Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورقة الحريري الاقتصادية لن تنجح في قلب المعادلات... هذا ما أكدته ساحات لبنان المنتفضة

علوش: الاستقالة واردة واللبنانيون سيندمون عندما يرون عملتنا تتدهور بسرعة

التظاهرات التي اشتعلت ليل 17 أكتوبر (تشرين الأول) في المناطق اللبنانية كافة من بيروت إلى جونيه وطرابلس وصيدا وصور وغيرها من المناطق، أحدثت صدمة مدوية لم يشهد مثلها تاريخ لبنان، ووصل صداها إلى كل مسؤول وحاكم ورئيس حزب حتى ما لبثت أن اشتعلت الخطابات النارية، إلا أن الشعب اللبناني بقي صامداً لم تهزه التهديدات، ولم يتأثر بالرسائل القاسية التي حاولت غالبية المنظومة السياسية إيصالها وكأنه في حلبة كبيرة يصارع بلا هوادة ولا تردد وليس لديه أي شيء آخر ليخسره.

وعندما علت صرخات المتظاهرين في الشوارع، وبعدما أطل رئيس الحكومة سعد الحريري على الشعب اللبناني ليعرض عليهم ورقته "الاقتصادية الإنقاذية" علها تكون "خشبة الخلاص"، سُربت هذه الورقة للإعلاميين مسودة من مصدر حكومي خاص ومن الوزراء الذين التقوا الحريري في دارته في بيت الوسط، وما لبثت أن انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بخط اليد لتصبح الحدث الأبرز في هذين اليومين إلا أن بعض المصادر الخاصة أكدت عدم دقتها وصدقيتها.

الورقة الانقاذية

ومن أبرز نقاط "الورقة الإنقاذية" هي: "إسهام مصرف لبنان والمصارف اللبنانية بثلاثة مليارات دولار أميركي وضخها في السوق اللبنانية لتحريك قطاع الإسكان والقطاعات المنتجة، وإلغاء المؤسسات غير الفاعلة التي يمكن الاستغناء عنها كوزارة الإعلام، والاستفادة فوراً من أموال مؤتمر "سيدر" وإقرار الموازنة سريعاً، عدم المس برواتب الموظفين والمتقاعدين، وتفعيل العمل بالمؤسسات الاجتماعية، ومعالجة موضوع الكهرباء خلال سنة ووقف نزيف الدولة من هذا القطاع، وقف المصاريف وأموال ورواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وإقرار الموازنة بشكل سريع والحفاظ على العجز بنسبة 3.7 في المئة، ومكافحة الفساد والحد منه قدر الإمكان في كل مفاصل الدولة، والتركيز على المشاريع الاستثمارية وإعطاء القروض بفوائد قليلة للمزارعين والصناعيين وأصحاب المهن الحرة، والتوافق على العمل يداً واحدة في الحكومة ودعم خطوات الرئيس الحريري وعدم عرقلة أعماله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باستثناء حزب القوات

واللافت أن الحريري استقبل ممثلين عن كل القوى السياسية باستثناء حزب "القوات اللبنانية" التي قدم وزراؤها الاستقالة من الحكومة، لكن الحريري والقوى السياسية تجاهلوا هذه الاستقالة على أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الاثنين في قصر بعبدا وإعلان البنود الإصلاحية في ورقة الحريري لعل ذلك يدفع المتظاهرين للانسحاب من الشوارع نتيجة عدم فرض أي ضريبة على الناس في هذه الورقة.

وفي حديث خاص إلى "اندبندنت عربية" يقول الخبير الاقتصادي الدكتور غسان عبد القادر "هذه الورقة الاقتصادية غير واضحة المعالم وغير دقيقة"، وأضاف "في علم الاقتصاد الانتقال من عجز الموازنة والضرائب لنقول أنا صفر عجز وضرائب، تدخل هذه ضمن الخيال العلمي ولم تعد تمت للعلوم الاقتصادية والاجتماعية بصلة".

واعتبر أنه "قبل وضع الخطط المستقبلية مفروض أن نحاسب الأشخاص الذين تسببوا بهذا الوضع لأن المنظومة موجودة منذ 30 سنة، والحكام كلهم مسؤولون عن الفساد والفقر والهدر والعجز"، مشيراً إلى أن "هذا لسان حال عدد كبير من المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وهذا يعود الى معدلات الفساد المرتفعة في لبنان. أما بالنسبة للسياسة المستقبلية، من المهم أن نبدأ بتغيير المنظومة السياسية قبل البدء بالإجراءات الاقتصادية".

بحاجة لتغيير منظومة الحكم السياسي

وقال "استبعد أن يتخلى المسؤولون فجأة عن الفساد والهدر الذي تعودوا عليه خلال الفترة الماضية، لذا نحن بحاجة ماسة إلى تغيير منظومة الحكم السياسي بغض النظر عن الأوراق الاقتصادية أو عن السياسات أو الطرق. وبالتالي، حتى لو طرحت الورقة الاقتصادية علينا أن ندرك أن هناك منظومة سياسية في لبنان قائمة على المحسوبية وتمرير الصفقات، وستبقى قائمة، لذلك نرى المتظاهرين يرددون اليوم "كلن يعني كلن" ويطالبون باسترداد المال العام من جيوبهم".

ورأى أن "السياسات المالية العامة مثل الذي طرح في بعبدا وموازنة 2020 أو التوازن بين الإيرادات والنفقات أو تحويل أموال الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان أو إجراء سياسات عمومية كلها إجراءات تكتيكية ستنتهي مع الوقت فعاليتها بسبب وجود هذه المنظومة الحاكمة أي أننا سنعود للنقطة صفر".

خطر السقوط

وفي حديث إلى "اندبندنت عربية" رأى عضو المكتب السياسي للرئيس سعد الحريري النائب السابق مصطفى علوش أن "المعطيات إلى الآن تشير إلى أن بقية الفرقاء السياسيين يتجاوبون، وما هي إلا ساعات قليلة تفصلنا عن هذه المهلة، ولكن كل القوى السياسية تواجه خطر السقوط بشكل كامل ومدوٍّ، والمشكلة الأساسية أن أي إجراء حتى لو كان جدياً من غير المؤكد أنه قادر على إخراج الناس من الشوارع وإيقاف التظاهرات لأنهم فقدوا الثقة بالمنظومة السياسية، لكن في المقابل إذا استقالت المنظومة، فالأمور إلى مزيد من الخراب والناس سيندمون خصوصاً عندما يرون أن عملتنا تتدهور بسرعة".

وفي حال انتهت المهلة ولم تتمكن الحكومة من إيجاد المخرج المطلوب، أكد علوش أن "الرئيس الحريري سيقدم على الاستقالة، إلا أن هذا ليس حلاً وستكون له تداعيات كبيرة خصوصاً أن آليات إنشاء الحكومات في لبنان معقدة جداً وقد تطول أشهراً من دون الوصول إلى نتيجة"، واعتبر أن الحل الأفضل هو أن "يتم الاتفاق على حكومة بديلة مصغرة ومؤلفة من اختصاصيين وإنجازها خلال يومين أو ثلاثة، وإلا البلد يتجه نحو المزيد من الفوضى والمزيد من التدهور الاقتصادي والمالي".

وعما ستقدمه هذه الورقة من حلول للوضع الاقتصادي في لبنان، لفت إلى أن "أبرز النقاط المهمة هي ملف الكهرباء الذي يعد السبب الرئيسي لارتفاع الدين العام والهدر بمالية الدولة. لذا جزء كبير من المشكلة يصبح بداية الحل"، كما لفت إلى أن "المشكلة الكبيرة اليوم تكمن في الوضع الأمني ووجود سلاح خارج الشرعية ووضع المنطقة، وإمكان فتح "حزب الله" حرباً.

كلها عوامل لتدهور الوضع الاقتصادي، تابع علوش الذي أضاف أن "هذه الورقة هي خلاص للبنان للبدء الفوري بحلول أبرزها الكهرباء ومشاركة المصارف والبنك المركزي في سد العجز وتخفيض معاشات النواب (التي تعطي انطباعاً بالإصلاح الذاتي لكنها لا تفيد الوضع الاقتصادي)، بالإضافة إلى ذلك، متابعة ملف "سيدر" وتطبيق الإصلاحات بأسرع وقت ممكن، إذ إننا أضعنا ثلاث سنوات على جدالات تافهة لا جدوى منها ولكن الذي حصل في الأسبوع الأخير يثبت أنه لا يمكننا إسكات الناس".

أسباب عدم تطبيق الإصلاحات

وعن سؤالنا عن السبب الرئيسي الذي أعاق تطبيق الإصلاحات الحكومية، رأى وزير الصناعة وائل أبو فاعور لـ "اندبندنت عربية" أنه "لا توجد إرادة سياسية لتطبيق الإصلاحات وخصوصاً أن هناك فريقاً مستنفراً في الحكومة وهو فريق رئيس الجمهورية الذي يأمر وينهي"، آملاً في "تنفيذ الإصلاحات" بناء على التعديلات التي أعلن عنها في مؤتمره الصحافي وأبرزها كالتالي: "إقرار قانون الضريبة التصاعدية وإعادة العمل بالقروض السكنية وعدم إخضاعها لإدارة المناقصات وإلغاء كل الصناديق، وإلغاء كل الامتيازات للرؤساء والنواب والعاملين بالشأن العام في الجمارك والسفر وغيرها، ورفض فرض أي ضرائب جديدة على المواطنين وعدم المساس بالرواتب والمكتسبات الاجتماعية مع فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء والمصارف، وإقرار قانون الضريبة التصاعدية الموحدة بما يضمن العدالة الاجتماعية".

لا إجراءات جدية

وقال عضو تكتل "الجمهوريّة القويّة" وزير الشؤون الاجتماعية المستقيل ريشار قيومجيان "اقترحنا حلولاً عدة تتعلق بالجباية الجمركية والكهربائية وضبط المعابر غير الشرعية، وإشراك القطاع العام بالمرفأ وقطاع الاتصالات وإنشاء هيئات ناظمة للأخيرة، وغيرها من الإجراءات الصارمة وخصوصاً موضوع الكهرباء عبر وضع خطط جديدة لها وإشراكها مع القطاع الخاص".

أضاف "أما الكهرباء فقد كانت بيد "التيار الوطني الحر" طيلة 12 سنة، فمن غير المعقول أننا ما زلنا نتكلم عن الخطط والمشاريع المرسومة وهم يتحججون بأن مشاريعهم تتعرقل... فكيف ذلك وهم موجودون منذ سنوات عدة، وأخيراً استلموا زمام السلطة وفي حكومتهم 11 وزيراً وفي النهاية، لا نرى أنهم يريدون اتخاذ إجراءات جدية تعالج هذه المشكلة".

واعتبر أن "هذا الفريق لن يستطيع أن ينقذ الوضع الاقتصادي والمالي المتردي"، مطالباً بـ "جلب فريق مستقل عن كل الأحزاب السياسية يعمل بكامل جدية في الحكومة المقبلة يكون مؤهلاً للتعاطي مع كل المراجع الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ويعمل على ملفات ومشاريع دولية كسيدر"، وعما إذا سيتمكن الحريري من تحقيق الإنجاز المطلوب، رأى أن "الناس ليس لديهم ثقة بعد اليوم بالمنظومة الحاكمة فالعناوين هي ذاتها والحل لا يكمن بزيادة الديون"، ولفت إلى أن "الورقة الاقتصادية المنتظرة خلال الساعات المقبلة هي ذاتها ونحن أسهمنا بتقديم اقتراحات اضافية ولكن رسالة الناس اليوم واضحة وصريحة جداً وهي فقدان الثقة"، وأشار إلى أن "المصارف ستغلق اليوم تخوفاً منها من أن يذهب الناس ليسألوا عن أموالهم وهي غير قادرة على تهدئتهم ما قد يشكل صدمة كبيرة".

 إشراك المصارف بالحل

وعن كيفية إشراك المصارف بالحل، يؤكد الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة أنه "في حال تم التهجم على المصارف اللبنانية فسيغضب المجتمع الدولي كثيراً وخصوصاً أن صندوق النقد الدولي حذر مصرف لبنان من الاستمرار بشراء سندات الخزينة، كما حذر الدولة اللبنانية من فرض أي ضرائب جديدة على المصارف اللبنانية. لذا، إذا كانت السلطة تراهن اليوم على المصارف بإنقاذ وضعها الاقتصادي نكون بذلك قد عالجنا أمورنا الداخلية ولكننا نكون في الوقت عينه أعلنّاها حرباً دولية"، وأكد "أهمية معالجة الوضع سريعاً"، مذكراً أن "كل نهار إضراب يخسّر الاقتصاد اللبناني 240 مليون دولار أميركي. وها نحن ندخل في اليوم الرابع من الإضراب".

الزيادات الضريبية

رئيس قسم الأبحاث والدراسات في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيـب غبريل أوضح لـ "اندبندنت عربية" أن "الذي أوصلنا إلى هذا الوضع المتردي هي الزيادات الضريبية التي أقرت منذ نهاية عام 2017، وفي مضمونها زيادة الضرائب على الدخل العام والاستهلاك والأرباح والأموال المنقولة، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية المتباطئة إذ لدينا 0.6 في المئة من نسبة النمو عام 2017. واليوم لا تزال السلطة الحاكمة تفرض ضرائب ورسوماً جديدة، بالإضافة إلى القطاع العام المترهل ما أدى إلى أزمة سيولة في الأسواق التجارية".

وشرح أنه "في عام 2018 وجراء تأخر تشكيل الحكومة تسعة أشهر بسبب المناكفات السياسية، كان من الضروري الإسراع بإقرار الموازنة، إلا أن التركيز كان كله يصب على المواطن. لذا، طلب فوراً من القطاع الخاص أن يتقشف لأنها كانت موازنة مخيبة للآمال ومن دون التوقعات، وخجولة من ناحية تخفيض النفقات وزيادة الضرائب، الأمر الذي أدى إلى اختناق الاقتصاد، وهذا ما لا يستوعبه المسؤولون. فقد ظنوا أن التقشف عليه أن يكون محصوراً فقط بالمواطن، بينما لا تخفيض للنفقات العامة بشكل جدي ومقنع وحتى الأشياء الرمزية كتخفيض رواتب الوزراء والنواب وإلغاء الوظائف الوهمية".

أضاف "المصيبة الأكبر جاءت خلال درس موازنة 2020، إذ عادت الحكومة من جديد ضرائب إضافية أبرزها الضرائب على فاتورة "الواتس آب"، معتبراً أن "التقشف الحقيقي يبدأ بالحد من المعاشات الخيالية والمخصصات وتكاليف السفر الفاحشة في القطاع العام ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتفعيل الجباية وضبط الحدود واتخاذ الإجراءات التي تعزز الثقة".

صدمات إيجابية

وعن الحلول البديلة التي يراها من منظاره كاختصاصي، اقترح "تخفيض عدد الوزراء في الحكومة من 14 إلى 15 كحد أقصى، وتخفيض معاشات الرؤساء والسفر والبذخ، وإلغاء المعاشات الخيالية، وتغيير كل خطة الكهرباء وإعطاء رخص إنتاج للقطاع الخاص (مثل زحلة)، مكافحة التهرب الضريبي بيد من حديد وليس بالنصوص، وإعطاء أمر سياسي لإرسال الجيش إلى الحدود لإغلاق كل المعابر غير الشرعية، وضبط المعابر الشرعية كالمرفأ، وتفعيل الجباية بمشروع الكهرباء (هناك مليار و200 مليون دولار غير مدفوعة من الدوائر الرسمية ومصالح وهيئات مستقلة وصناديق و400 مليون دولار غير مدفوعة من مخيمات فلسطينية".

