منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دأبت السلطة اللبنانية على اعتماد سياسة "العصا والجزرة" للالتفاف على "الثورة" وإجهاضها معتمدةً على حيل عدّة، بدءًا من تبني مطالبها تارةً وإغرائها بالتمثيل الوزاري في الحكومة تارةً أخرى، إضافةً إلى اللعب على وتر التناقضات عبر دعوتها إلى التفاوض بعد أن تفرز قيادات ضمنها، وغيرها من الأساليب التي سقطت جميعها وبقيت الثورة مصرّة على مطالبها ذاتها.
سقوط الخطة
ساعة الصفر
"7 أيار جديد"
وترى المصادر أن غزوات حزب الله وحركة أمل المتكررة على مواقع الاعتصامات لن تستطيع أن تقبض على نفَس الثورة، وأن المعادلة في لبنان تختلف كلياً عن تلك الموجودة في إيران أو العراق، مشيرةً إلى أنه بعد كل غزوة أو اعتداء، يعود الثوار صباح اليوم التالي لإعادة ترميم الأضرار واستعادة الزخم للاستمرار بالمطالب الشعبية، ومستغربةً الصمت التام لوزراء "العهد"، بخاصة وزير الدفاع الياس بو صعب الذي سبق أن اعتبر أنّ تصرفات بعض المتظاهرين تذكّر بالحرب الأهلية، في حين تجاهل كلياً استباحة حزب الله وأمل للساحات اللبنانية واعتداءهم على القوى الأمنية.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن التيار الوطني الحر قد يسعى إلى دفع حزب الله إلى الإعداد لسيناريو شبيه بـ 7 مايو 2008 لتعويمه من جديد. لكن وفق المصادر، فإن الظروف الإقليمية والدولية ليست ذاتها كما في عام 2008، بحيث أن الحزب لا يستطيع احتلال بيروت وباقي المناطق في ظل الانتفاضة الشعبية وبروز مواقف دولية حازمة تجاه دوره وسلاحه غير الشرعي خلال الجلسة الأخيرة لمراجعة القرار الدولي رقم 1701، إضافةً الى الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بمحور "الممانعة"، التابع لإيران.
الحريري يحرج "العهد"
وعن إعلان الحريري عدم رغبته في ترؤس حكومة سياسية واعتذاره عن أي تكليف حكومي في هذه المرحلة، تعتبر المصادر أن قرار رئيس الوزراء السابق وضع حزب الله والتيار الوطني الحر بمواجهة مباشرة مع الشارع وكشف الأهداف الحقيقية لكلا الحزبين في الحكومة، فالأول يريد من الحكومة أن تكون "متراساً" بمواجهة المجتمع الدولي و"مطية" لتمرير سياساته الاستراتيجية، والثاني يريدها حكومة محاصصة للاستمرار بنهج الاستفادة من مكتسباتها والصفقات المشبوهة.
وترى المصادر ذاتها في مصارحة الحريري اللبنانيين حول خطورة الأزمة المقبلة وغياب أفق للحل، نتيجة إصرار الرئيس ميشال عون ومن خلفه حزب الله على حكومة سياسية، توصيفاً دقيقاً لجوهر الأزمة الحقيقية التي باتت تشكّل إحراجاً للعهد في حال استمراره في المماطلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصادر أمنية لبنانية تؤكد أن الجيش والقوى الأمنية، تتخذ أقصى درجات الاستنفار على كامل الأراضي وأنها لن تسمح بالاحتكاك المباشر بين القوى السياسية وستبقى على جاهزية تامة لمنع أي مظاهر مسلحة وغير سلمية في الشارع، مشدّدةً على أن حق التظاهر السلمي تعترف به القوانين اللبنانية، إلاّ أنّها لن تتهاون مع أي مخل بالأمن، مهما كانت الجهة السياسية التي ينتمي إليها.
وتشير المصادر الأمنية إلى أنها بدأت تحقيقاتها حول أحداث "جسر الرينغ" (وسط بيروت) وتحطيم خيم وممتلكات عامة في العاصمة ومناطق أخرى بناءً على إشارة من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي يشرف على التحقيقات، معتبرةً أن لا غطاء على مناصري حزب الله وأمل وأن الاعتقالات ستطال كل من يثبُت تورطه في أعمال شغب أو إخلال بالسلم الأهلي.
"سلاح حزب الله يتكامل مع الجيش"
في المقابل، تنفي مصادر في التيار الوطني الحر الأخبار المتداولة بأن خلية الأزمة المؤلفة من وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي ووزير الدفاع الياس بو صعب، تنسّق مع حزب الله ميدانياً وهي تغض النظر عن قمعه التظاهرات السلمية، معتبرةً أن غياب أي استنكار لتصرفات الحزب شبه العسكرية في بيروت والمناطق تأتي في إطار التحالف الاستراتيجي بين الطرفين.
وتلفت إلى أن التيار الوطني الحر يرى أن سلاح حزب الله لا يتناقض مع سلاح الجيش اللبناني، إنّما يتكامل معه ويعطي لبنان قوةً إضافية لمواجهة التحديات الإقليمية.