وفي مخيم الهول في سوريا الخاضع لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، تعيش 6 عائلات من شمال لبنان ظروفاً مأسوية، وتؤكد المعلومات مقتل أرباب تلك الأسر المغرّر بهم من قبل "داعش". وتستمر تلك النساء بالوجود هناك بفعل عدم القدرة على الرجوع، وتتضمن القائمة "آلاء أ." وبناتها الثلاث، و"فاتن س. ع." وهي سيدة خمسينية برفقة إبنتها (10 سنوات)، وحفيد مصاب (سنتان)، توجهت إلى الرقة لاستعادة أبنائها الثلاث إلا أنهم قُتلوا هناك. وتُدعى السيدة الثالثة "مايا غ." مع أولادها الخمسة، إضافة إلى "عائشة ق." و"فاطمة ق."، وزوجة وعائلة مسجون في العراق بجرم الانتماء إلى "داعش".
"أعيدوا إبنتي"
آلاء إحدى اللبنانيات المعتقلات في مخيم الهول. فقدت عائلتها منذ 25 يوماً، الاتصال بها، تاريخ انفجار لغم أرضي بها، أثناء محاولتها العودة إلى طرابلس في شمال لبنان بالتعاون مع مهربين.
بدأت قصة آلاء في سوريا عام 2014، في أعقاب انتقال زوجها محمد إلى تركيا، ومن ثم إلى سوريا للالتحاق سراً من دون عِلم عائلته، بالتنظيمات الإسلامية المنخرطة في الحرب السورية، ومن ثم قيامه بما يُعرف بجمع الشمل الأسري. ويروي خالد أندرون والد آلاء أن تغييراً بدأ يطرأ على سلوك صهره وفكره بعد تفجير مسجدَي التقوى والسلام في طرابلس (23 أغسطس/آب 2013)، ثم أقفل معمل الألومينيوم الذي يملكه في منطقة القبة (في طرابلس) لينتقل للعمل في تركيا، وخرج عبر المعابر الشرعية من خلال مرفأ طرابلس، ومن ثم طلب من زوجته الانضمام إليه. وبعد يومين من وصول آلاء إلى المقام المفترض لزوجها، تفاجأت بنقلها إلى سوريا.
مع وصولها إلى الرقة، انقطع اتصال آلاء مع أهلها في لبنان لمدة ثلاثة أشهر. ومع عودة التواصل، عبّرت عن ضيق الحال لأن شريحة كبيرة من الأجانب اكتشفوا أنهم ضحايا لدعاية داعش، وأنها وبناتها الثلاث يعشن ظروفاً غير إنسانية بفعل تقييد حركتهم، وفقدان مقومات المعيشة. ويتحدث خالد عن فشل ثلاث محاولات للفرار قامت بها إبنته الأسيرة لدى "داعش"، كما أن زوجها أعلن عن استعداده لتسليم نفسه لجهاز الاستخبارات اللبنانية عبر الأكراد.
وازدادت أوضاع آلاء مأسوية بعد مقتل زوجها في القصف الذي تعرضت له المنطقة من قوات التحالف الدولي والميليشيات الكردية، كما أن طفلة آلاء البالغة من العمر ثماني سنوات مصابة في بطنها ولم تحصل على الرعاية الصحية. ويوضح خالد أن إبنته الأرملة وبناتها موجودات منذ ثمانية أشهر في مخيم الهول، ولم يتحرك أحد لاستعادتهن.
وتواصلت آلاء خلال فترة وجودها هناك، مع أهلها وكانت تطلب منهم إغاثتها وإخراجها من جحيم "داعش". وأكد خالد أنه تواصل مع الدولة اللبنانية بهذا الشأن إلا أن الأمور لم تبلغ خواتيمها السعيدة، لافتاً إلى أن كل خطواته كانت منسّقة وبعلم الجهات الرسمية المختصة، لأنه ملتزم بالقوانين اللبنانية وبموقف مبدئي معادٍ للجماعات الإرهابية.
وأخيراً وأثناء محاولة الخروج من المخيم، انفجر بآلاء لغم أرضي أدى إلى إصابتها برجليها، وانقطع الاتصال معها منذ ذلك الحين. ويؤكد والدها أنه علم بإصابة إبنته من خلال فيديوات التفجير التي نُشرت على موقع يوتيوب. وتجهل العائلة مصير إبنتها وأحفادها حالياً، إلا أنها ترجح وجود آلاء في مستشفى بالحسكة، في حين توجد بناتها اللواتي يعانين من مشاكل صحية مع الحاجة "فاتن س. ع." في مخيم الهول، التي تواصلت مع أهلها في لبنان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
زيارة أربيل
الرجاء بالجهد الدولي
من جهته، يؤكد أستاذ القانون الدولي وليد الأيوبي أن هذه الفئة من النساء يتمتعن بحماية القانون الدولي الإنساني التي تضع ضوابط في حالات النزاعات المسلحة والحروب. وأوضح أن المعيار في تحديد طبيعة التعامل معهم، يتأثر بمشاركتهم في القتال أم عدمه.
يحدد الأيوبي مستويين للتصدي لمشكلة هذه الشريحة من اللبنانيات، "المستوى الأول يكون من خلال التعاطي مع الأنظمة القائمة في سوريا والعراق لتطبيق القوانين الداخلية ومحاكمة هؤلاء في حال أرادت ذلك، وفي المستوى الثاني مطالبة الدول التي يحملون جنسيتها باستردادهم بما يتوافق مع كرامتهم الإنسانية، مع أنه يلمس عدم رغبة لدى دول المقاتلين الأجانب في استردادهم للمحاكمة وتأمين العودة الآمنة لعائلاتهم".