Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رغم صعوبة تحويل الأموال لأسرهم... لبنانيو الاغتراب يتعاطفون مع المتظاهرين

هي شريان حياة الأسر ومصدر مهم لضخ الأموال في الاقتصاد وسد ما يقارب نصف العجز في الميزان التجاري

متظاهرون بنانيون يحتجون أمام البنك المركزي يوم 22 أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

مع دخول التظاهرات في لبنان الخميس 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أسبوعها الثاني وسط تمسك مئات آلاف المواطنين باستقالة الحكومة وتغيير كل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والكذب، أبقت المصارف أبوابها مقفلة، ما شكل عائقاً أمام تحويل المغتربين للداخل اللبناني.

شريان حياة 

ويعجز مفيد شمس، وهو صاحب مطعم في لندن، مثل غيره من اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج، وتقدر أعدادهم بالملايين، عن إرسال أموال لأسرته وهو لديه ابنتان في المدرسة.

إنها مشكلة بالنسبة لشمس، الذي تنتظر عائلته التحويلات المالية لتعيش، كما بالنسبة للاقتصاد اللبناني. فالتحويلات هي شريان حياة للأسر ومصدر مهم لضخ الأموال في الاقتصاد، وسد ما يقارب نصف العجز في الميزان التجاري.

ويقول الرجل، الذي يبلغ من العمر 49 سنة، وهو جالس خارج مطعمه في شارع إدجوير، وهو قلب العرب النابض بالحياة في العاصمة البريطانية، "لدي ابنتان تعيشان في لبنان وقد صرت الآن غير قادر على إرسال أموال لعائلتي".

لبنانيو الشتات

وللمواطنين اللبنانيين في الخارج تأثير كبير في ثروات الوطن الأم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فبعد فرار الكثيرين من الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، تشير التقديرات الآن إلى أن عدد اللبنانيين في الشتات يصل إلى 14 مليون شخص، أي أكثر من ضعف عدد السكان الذين يعيشون داخل لبنان.

وبريطانيا ضمن أكبر عشرة منابع تأتي منها التحويلات إلى لبنان. وأظهر إحصاء أجري عام 2011 أن أكثر من 15 ألف لبناني يعيشون في بريطانيا.

وغادر شمس البلاد عام 1989، بعد أن سئم من العنف والفساد في ذلك الحين، لكنه الآن، بعد أن صار عمره 49 سنة، يرى أن الفساد في الوقت الحالي قضية بارزة من قضايا الاضطرابات الأخيرة.

وقال وهو يدخن النرجيلة إن "الفساد في لبنان هو السبب الذي دفعني للرحيل"، مضيفاً "لكل شخص الحق في الاحتجاج واللبنانيون متفقون على ما يطلبونه، لكننا نعلم جميعاً أنه لن يتغير شيء لأنكم تعرفون لبنان".

تراجع التحويلات

وتراجع تدفق التحويلات على الصعيد العالمي، إلى لبنان في الآونة الأخيرة.

ويقول خبراء الاقتصاد إن "أحد أسباب ذلك التراجع هو الشعور بالقلق لدى بعض المغتربين من خطر انهيار اقتصادي يلوح في الأفق".

وبعد أن بلغت التحويلات ذروتها إلى حد 9.6 مليار دولار عام 2014، عادت لتنخفض عام 2018 إلى 7.7 مليار دولار، وقد تنخفض إلى 6.5 مليار دولار العام المقبل، بحسب تقدير جاربيس إراديان من معهد التمويل الدولي.

وحذرت "ستاندرد آند بورز" العالمية الشهر الماضي، من أن "انحسار التحويلات من غير المقيمين يسهم في انخفاض سريع في احتياطي العملات الأجنبية، الأمر الذي يمثل تحدياً لقدرة لبنان على الحفاظ على ربط عملته بالدولار الأميركي".

وفي حين أن إغلاق البنوك يمثل عائقاً عملياً أمام إرسال الأموال، إلا أن بعض المغتربين عبروا أيضاً عن قلقهم من تأثير أي خفض محتمل لقيمة العملة اللبنانية وتأثير أي اضطرابات جديدة على مدخراتهم واستثماراتهم.

استنزاف مال الدولة

ويقول علي ساهر (50 سنة) الذي يرسل الأموال لزوجته في جنوب لبنان "مصدر الدخل الأول في لبنان يأتي ممن يعيشون في الخارج. إذا توقفوا عن إرسال الأموال، فهذه هي نهاية البلد".

ولدى المختصة بالعلاقات العامة في لندن روني سنو، عائلة تنتشر في كندا وألمانيا والإمارات وقطر وبلجيكا وجميعهم يرسلون الأموال إلى أقربائهم في لبنان.

وتقول "لا يوجد عمل في لبنان... أكمل أبناء وبنات إخوتي دراساتهم الجامعية ولم يتمكنوا من العمل. ظل أحدهم عاطلاً في لبنان لخمس سنوات إلى حين وجد عملاً في قطر. في الوقت نفسه، يعيش أبناء السياسيين حياة مرفهة في لندن وباريس".

ويقولون إن أحد الدوافع وراء خروج التظاهرات استنزاف مبالغ كبيرة من المال من الاقتصاد اللبناني من خلال الفساد.

ويقول علي عباس (35 سنة) الذي انتقل إلى لندن عام 2007 بعد تخرجه، ويعمل الآن في أحد المتاجر، "سُرقت أموال كثيرة من الحكومة على مدار الأعوام الـ30 الماضية... الشيء الأساسي الذي سيساعد البلاد هو استرداد هذه الأموال".

لا ثقة بالدولة

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر تظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ البلاد على خلفية قضايا معيشية ومطلبية، يشارك فيه مئات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار من الشمال حتى الجنوب.

وتبدو الحكومة حتى الآن عاجزة عن احتواء غضب الشارع المتمسك بمطلب استقالتها ورحيل كل مكونات السلطة، على الرغم من إصلاحات جذرية أعلنها رئيسها سعد الحريري الاثنين 21 أكتوبر، وتضمنت خفضاً بنسبة 50 في المئة لرواتب المسؤولين، وتقديمات ووعود بإصدار قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وغيرها. لكن الشارع ردّ بالرفض لعدم ثقته بقدرة الحكومة التي لطالما وعدت ولم تف.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي