Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ورشة ثورة"... مبادرة شبابية للتعبير بالفن شمال لبنان

تلقى رواجاً بين المتظاهرين و"تترجم" أوجاعهم لوحات

داخل خيمة الفن في طرابلس (اندبندنت عربية)

"ورشة ثورة" ليست مجرد خيمة في ساحة الانتفاضة الطرابلسية شمال لبنان، بل واحة للتعبير بطريقة فنية وإبداعية، بمبادرة من مجموعة ناشطين وجدوا في الفن فرصة لتجسيد المطالب الشعبية، من خلال تنويع الشعارات والرايات، بحيث يتشارك أكبر شريحة من الناس مواقفهم وأوجاعهم، ويعطي كلمة الأمر للمطالب الشعبية.  

شعارات وعلم

في الأيام الأولى للتظاهرات، تبيّن أن الحاضرين تسلّحوا بالعلم اللبناني للقول إنهم موحدون تحت راية الوطن، وللتأكيد على أن سقف تحركهم هو صالح لبنان. لكن مع مرور الوقت، بدأت تظهر الحاجة إلى تقديم فرصة للمحتجين للتعبير عن مطالبهم من خلال الشعارات والرايات والرسوم، لأن الصورة تعادل عشرة آلاف كلمة وهي عابرة للثقافات واللغات. وأشارت الناشطة مريم قطب إلى أن قرار الشباب كان بضرورة وضع خيمة في إحدى زوايا "ساحة النور" لإتاحة الفرصة أمام المواطنين لرسم شعاراتهم.

ومع انطلاق تجربة "ورشة ثورة"، برهن الشباب على أهمية الأفكار الخلاقة في دفع أي حراك ثوري، وتحوّلت علب  كرتون "شيبس" إلى لوحات فنية غنية بالمشاعر والمطالب. وبدأ التفاعل بين الكراتين السمراء ومجموعة أقلام التلوين التي حصل عليها الشباب كهِبة، مع الجهد الشخصي والفكري.  

وانتشر في أنحاء الخيمة شبان وشابات من الأعمار كافة، مطلقين العنان لمخيلتهم. في الأيام الأولى، سيطر شعار "كلن يعني كلن" على اللوحات، ومن ثم بدأ التنوّع يغني المكان، بعدما استوحى أحد الناشطين من مقولة للمفكر سمير قصير لوحة تنادي الشعب اللبناني بأن "عودوا إلى الشارع أيها الرفاق، تعودوا إلى الوضوح".

 شعارات حول حقوق النساء والتأكيد أن "المرأة هي المستقبل"، وحق منح الجنسية لأبناء المرأة اللبنانية، والمساواة بين المواطنين، وصولاً إلى لغة اتهامية وتهكّمية مباشرة وبلغات مختلفة على غرار "they all want a piece, we want peace"، في إشارة إلى اتهامهم رجال السلطة بالبحث عن حصة، فيما يريد المواطن العيش بسلام.

إبداع

بدأت كرة الإبداع تكبر، وعملت على ربط المطالب السياسية الراهنة بالواقع اللبناني المتغيّر. واتخذت هذه الشعارات موقع "الفعل" و"رد الفعل"، فهي في كثير من الأحيان كانت المحرّك للناس، وفي أحيان أخرى عبّرت عن رفض مواقف السلطة بطريقة فنية مبتكرة. فتسريب مضامين أحد الاجتماعات بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أوحى لأحد الشبان بلوحةje suis"  شلعوط"، على اعتبار أن الزعيم يستخف بقدرة المواطن اللبناني وقوته. وعلى عتبة مجلس النواب، تتربع مجموعة من المستبدين الذين يجب إزاحتهم لتحرير الوطن من قيودهم.

ولم تتأخر الشعارات في لفت النظر إلى المطالب الطرابلسية من هذه الانتفاضة، ففي عاصمة الشمال مجموعة من المرافق العامة المعطلة التي يمكن استثمارها لإطلاق العجلة الاقتصادية. لذلك، يتربع في إحدى زوايا الخيمة رسم لمدرج مطار، مرفقاً بعبارة "يوجد مطار في الشمال يا جماعة"، وتوازيه لوحة لمعرض رشيد كرامي الدولي الذي بُني لتأمين 50 ألف فرصة عمل لأبناء المدينة ومحيطها.  

الوضوح 

يؤمن المنتفضون في طرابلس أن تحقيق المطالب يبدأ من وضوح الشعارات. من هذا المنطلق، يساعد الشبان المتمرسون في "ورشة ثورة"، المواطنين في إعداد لوحاتهم وتجاوز بعض الصعوبات الفنية والتقنية. ويسير إعداد الشعار في طريقين متوازيين: اختصار الشعار بأقل قدر من الكلمات وأعمق معنى، في مقابل، رسم توضيحي للقضية. وفي بعض الأحيان، يأتي إلى الورشة بعض الأشخاص الأميين، طالبين منهم كتابة شعار ما على كرتونة.

 في هذا السياق، أشارت مريم قطب إلى أنهم يستمعون إلى هؤلاء قبل تدوين الشعار وتلوينه. ويلمس القيّمون على الخيمة فرحة المواطنين، لأن هذه اللوحة ستساعد في التعبير عن قضيتهم وفي إيصال وجعهم إلى أكبر شريحة ممكنة، وتحفيز شركائهم في الوطن على التحرك.

بعد استخدام هذه اللوحة في التحركات المطلبية، يعيدها البعض إلى الخيمة، فيما يفضل آخرون الاحتفاظ بها. ودلّت قطب على بعض اللوحات، لتلفت النظر إلى أن بعض المطالب تنطلق من الحقوق الأساسية للمواطن، فيما تعكس مطالب أخرى البُعد السياسي العام.

تتفاعل مجموعات مختلفة من الحاضرين مع الفرصة التي قدمتها "ورشة ثورة"، فهلال موسى هو أحد نماذج المتحمسين للتعبير عن قضاياهم. يستذكر هذا المهندس الشاب في لوحته، القضية التي كرّس لها مشروع تخرجه وهي "إعادة الحياة إلى المدينة القديمة".

 يرسم موسى على اللوحة قلعة طرابلس التاريخية، ويذيّلها بشعار "طرابلس متحف حي". ولا يتأخر في امتداح هذه المبادرة لأنها جاءت بالجديد إلى "ساحة النور"، وأسهمت في توعية المواطن بأهمية المطالبة بحقوقه بالوسائل المتاحة، كما أنها تسهم في توحيد الحاضرين حول مطلب التغيير من خلال الشعارات. ويعتقد أن الحركة بدأت من خلال شعارات مكافحة الفساد والتمسك بالصوت الحر والنفور من الواقع القائم.     

المزيد من العالم العربي