ملخص
يخوض الجيش السوداني و"القوات المشتركة" والمجموعات المساندة الأخرى منذ أيام عدة معارك ضارية ومواجهات شرسة متعددة الجبهات جنوب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وعلى طريق مدينة بارا وأبو قعود التي تتوسط الطريق بين أم صميمة القريبة من مدينة الأبيض عاصمة الولاية.
أعلنت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني توسع وحلفاءه في عملياته الحربية على جبهات قتالية عدة بمحور كردفان، وتمكن عقب مواجهات شرسة مع قوات "الدعم السريع" أمس الثلاثاء من بسط سيطرته الكاملة على منطقة أم دم حاج أحمد، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال شرقي مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.
وكثف سلاح الطيران الحربي التابع للجيش أمس الثلاثاء غاراته الجوية على مواقع وتحصينات "الدعم السريع" في محيط مدينتي الأبيض وبارا ووادي ود النعيم، كما هاجمت مسيرات الجيش متحركاتها بمنطقة كازقيل بشمال كردفان، مما أسفر عن مقتل أكثر من أربعة من القادة الميدانيين البارزين التابعين للقوات المتمردة، وفق المصادر.
توسيع العمليات
وتعرضت منطقة أم دم حاج أحمد في يوليو الماضي لهجمات "الدعم السريع"، وموجة نزوح كبيرة من القرى المجاورة. وكان الجيش السوداني قد وسع عملياته الحربية ضد "الدعم السريع" في محور كردفان، وتمكن من إحراز تقدم ميداني باستعادة السيطرة على منطقتي الرياش وكازقيل، والتقدم نحو منطقة أم سيالة، ضمن خطط أوسع ترمي إلى فتح الطريق نحو دارفور وجنوب كردفان.
هجمات مسيرة
وبالتزامن مع التصعيد الميداني واشتعال جبهات القتال في كردفان، هزت سلسلة انفجارات أمس الثلاثاء العاصمة الخرطوم، إثر مهاجمة سرب من مسيرات "الدعم السريع" محطات الكهرباء الرئيسة، وانقطاع واسع للتيار الكهربائي بمدن الخرطوم.
وانطلقت مدفعية الجيش الثقيلة ومضاداته الأرضية، في محاولة للتصدي لسرب من المسيرات في سماء العاصمة، جرى إسقاط بعضها بالقرب من مصفاة الخرطوم (شمال العاصمة).
ومع دوي الانفجارات شاهد مواطنو أم درمان أعمدة الدخان تتصاعد من محطات الكهرباء الرئيسة بالمدينة، كما سادت حالة من الهلع وسط المدنيين في العاصمة.
البرهان يتفقد
وإثر استهدافها بسرب من الطائرات المسيرة التابعة لـ"الدعم السريع"، تفقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان محطة المرخيات التحويلية للكهرباء في أم درمان، ووقف على الأضرار التي لحقت بها.
وأكد البرهان أن "الجيش سيواصل جهوده لحماية المنشآت الحيوية وضمان استمرارية الخدمات للمواطنين"، مشيراً إلى أن "استهداف المنشآت المدنية والخدمية من الميليشيات الإرهابية يعد عملاً جباناً، يستهدف المواطنين الأبرياء، وسيقابل بمزيد من الإعمار والبناء".
من جانبه دان والي ولاية الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، لدى تفقده حجم الأضرار بمحطة المرخيات التحويلية، "استهداف الميليشيات المتمردة المتكرر المرافق الخدمية، وبخاصة محطات الكهرباء وإخراجها عن الخدمة، مما يفاقم من معاناة المواطنين".
وكشف مدير شبكة نقل الكهرباء بالولاية إبراهيم محمد آدم عن أن حجم الضرر كان كبيراً في المحولات المستقبلة لكهرباء سد مروى، مما أدى إلى إخراجها عن الخدمة، ووعد ببذل قصارى الجهد لاستعادة ما جرى تدميره.
"تأسيس" تتبنى
في المقابل، أعلن تحالف "تأسيس"، أن الضربات الجوية الناجحة التي شنتها قوات "الدعم السريع" أمس الثلاثاء على أهداف عسكرية في الخرطوم ومدن أخرى، جاءت رداً مباشراً على الاستهداف الإجرامي للمستشفيات والمنشآت المدنية في دارفور وكردفان، بما في ذلك مدينة نيالا.
وأكد بيان للتحالف أن "هذه العمليات النوعية استهدفت مواقع عسكرية ولوجستية، تخدم المجهود الحربي للعدو، من دون أن تمس المدنيين أو ممتلكاتهم، في التزام ثابت بمبادئنا وأخلاقنا في مواجهة جرائم جيش الحركة الإسلامية الإرهابية وميلشياتها التي تعيث فساداً وتقتل الأبرياء في كردفان ودارفور وغيرها من مناطق السودان".
وشدد المتحدث باسم التحالف علاء الدين نقد على أن "جميع الخيارات ستظل مفتوحة للرد على الاعتداءات المتكررة، التي تصدر بأوامر ’عصابة بورتسودان‘ والتنظيم الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن حولوا الجيش إلى أداة للترويع والقمع ضد الشعب".
وتسبب استهداف مسيرات انتحارية تابعة لـ"الدعم السريع" أمس الثلاثاء في مواقع مختلفة في الخرطوم، أبرزها مجمع اليرموك الصناعي التابع للجيش ومحطتي كهرباء المرخيات غرب أم درمان والخرطوم بحري بانقطاع جزئي للتيار الكهربائي في عدد من الأحياء، كما تصدت المضادات الأرضية بالقاعدة الجوية في وادي سيدنا، لعدد من المسيرات.
جبهات متعددة
ويخوض الجيش و"القوات المشتركة" والمجموعات المساندة الأخرى منذ أيام عدة معارك ضارية ومواجهات شرسة متعددة الجبهات جنوب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وعلى طريق مدينة بارا وأبو قعود التي تتوسط الطريق بين أم صميمة القريبة من مدينة الأبيض عاصمة الولاية.
وذكر موقع "كردفان الغرة" على منصة "فيسبوك"، أن الطيران الحربي نفذ ضربات جوية على مواقع "الدعم السريع" في غرب كردفان أسفرت عن تدمير عشرات العربات القتالية.
وأفادت مصادر محلية بجنوب كردفان بأن قوات اللواء 54 مشاة التابع للجيش بمدينة الدلنج المحاصرة شنت هجوماً مباغتاً على "الدعم السريع" شرق المدينة، أسفر عن تحييد عدد من عناصرها، واستولت على كميات من الأسلحة والعتاد.
هجوم وضحايا
أما في محور دارفور فأفادت مصادر ميدانية بأن قوات الجيش و"المشتركة" تصدت أمس لهجوم جديد من "الدعم السريع" على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، على المحورين الشمالي والشرقي للمدينة، استبقته بقصف مدفعي عنيف على الأحياء السكنية تسبب بوقوع ضحايا مدنيين.
وقالت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر إن الميليشيات استخدمت في هجومها رقم 239 على المدينة 40 مركبة قتالية، ومصفحات وعناصر مشاة برية.
وأعلنت "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر" في بيان أمس الثلاثاء التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، مقتل ستة مدنيين وجرح وإصابة آخرين في هجوم شنته طائرة مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع" على حي أبوشوك بالمدينة.
وأفاد شهود عيان بأن قوات "الدعم السريع" استأنفت قصفها على الأحياء السكنية بالمدافع والمسيرات الانتحارية منذ ساعات الصباح الباكر أمس، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وأصيب نحو 10 آخرين، منهم ثلاثة توفوا متأثرين بجراحهم في المستشفى السعودي بالمدينة.
وقالت مصادر طبية بالفاشر إن حياة عشرات الجرحى باتت بخطر حقيقي، في ظل نقص الدم وانعدام "الشاش" والمعينات الطبية وعجز المستشفيات عن مواصلة تقديم العلاج للجرحى.
ومع تفاقم الجوع نتيجة الأزمة الغذائية الحادة المتفاقمة يتواصل تفشي وباء الكوليرا، إذ ارتفع عدد الوفيات بسبب الوباء إلى 423 وفاة، فيما ارتفع عدد الإصابات منذ تفشي المرض إلى 10662 حالة بإقليم دارفور، بحسب المنسقية العامة للنازحين هناك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مساعدات منكوبي ترسين
وضمن مساعي وجهود إغاثة سكان منطقة "ترسين" المنكوبة جراء الانهيار الأرضي بجبل مرة بدارفور، تمكن عدد من المنظمات الإنسانية من تقديم مساعدات منقذة للحياة خلال الأسبوعين الماضيين لأكثر من 1000 شخص، وقيمت الاحتياجات في القرية.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) أن اجتماع مجموعة التنسيق بحث النتائج التي توصلت لها بعثة التقييم والاستجابة، والاحتياجات التي جرى تحديدها وجهود المساعدة الجارية، مشيراً إلى أن تقريراً صادراً عن مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية أظهر تدمير نحو 10 منازل وتضرر أراض زراعية خلال الحادثة، فيما لا يزال عدد القتلى غير مؤكد.
وباء الضنك
أما في ولاية الخرطوم فتواصل حمى الضنك انتشارها الوبائي، بخاصة في محليتي أم درمان وأم بدة، وشكا المواطنون الذين يقطنون هذه المناطق من تفشي هذه الحمى القاتلة منذ فترة ترجع إلى ما قبل تحرير ولاية الخرطوم في "حرب الكرامة"، إذ حصد هذا المرض عشرات المواطنين، وكشفت تقارير مخبرية عن ارتفاع كبير في نسبة الإصابة بحمى الضنك والملاريا بتلك المحليات.
وعزا عدد من الأطباء والكوادر الصحية بالمستشفيات الانتشار الواسع لحمى الضنك إلى لتأخير تنفيذ حملات الرش للقضاء على البعوض والحشرات الناقلة للمرض، التي تكاثرت بصورة مخيفة بسبب برك المياه الراكدة جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت أخيراً بالولاية ومحلياتها المختلفة، إلى جانب عدم توفر العلاج اللازم الأمر الذي اضطر المواطنين إلى اللجوء للعلاجات العشبية والتقليدية البديلة مثل عصير اليقطين (القرع البلدي) والتبلدي.
زيادة مطردة في أعداد العائدين
في هذا الوقت أوضحت منظمة الهجرة الدولية أن الخرطوم تشهد زيادة مطردة في أعداد العائدين للولاية، وتوقع تقرير للمنظمة أن يصل عدد العائدين إلى العاصمة إلى 2.1 مليون شخص هذا العام، مقارنة بنحو 5 ملايين نزحوا من المدينة خلال ذروة القتال.
وأوضحت المنظمة أن العودة لا تقتصر على العاصمة فقط، إذ عاد خلال الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ويونيو (حزيران) 2025، نحو مليوني شخص عبر 1611 موقعاً على ولايات الجزيرة والخرطوم وسنار والنيل الأزرق والنيل الأبيض ونهر النيل وغرب دارفور، إذ جاء ثلاثة من كل أربعة من هؤلاء العائدين من مواقع داخل السودان.
السودان يدين
دبلوماسياً دانت حكومة السودان الهجوم "الإرهابي الغاشم" الذي تعرضت له دولة قطر، واعتبرته عملاً عدوانياً وخروجاً صارخاً على مبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية، واعتداء سافراً على سيادة دولة قطر وسلامة أراضيها، وعملاً إجرامياً ينسف الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ويعرضها للخطر.
وأعربت الحكومة في بيان عن تضامنها الكامل مع "حكومة وشعب دولة قطر الشقيقة في هذه الظروف الدقيقة، وتطلعها إلى أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، بإدانة هذه الاعتداءات الجبانة من دون تحفظ، واتخاذ الإجراءات الحازمة واللازمة لوقفها ومنع تكرارها، وحماية الأمن والسلم الإقليميين".
البرهان إلى نيويورك
إلى ذلك يقود الفريق البرهان وفد السودان المشارك في اجتماعات الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستعقد مناقشاتها العامة في الفترة من الـ23 إلى الـ27 من سبتمبر الجاري، وتختتم في الـ29 من الشهر نفسه، تحت شعار "80 عاماً وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان"، وتهدف إلى تجديد الالتزام العالمي بالتعددية والتضامن.
يضم الوفد، إلى جانب البرهان، كلاً من رئيس الوزراء كامل إدريس، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، وزير المالية جبريل إبراهيم، ووزير الخارجية.
وقالت مصادر دبلوماسية أن السودان يسعى من مشاركته في هذا المحفل إلى كسب الدعم السياسي والاقتصادي، في مواجهة تحديات الحرب والأزمة الإنسانية والإعمار.