر، وهو رجل أعمال كندي، مولود في الكويت، خلال محاكمة الشيخ خالد بن حمد آل ثاني- وهو الأخ غير الشقيق لأمير قطر الحالي تميم بن حمد آل ثاني- المتهم بإصدار أوامر لحارسه الشخصي الأميركي الجنسية لاغتيال شخصين، واحتجاز الحارس رهينة لديه بعدما رفض تنفيذ أوامر الاغتيال.
وقدم بندر شهادة إبراء الذمة أمام المحاكمة التي تجري في محكمة المنطقة الوسطى بولاية فلوريدا الأميركية، قال فيها إنه التقى سكرتير الأمير خالد للشؤون الأمنية وهو محمد بن أحمد بن عبد الله المسند، واثنين آخرين من كبار المسؤولين القطريين الذين أبلغوه أنه بدون الأموال التي تدفعها قطر لنائب في مجلس النواب الأميركي إلهان عمر، لأصبحت الآن مثل أي لاجئة صومالية سمراء في أميركا تجمع تبرعات خيرية أو تقدم الطعام للزبائن في المطاعم خلال أيام العطلة الأسبوعية.
أموال لدعم النفوذ القطري
وأوضح بندر خلال شهادته التي أدلى بها عبر الفيديو من مدينة تورنتو الكندية أن المسؤولين القطريين طالبوه بالعمل على تجنيد سياسيين أميركيين وصحافيين للعمل لمصلحة قطر، وحينما اعترض على ذلك، أبلغوه أن شخصيات بارزة عديدة في الولايات المتحدة توجد على جدول الرواتب التي تدفعها قطر إليهم، وأن إلهان عمر تعتبر بمثابة "جوهرة التاج" بين العملاء القطريين على حد وصف الشاهد، في إشارة إلى أهميتها وحساسية وضعها داخل مجلس النواب الأميركي.
ووفق شهادة رجل الأعمال الكندي التي شملت 233 صفحة وصدق عليها ممثلان للادعاء في المحاكمة وهما ماثيو بيتارد وماثيو آليند، فقد تمكن القطريون من تجنيد إلهان عمر منذ فترة وقبل أن تفكر في أن تصبح مسؤولة في الحكم، إذ رتب القطريون لها الأسس والأسباب التي جعلتها تنخرط في السياسية بعدما أقنعوها بذلك.
بيان للنفي
النائب إلهان عمر، المولودة في الصومال، أصدرت بياناً نقلته المواقع الأميركية، نفت فيه صحة هذه الاتهامات، وأوضحت أن هناك من يستهدف النائب الديموقراطية منذ أن تم انتخابها عضوة في مجلس النواب الأميركي، مشيراً إلى أن إلهان عمر ستظل تُمثل مواطني الدائرة الخامسة في ولاية مينسوتا الذين انتخبوها لتمثلهم في الكونغرس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، أكد الشاهد آلان بندر في اتصال مع وسائل إعلام صحة اتهاماته التي شهد بها أمام المحكمة وتضمنت أن إلهان عمر قدمت معلومات إلى قطر بعد انتخابها في الكونغرس وأن هذه المعلومات مررتها قطر إلى إيران، كما عملت عمر على تجنيد سياسيين أميركيين للعمل لحساب قطر، حيث نقل الشاهد عن المسؤولين القطريين قولهم إن أفضل شيء تشتريه الأموال هم المسؤولون الأميركيون لأنهم أرخص مسؤولين حول العالم.
ليست الاتهامات الأولى
يشير موقع "إن أوه كيو ريبورت" المحافظ إلى أن هذه الاتهامات ليست الأولى من نوعها التي تشير إلى محاولات قطر استغلال نفوذها للتأثير في السياسات الأميركية، ففي تقرير نشرته صحيفة "ذي دايلي واير" الأميركية، اتهم آلان بندر السفير الأميركي السابق لدى قطر بتلقي رشى من القطريين، كما اتهم موقع "غيلر ريبورت" قبل عدة أشهر إلهان عمر بالتواطؤ مع قطر ضد الولايات المتحدة ونقلت عن رجل دين سويسري من أصل إيراني يُدعى الإمام محمد توحيدي، سلسلة تغريدات عن التواطؤ بين إلهان عمر وقطر، وشمل مسؤولين حكوميين ووسائل إعلام للتأثير في صناعة القرار والرأي العام داخل الولايات المتحدة.
في انتظار أدلة أخرى
وبينما نشرت مواقع عديدة تفاصيل شهادة آلان بندر المثيرة للاهتمام في الأوساط السياسية المحافظة مثل موقع "فلوريديان" وموقع "المحافظون الشباب" وموقع "غيت واي بانديت"، فضلت مواقع أخرى محافظة أيضا عدم إطلاق أحكام في القضية التي ينظر فيها القضاء حالياً، فبينما نشرت هذه المواقع التفاصيل نفسها، إلا أنها فضلت انتظار ظهور دلائل أخرى، وأشار موقع "مشروع كلاريون" المختص بقضايا مكافحة التطرف، إلى أن الادعاءات صدرت عن شخص واحد فقط هو آلان بندر.
وتباينت ردود أفعال المتابعين لنشاط إلهان عمر المثير للجدل في المجتمع الأميركي، حيث أبدى "ديفيد شتينبرغ" رئيس تحرير موقع "بي جيه ميديا" في تغريدة له على موقع تويتر شكوكه في صحة الادعاءات، أما "جوردان شاشتيل" الصحافي المتخصص في الأمن القومي والسياسة الخارجية، فاعتبر أن قطر وإلهان عمر ارتكبتا أخطاء فادحة، غير أن هذه الشهادة تحتاج إلى أساس، في حين اعتبرت الناشطة السياسية داليا العقيدي التي تنتقد تصرفات إلهان عمر أنها تستهجن آراء النائبة إلهان عمر ومواقفها، لكنها في حاجة إلى دليل قوي لأن الأمر في هذه الحالة يختلف عن علاقة نائبة الكونغرس عمر بالمجلس الإسلامي الأميركي "كير" أو بعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين أو بعلاقتها بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ومع حقيقة ما تثيره قصة إلهان عمر والادعاءات الجديدة ضدها من جدل واختلافات داخل الوسط الإعلامي والسياسي الأميركي، فإن الأمر يعد فرصة للتحقق من الأمر، لكن إذا ثبتت الاتهامات الموجهة ضد إلهان عمر، فسيكون من المؤكد أن مستقبلها السياسي وحريتها سيصلان إلى نهايتهما، ذلك أن العمل لمصلحة حكومات أجنبية هو أسوأ شيء يمكن أن يفعله نائب منتخب أو مسؤول في الولايات المتحدة الأميركية.
