ملخص
نواب من البرلمان البريطاني شكلوا مجموعة تحت عنوان "حان وقت التحرك" من أجل حث الحكومة على تبني استراتيجية واضحة لمكافحة التطرف الذي ارتفع في البلاد إلى مستويات لم تعهدها المملكة المتحدة منذ عقود.
أطلقت مجموعة برلمانية تحذيراً من ضبابية الرؤية الرسمية إزاء مكافحة التطرف في المملكة المتحدة. وتقول المجموعة التي تنتمي إلى حزب العمال الحاكم وتضم أعضاء من غرفتي العموم واللوردات، إن بريطانيا اليوم لا تمتلك استراتيجية واضحة وفاعلة لمواجهة هذه الآفة على رغم أنها "تزداد في البلاد على نحو لم تعرفه منذ عقود".
والتطرف التي تقصده اللجنة لا يشمل فقط التشدد الإسلامي الذي تفجر سابقاً بعمليات إرهابية، وإنما الشعبوية اليمينية التي تشعل الشارع كراهية ضد المهاجرين والأقليات، واليسارية التي تحرض على اليهود وتروج لأفكار تبث الفرقة في المجتمع. أما النتيجة، فهي حال استقطاب شديدة قابلة للانفجار في أي وقت وعلى نحو سيئ جداً.
وأعدت المجموعة البرلمانية تقريراً أصدرته مع إعلان ولادتها، منبهة إلى أن أخر استراتيجية نشرتها بريطانيا في هذا الشأن كانت عام 2015 وانتهى العمل بها رسمياً بحلول عام 2021، أما المسؤولة الرسمية عن الملف فمنصبها شاغر منذ انتهاء عمل مفوضة محاربة التطرف السابقة سارة خان التي أيدت المجموعة البرلمانية وعملها.
التقرير البرلماني حذر من أن التطرف "الذي يقع تحت الإرهاب بدرجة واحدة"، يتفشى على نحو كبير في البلاد، من دون أن تقوم حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر بأي جهد حقيقي وفعلي لمتابعته ورصده وردعه، واصفاً الجهود الرسمية في هذا الإطار بالسياسة العمياء التي تتحرك بعشوائية ومن دون تخطيط أو أهداف واضحة لتحقيقها.
واستدعى التقرير أمثلة كثيرة على تفجر التطرف إلى أحداث خطرة في البلاد، فبدأ من أعمال الشغب التي اندلعت بعد جريمة مدينة ساوثبورت نهاية يوليو (تموز) عام 2024، مروراً بالهجوم على الكنيس اليهودي في مدينة مانشستر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووصولاً إلى التظاهرات ضد فنادق اللاجئين وغيرها.
ويلفت التقرير إلى نقطة مهمة فحواها أن وزارات الدولة لا تعتمد آليات حقيقية لقياس التطرف بصورة منهجية وفاعلة، ويقول رئيس المجموعة البرلمانية التي أصدرت التقرير النائب "العمالي" داميان إيغان إن غياب الاستراتيجية الواضحة في هذا الصدد يثير القلق والخوف من تآكل التماسك المجتمعي وتراجع الديمقراطية في البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر إيغان من اجتماع مؤشرات التطرف من جرائم الكراهية إلى الإيمان بنظريات المؤامرة وصولاً إلى قضايا الهجرة واللاجئين، لتشكل فرصاً مثالية للجماعات المروجة للأيديولوجيات البغيضة، فيما خلص التقرير المعنون "حان وقت التحرك" إلى أن الحكومة تدرك التهديد المتسارع للأمر إلا أنها لم تعالج التحدي بصورة كافية.
وطالب البرلمانيون بتعريف جديد للتطرف تبنى عليه استراتيجيات للتتبع والرصد، وتقر على ضوئه آليات لمواجهة الظاهرة والقضاء عليها. والمواجهة برأيهم تشمل الحياة العامة وواقعاً افتراضياً يصدر عنه الخطر الأكبر في التحريض وبث السموم، أما الحلقة الأضعف المهددة في ظل التطرف فهي الأقليات والمجتمعات المحلية.
ومن المعطيات المهمة التي ساقتها المجموعة البرلمانية أن أبحاثاً متخصصة تفيد بأن واحداً من كل خمسة أشخاص بات يعتقد بأن العنف السياسي أمر مقبول في بريطانيا، وأن 18 في المئة يمكن أن يفكروا بالمشاركة في تظاهرات عنيفة ضد الأوضاع المتدهورة في البلاد، وأعرب 87 في المئة عن ضعف ثقتهم بالساسة والأحزاب.
ووفق التقرير البرلماني، أبلغ نصف الذين ترشحوا للانتخابات العامة في 2024 بتعرضهم للمضايقات والترهيب والتهديدات الشخصية، مما يدلل بوضوح على تراجع ثقة الناس بالعملية الديمقراطية وتفويض النواب بمعالجة مشكلات البلاد على الصعد كافة، ومع تراجع الثقة تصبح وسائل التعبير الأخرى مشحونة ومتوترة.
وفي تجليات الأمر أيضاً، يشار إلى أن جرائم الكراهية وصلت إلى 115 ألف حادثة سجلت خلال العام الحالي، مما يعادل ثلاثة أضعاف المستوى قبل عقد من الزمن. وتلفت الأرقام إلى أن ثلث البريطانيين باتوا يؤمنون بنظريات المؤامرة ويصدقون المعلومات المضللة التي تستهدف في الغالب الأقليات والمجتمعات المحلية.
ورحبت وزارة الداخلية بإنشاء المجموعة البرلمانية التي تهتم بمكافحة التطرف، وقالت تعليقاً على دعواتها ومضمون تقريرها، إنها ستعمل مع كل الجهات المعنية من أجل ضمان امتلاك الأدوات والآليات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة، ولكن ذلك لا ينفي حقيقة أن "لدى بريطانيا بعضاً من أقوى القوانين في العالم لحماية مواطنيها".