وأشار إلى أنه "في موازنة عام 2020 يوجد لدينا 22 مليون دولار فواتير اتصالات غير مدفوعة من قبل الوزارات والإدارات العامة والهيئات المستقلة والمؤسسات العامة"، داعياً وزير الاتصالات محمد شقير بدلاً من تحصيل الأموال من فواتير "الواتس آب" أن "يحصلها من فاتورة من القطاع العام والتراجع عن الضرائب بموازنة 2019 مثل التعرفة الجمركية"، معتبراً أنه "إذا اتخذت هذه الإجراءات تحدث صدمة إيجابية تؤدي إلى ضخ السيولة وتحسن الحركة الاقتصادية".

وعن فرض الدولة ثلاثة مليارات دولار على القطاع المصرفي، قال غبريل " القطاع المصرفي يسهم بنسبة 60 في المئة من دخل الخزينة من الضريبة على الأرباح. وبنسبة 33 في المئة من الضريبة المنقولة، و20 في المئة على الرواتب والأجور وإيرادات الخزينة، ويسهم بالاقتصاد الوطني بنسبة تسعة في المئة من الناتج المحلي بحسب إحصاءات صندوق النقد الدولي كما يسهم كثيراً بإيرادات الخزينة"، متسائلاً "هل يُعقل فرض ضرائب أكثر؟".

أضاف "المصارف تدفع ضريبة فعلية هي 45 في المئة على دخلها. الضريبة 17 في المئة على كل الشركات في لبنان بحسب القانون والدستور. بينما على المصارف بسبب الازدواج الضريبي الذي فرضه قانون 2017 وصل معدلها إلى 40 في المئة، ومع زيادة الضرائب على إيرادات المصارف، وصل معدل الضريبة إلى نسبة 55 في المئة". واعتبر أنه "الأجدر اليوم أن يتجهوا نحو تخفيض النفقات ومكافحة التهريب وتفعيل الجباية وعلى السياسيين تحمل ولو جزء بسيط من هذه المسؤولية".

وأوضح أن "المصارف بقيت 10 سنوات تعطي قروضاً سكنية مدعومة استفاد منها 132 ألف شخص ليتملك منزلاً، ولكن بسبب الشح في الأموال تراجعت القروض، فراح السياسيون يثيرون هذا الموضوع لمصالحهم الشعبوية في الانتخابات النيابية وما بعدها، ومن حينها أي من بداية العام 2018 إلى اليوم نتساءل أين هي السياسة الإسكانية، علماً أنها مسؤولية السلطة التنفيذية والبنك المركزي بشكل مباشر وليس المصارف"، مشدداً على "ضرورة مكافحة التهرب الضريبي والهدر والفساد قبل التهجم على المصارف وأخذ ثلاثة مليارات دولار منها"، مشيراً إلى أن "المصارف بقيت 25 سنة تتحمل مسؤولية الاستقرار النقدي والمالية العامة".

سرطان اقتصادي خبيث

ويستبعد بعض المسؤولين والخبراء الاقتصاديين أن تتغير الأوضاع الاقتصادية خلال 72 ساعة، فهذه المنظومة السياسية الحاكمة التي تعودت على كل أوجه الفساد والهدر خلال الفترة الماضية، كيف ستستطيع استرجاع ثقة انكسرت؟ ربما في الآونة الأخيرة استطاع اللبنانيون وحدهم أن يقلبوا الطاولة وسائر المعادلات وأن يقولوا "كفى" بوجه الظلم والقهر والفساد.

لبنان اليوم يعاني من سرطان اقتصادي خبيث وبالتالي لا يمكن أن يستجيب للمسكنات والمخدرات المؤقتة. نحن بحاجة إلى علاج جذري استئصالي لأننا بتلك الحلول المؤقتة ستعود الآلام تفتك بالشعب اللبناني، والاستئصال ممكن من خلال التحركات الشعبية التي تمثل فرصة تاريخية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن المنظومة الحاكمة هي الأساس، وهي الغدة السرطانية التي تسبب التدهور والفساد وصولاً إلى أزمات اجتماعية كالانتحار والهجرة والادمان على المخدرات، وتدهور المستوى المعيشي العام للبنانيين. اليوم بات اللبنانيون يعون أن العجز والهدر والمديونية العالية مصدرها القرار السياسي الفاسد. لذا التغيير يبدأ بالمنظومة السياسية وليس مجرد خطوات وأوراق اقتصادية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي