ملخص
من المتوقع أن تتضاعف متطلبات الذكاء الاصطناعي من الطاقة في غضون العامين المقبلين، ويحتاج ذلك إلى مضاعفة قدرات إنتاج الطاقة من الشركات الكبرى لتلبية تلك الحاجات، لكن ما يحدث الآن هو تقليص قدرات الإنتاج تلك لأسباب عدة منها فرض التعريفة الجمركية
تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب معضلة تتلخص في أن فرض التعريفة الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين جعلت استخراج النفط واستكمال العمليات النفطية عالية الكلفة، وهو ما يعوق الشركات التي تحاول زيادة توليد الطاقة المطلوبة لكسب سباق الذكاء الاصطناعي.
وخلال بيان للمحللين مصاحب لإفصاح الربع الثالث من العام الحالي حذر الرئيس التنفيذي لشركة "ليبرتي إنرجي" رون غسيك من أن التعريفة الجمركية تحول من دون ريادة أميركا المأمولة لقطاع الطاقة والذكاء الاصطناعي.
وتسعى شركة "ليبرتي" ضمن شركات طاقة أخرى للتوسع في أعمال توليد الكهرباء مستهدفة حاجات مراكز البيانات الهائلة، وذكر بيان الشركة أن قطاع خدمات حقول النفط في الشركة شهد تباطؤاً في الربع الثالث من 2025، وأعلنت عن توقعات نمو في مجال الكهرباء مستهدفة إنتاج ما يصل إلى غيغاواط بحلول 2027.
وبحسب ما ذكر رئيس شركة الطاقة الأميركية الكبرى في بيانه فإن التعريفة الجمركية على واردات الصلب وغيره من المعادن ومنتجاتها يهدد الشركات والأعمال، كما يهدد أولويات الإدارة الأميركية فيما يتعلق بمجال الطاقة والذكاء الاصطناعي.
تناقض سياسات الطاقة
يبدو ذلك التناقض واضحاً في سياسات إدارة ترمب التي تسعى إلى أن تصبح أميركا أكبر منتج للطاقة في العالم، وكذلك رائدة الذكاء الاصطناعي عالمياً، خصوصاً في منافستها مع بكين ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
ويقول غسيك، "وزير الطاقة وصف السباق للهيمنة على الذكاء الاصطناعي بأنه مشروع مانهاتن الجديد بالنسبة إلى أميركا، ويتطلب كسب هذا السباق معدات مصنوعة في الخارج لإنتاج الطاقة من نفط وكهرباء إضافة إلى مكونات أخرى مستوردة".
ويشير غسيك في كلامه إلى مؤسس شركة "ليبرتي إنرجي" ورئيسها التنفيذي السابق كريس رايت الذي يتولى حالياً منصب وزير الطاقة في إدارة ترمب، مضيفاً "معظم هذه المكونات مصنعة في الخارج حالياً، وغالبيتها تخضع حالياً لرسوم التعريفة الجمركية"، متسائلاً "هل هذا هو المسار نحو كسب السباق الذي تعده الإدارة في غاية الأهمية لمستقبل أمتنا؟".
تأتي تصريحات الرئيس التنفيذي لـ"ليبرتي إنرجي" متسقة مع تصريحات وبيانات رؤساء ومديري شركات طاقة أميركية آخرين الذين ضم المسح ربع السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) آراءهم من دون ذكر أسماء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ردهم على المسح الذي يقوم به "الفيدرالي" بدالاس أعرب رؤساء شركات النفط الصخري صراحة عن أن سياسات فرض التعريفة الجمركية والعمل على خفض أسعار النفط التي تتبعها إدارة ترمب تؤدي إلى "تركيع" قطاع النفط الصخري الأميركي عبر تجميد الاستثمارات في القطاع وزيادة كلفة الإنتاج واحتمالات ردود الفعل الانتقامية من القطاع.
ويعد هذا المسح مؤشراً مهماً على سياسات الطاقة الأميركية، ليس فحسب لأن ولاية تكساس هي موقع الإنتاج المهم في البلاد، ولكن أيضاً لأنه يسمح لرؤساء ومديري الشركات بإبداء آرائهم ضمن الاستطلاع من دون الإفصاح عن هوياتهم مما يتيح لهم التحدث بصراحة عن المشكلات التي تواجههم، وهو ما حدث في نتائج المسح الصادرة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
حاجات الذكاء الاصطناعي
من المتوقع أن تتضاعف متطلبات الذكاء الاصطناعي من الطاقة في غضون العامين المقبلين، ويحتاج ذلك إلى مضاعفة قدرات إنتاج الطاقة من الشركات الكبرى لتلبية تلك الحاجات، لكن ما يحدث الآن هو تقليص قدرات الإنتاج تلك لأسباب عدة منها فرض التعريفة الجمركية.
وطبقاً لأحدث البيانات والأرقام، تتباين حاجات الطاقة لمراكز البيانات اللازمة للذكاء الاصطناعي بحسب حجمها، فمراكز البيانات الصغيرة تحتاج إلى ما بين 10 و50 كيلوواط، بينما مراكز البيانات الكبيرة تحتاج إلى نحو 100 كيلوواط من الكهرباء سواء للتشغيل أو التبريد وخلافه.
وبحسب أرقام العام الماضي 2024 كان استهلاك مراكز البيانات في أميركا يمثل 4.4 في المئة من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة بمعدل 176 تيراواط في الساعة.
ومع تطوير الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وخدمات الحوسبة السحابية التي يحتاج إليها يمكن أن يصل استهلاكها إلى نسبة 12 في المئة من الكهرباء في أميركا.
أما عالمياً فإن استهلاك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي كان ما بين نسبة 2 و3 في المئة يتوقع أن يرتفع إلى ما بين نسبة 10 و15 في المئة من استهلاك الطاقة العالمي بحلول 2028.
في المقابل، وعلى رغم استمرار إنتاج أميركا للنفط كأكبر منتج في العام بنحو 13 مليون برميل يومياً، فإن سياسات الإدارة الأميركية بدأت تؤثر سلباً في هذا الإنتاج، فطبقاً لبيانات "غلوبال كوموديتي إنسايتس" انخفض عدد منصات إنتاج النفط الأميركية في الأسبوع الأول من هذا الشهر 9 في المئة عن الأسبوع المقابل العام الماضي 2024، إذ وصل عدد منصات الإنتاج إلى 589 منصة في حقول النفط التقليدية، بينما اخفض عدد منصات إنتاج النفط الصخري بنسبة 25 في المئة تقريباً.
وعلى رغم أن هناك زيادة في منصات إنتاج الغاز الطبيعي، فإن الإنتاج لم يعوض النقص الناجم عن تراجع إنتاج النفط، ويرجع رؤساء الشركات والمحللون السبب في أن الشركات لا تستكمل عمليات التشغيل نتيجة ارتفاع كلفة المدخلات، خصوصاً المستوردة التي تخضع حالياً لرسوم التعريفة الجمركية.