Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريطة طريق... ما الذي يميز "إعلان نيويورك"؟

للمرة الأولى نص أممي يدين "حماس" صراحة ويمنح الدول الداعمة للفلسطينيين "درعاً واقية من انتقادات إسرائيل"

حصل إعلان نيويورك على تأييد 142 دولة (موقع الأمم المتحدة)

ملخص

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة على "إعلان نيويورك" لدفع "حل الدولتين" للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. وحصل قرار يؤيد الإعلان على 142 صوتاً مؤيداً و10 أصوات معارضة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت، فما الذي يميز الإعلان عما سبقه من قرارات أممية تدعم "حل الدولتين"؟ 

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة أمس الجمعة على "إعلان نيويورك" الذي يهدف إلى إعطاء دفعة جديدة لـ"حل الدولتين" في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، إذ يحدد الإعلان الذي طرح بقيادة فرنسا والسعودية خطوات نحو "حل الدولتين" سلمياً. 

وخلال العقود الماضية، شهدت الأمم المتحدة إعلانات تتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أو إقرار "حل الدولتين"، فعام 1947 كان القرار 181 الذي اقترح تقسيم الأراضي بين دولة عربية فلسطينية ودولة يهودية، وهو الإعلان الذي رفضته الدول العربية. ومع مطلع الألفية، اعتمد مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى القرار 1307 لعام 2002الذي يدعو إلى "حل الدولتين"، ومنذ ذلك الحين وحتى "إعلان نيويورك"، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات عدة تؤكد على تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية و"حل الدولتين". فماذا يقدم الإعلان الجديد؟ 

رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان نيويورك" الذي يهدف إلى إعطاء دفع جديد لـ"حل الدولتين" في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، واعتبره خطوة في "طريق لا رجعة فيه نحو السلام".

ما الجديد؟

وما يميز "إعلان نيويورك" عن سابقيه من قرارات أممية، ما يقدمه من خريطة طريق و"خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها" نحو "حل الدولتين" بين إسرائيل والفلسطينيين، وليست مجرد تصريحات، إذ ينطوي الإعلان المكون من سبع صفحات على بنود تتناول حكم غزة ودور السلطة الفلسطينية، وتنص على خطوات تنفيذية زمنية ومباشرة، كما أنه للمرة الأولى تدان حركة "حماس" وينص على استبعادها رسمياً من المشهد. 

والقرارات أو الإعلانات السابقة غالباً ما أعادت التأكيد على دعم "حل الدولتين" من ناحية المبدأ، لكنها كانت أضعف من ناحية الإلزام أو قابلية التنفيذ. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتضمن الإعلان بعضاً من أشد الانتقادات التي وجهتها الأمم المتحدة لـ"حماس" على الإطلاق. فوفق بيان الخارجية الفرنسية، فإنها المرة الأولى التي يعتمد نص صادر عن الأمم المتحدة إدانة لهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 التي ارتكبتها "حماس"، ويدعو إلى نزع سلاحها وإقصائها من إدارة قطاع غزة. 

وغالباً ما دانت النصوص الدولية السابقة العنف بصورة عامة، لكن هذا المستوى من الإدانة المحددة لـ"حماس"، مقترناً بالمطالبة بإخراجها من الحكم، أوضح كثيراً في "إعلان نيويورك"، إذ ينص على أنه "في سياق إنهاء الحرب في غزة، يجب أن تنهي حركة ’حماس‘ حكمها في القطاع وأن تسلم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية بدعم والتزام دوليين، انسجاماً مع هدف إقامة دولة فلسطينية سيادية ومستقلة".

وربط "إعلان نيويورك" خريطة الطريق السياسية بالحاجة الإنسانية العاجلة، فنص على ضرورة إنهاء الحرب في غزة ووقف التهجير القسري الذي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إليه عبر تكثيف العنف المسلح في القطاع، كما شدد على حتمية الإفراج عن الرهائن، وهي نقاط لم تعالج ضمن قرارات سابقة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 أكدت أن "حل الدولتين" هو "الطريق الوحيد لتحقيق سلام دائم" في الشرق الأوسط. 

ويدعم الإعلان الأخير نشر بعثة الاستقرار الدولية الموقتة في غزة بتفويض من مجلس الأمن الدولي، ويندد بالهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة وعلى البنية التحتية المدنية وبالحصار والتجويع. 

وعلى رغم تصويت إسرائيل ضد القرار، لكن ريتشارد غوان الزميل لدى مجموعة الأزمات الدولية، منظمة بحثية في واشنطن، أشار إلى أن "دعم الجمعية العامة لنص يدين ’حماس‘ مباشرة أمر مهم"، وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه بفضل هذا النص يمكن للدول التي تدعم الفلسطينيين أن "تدحض الاتهامات الإسرائيلية التي تعتبر أنها تؤيد ’حماس‘ ضمناً"، وأضاف أن "ذلك يوفر درعاً واقية من انتقادات إسرائيل" للأطراف التي تستعد للاعتراف بدولة فلسطين.

ومن المتوقع أن تتصدر الحرب المستمرة منذ نحو عامين في غزة والصراع الأوسع بين الإسرائيليين والفلسطينيين جدول أعمال قادة العالم خلال اجتماعهم السنوي في الجمعية العامة الذي يبدأ في الـ22 من سبتمبر (أيلول) الجاري. ويقول الفلسطينيون إنهم يأملون أن تعترف 10 دول أخرى في الأقل بدولة فلسطين، لتضاف إلى أكثر من 145 دولة تعترف بها بالفعل.

ورأى سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور أن دعم القرار يعكس "توق المجتمع الدولي بأسره تقريباً إلى فتح الباب أمام خيار السلام." ومن دون تسمية إسرائيل، أضاف "ندعو طرفاً لا يزال يدفع بخيار الحرب والدمار، ويحاول القضاء على الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه، إلى الاستماع إلى صوت العقل، صوت المنطق للتعامل مع هذه القضية بسلام، وإلى الرسالة الساحقة التي ترددت أصداؤها في هذه الجمعية العامة اليوم".

رفض وانتقادات

ورفضت إسرائيل القرار أمس، زاعمة أنه لا يفيد سوى حركة "حماس". وقال سفيرها لدى الأمم المتحدة داني دانون "لن يذكر هذا الإعلان الأحادي الجانب كخطوة نحو السلام، بل كإيماءة جوفاء أخرى تضعف صدقية هذه الجمعية." وخلال زيارة إلى مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، أكد نتنياهو أنه لا يريد دولة فلسطينية، مشدداً على أن "هذا المكان لنا."

وأبدت أقرب حلفاء إسرائيل، الولايات المتحدة، الموقف نفسه، إذ وصفت المستشارة في البعثة الأميركية مورغان أورتاغوس القرار بأنه "حيلة دعائية مضللة وغير مناسبة التوقيت تقوض الجهود الدبلوماسية الجادة لإنهاء الصراع." وأضافت أن "هذا القرار هدية لـ’حماس‘. كما أنه قرار ساخر، مدفوع بوضوح بالسياسة الداخلية أكثر من أنه جزء من أجندة جادة للسياسة الخارجية".

لكن هناك انتقادات من الجانب المؤيد للفلسطيينيين للقرار باعتباره يعيد تدوير استراتيجيات قديمة تضغط على الفلسطينيين، بحسب وصف الأستاذة لدى جامعة بوسطن سوزان أكرم. فخلال مقالة نشرها المركز العربي واشنطن دي سي، في منتصف أغسطس (آب) الماضي، قالت أكرم إن "إعلان نيويورك" الذي سبق ووقعته 17 دولة بينها دول عربية عدة في يوليو (تموز) الماضي خلال الجزء الأول من مؤتمر الأمم المتحدة حول "حل الدولتين"، على رغم أهدافه الطموحة، فإن الإطار الذي التزمه الموقعون يعكس الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها الدول العربية والغربية والاتحاد الأوروبي لعقود بالضغط على الفلسطينيين للتفاوض وإنهاء "الكفاح المسلح" ضد إسرائيل مقابل جهود دولية تعد بتحقيق ما يسمى "حل الدولتين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير