Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلاحق "جرائم الحرب" الرئيس التركي بعد عملية "نبع السلام"؟

منظمات حقوقية دولية ومسؤولون أمميون اتهموا القوات التركية بإعدام وإحراق مدنيين واستخدام الفسفور الأبيض

متظاهرون في ميلان يحرقون دُمية للرئيس التركي اعتراضاً على عمليته العسكرية بسوريا (رويترز)

رغم هدوء صافرات المعركة على الأرض، فإن غبارها لم ينته بعد، محملاً باتهامات دولية متزايدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بارتكاب "جرائم حرب " ضد الأكراد في شمال شرق سوريا، فضلاً عن تهجير قسري للاجئين السوريين، بعد العمليات العسكرية التي شنّتها القوات التركية في الـ9 من أكتوبر (تشرين الأول) ضد قوات سوريا الديموقراطية، التي تصنّفها أنقرة بـ"الإرهابية"، واستمرت حتى اتفاق لوقفها وقّعته واشنطن وأنقرة في الـ17 من الشهر ذاته.

فعلى مدار الأيام التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار للعملية التي سمّتها أنقرة بـ"نبع السلام" ولاقت انتقادات دولية، اتهمت منظمات حقوقية دولية ومسؤولون أمميون إضافة إلى تقارير إعلامية وميدانية القوات التركية بارتكاب "فظائع ترقى لجرائم الحرب" بحق الأكراد، كان آخرها إعلان ممثلة الادعاء والمحققة الأممية السابقة كارلا ديل بونتي أن الرئيس أردوغان يجب أن يخضع للتحقيق، ويواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب بتلك العملية، لتتزايد الاحتمالات بإمكانية ملاحقة الرئيس التركي بتلك التهم في المحاكم الدولية.

ارتكاب جرائم حرب
وخلال مقابلة صحافية، نشرت اليوم السبت، قالت المحققة الأممية السابقة كارلا ديل بونتي إن أردوغان "يجب أن يخضع للتحقيق، ويواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب فيما يتعلق بالعملية العسكرية التي نفذتها بلاده في سوريا".

وأضافت ديل بونتي، التي كانت عضواً في لجنة تحقيق الأمم المتحدة في سوريا، أن "تدخل تركيا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأشعل شرارة الصراع في سوريا من جديد". موضحة في الحوار الذي أجرته معها صحيفة "شفايتز أم فوخنإنده" أن "تمكّن أردوغان من غزو أرض سورية لتدمير الأكراد أمر لا يصدق".

 

وتابعت، "يجب إجراء تحقيق معه، ويجب توجيه اتهامات إليه بارتكاب جرائم حرب. لا يجب السماح له بالإفلات من المحاسبة".

وديل بونتي شغلت في السابق منصب المدعي العام في سويسرا، وشاركت في تمثيل الادعاء في قضايا جرائم حرب في رواندا ويوغوسلافيا السابقة.

وأوقفت أنقرة عمليتها العسكرية الأسبوع الماضي بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار توسّطت فيه الولايات المتحدة، ثم تفاوض أردوغان على اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأت بموجبه قوات حرس الحدود السورية والشرطة العسكرية الروسية في إبعاد وحدات حماية الشعب عن الحدود السورية التركية لمسافة نحو 30 كيلومتراً.

واعتباراً من الثلاثاء المقبل ستبدأ قوات روسية وتركية في تنفيذ دوريات على شريط باتساع عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا كانت تنتشر فيه قوات أميركية سنوات مع حلفائها الأكراد السابقين.

واعتبرت ديل بونتي أن الدول الأوروبية ترددت في مواجهة تركيا بشأن تحركاتها في سوريا بعد أن هدد أردوغان "بفتح البوابات" للاجئين للتوجه إلى أوروبا. قائلة إن "أردوغان يستخدم اللاجئين ورقة ضغط".

وانضمت ديل بونتي إلى لجنة تحقيق مؤلّفة من ثلاثة أعضاء في سبتمبر (أيلول) 2012، وكانت معنية بالنظر في وقائع مثل الهجمات بالأسلحة الكيماوية والمذابح بحق الأقليات وأساليب الحصار المستخدمة في الصراع وقصف قوافل المساعدات.

