Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يرفض قيس سعيد مبدأ "حل الدولتين"؟

يرى مراقبون في عدم الموافقة على "مبدأ التقسيم" موقفاً غير عملي وقد يزعزع العلاقة مع المجموعة العربية

سعيد مستقبلاً عباس في تونس، في 7 ديسمبر 2021 (أ ب)

ملخص

أثار موقف تونس الرافض لـ"حل الدولتين" عاصفة من الجدل بين من رأى فيه خروجاً عن ثوابت الدبلوماسية التونسية التي دأبت على تأييد خطة التسوية السلمية للنزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل، وبين من اعتبره موقفاً مهماً لـ"استرجاع الحق الفلسطيني".

أثار امتناع تونس عن التصويت لمصلحة "إعلان نيويورك" في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تسوية شاملة للصراع بين فلسطين وإسرائيل، بما يضمن "حل الدولتين" تساؤلات حول ما وراء ذلك.
وأيدت 142 دولة عضو اعتماد القرار بما في ذلك الدول العربية التي شاركت في التصويت، وامتنع العراق وتونس عن التصويت في تطور يسلط الضوء على تغير جذري على الأرجح في موقف تونس من القضية الفلسطينية. فهذه ليست المرة الأولى التي ترفض تونس خططاً لـ"حل الدولتين"، إذ سبق أن تحفظت على بيان القمة العربية في مايو (أيار) عام 2024 الذي تضمن نقاطاً تنص على "حل الدولتين" والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.

التقسيم مرفوض من سعيد

و"حل الدولتين" خطة لجأ إليها المجتمع الدولي قبل عقود إثر تراجع العرب عن مطلبهم الرئيس المتمثل في تحرير كامل الأراضي الفلسطينية، ودعوتهم إلى تقسيمها بين إسرائيل وفلسطين.
تاريخياً، أيدت تونس هذا المقترح سواء خلال فترة الحبيب بورقيبة، الزعيم المؤسس لتونس ما بعد الاستقلال، أو خلال فترة الرئيس السابق زين العابدين بن علي (1987 – 2011) والرئيس الباجي قائد السبسي (2014 – 2019).
وقال الدبلوماسي التونسي أحمد ونيس إنه "منذ وصوله إلى الرئاسة، لا يؤمن الرئيس قيس سعيد في تصريحاته ومواقفه بالتقسيم بخلاف من سبقه إلى تولي السلطة في تونس على غرار الحبيب بورقيبة الذي أيد بشدة قرار ’حل الدولتين‘". وتابع أنه "منذ عام 2019، بدأ سعيد بالتصريح بأنه يؤمن بالدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية بحيث إن ’حل الدولتين‘ مرفوض من قبله، مما يعني أن التغيير في الموقف الرسمي حدث بتوجيه من سعيد". واعتبر ونيس أن "تونس وضعت نفسها خارج دائرة الإجماع العربي لأن المجموعة العربية في الأمم المتحدة تؤيد ’حل الدولتين‘، مما يعني أن تونس الآن ضمن أقلية شديدة تؤمن بأن حل النزاع بين فلسطين وإسرائيل يقوم على إقامة دولة فلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية التاريخية وهو طرح لا مستقبل له في الأقل على المدى القريب".


موقف راديكالي

داخلياً، أثار موقف تونس الرافض لـ"حل الدولتين" عاصفة من الجدل بين من رأى فيه خروجاً عن ثوابت الدبلوماسية التونسية التي دأبت على تأييد خطة التسوية السلمية للنزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل وبين من اعتبره موقفاً مهماً لـ"استرجاع الحق الفلسطيني".
في عام 2017، أكد الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي أهمية "حل الدولتين" على هامش محادثات جمعته آنذاك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال الباحث السياسي التونسي منذر ثابت "بالفعل طرأ على الموقف التونسي تجاه ’حل الدولتين‘تغيير جذري منذ وصول الرئيس قيس سعيد إلى الحكم، فعبّر عن هذا الموقف مرات عدة، لكنه موقف غير قابل للصرف، فهو من الناحية المبدئية موقف راديكالي يحسب ضمن المواقف التاريخية البارزة، لكن عملياً هذا الموقف لا يسمح بأي تقدم على الصعيد الدبلوماسي وهذا هو الإشكال الحقيقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرز ثابت أن "سياسياً ودبلوماسياً، لا يمكن لهذا الموقف أن يقود إلى مكاسب ميدانية، فإذا اعتمدنا هذا المقترح فعلينا أن ننتظر عقوداً ليتحول موقف القوى العالمية ككل جذرياً من أجل تمكين الفلسطينيين من الحصول على أرضهم، لذلك هذا الموقف ليس براغماتياً وليس عملياً وهو موقف يقترب أكثر من محور إيران – العراق".
ويعرب ثابت عن اعتقاده بأن "تونس كأنها تضع نفسها ضمن محور خارج السياق العربي، مما برز حتى خلال الزيارة الأخيرة للرئيس قيس سعيد إلى الجزائر، حيث عقّب الرئيس عبدالمجيد تبون إثر كلمة نظيره التونسي بالتأكيد على ضرورة التوصل إلى ’حل الدولتين‘". ورأى ثابت أن "هناك تبايناً سيطرح عقبات عدة أمام تونس من ناحية الشراكة والمبادلات، إذ يحدد الموقف السياسي والدبلوماسي بصورة كبيرة حجم الشراكة والمبادلات التجارية والاستثمارات. نخشى أن يقود هذا إلى تأزيم العلاقات مع الأطراف العربية".

طرح غير واقعي

وتتفق الأوساط السياسية والمراقبون على أن امتناع تونس عن التصويت على "إعلان نيويورك" وأيضاً "إعلان المنامة"، يأتيان في إطار الالتزام بموقف الرئيس سعيد الذي منحه دستور 2022 صلاحيات واسعة بما في ذلك على الصعيد الدبلوماسي، إذ يتولى بنفسه تعيين الدبلوماسيين.
وقال الدبلوماسي التونسي السابق عبدالله العبيدي إن "الموقف التونسي يأتي انسجاماً مع مواقف رئيس الجمهورية بخصوص القضية الفلسطينية ومناداته بسيادة فلسطين على كامل أراضيها وتحريرها من البحر إلى النهر وإقامة دولتها وعاصمتها القدس الشريف".
أما أحمد ونيس، فشدد على أن "هذا الطرح غير واقعي، وتاريخياً كانت تونس تؤمن بالوفاء لحقوق الفلسطينيين لكن كيف؟ بالتقسيم و’حل الدولتين‘ باعتباره الطرح الواقعي".
وفي ظل تشبث تونس بهذا الموقف الرافض للتقسيم، لا تزال تداعيات ذلك على علاقاتها الخارجية غير واضحة، ولا سيما مع الولايات المتحدة التي ترفض بشدة إقامة دولة فلسطينية.   

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات