Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ظريف يزور بيروت تحت وطأة الضغط الأميركي المالي والعسكري 

جدل داخلي لبناني حول عرض المساعدات الإيرانية العسكرية والإقتصادية

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى وصوله إلى مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب.)

يبدو الأمر في كل مرة وكأنه يسلّم أمر عمليات أو برنامج عمل... فللمرة الثانية بعد كل استحقاق مفصلي في السياسة اللبنانية المترجرجة في السنين الأخيرة، جراء عدم الالتزام بالمواعيد الدستورية لا سيما الانتخابية منها، يكون وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أول المسؤولين الرسميين الأجانب الذين يزورون لبنان. فبعد أن كان أول مسؤول أجنبي يزور بيروت إبان انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية منذ سنتين، ها هو يعيد الكرة اليوم عقب ولادة حكومة العهد الأولى برئاسة سعد الحريري، التي استغرق تشكيلها 9 أشهر أضنت اللبنانيين المخنوقين بوضع اقتصادي صعب، وقبل تقدمها لنيل الثقة تحت قبّة البرلمان يومّي الثلثاء والأربعاء المقبلين.

ملف المساعدات

ووصل الدبلوماسي الإيراني المحنك الذي سبق وخاض غمار مفاوضات الاتفاق النووي مع مجموعة الدول الكبرى 5+1 الذي انسحبت منه أخيراً إدارة الرئيس دونالد ترمب، على وقع تصريحات لمسؤولين لبنانيين صدرت في الأيام القليلة الماضية، حول مسألة قبول مساعدات إيرانية في مجالات شتى. ولعل أبرز تلك التصريحات كان لأمين عام "حزب الله" حسن نصر الله الذي عبّر عن استعداده لتقديم خدماته للجيش اللبناني برفده بالمساعدات العسكرية الإيرانية "انطلاقاً من صداقته معها"، في حين اعتبر حليفه النائب ​آلان عون عضو تكتل "​لبنان​ القوي" الموالي لرئيس الجمهورية، أن "90 في المئة من تجهيزات الجيش اللبناني ومعدّاته أميركية، وهو الموضوع الوحيد الذي يمكن فصله عن المواضيع الأخرى (في مجال تلقي المساعدات)، إذ من الممكن أن تتأثر المساعدات الأميركية" في حال قبول التسليح الإيراني. ولم يرَ النائب عون سبباً لتسييس الملف على صعيدَي الدواء و​الكهرباء​، مبيّنًا أنّ "الدول الأوروبية وأوّلها ​فرنسا​، تبحث عن آليات للتعاطي مع إيران وتجاوز العقوبات".

أما حزب "القوات اللبنانية"، فتساءل من خلال مصادره عن كيفية تقديم إيران مساعدات للبنان في وقت تعاني هي فيه "من أزمة اقتصادية خانقة لا تستطيع تلبية حتى متطلباتها... اضطرتها إلى خفض موازنتها إلى النصف". كما سألت المصادر ذاتها "إذا كان للبنان مصلحة أكيدة بفتح نافذة مع طهران، فهل مصلحته بإقفال نوافذ وأبواب أخرى كثيرة؟"، وذلك في إشارة إلى احتمال أن يؤثر ذلك في العلاقة مع دول عربية عدة.

برنامج الزيارة

وقال الوزير الإيراني لدى وصوله إلى مطار بيروت الدولي إن إيران تنتظر أن يبدي لبنان رغبته في قبول مساعدات عسكرية مكرراً بذلك عرضاً لدعم الجيش اللبناني المدعوم من الولايات المتحدة. وعندما سئل عما إذا كانت إيران مستعدة لتقديم مساعدات عسكرية قال ظريف "لدينا دائماً مثل هذا الاستعداد وأعلنا في مناسبات أخرى أن هذا التوجه موجود في إيران ولكن نحن بانتظار أن تكون هذه الرغبة متوفرة لدى الجانب اللبناني".

ويحفل جدول أعمال زيارة ظريف إلى لبنان، التي تتزامن أيضاً مع الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية التي أطاحت حكم الشاه المصادفة يوم الإثنين، بلقاءات عدة، أبرزها الاثنين مع الرئيس اللبناني ميشال عون، يليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إضافة إلى وزير الخارجية جبران باسيل. ويلتقي لدى وصوله بعد ظهر الأحد، شخصيات سياسية ورؤساء أحزاب لبنانية وفلسطينية في مقر سفارة بلاده في العاصمة اللبنانية، ويختمها بزيارة إلى ضاحية بيروت الجنوبية، معقل "حزب الله".

وسيلتقي ظريف، رئيس الحكومة سعد الحريري فور عودته من المشاركة في القمة العالمية للحكومات في الإمارات العربية المتحدة، مساء الإثنين، في السراي الحكومي في بيروت.

وفي وقت قد توحي زيارة ظريف بإمساك طهران بأوراق مهمة في المنطقة، تمتدّ من العراق حتى الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، تلقي الملفات المالية المتأثرة بالضغط الاقتصادي الخانق الذي تعاني منه بلاده، بثقلها على الرسائل التي يريد تمريرها إلى الحلفاء قبل الخصوم. وقد يظهر ذلك خصوصاً خلال اجتماعات عدة سيعقدها الوزير الإيراني مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، وقياديين من قوى وفصائل فلسطينية أخرى في مقر السفارة الإيرانية، في وقت قد يفرض تراجع المالية الإيرانية العامة، تخفيف الدعم المالي لهذه القوى. ويُتوقع أن يطاول الضغط المالي المحادثات الرسمية والمباشرة التي سيجريها ظريف مع قيادة "حزب الله" التي تتأثر بالحصار الأميركي المفروض على إيران، بخاصة في الجانب المالي.

المواجهة مع ترمب

أما في الشق السياسي، تعكس زيارة ظريف مدى الاهتمام الإيراني بلبنان في ظلّ المواجهة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي وضعت نصب عينيها مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة بدءاً من العراق وسوريا مروراً بلبنان والأراضي المحتلة وصولاً إلى اليمن. لذلك، قد ترى طهران ضرورة في إعادة ترتيب أوراقها استعداداً للمراحل المقبلة من الصراع المفتوح في المنطقة، بخاصة في ظل استمرار الوجود العسكري في العراق، وإعادة فتح سفارات عربية في دمشق.

المزيد من الشرق الأوسط