Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الدعم السريع" تقصف بابنوسة وهدوء حذر في شمال كردفان

الجيش نفذ هجوماً استهدف رتلاً من المركبات القتالية بعد عبورها منطقة المثلث الحدودي قادمة من شرق ليبيا

سودانيون فارون من الفاشر في مخيم للنازحين ببلدة الدبة، 21 نوفمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

برزت منطقة المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا خلال الأيام الماضية كنقطة عبور رئيسة لتحركات قوات "الدعم السريع" والقوات المتحالفة معها، إذ يتم استخدامها لنقل التعزيزات العسكرية من خارج الحدود باتجاه عمق دارفور وصولاً إلى إقليم كردفان.

في وقت شهدت فيه جبهة القتال بشمال كردفان هدوءاً نسبياً وحذراً بعد معارك ضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" خلال الأيام الأربع الماضية، شنت الأخيرة أمس الجمعة هجوماً مكثفاً بالمدفعية الثقيلة على مقر الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش بمدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، غير أن قوات الفرقة مشاة ردت بالمثل مانعةً تقدم القوات المهاجمة.

وظلت "الدعم السريع" تستهدف بابنوسة وقاعدتها العسكرية التي تعد آخر معقل عسكري للجيش في ولاية غرب كردفان، وذلك لتوسيع نطاق نفوذها الميداني في إقليم كردفان بعد إحكام نفوذها على دارفور إثر سيطرتها على مدينة الفاشر نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ووفق مصادر عسكرية، فإن الهجوم المدفعي على هذه القاعدة العسكرية يأتي في سياق التصعيد المستمر بين الطرفين، بعدما تحولت مناطق غرب كردفان إلى ساحة قتال مفتوحة مع محاولات كل طرف تعزيز مواقعه والسيطرة على مواقع استراتيجية.

وأشارت تلك المصادر إلى أن محور شمال كردفان، بخاصة مناطق غرب الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، يشهد حالياً حركة تحشيد وتحركات متواصلة من طرفي الحرب للدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية، مما يؤشر إلى أن الأيام المقبلة ستشهد معارك عنيفة وفاصلة بين الجانبين.

عملية إنهاك

يشير مراقبون عسكريون إلى أن الجيش بات يعتمد على استراتيجية تقوم على استهداف النقاط الحيوية لـ"الدعم السريع"، بما في ذلك مراكز القيادة والسيطرة، والآليات المدرعة، وخطوط الإمداد، بدلاً من الانخراط في مواجهات واسعة تستنزف الموارد البشرية واللوجستية في آنٍ واحدٍ، بالتالي تتحول المعركة إلى عملية إنهاك مستمرة تهدف إلى إفراغ الخصم (الدعم السريع) من قدرته على المبادرة.

ونوه المراقبون بأن المواجهات القائمة حالياً في كردفان تستند إلى هجمات خاطفة دقيقة، يتم بناؤها على ركيزة استخباراتية تشمل الاستطلاع الميداني، والمراقبة الجوية، وشبكات الارتكاز المحلي، وتعمل على تنفيذها وحدات مشاة خفيفة ذات حركة عالية، مدعومة بقوات مختصة في العمليات السريعة والاشتباك القريب، مثل قوات العمل الخاص وقوات الإسناد المقاتلة المتحالفة مع الجيش.

وبين هؤلاء المراقبون أن خطط الجيش القتالية باتت تعتمد على مبدأ الضرب والانسحاب وإعادة التمركز، مما يقلل الاحتكاك الطويل ويضمن الحفاظ على سيولة حركية تسمح للوحدات بالسيطرة على توقيت المعركة وإيقاعها. وتوقعوا أن يؤدي هذا التحول العملياتي إلى ارتفاع مستوى الضغط الاستنزافي على قوات "الدعم السريع"، وإحداث إرباك في منظومة القيادة والسيطرة لتلك القوات عبر ضربات دقيقة ومحكمة، فضلاً عن زيادة الكلفة العملياتية لأي محاولة تقدم تقوم بها "الدعم السريع".

 

هجوم جوي بالمثلث

ونفذ طيران الجيش أمس الجمعة هجوماً جوياً استهدف رتلاً من المركبات القتالية وناقلات وقود تابعة لقوات "الدعم السريع"، وذلك بعد عبورها منطقة المثلث الحدودي قادمة من شرق ليبيا.

وبحسب مصدر عسكري، فإن الضربة الجوية دمرت أكثر من 50 مركبة قتالية وعدداً من ناقلات الوقود والذخائر كانت في طريقها لـ"الدعم السريع" من شرق ليبيا إلى السودان عبر الحدود البرية، قبل أن يتعامل معها الجيش عبر ضربات جوية مركزة وناجحة.

وتأتي هذه العمليات الجوية ضمن سلسلة تحركات مستمرة لتعطيل قدرات "الدعم السريع" في المناطق الحدودية، ومنعها من إعادة تنظيم خطوط الإمداد أو استخدام المنطقة كنقطة ارتكاز لعمليات جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبرزت منطقة المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا خلال الأيام الماضية كنقطة عبور رئيسة لتحركات قوات "الدعم السريع" والقوات المتحالفة معها، إذ يتم استخدامها لنقل التعزيزات العسكرية من خارج الحدود باتجاه عمق دارفور وصولاً إلى إقليم كردفان.

هذه التطورات تأتي في إطار التصعيد العسكري المستمر بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهات مع دخول عناصر مسلحة عبر الحدود.

40 حالة اغتصاب

في الأثناء، أفادت إحدى المنظمات النسوية بتعرض 40 من النساء في مدينة بارا بشمال كردفان للاغتصاب الفردي والجماعي تحت تهديد السلاح داخل منازلهن، على يد عناصر من قوات "الدعم السريع" بعد فصل أفراد أسرهن وتهديدهم.

وشنت قوات "الدعم السريع" هجمات انتقامية بعد سيطرتها للمرة الثانية على مدينة بارا في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل أن ينفذ الجيش منذ مطلع هذا الأسبوع عملية عسكرية شمال كردفان، سيطر خلالها على كازقيل ومحلية أم دم حاج، وتقدم إلى تخوم بارا وأم سيالة قبل أن ينسحب من المنطقتين تحت وقع معارك ضارية.

 

وأوضحت شبكة نساء القرن الأفريقي "صيحة" في بيان أن 10 حالات تم التحقق منها حتى الآن، تشمل قاصرتين تراوح أعمارهما ما بين 15 و17 سنة، وجرى نقل جميع الضحايا إلى أماكن آمنة حيث تلقين الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي.

ودان البيان انتهاكات قوات "الدعم السريع"، واعتبرها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف 1949، فضلاً عن أنها خرق لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صادق عليها السودان.

ودعت الشبكة المجتمع الدولي إلى تقديم حماية عاجلة ودعم للنساء والأطفال والنازحين، وحثت آليات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة على تكثيف جهود التوثيق في بارا ومناطق شمال كردفان الأخرى.

وفاة 23 طفلاً

في حين أفادت شبكة أطباء السودان أن فرقها الميدانية وثقت وفاة 23 طفلاً في الفترة من الـ20 من أكتوبر حتى الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) في مدينتي الدلنج وكادوقلي بولاية جنوب كردفان نتيجة سوء التغذية الحاد ونقص الإمدادات الأساسية، على خلفية الحصار المفروض من قبل "الدعم السريع" والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو الذي يمنع دخول الغذاء والدواء ويعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.

وأكدت الشبكة في بيان أن هذه الوفيات تمثل جرس إنذار خطراً ينبه إلى حجم المأساة الإنسانية المتفاقمة في الولاية. ودانت بشدة استمرار الحصار الذي أدى إلى انهيار الخدمات الصحية وتعطيل وصول المساعدات، مما يُعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الأطفال في البقاء والحماية.

وحثت الشبكة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية على التحرك العاجل لفتح ممرات آمنة وتوفير الإغاثة العاجلة من دون تأخير، مشيرة إلى أن استمرار الوضع على ما هو عليه يهدد بوقوع كارثة صحية واسعة النطاق إذا لم تتخذ إجراءات فورية لرفع الحصار وضمان تدفق الغذاء والدواء، حتى لا تتحول هذه المأساة إلى واقع متكرر في مناطق أخرى من السودان.

100 ألف نازح

في محور دارفور أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أن أكثر من 100 ألف شخص نزحوا من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والمناطق المحيطة بها منذ نهاية أكتوبر، في أعقاب سيطرة قوات "الدعم السريع" على المدينة.

وأفاد المكتب في بيان أن الأوضاع في شمال دارفور مزرية، وأن معظم النازحين القادمين من الفاشر وصلوا إلى مساكن موقتة في ظل ظروف قاسية واحتياجات هائلة، لافتاً إلى أن الأطفال الواصلين من هذه المدينة يعانون سوء التغذية الحاد.

ترحيب بإعلان ترمب

من جانبها أعلنت قوات "الدعم السريع" ترحيبها الكامل بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب استعداده للعمل على إنهاء الحرب في السودان.

وأشارت قوات "الدعم السريع" في بيان على منصة "تيليغرام" إلى أنها تتابع باهتمام وتقدير بالغين التحركات الدولية المكثفة في شأن الأوضاع في السودان.

وشكر البيان الرئيس الأميركي وقادة دول الرباعية على جهودهم ومساعيهم الحميدة للتوسط في النزاع السوداني من أجل وقف ما سماها بـ"الحرب المفروضة عليهم" وإنهاء معاناة السودانيين.

واستطرد البيان "نؤكد للشعب السوداني وللمجتمع الدولي أن العقبة الحقيقية أمام تحقيق السلام هي العصابة المتحكمة في قرار القوات المسلحة من فلول النظام البائد وقيادات تنظيم الإخوان، الذين أشعلوا هذه الحرب بغرض العودة إلى الحكم على أشلاء الأبرياء".

وتعهد البيان مضي قوات "الدعم السريع" قدماً نحو "معالجة جذور الأزمة وبناء سودان جديد بجيش وطني مهني واحد خالٍ من الأيديولوجيات المتطرفة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات