Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مواجهات عنيفة في محور أم صميمة بشمال كردفان وهدوء حذر ببارا

الرئيس الأميركي يتعهد إنهاء "الفظائع" في السودان بطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

فتيات نازحات من الفاشر يجلسن على الأرض وفي أيديهن ألعاب، في مخيم للنازحين في الدبة، السودان، الـ15 من نوفمبر 2025 (رويترز) 
 

ملخص

قال ترمب خلال مشاركته في منتدى أميركي - سعودي للأعمال إن "سمو الأمير يريد مني القيام بشيء حاسم يتعلق بالسودان"، وأضاف "لم يكن السودان ضمن الملفات التي أنوي الانخراط فيها، وكنت أعتقد أن الوضع هناك تعمه الفوضى وخارج عن السيطرة".

وسط عمليات تحشيد عسكري متصاعد لطرفي حرب السودان (الجيش والدعم السريع) في محاور القتال بإقليم كردفان، تواصلت لليوم الرابع على التوالي المعارك البرية الضارية بين الجانبين، وبحسب مصادر عسكرية، فإن مواجهات عنيفة دارت أمس الأربعاء بين القوتين في محور أم صميمة غرب مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، إضافة إلى منطقتي العيارة وجبل عيسى بالولاية نفسها استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مما أحدث انفجارات قوية في محيط المناطق التي شهدت المواجهات.

في وقت ساد الهدوء الحذر المناطق الغربية لمحور بارا الواقع شمال شرقي الأبيض، والمناطق الغربية الجنوبية لمحور الأبيض، بعد معارك واسعة خاضها الجيش في هذه المناطق مسنوداً بالقوات المشتركة، وذلك بهدف الانفتاح غرباً نحو المناطق التي تتحرك فيها قوات "الدعم السريع"، وفق تلك المصادر.

ونوهت المصادر ذاتها إلى أن الجيش كبد "الدعم السريع" خسائر كبيرة في معارك غرب مدينتي بارا والأبيض بولاية شمال كردفان، كما تمكن من تمشيط مناطق واسعة في هذه الولاية ضمن خطة توسع انتشاره في هذا المحور، مؤكدة أن بلوغ الجيش منطقتي أبو سنون وأبو قعود الواقعتين غرب الأبيض وسع من دائرة الأمان لعاصمة شمال كردفان، فضلاً عن منح قوات الجيش مساحات إضافية للتحرك وإعادة التموضع.

عمليات نوعية

من جانبها، أكدت القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة استمرار تقدمها البطولي على محاور القتال كافة في ولاية شمال كردفان، فضلاً عن إلحاق هزائم كبيرة وموجعة في صفوف تلك القوات المتمردة.

وأشارت القوات المشتركة في بيان إلى أنها نفذت أمس الأربعاء عمليات نوعية، إذ تمكنت من السيطرة الكاملة على مواقع استراتيجية عدة كانت تتمركز فيها قوات "الدعم السريع"، إضافة إلى تدمير وحرق أعداد كبيرة من المركبات القتالية لتلك القوات، والسيطرة على عدد آخر منها، إلى جانب مقتل عشرات من أفرادها.

‏وتابع البيان "لم يجد عناصر القوات المتمردة أمامهم خياراً سوى الفرار من أرض المعركة، تاركين خلفهم جثث قتلاهم وجرحاهم ومعداتهم". وأكد أن القوات المشتركة ماضية في استراتيجيتها القائمة على دحر قوات "الدعم السريع" حتى آخر جندي، ولن تتوقف إلا بتحرير كامل تراب البلاد وتطهيره من تلك القوات.

عدم التراجع

في سياق متصل، أكد قائد قوات درع السودان المتحالفة مع الجيش أبو عاقلة كيكل أن قواته لن تتزحزح شبراً من ميدان المعركة حتى تحقيق النصر الكامل، وأن عهدهم مع الشعب والجيش هو عدم التراجع عن ميدان القتال.

وأوضح كيكل في مقطع فيديو مصور أمام جمع من جنوده، في أول ظهور له عقب تعرضه لإصابة وصفتها قوته بـ"الطفيفة" خلال معارك شمال كردفان الإثنين، بأنه متعود على الموت وراض به.

وأردف "هذه ليست أول معركة نخوضها، وسنستمر في القتال حتى السيطرة على جميع ولايات البلاد، وصولاً إلى منطقة أم دافوق بولاية جنوب دارفور على الحدود مع أفريقيا الوسطى".

انهيار تام

في حين، أوضح المراقب العسكري العقيد إبراهيم الحوري، أن عدداً من مناطق شمال كردفان شهدت معارك عنيفة تمكن خلالها الجيش من سحق قوات "الدعم السريع"، مما أدى إلى تراجعها من محيط بارا باتجاه منطقة المزوب بالولاية ذاتها، مؤكداً أن تلك القوات أصابها الانهيار التام وأنها في أضعف حالاتها.

وبين الحوري أن استراتيجية الجيش في المعارك الدارة حالياً في كردفان تركز على القضاء على العنصر البشري لـ"الدعم السريع" الذي يمثل عماد الحرب، ومن ثم فك الحصار عن مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان التي تضم مقر الفرقة 22 مشاة آخر قاعدة عسكرية للجيش في هذه الولاية، وبعدها الانتقال إلى دارفور لاستعادة ولاياته الخمس من قبضة تلك القوات المتمردة.

ثبات وثقة

في المقابل، نوه وزير الداخلية في حكومة تحالف "تأسيس" الموازية لسلطة بورتسودان سليمان صندل إلى أن المعارك التي اندلعت في محاور جبل أبو سنون وجبل عيسى والعيارة بولاية شمال كردفان تمثل دليلاً واضحاً على تقدم قوى حلف السلام التي وافقت على الهدنة الإنسانية، في مقابل تراجع الأطراف الداعية إلى استمرار الحرب.

وأكد صندل في منشور على منصة "إكس" أن قواتهم التزمت بالعهد والميثاق، وتمكنت من سحق ما سماه بـ"ميليشيات المؤتمر الوطني المتناسلة"، ولفت إلى أن قواتهم ستواصل تعزيز قوتها وتسجيل الانتصارات في محور كردفان بثبات وثقة عالية، في إشارة إلى إحكام السيطرة على المناطق التي شهدت المعارك الأخيرة.

إسقاط مسيرة

في الأثناء، تمكن الجيش أمس الأربعاء من إسقاط مسيرة استراتيجية تابعة لـ"الدعم السريع" استهدفت مدينة الأبيض، قبل أن تتمكن من تنفيذ هدفها.

ووفق مواطنين، فإنهم سمعوا دوي الدفاعات الجوية تزامناً مع تحليق المسيرة في سماء المدينة، وتمكنت المضادات الأرضية من إسقاطها على الأرض.

وتستخدم "الدعم السريع" الطائرات المسيرة الحديثة في الهجمات على المدن الخاضعة تحت سيطرة الجيش، وتسعى إلى منع الجيش من التقدم نحو أقصى جنوب كردفان وغربها حتى لا يتمكن من فك الحصار على مدينة بابنوسة، كما تخشى تلك القوات من استعادة الجيش السيطرة على الدبيبات بجنوب كردفان والنهود والخوي بغرب كردفان.

وتبرز مدينة الأبيض كإحدى أهم النقاط الاستراتيجية في مسرح الحرب، بحكم موقعها الذي يربط ولايات الغرب بالمركز والجنوب.

وتشهد مناطق شمال كردفان خلال الفترة الأخيرة مواجهات عسكرية ضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، مما أدى إلى موجات نزوح غير مسبوقة، من مناطق بارا وشيكان والرهد وأم روابة وأم دم حاج أحمد في شمال كردفان، إذ قدرت أعدادهم بنحو 39725 شخصاً خلال الفترة بين الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) والـ19 من نوفمبر (تشرين الثاني)، في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية الناتجة من استمرار القتال.

استمرار النزوح

في محور دارفور، ما زالت أوضاع النازحين الفارين من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور عقب سقوطها في يد قوات "الدعم السريع" أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تتسيد المشهد، نظراً إلى ما واجهوه من معاناة بسبب الانتهاكات الوحشية التي تمارسها عناصر الأخيرة (الدعم السريع) في حق المدنيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واضطرت آلاف الأسر إلى الفرار من مدينة الفاشر خلال الأسابيع الماضية، ووصلت إلى بلدة طويلة التي تعد واحدة من أكبر مراكز النزوح بإقليم دارفور، وقد أنهكها الجوع والإرهاق، وغالباً من دون أي متعلقات شخصية.

فيما أشارت شبكة أطباء السودان إلى وصول أكثر من 243 امرأة حامل إلى كل من معسكر طويلة والمعسكرات المحيطة بها بولاية شمال دارفور ومحلية الدبة بالولاية الشمالية مع رصد وقوع حالات إجهاض أثناء رحلة النزوح، في وقت قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 650 ألفاً فروا من الفاشر والمناطق محيطة بها إلى بلدة طويلة، وهم في حاجة ماسة إلى المساعدة الفورية والعاجلة.

وبدأ متطوعون في غرفة الطوارئ بطويلة في تقديم الوجبات الغذائية للنازحين الجدد منذ أواخر أكتوبر الماضي وحتى اليوم من دون انقطاع، إذ توجد 10 مطابخ للغرفة، في وقت شرعت الغرفة فعلياً في إجراء مسح ميداني بنقاط تجمعات النازحين الجدد، بغرض إضافة خمسة مطابخ أخرى، لتغطية الحاجة.

البرهان مستعد للتعاون مع السعودية وأميركا لتحقيق السلام

سياسياً، أكد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أمس الأربعاء استعداده للتعاون مع السعودية والولايات المتحدة لتحقيق السلام، عقب تعهد الرئيس الأميركي بالعمل على إنهاء الحرب في السودان.

وقال مجلس السيادة، الذي يترأسه البرهان في بيان، إن الحكومة السودانية "تؤكد استعدادها للانخراط الجاد معهم من أجل تحقيق السلام"، مرحباً بالجهود السعودية والأميركية "من أجل إيقاف نزف الدم السوداني".

وكتب البرهان عبر منصة "إكس"، "شكرا سمو الأمير محمد بن سلمان، شكراً الـرئيس دونالد ترمب"، بعد انتهاء لقاء جمع الزعيمين في واشنطن.

وقال ترمب أمس الأربعاء إنه سيعمل على إنهاء "الفظائع المروعة" في السودان بعدما طلب منه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المساعدة في وقف الحرب.

منذ اندلاعها في أبريل (نيسان) 2023، خلفت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح نحو 12 مليون شخص.

وأوضح ترمب خلال مشاركته في منتدى أميركي - سعودي للأعمال أن "سمو الأمير يريد مني القيام بشيء حاسم يتعلق بالسودان"، وأضاف "لم يكن السودان ضمن الملفات التي أنوي الانخراط فيها، وكنت أعتقد أن الوضع هناك تعمه الفوضى وخارج عن السيطرة".

وتابع الرئيس الأميركي "لكنني أرى مدى أهميته بالنسبة إليكم ولعدد كبير من أصدقائكم في القاعة، سنبدأ العمل على ملف السودان".

وكتب الجمهوري البالغ 79 سنة على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، إنه سيستخدم "نفوذ الرئاسة لوقف الحرب على الفور".

وتابع "تقع فظائع مروعة في السودان، لقد أصبح المكان الذي يشهد أخطر أعمال العنف على وجه الأرض، ويشهد أيضاً أكبر أزمة إنسانية على الإطلاق".

كانت واشنطن قد حضت طرفي النزاع في السودان على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، في وقت صرح مبعوث الرئيس الأميركي إلى أفريقيا مسعد بولس لوكالة الصحافة الفرنسية يوم السبت أن الحرب في السودان تعد "أكبر أزمة إنسانية في العالم".

لكن ترمب نفسه نادراً ما تطرق إلى النزاع، مركزاً بدلاً من ذلك على غزة وأوكرانيا في مسعاه إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام.

ووصف ترمب السودان بأنه "حضارة وثقافة عظيمة، لكنها للأسف تدهورت" ويمكن إصلاحها بمساعدة القوى الإقليمية الغنية.

وأضاف "سنعمل مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وشركاء آخرين في الشرق الأوسط لإنهاء هذه الفظائع، وفي الوقت نفسه تحقيق الاستقرار في السودان".

ويعكس تعهد ترمب البدء بالعمل على ملف السودان علاقته الوثيقة مع ولي العهد السعودي، الذي استقبله بحفاوة في البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء.

وأكد الرئيس الأميركي خلال كلمته أن الأمير محمد بن سلمان موضع احترام كبير، واصفاً إياه بأنه قائد جريء ملتزم بتعزيز العلاقات الثنائية، وتابع "أنا والأمير محمد بن سلمان جعلنا التحالف الأميركي - السعودي أقوى مما مضى"، مشيراً إلى أن الرياض وواشنطن ستوقعان اتفاقات بـ270 مليار دولار.

وجدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال كلمته تأكيد محورية العلاقات السعودية - الأميركية، وقال إننا "وضعنا أسس تعزيز الشراكة التاريخية بين السعودية وأميركا"، داعياً إلى اغتنام الفرص الجاذبة التي توافرها الشراكة السعودية - الأميركية، ومبيناً أن الرياض وواشنطن ستوقعان اتفاقات استثمارية في قطاعات واسعة مثل الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي.

مشروع عقوبات بريطاني

دولياً، أفادت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أنها وجهت المسؤولين في وزارتها لإعداد مشروع عقوبات جديد مرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان في السودان، مشيرة إلى التزام بلادها بضمان أن يكون الشعب السوداني هو من يحدد مستقبل بلاده.

وذكرت كوبر في خطاب أمام البرلمان، أن السودان يشهد "أسوأ أزمة إنسانية في القرن الـ21"، مبينة أن المملكة المتحدة تضغط لوقف إطلاق نار دائم، وتحقيق دولي عاجل في الجرائم بمدينة الفاشر، مع دعوات إلى فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية بعد تقارير أممية عن فظائع واسعة النطاق.

ولفتت إلى أن المشاهد القادمة من الفاشر مرعبة، تشمل إعدامات جماعية وتجويعاً واستخداماً ممنهجاً للاغتصاب كسلاح حرب، منتقدة عرقلة وصول المساعدات، فبينما ترفض قوات "الدعم السريع" فتح ممرات آمنة حول الفاشر، تقوم القوات المسلحة السودانية بفرض قيود جديدة على عمليات الإغاثة، مطالبة الطرفين بالسماح الفوري بمرور العاملين الإنسانيين والإمدادات والمدنيين المحاصرين.

وكشفت الوزيرة أن بريطانيا تضغط لوقف إنساني لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر لفتح الطرق أمام الإمدادات المنقذة للحياة، لكنها شددت على أن المساعدات وحدها لن تنهي الصراع، مؤكدة الحاجة إلى وقف دائم للنار مدعوم بعملية سياسية جدية.

ونوهت وزيرة الخارجية البريطانية إلى أن بلادها ستواصل العمل مع شركائها الدوليين لتأمين وقف إطلاق النار وتحقيق السلام الدائم، مؤكدة أن التعاون الدولي هو الطريق الوحيد لإنهاء المعاناة في السودان.

المزيد من متابعات