Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعديلات وزارية استجابة لمطالب المتظاهرين العراقيين

مقتل أربعة متظاهرين في بغداد وإحباط من موقف السيستاني "المشفر"

قتل أربعة متظاهرين، اثنان منهم بالرصاص الحي، وأصيب 80 آخرون على الأقل بجروح، السبت 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، خلال مواجهات بين القوات الأمنية والمحتجين قرب ساحة التحرير في وسط بغداد، وفق مصادر أمنية وطبية.

وأشارت المصادر إلى أن المتظاهر الثالث قضى بعد إصابته بقنبلة غاز مسيل للدموع، خلال محاولة القوات الأمنية صد المحتجين قرب جسر السنك القريب من ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات في وسط العاصمة.

وأكد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في بيان السبت، أنه سيجري تعديلات وزارية مهمة استجابة لمطالب المتظاهرين، مشيراً إلى أن "تظاهرات شعبنا السلمية من أهم الأحداث التي مرت بالبلاد بعد 2003".

وعن قطع خدمات الإنترنت في البلاد، قال عبد المهدي إن السلطات العراقية كانت مرغمة على تقييده "دفاعاً عن حقوق المجموع"، لأنه كان "يستخدم للترويج للعنف والكراهية والتآمر على الوطن وتعطيل الحياة العامة التي هي أيضاً حق لكل المواطنين". وأضاف "سنبقي هذه الإجراءات المقيدة محدودة ومؤقتة إلى أدنى حد ممكن مع مساعٍ جدية لإصلاح مجمل الأمر كما في بقية الدول".

وأكد عبد المهدي، أن "الحكومة والسلطات القضائية ستواصل التحقيق في قضايا الشهداء والجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية. ولن تبقي معتقلاً من المتظاهرين وستقدم إلى المحاكمة من تثبت عليه جرائم جنائية ومن أي طرف كان. وستلاحق كل من يعتدي أو يختطف أو يعتقل خارج إطار القانون والسلطات القضائية. وستمنح الحكومة الشهداء حقهم الكامل وكذلك سترعى الجرحى بكل ما لديها من إمكانات وطاقات".

وأشار إلى أن "هناك مطالبات شعبية بتغييرات وزارية شاملة أو جزئية للخروج من نظام المحاصصة ولجعل مؤسساتنا أكثر شبابية وكفاءة وشفافية، وقد أكدنا بأننا سنجري تعديلاً وزارياً مهماً استجابة لذلك". وأضاف "هناك حزم أخرى جديدة من الإصلاحات، منها اعتماد جدول لتخفيض رواتب كبار المسؤولين إلى النصف، وكذلك تعديلات في سلم الرواتب لإنصاف الشرائح الدنيا وتحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وتطبيق نظام التعويضات الاجتماعية التي من شأنها أن لا تترك عراقياً تحت مستوى خط الفقر، وتطبيق الضمان الاجتماعي وحقوق العمل والتقاعد ليتساوى العاملون في القطاع الخاص مع القطاع العام".

انقطاع الإنترنت لم يضر التحشيد

وكان يوم الجمعة موعداً مهماً لحركة الاحتجاج العراقية. إذ نجح رهان المتظاهرين في بغداد والبصرة على حشد أعداد كبيرة في الساحات، على الرغم من التعتيم الكبير الذي تحاول الحكومة فرضه.

بالإضافة إلى القيود الكبيرة المفروضة على تحركات الصحافيين، الذين يحاولون أن يغطوا التظاهرات، تُشغّل الحكومة خدمات الإنترنت بشكل متقطع، ما عزل حركة الاحتجاج عن وسائل التواصل الاجتماعي، ذات التأثير الواسع في التحشيد.

على الرغم من انقطاع الإنترنت منذ ظهر يوم الخميس، إلا أن تدفق المتظاهرين يوم الجمعة على ساحة التحرير في بغداد كان كبيراً جداً.

قال نشطاء إن امتلاء ساحة التحرير في بغداد بالمتظاهرين يوم الجمعة، على الرغم من توقف الإنترنت، كان أمراً حاسماً بالنسبة إلى مصير الحراك الشعبي وقوة تأثيره.

لكن موقف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، يوم الجمعة، جاء أقل من توقعات المحتجين. وعلى الرغم من أنه كرر دعوته لقوى الأمن بتجنب اللجوء إلى العنف "ولا سيما المفرط"، على حد تعبيره، فإنه دعا جميع الأطراف إلى التهدئة.

وكانت التوقعات أن السيستاني سيصعد ضد الحكومة التي واصلت قتل المتظاهرين وإصابتهم، لكنه كان على العكس. إذ أشار إلى أن هناك "أطرافاً داخلية وخارجية تخطط لتغيير مسار التظاهرات وحرفها عن أهدافها". وهي عبارة يرددها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، كلما ظهر في وسائل الإعلام.

وفقاً لعزت الشابندر، السياسي المقرب من عبد المهدي، فإن رئيس الوزراء مقتنع بأن التظاهرات "مخترقة" من قبل أطراف خارجية، في إشارة إلى إسرائيل، وداخلية، في إشارة إلى حزب البعث المحظور.

وقال السيستاني إن التظاهر حق يكفله الدستور، لكن ليس من حق أحد أن يفرض على آخر ما لا يريد، في إشارة إلى محاولة المحتجين فرض الإضراب العام على الموظفين، عبر قطع الجسور بين الكرخ والرصافة.

في المقابل، انتقد نشطاء "اللغة المشفرة"، في بيانات وخطب المرجعيات الدينية، في وقت يحتاج إلى مواقف صريحة، لوقف نزيف الدماء.

الضغط على النقابات

من بين الأساليب التي لجأت إليها الحكومة للحد من زخم التظاهر، الضغط على النقابات المختلفة، لإيقاف دعواتها إلى الإضراب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يبدو أن الضغوط نجحت فعلاً. إذ أعلنت نقابة المعلمين أن استئناف العمل صباح يوم غد الأحد يجب أن يكون طبيعياً، وهو تطور مفاجئ، لأن النقابة عندما أعلنت الإضراب الأسبوع قبل الماضي، قالت إنها لن تنهيه قبل تحقيق مطالب المتظاهرين، وهو ما لم يحدث.

قالت مصادر إن الضغوطات الحكومية على نقابة المعلمين، ربما وصلت حد التهديد، خصوصاً أن هذه النقابة تتمتع بتأثير واسع. إذ إنها المسؤولة عن متابعة حقوق نحو مليوني معلم في المدارس والمعاهد والجامعات.

ولم يكن دوام المعلمين منتظماً في المدارس والجامعات طيلة الأسبوعين الماضيين، وفيما لو عادوا إلى العمل يوم الأحد، كما هو متوقع، فإن زخم الاحتجاجات قد يتضرر.

الاستخبارات تلاحق النشطاء

تقول مصادر أمنية إن أجهزة الاستخبارات العراقية نشرت عناصر في محيط ساحة التحرير وسط بغداد، فيما قال نشطاء إن بعض رجال الأمن منخرط في الساحة نفسها لجمع المعلومات.

يعتقد مراقبون أن تراجع زخم الاحتجاج، واقتصار الحراك على ساحة التحرير، سيسهل على الحكومة تنفيذ حملة واسعة لملاحقة النشطاء البارزين، في ظل التعتيم الإعلامي الذي يتيحه قطع الإنترنت.

لهذا السبب، يحذر مراقبون من أن مرحلة ما بعد التظاهرات، ستكون أخطر على النشطاء ومنظمي الاحتجاج، من المرحلة الحالية.

لا تريد الحكومة إنهاء هذه الاحتجاجات فحسب، بل تريد ضرب المحركات التي قد تؤدي إلى إيقادها ثانية. وهذا ما يفسر معلومات مصادر أمنية عديدة عن إعداد قائمة طويلة من قبل أجهزة الأمن تضم نشطاء ومنظمين ومدونين وإعلاميين، لاعتقالهم، عقب توقف التظاهرات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي