Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بريكست" يلاحق كاميرون في "مستقبل الاستثمار" ... وتغريدات ترمب فاكهة "الرؤساء"

المنتدى اختتم أعماله في الرياض وشهد صفقات بـ 20 مليار دولار توجت بإعلان السعودية موازنة بحجم "تريليون" و40 مليار ريال

جلسات نقاش متنوعة في موضوعاتها وجغرافيتها بحضور جماهيري كبير (واس)

طوت السعودية منتداها "مستقبل الاستثمار" مساء اليوم، وقد كسبت الرهان بإشعاله حماسة آلاف الحضور ومئات المهتمين بمستقبل الطاقة والتقنيات والمال والأعمال، من اقتصاديين وسياسيين، بينهم أربعة رؤساء وزراء سابقون لكل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأستراليا، أحيوا آخر جلسات المنتدى، وفاكهتهم "بريكست، وترمب، وقمة العشرين".

وفي وقت كان الهمس يتصاعد يوماً بعد آخر، سؤالاً عما إذا كانت الجائزة وختام المسك هي "إعلان أرامكو موعد اكتتابها النهائي"، قطع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الشك باليقين وقال لحضور المنتدى إن الإعلان القريب جداً، سيكون في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة، وفق ما يقرر ولي عهد البلاد الأمير محمد بن سلمان.

إن لم تكن أرامكو فالميزانية

لكن المنتدي لم يفرغ من جلسته النهائية حتى أعلن على هامشه المسؤولون السعوديون عن أرقام موازنة الدولة، التي تجاوزت "تريليون" ريال بـنحو 40 ملياراً، أي قريباً من (300مليار دولار)، في ترجمة من صناع القرار في الرياض فيما يبدو، لتأكيد متانة اقتصادهم على الرغم من التهديدات التي تعرضت لها أرامكو، والاضطرابات الإقليمية وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.

وهذا ما دفع وزير المالية السعودي محمد الجدعان إلى الإعلان في إحدى جلسات المؤتمر صباح اليوم عن سعي بلاده  إلى "أن يكون الاقتصاد منيعاً تجاه التحديات العالمية والمحلية، من خلال تحسين جميع القطاعات والاهتمام بالتحول الرقمي في القطاع الحكومي ، واتخاذ إجراءات إصلاحية هيكلية جوهرية".

وقال الجدعان : "عندما نتحدث عن السعودية، نتحدث أيضًا عن دول الخليج العربي والجهود الممتدة لعمليات الإصلاح، والتأكد من التنسيق بين الجميع"، مؤكداً التطلع إلى إصلاحات هيكلية على أرض الواقع في السنوات القادمة، حيث أحرزت تقدماً كبيراً في عمليات الإصلاح مقارنة بالدول، ولاسيما في مؤشرات التنافسية والاستجابة من قبل الحكومة للتغيرات والتقنيات والقطاع الخاص، إلى جانب التركيز على صناعات بعينها.

ولفت إلى أن هناك نموًا كبيرًا وتنوعًا في قطاعات السياحة، والتقنية، والرياضة، والترفيه، وغيرها من القطاعات في المملكة، إلى جانب تحول قطاع الإنشاءات منذ 2014م من نقطة سلبية إلى نقط إيجابية بنسبة 3% تقريبًا، مؤكدًا في السياق أن النمو الاقتصادي يستجيب لذلك.

وأفاد وزير المالية أن صندوق النقد الدولي تغيرت تنبؤاته وتوقعاته بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي؛ حيث أن ذلك يتأثر بنقطتين تتضمن ما يحدث على أرض الواقع من الناحية الدولية، واستعداد المملكة بالنسبة للسياسة المالية والاقتصادية وجاهزيتها للتغيرات والتحديات الدولية، مبينًا أن ذلك يؤثر على الناتج النفطي؛ حيث أن الناتج النفطي الإجمالي ناقص بسبب تخفيف إنتاج النفط بالتعاون مع دول الخليج للتأكد من استقرار السوق بالمنطقة، والتأكد من الاستدامة على المدى الطويل بالنسبة للاقتصاد والصناعة.

وفي المرحلة الجديدة من تاريخ السعودية التنموي، درج المسؤولون على ترك المحاججة وموقف الدفاع على طريقة المثل "كل فتاة بأبيها معجبة"، وجعلوا يربطون حركتهم التنموية بمؤشرات المنظمات الدولية وتقاريرها الدورية في مثل تقارير البنك الدولي عن سهولة الأعمال الذي صنف السعودية أخيراً الأولى في العالم تنفيذاً للإصلاحات للعام المقبل 2020، وتقرير التنافسية العالمي، ومؤشرات أهداف التنمية في الألفية الجديدة المقرر من جانب الأمم المتحدة، وغيرها.

ولذلك كانت الأرقام هي اللغة التي اتفق عليها الجميع في المنتدى، خصوصاً وأن رؤية السعودية 2030 التي كان الكثيرون يشككون في جديتها وقابليتها للتطبيق أصبحت واقعاً على الأرض، أعرب كثير من حضور المؤتمر عن لمسهم آثارها المباشرة على البلاد، وجعلوا يتنافسون أيهم يحظى بـ"كعكعة" منها، كما جاء ذلك واضحاً في صراحة نادرة من رئيس الاتحاد السويسري والبرازيلي، إذ قال الأخير إنه تواق ليرى الاستثمارات الخليجية في بلاده.

فتنة الصفقات أم سحر الطبيعة؟

وهكذا عاد من المؤتمر بوعود استثمار قيمتها 10 مليار دولارات من صندوق الاستثمارات السعودي الذي نظم "مبادرة مستقبل الاستثمار"، حيث دار النقاش، وعُقدت حلقات نقاش الدورة الثالثة بديناميكية، جعلت السعوديين يطلقون عليه "دافوس الصحراء"، على الرغم من اعتقاد وزير الدولة السعودي المخضرم إبراهيم العساف بأن الإقبال الذي رآه في المنتدى يفوق "دافوس" على الرغم من تنظيمه في بيئة "ثلوج سويسرا الفاتنة". غير أن الفتنة الأكبر ربما قيل له همساً كانت للفرص والملايين التي ذهبت من كل جانب ذهاباً وإياباً، إذ أعلنت منظمة واحدة فقط هي هيئة الاستثمارات السعودية، المعنية بجذب الاستثمار الأجنبي أنها عقدت صفقات عدة مع مستثمرين أجانب على هامش المؤتمر، بلغت قيمتها 20 مليار دولار.

الخوف والمستقبل كلاهما "تقني"

وإذ كان المنتدى عنوانه المستقبل، ومحاولة التنبؤ بفرصه وشروره، طغت التقنية في تطبيقاتها وأفكارها والتكنولوجيا الداعمة لها، على محاور النقاش الساخنة حول تقنيات "الجيل الخامس" التي كانت بين مفردات الحرب الاقتصادية بين أميركا والصين.

 وعرضت شركة "سامسونج" الكورية رؤيتها للمدن الذكية، واستعداد الشركة بتقديم حلولها في المنازل والمكاتب والسيارات للسعوديين المقبلين على إنشاء مدن وبنية تحتية لعالم جديد "من الصفر"، في مثل مدينة "نيوم" شمال البلاد، و مشروع "البحر الأحمر". بل إن الشركة عرضت في المنتدى سيارتها الذكية وسمحت للزوار بتجربتها والجلوس على كراسيها، والتجول بها افتراضياً في مدن ذكية تليق بها، وتتجاوب مع تطبيقها وتقنياتها، حيث كل شيء آلي ولا حاجة لسوى برمجة السيارة ذاتية القيادة، وتركها تأتمر بأوامرك التي أودعتها من قبل. وحين تكون كسولاً أكثر مما يجب يمكن لزوجتك في المنزل أو صديقك في المكتب أن يقوم بالمهمة نيابة عند إلى حين تصل وجهتك.

واستعرض مقومات قال إنها تشكل عناوين الثورة الصناعية الرابعة، هي "انترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الجيل الخامس، وتطبيقات الواقع المعزز". وهي لحسن الحظ تقنيات قال وزير الاتصالات السعودي عبدالله السواحة إن بلاده متقدمة فيها ودخلت في سباق مع الزمن لتحوز على تقنيات الجيل الخامس.


لكن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، لفت إلى أن ثورة الاتصال، ليست فقط ما يهم إمعان النظر فيه، وإنما أثرها الكبير في تدفق البيانات التي تمنح الحكومات حلولاً هائلة لعلاج تحديات الخدمات الصحية وتبلية حاجة الإنسان، مثلما أنها تمنح التفاصيل الغنية عن مآرب الناس وحاجاتهم الدقيقة بما يجنب الظواهر الاجتماعية المهددة للاستقرار في مثل الانتفاضات التي يشهدها لبنان والعراق، إذ أن البيانات تجعل مطالب الناس مكشوفة، تُمكن معالجتها قبل تطورها إلى احتجاج وصراع مع السلطة.


بريكست وترمب ختام

وفي المحور الأخير الذي كان عن "مستقبل الدبلوماسية الاقتصادية في واقع دول العشرين"، استطاع المنظمون حشد شخصيات مهمة من بريطانيا وأستراليا وفرنسا وإيطاليا والسعودية، إلا أنهم جميعاً كما أثار رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق كيفن رود ممازحاً "جميعنا عاطلون عن العمل".
ولم تكن هذه النكتة الوحيدة في الجلسة التي اختلط فيها الجد بالهزل، إذ حذر رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون السعودية من نقاش الأمور المستهلكة في قمة العشرين المقبلة، المقرر عقدها في الرياض، ودعاها إلى فرض بصمة جديدة على القمة ليس في الجانب الاقتصادي وحسب، ولكن السياسي أيضاً، فيجيب وزير الدولة إبراهيم العساف الذي حضر كل قمم العشرين حتى قبل أن تصبح بلاده عضواً فيها "إنني أتذكرك ذات قمة لم تحبذ نقاش الأمور السياسية في القمة". وحين تقاسم المتحدثون الضحكات مع الجمهور، غمز رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق مانيو رينزي نظيره كاميرون بالقول "إنكم قد لا ترون بريطانيا أيضاً ضمن الاتحاد الأوروبي في القمة المقبلة". ليجيبه كاميرون: بل أنا أجزم بذلك. ولكنكم الأوروبيين ستبقون أصدقاء!


لكن الإيطالي نال منه الأسترالي ممازحاً، عندما تحدث الأول عن قمم العشرين، فأجابه الأخير بأنه "لم يره في إحدى القمم"، في إشارة إلى العام الذي أطيح به في الانتخابات.
لكن رينزي الأكثر تحرراً مثل عادة الايطاليين، جعل يغمز من الشعبويين في إشارة إلى "ترامب"، ويحذر أن يفسدوا قمة العشرين في السعودية، "وهم يديرون أصعب القضايا بأبسط الأفعال عبر التغريد على وسائل التواصل الاجتماعي".

غير أن العساف الذي كان ممثل السعودية في الجلسة، طمأن الوزراء الأوروبيين بأن بلادهم مدركة أهمية الحدث وموقعها كدولة نامية ولكنها ذات الاقتصاد الأكبر في المنطقة، فهي ترى نفسها جسراً بين الدول النامية والصناعية، وستقدم للعالم تجربتها، وتشاركه البحث عن حلول منطقتها، التي يتأثر بها العالم، وتتأثر هي الأخرى بما يجري فيه، وهي معنية بتمكين المرأة والشباب، وتقليل "الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة"، وإيجاد صيغة لمساعدة الأخيرة على تحسين ظروفها المالية، لكي لا تصيب اقتصاد العالم بالشلل، وهي نقطة اتفق فيها مع كاميرون.

 

المزيد من اقتصاد