Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هو "ملاك الموت" الذي يستعين به ترمب ضد الديمقراطيين؟

مساعٍ جديدة يقودها راسل فوت لاستغلال الإغلاق الحكومي لإلغاء الإدارات التي لا تنسجم مع الأجندة الجمهورية

لقطة من فيديو مصمم بالذكاء الاصطناعي نشره ترمب لمدير الموازنة في البيت الأبيض راسل فوت (صفحة الرئيس في تروث سوشيال)

ملخص

مع استمرار الإغلاق الحكومي، يهدد ترمب الديمقراطيين بإطلاق يد رئيس الموازنة في البيت الأبيض راسل فوت، إذ صوره على أنه "ملاك الموت" الذي سيقضي على البرامج والوكالات الفيدرالية التي يدعمها الحزب الديمقراطي.

أخذت أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة منحى جديداً بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستغلال الوضع الحالي لقطع البرامج الفيدرالية التي يدعمها الحزب الديمقراطي، وتقليص عدد الموظفين في الوكالات التي يعتبرها بمثابة حصون ديمقراطية لا أكثر.

ولتنفيذ هذه المهمة، يعتمد ترمب على اسم غير مألوف لكنه مثير للريبة والمخاوف لدى الديمقراطيين، وهو راسل فوت، رئيس الموازنة في البيت الأبيض الذي لفت السيناتور الجمهوري مايك لي إلى محورية الإجراءات التي قد يتخذها، قائلاً إن فوت "كان يستعد لهذه اللحظة منذ البلوغ".

هذه اللحظة حاسمة للرئيس ترمب الذي جعل تقليص النفقات أحد أهدافه الرئيسة لأن الإغلاق الحكومي يوفر فرصة غير مسبوقة لراسل فوت للعمل في منطقة قانونية تتسم بعدم الوضوح وقلة القيود، بينما ينبري في إيقاف التمويل عن البرامج التي لا تنسجم مع أجندة الرئيس الجمهوري.

"ملاك الموت"

ليل أول من أمس  الخميس نشر ترمب مقطع فيديو على صفحته في "تروث سوشيال" يظهر مدير الموازنة فوت على هيئة "ملاك الموت"، مرتدياً عباءة سوداء وبيده منجلاً. وصباح أمس، أعلن فوت وقف تمويل بقيمة 2.1 مليار دولار كان مخصصاً لمشاريع البنية التحتية في شيكاغو.

وفوت كان من مهندسي "مشروع 2025"، وهو عبارة عن وثيقة من 900 صفحة صاغتها مؤسسة "هيريتج" اليمينية، وعرفت على نطاق واسع بأنها خريطة الطريق لإدارة ترمب الثانية. وتضمنت مقترحات لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية بصورة كبيرة وتوسيع سلطات الرئيس وتشديد سياسات الهجرة وفرض حظر وطني على الإجهاض، فضلاً عن أجندة اجتماعية يمينية متشددة أخرى.

 

والعام الماضي استغلت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس الأفكار المتشددة الواردة في "مشروع 2025" لمهاجمة خصمها الجمهوري، مما دفع ترمب إلى محاولة النأي بنفسه عن الخطة، زاعماً أنه لا يعرف "أي شيء" عنها أو "عمن يقف وراءها"، على رغم أن الذين وضعوها هم أفراد عملوا في البيت الأبيض خلال عهد ترمب.

لكن ترمب اليوم يعتمد على أحد نجوم "مشروع 2025" للضغط على الحزب الديمقراطي للموافقة على تمرير مشروع الموازنة وإعادة فتح الحكومة. وبالنسبة إلى فوت، هذه فرصة غير مسبوقة لتنفيذ أجندته لتقليص ما يعتبرها ترهلات في جسد الحكومة الأميركية، وبدأ بالفعل في مساعيه لاستهداف الوكالات التي لا تخدم أجندة الجمهوريين، فضمن مذكرة أرسلها الشهر الماضي إلى مدير الوكالات، وجّه بضرورة تقديم خطط لتسريح جماعي لموظفين في "برامج أو مشاريع أو أنشطة" غير منسجمة مع أولويات ترمب.

وبذلك أصبح فوت اليوم أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في البيت الأبيض ومهندس معركة ترمب المفتوحة ضد جهاز الدولة الفيدرالي، على رغم مظهره الذي يوحي بشخصية أكاديمية أكثر من أنه خصم شرس، وفق "بي بي سي". وفي وقت سابق من العام الحالي، أسهم فوت في إغلاق وتقليص وكالات وإدارات بالكامل أثناء عمله مع إيلون ماسك في "وزارة الكفاءة الحكومية"، وبعد انسحاب ماسك وتراجع دور الوزارة، واصل فوت هذه الجهود منفرداً.

ويملك فوت خبرة واسعة في تفكيك تعقيدات الموازنة الفيدرالية، بعد مسيرة بدأها كموظف في الكونغرس لدى الجمهوريين المهووسين بالموازنات، ثم مسؤولاً في مركز الأبحاث "هيريتج". وبدأ عمله خلال إدارة ترمب الأولى نائباً لمدير مكتب الموازنة في البيت الأبيض، ثم أصبح مديراً للمكتب عام 2019. وعلى عكس كثرٍ لم يعودوا لإدارة ترمب الثانية، فقد حافظ على موقعه بسرعة، ليحول المكتب من جهة بيروقراطية تقليدية إلى محرك أساس خلف حملة الرئيس لخفض الإنفاق وتقليص القوى العاملة الفيدرالية.

قرارات تقليص جديدة

الأربعاء الماضي، أعلن فوت إلغاء مشاريع الطاقة النظيفة بقيمة 8 مليارات دولار في 16 ولاية جميعها صوتت لنائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ويمثلها ديمقراطيون في مجلس الشيوخ. كما أعلن عن تعليق تمويل بقيمة 18 مليار دولار لمشروعين رئيسين في نيويورك. واستهدفت القرارات مدناً تصوت في الغالب للديمقراطيين، في إطار ضغط من ترمب على خصومه للاستسلام.

وبرر فوت تعليق التمويل لهذه المشاريع، قائلاً إن هدفه ضمان عدم إهدار الأموال في برامج قائمة على غايات "التنوع والعدالة والشمول" التي يدافع عنها الديمقراطيون، في حين يرفضها الجمهوريون معتبرين أنها "غير دستورية" وامتداد لأجندة "اليسار المتطرف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأطلق قادة الجمهوريين في الكونغرس تصريحات تنسجم مع محاولات ترمب لترهيب الديمقراطيين عبر التلويح بإطلاق يد راسل فوت لقطع البرامج التي يدعمونها وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ جون ثيون "لا نسيطر على ما سيفعله، وهذه هي خطورة إغلاق الحكومة وتسليم المفاتيح لراسل فوت".

ومع إطلاق ترمب العنان لأجندة فوت، أعرب بعض الجمهوريين في الكونغرس عن قلقهم من أن الحماسة التي يبديها ترمب وهو يروج لتقليصات راسل فوت قد تقلب الرأي العام ضدهم إذا طال أمد الإغلاق، خصوصاً أن استطلاعات الرأي أظهرت أن قرارات وزارة الكفاءة الحكومية لم تكن تحظى بتأييد شعبي وأسهمت في تراجع معدلات رضا الجمهور عن الرئيس.

سبب الخلاف

ويرفض الديمقراطيون التصويت على مشروع الموازنة حتى يقبل الجمهوريون الدخول في محادثات لتمديد العمل بمخصصات الرعاية الصحية. وحتى الآن لا تبرز مؤشرات على اقتراب الحزبين من التوافق، بعد فشل الكونغرس الجمعة الماضية في تمرير مشروع الموازنة.

وفيما يدخل الإغلاق الحكومي أسبوعه الثاني بعد، سيتحول نحو 750 ألف موظف إلى إجازات إجبارية، لحين التوصل إلى اتفاق بين الحزبين لتمرير تشريعات الموازنة التي أعدتها إدارة ترمب. ويجمد الإغلاق الحكومي معظم الأنشطة الحكومية غير الأساسية وتأثيره يمس مدفوعات الضمان الاجتماعي والسفر الجوي وحتى دخول الحدائق الوطنية. وستبقى معظم الوكالات الفيدرالية باستثناء الحساسة منها مثل الاستخبارات والـ "أف بي آي"، معطلة حتى يوافق الكونغرس على تمويلها، ليتمكن الرئيس من توقيع تشريعات الموازنة للسنة المالية المقبلة.

وشهدت أميركا 20 إغلاقاً حكومياً منذ منتصف السبعينيات، وعادة ما تؤدي إلى إجازات إجبارية للموظفين تلغى بعد استئناف التمويل الفيدرالي، لكن إدارة ترمب تهدد بفصل آلاف الموظفين إذا لم يوافق الديمقراطيون على مشروع الموازنة.

ويهدد الإغلاق الحكومي بكلفة اقتصادية باهظة قد تصل إلى 7 مليارات دولار عن كل أسبوع، بحسب غريغوري داكو كبير الاقتصاديين في مؤسسة "إي- بارتنون"  EY-Parthenon وقد يستعاد جزء من هذه الخسائر مثل الأجور المؤجلة والمشتريات المتأخرة، بعد استئناف العمليات الفيدرالية. 

لكن البيت الأبيض قدم تقديراً أسوأ للخسائر عند 15 مليار دولار أسبوعياً، وفق مذكرة نقلتها "بوليتيكو". وأوضحت إدارة الموازنة في البيت الأبيض أن بعض التمويلات المفقودة لن تستعاد، إذ أعلنت عن خفوض بقيمة 27 مليار دولار في برامج النقل والطاقة.

المزيد من متابعات