ملخص
يرى الباحث ديميتري بريجع أن "روسيا ترى أن التحالفات المبنية على المصالح الكبرى هي ما يستمر. ومن هنا، إذا أصبح بشار الأسد سبباً في استمرار عزلة سوريا وعائقاً أمام عودتها إلى الحضن العربي والدولي، فإن البراغماتية الروسية قد تدفع موسكو للتفكير في مقايضة وجوده بصفقة أوسع تضمن بقاء قواعدها العسكرية وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي".
بعد تسعة أشهر على فرار الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى روسيا، يواصل حقوقيون من سوريا وفرنسا تحريك دعوى قد تنتهي بمحاكمته أمام القضاء الفرنسي، بعدما أصدرت محكمة فرنسية سبع مذكرات توقيف بحق مسؤولين سوريين بينهم الأسد على خلفية مقتل صحافيين فرنسيين عام 2012.
وفي السياق طرح متابعون تساؤلات حول ما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد للمحاكمة في فرنسا وفي أي ظروف، بخاصة أن البعض يعتبر أن روسيا تحتفظ بالأسد كورقة تفاوض مع الغرب ولن تسلمه حالياً، على رغم احتمال التخلي عنه إذا تطلبت مصالحها ذلك، مع وجود "سوريا جديدة" في الشرق الأوسط.
يقول الباحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع في مقابلة صوتية مع "اندبندنت عربية" إن روسيا ستضحي بالأسد إن وجدت نفسها في معادلة صعبة، وبالتحديد من أجل البقاء في المياه الدافئة. ويضيف "كانت فعلت الأمر نفسه حين ضحت بالنظام السوري ودعمت التحولات التي تبناها الرئيس الروسي بسياسة براغماتية، والتي عبر عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تعامله مع سقوط نظام الأسد. نعم، كانت هناك في البداية تصريحات داعمة للنظام السابق ومرتبطة بما كانت تروجه وسائل الإعلام الرسمية، لكن كان واضحاً أن روسيا بدأت فعلياً منذ فترة بالتخلي عن النظام، بعدما أدركت أنه لا يمكن المضي في أي إصلاحات سياسية، أو اقتصادية أو مشاريع إعادة الإعمار أو حل المشكلات الداخلية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يؤكد بريجع أن "روسيا ترى أن التحالفات المبنية على المصالح الكبرى هي ما يستمر. ومن هنا، إذا أصبح الأسد سبباً في استمرار عزلة سوريا وعائقاً أمام عودتها إلى الحضن العربي والدولي، فإن البراغماتية الروسية قد تدفع موسكو للتفكير في مقايضة وجوده بصفقة أوسع تضمن بقاء قواعدها العسكرية وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي".
في السياسة، تسعى روسيا لإعادة تقديم صورتها كقوة عظمى ومسؤولة قادرة على صنع التوازنات وحل الأزمات، يقول الباحث الروسي، وقد أثبتت التجارب أن موسكو مستعدة لتقديم تنازلات شخصية إذا كان ذلك يخدم مشروعاً أوسع. ويضيف "التضحية بالأسد قد تُستخدم كورقة تفاوض مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وربما مع الدول الخليجية وتركيا، وهو ما يتماشى مع التحولات الجارية في الشرق الأوسط".
ويختم بالقول إن التضحية بالأسد لا تعني خسارة روسيا، بل قد تتحول إلى استثمار استراتيجي طويل الأمد يتوافق مع براغماتيتها وتاريخها في التخلي عن الحلفاء عندما يتحولون إلى عبء على مشاريعها الكبرى، والمهم بالنسبة لموسكو أن تبقى في سوريا، أن تحافظ على وجودها في المتوسط، وأن تظل جزءاً من صياغة مستقبل الشرق الأوسط بما فيه من أزمات وصراعات.