لكنها استقالت من اللجنة في 2017، وقالت إن "غياب الدعم السياسي من مجلس الأمن الدولي حوَّل تلك المهمة إلى مستحيلة".

عمليات تطهير عرقي
وعشية اتهام المحققة الأممية السابقة، قدَّم الرئيس التركي شكوى جنائية ضد مجلة فرنسية بعد أن اتهمته بـ"تنفيذ عمليات تطهير عرقي في شمال شرق سوريا".

ووفق ما ذكرت وكالة الأناضول الحكومية فإن أردوغان طلب من ممثلي الادعاء في أنقرة إقامة دعوى ضد مدير تحرير "لوبوان" إتيان غرنل، ورئيس تحرير القسم الدولي رومان غوبير، وتتهمهما الشكوى بإهانة الرئيس، ويمثل الاتهام جريمة يعاقب عليها القانون في تركيا.

والأسبوع الماضي حملت الصفحة الأولى لمجلة "لوبوان" صورة لأردوغان وهو يقدم التحية العسكرية مصحوبة بعبارتي "التطهير العرقي... طريقة أردوغان"، و"هل سنسمح له بقتل الأكراد"؟

 

جاء ذلك في وقت اتهمت وسائل إعلام غربية أخرى أنقرة بتنفيذ عملية تطهير عرقي في المنطقة السورية الحدودية.

وانتقد إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان، المقال المنشور في "لوبوان"، وما يعتبره موقفاً فرنسياً مناهضاً لتركيا، وقال إن فرنسا "استعمرت دولاً كثيرة في الماضي، وقتلت آلاف البشر".

وأضاف "إنها (فرنسا) تحاول بكل السبل حماية الدُّمى التي تحركها، لكن دون جدوى" في إشارة إلى وحدات حماية الشعب. ومضى قائلاً "الأكراد ليسوا متعاقدين (للعمل معكم)، ولن يكونوا كذلك. لقد انتهت أيام الاستعمار".

وليست المرة الأولى التي يغضب فيها مسؤولون أتراك من مجلة "لوبوان"، إذ سبق لها أن وصفت أردوغان العام الماضي بـ"الديكتاتور"، ما أثار سيلاً من الاحتجاجات في أنقرة، وتتهم منظمات غير حكومية أنقرة بالنيل من حرية الصحافة وحرية التعبير.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد أبرز المعارضين الغربيين للعملية التركية في سوريا، لحد وصفه لها بأنها عملية "مجنونة"، كما أعرب عن إحباطه من عجز حلف الأطلسي عن مراجعة تركيا، العضو في الحلف.

تهجير قسري
في الاتجاه ذاته اتّهمت أمس الجمعة منظّمتا العفو الدوليّة و(هيومن رايتس ووتش) أنقرة بأنّها رحّلت سوريين قسراً إلى بلدهم خلال الأشهر التي سبقت إطلاق عمليّتها العسكريّة في شمال شرق سوريا.

واتّهمت المنظّمتان في بيانين منفصلين تركيا بإجبار سوريّين على توقيع وثائق تفيد بأنّهم يريدون العودة "طوعاً" إلى سوريا، وذلك عبر "الخداع أو الإكراه".

وقالت منظّمة العفو إنّ عناصر من الشرطة التركيّة ضلّلوا سوريّين بالقول لهم إنّ توقيع الوثيقة، المكتوبة باللغة التركية التي لا يُمكن لكثيرين قراءتها، يعني أنّهم "يُعربون عن رغبتهم بالبقاء في تركيا أو لتأكيد استلامهم بطّانيّة".

 

وقالت الباحثة المعنيّة بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظّمة العفو آنا شيا، إنّ "عمليّات العودة لا تعدّ حتّى الآن آمنة وطوعيّة".

وأضافت، "ملايين اللاجئين الآخرين من سوريا عرضة (الآن) للخطر"، داعيةً إلى "وضع حدّ لإعادة الأشخاص قسراً".

من جانبها، ذكرت (هيومن رايتس ووتش) أنّها جمعت شهادات 14 سورياً أكّدوا أنّهم رحّلوا إلى محافظة إدلب.

ورفض المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة التركيّة حامي أكسوي في وقت لاحق اتّهامات المنظّمتين غير الحكوميّتين. وقال في بيان إنّ "الادّعاءات المتعلّقة بعمليّات العودة القسريّة والتهديدات وسوء المعاملة (...) مختَلَقة بالكامل".

وفي خضم العمليات التركية، كانت منظمة العفو، اتهمت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بارتكاب "جرائم حرب" في هجومها ضد المقاتلين الأكراد، موضحة أنهما "أظهرا تجاهلاً مخزياً لحياة المدنيين، عبر انتهاكات جدية وجرائم حرب بينها عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين".

وتقول تركيا إنها تقوم بكل الإجراءات اللازمة لتفادي إلحاق أضرار بالمدنيين. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان وثَّق مقتل 72 مدنياً بنيران القوات التركية والفصائل الموالية لها، بينهم من جرى إعدامهم ميدانياً بإطلاق النار عليهم من قبل مقاتلين موالين لأنقرة.

إلا أن منظمة العفو الدولية تحدثت وفق تقريرها، مع 17 شخصاً، بينهم عاملون في مجالي الصحة والإغاثة، ونازحون، كما تحققت من أشرطة فيديو جرى تداولها وراجعت تقارير طبية.

استخدام أسلحة محرمة
إلى ذلك، كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن نواب بالكونغرس الأميركي طالبوا إدارة الرئيس دونالد ترمب بتفسيرات عن تقارير تشير إلى ارتكاب أنقرة جرائم حرب بعد استخدام الفسفور الأبيض ضد المدنيين الأكراد في سوريا.

وحسب تقرير للمجلة الأميركية، يضغط أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبَين الديموقراطي والجمهوري على وزير الخارجية مايك بومبيو للرد على التقارير التي تفيد بأن القوات المدعومة من تركيا استخدمت ذخائر محمّلة بالفسفور الأبيض في الهجوم التركي على شمال شرق سوريا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأرسل كريس فان هولين، وباتريك ليهي، وريتشارد بلومنتال الديموقراطيون، والسيناتور الجمهوري مارشا بلاكبيرن مخاوفهم إلى بومبيو في خطاب الجمعة، ليسألوا عما إذا كانت الأسلحة التي بِيعت من قِبل الولايات المتحدة مثل الصواريخ، أو القذائف، أو الألغام، اُستخدمت في الهجوم التركي على الأكراد.

كما سأل أعضاء مجلس الشيوخ بومبيو حول ما إذا كانت القوات المدعومة من تركيا تتصرف من تلقاء نفسها أم بتوجيه من السلطات التركية، وكيف حصلت القوات على ذخائر محملة بالفسفور الأبيض، وما إذا كان استخدامها يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وإذا كان الأمر كذلك كيف تعتزم الإدارة الرد.

كما ذكر التقرير أن القوات التركية، ومجموعة من المسلحين السوريين لها صلات بجماعات متطرفة ارتكبت فظاعات في شمال شرق سوريا، وروّعت المنطقة منذ بدء الهجوم، كذلك أعدمت هذه المجموعات السجناء الأكراد، وقتلت العشرات من المدنيين والجنود.

وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية، وثقت حالات لأطفال احترقت أجسادهم بشدة بمادة الفسفور الأبيض.

ومن بين تلك الحالات، جاءت حالة طفل كردي يبلغ من العمر 13 عاماً، احترق جسده جراء قصف تركي طال رأس العين شمالي سوريا. وقالت الصحيفة "هذه الحالة تقدم دليلاً إضافياً على مجموعة من الأدلة التي تشير إلى أن تركيا، العضو في حلف الناتو، تستخدم الفسفور الأبيض ضد المدنيين الأكراد في هجومها الذي استمر ثمانية أيام على شمال سوريا".

وانتشرت مأساة الطفل الكردي على مواقع التواصل الأجنبية، وارتفعت الأصوات مناشدة ضرورة محاكمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على جرائم الحرب المرتكبة وعمليات التطهير العرقي ضد الأكراد، في شمال سوريا.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات